للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّيْخَانِ. وَالْجَمْعُ لِلسَّفَرِ وَقِيلَ: لِلنُّسُكِ وَيَذْهَبُونَ بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ فَمَنْ وَجَدَ فُرْجَةً أَسْرَعَ (وَوَاجِبُ الْوُقُوفِ حُضُورُهُ) أَيْ الْمُحْرِمِ (بِجُزْءٍ مِنْ أَرْضِ عَرَفَاتٍ) قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَقَفْت هَاهُنَا وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَإِنْ كَانَ مَارًّا فِي طَلَبِ آبِقٍ وَنَحْوِهِ) كَدَابَّةٍ شَارِدَةٍ أَيْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْمُكْثُ وَلَا أَنْ لَا يَصْرِفَهُ إلَى جِهَةٍ أُخْرَى قَالَ الْإِمَامُ: وَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ الْخِلَافَ السَّابِقَ فِي صَرْفِ الطَّوَافِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الطَّوَافَ قُرْبَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ (بِشَرْطِ كَوْنِهِ أَهْلًا لِلْعِبَادَةِ لَا مُغْمًى عَلَيْهِ) فَلَا يُجْزِئُهُ وَلَا السَّكْرَانَ وَلَا الْمَجْنُونَ وَقِيلَ يُجْزِئُهُمْ (وَلَا بَأْسَ بِالنَّوْمِ) الْمُسْتَغْرِقِ. وَقِيلَ: يَضُرُّ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا عَرَفَةُ أَجْزَأَهُ وَقِيلَ: لَا (وَوَقْتُ الْوُقُوفِ مِنْ الزَّوَالِ يَوْمَ عَرَفَةَ) وَقِيلَ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَانِ إمْكَانِ صَلَاةِ الظُّهْرِ مِنْ الزَّوَالِ (وَالصَّحِيحُ بَقَاؤُهُ إلَى الْفَجْرِ يَوْمَ النَّحْرِ) وَالثَّانِي لَا يَبْقَى إلَى ذَلِكَ بَلْ يَخْرُجُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ.

وَالثَّالِثُ يَبْقَى بِشَرْطِ تَقَدُّمِ الْإِحْرَامِ عَلَى لَيْلَةِ النَّحْرِ وَيَدُلُّ لِلْأَوَّلِ حَدِيثُ: «الْحَجُّ عَرَفَةَ مَنْ جَاءَ لَيْلَةَ جَمْعٍ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ» . رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةُ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. وَلَيْلَةُ جَمْعٍ هِيَ لَيْلَةُ الْمُزْدَلِفَةِ (وَلَوْ وَقَفَ نَهَارًا ثُمَّ فَارَقَ عَرَفَةَ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَلَمْ يَعُدْ أَرَاقَ) مَعَ إدْرَاكِهِ الْوُقُوفَ (دَمًا اسْتِحْبَابًا) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ (وَفِي قَوْلٍ يَجِبُ) لِأَنَّهُ تَرَكَ نُسُكًا هُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ الَّذِي فَعَلَهُ النَّبِيُّ فِي الْوُقُوفِ (وَإِنْ عَادَ) إلَى عَرَفَةَ (فَكَانَ بِهَا عِنْدَ الْغُرُوبِ فَلَا دَمَ) يُؤْمَرُ بِهِ

ــ

[حاشية قليوبي]

الْمَأْزِمَيْنِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (مُزْدَلِفَةَ) مِنْ الِازْدِلَافِ أَيْ الْقُرْبِ لِقُرْبِ الْحَاجِّ فِيهَا مِنْ مِنًى أَوْ لِقُرْبِهَا مِنْ عَرَفَةَ، وَتُسَمَّى جَمْعًا بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْمِيمِ لِاجْتِمَاعِ الْحَاجِّ فِيهَا، وَهِيَ مَا بَيْنَ الْمَأْزِمَيْنِ وَوَادِي مُحَسِّرٍ. قَوْلُهُ: (لِيُصَلُّوهَا) أَيْ بَعْدَ إنَاخَةِ جِمَالِهِمْ وَقَبْلَ حَطِّ رِحَالِهِمْ نَعَمْ إنْ خَافُوا خُرُوجَ وَقْتِ اخْتِيَارِ الْعِشَاءِ صَلَّوْا فِي الطَّرِيقِ. وَيُنْدَبُ لَهُمْ صَلَاةُ الرَّوَاتِبِ لَا النَّوَافِلِ الْمُطْلَقَةِ. قَوْلُهُ: (مِنْ أَرْضِ عَرَفَاتٍ) قَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ عَلَى قِطْعَةٍ نُقِلَتْ مِنْهَا إلَى غَيْرِهَا فَرَاجِعْهُ. وَخَرَجَ بِأَرْضِهَا هَوَاؤُهَا كَنَحْوِ سَحَابٍ أَوْ غُصْنِ شَجَرَةٍ أَصْلُهَا خَارِجٌ عَنْهَا أَوْ عَكْسُهُ فَلَا يَكْفِي، فَلَوْ وَقَفَ عَلَى غُصْنٍ فِي هَوَائِهَا وَأَصْلُهُ فِي أَرْضِهَا كَفَى لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ هُنَا بِالْأَرْضِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا فِي الِاعْتِكَافِ مِنْ الِاكْتِفَاءِ فِيهِ بِذَلِكَ كُلِّهِ، وَتَقَدَّمَ الِاكْتِفَاءُ هُنَا بِالرُّكُوبِ عَلَى دَابَّةٍ. قَوْلُهُ: (مَارًّا) أَيْ لَا طَائِرًا كَمَا مَرَّ.

وَعُلِمَ مِمَّا ذَكَرَهُ أَنَّ الْوُقُوفَ لَا يَنْصَرِفُ لِغَيْرِهِ وَلَوْ نَفَاهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَهْلًا لِلْعِبَادَةِ) وَتَقَدَّمَ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ اشْتِرَاطُ ذَلِكَ لِلْمُبَاشَرَةِ فِي الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَالْحَلْقِ. قَوْلُهُ: (فَلَا يُجْزِئُهُ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُفِقْ مِنْ إغْمَائِهِ لَحْظَةً. وَلَا يَبْنِي الْوَلِيُّ عَلَى فِعْلِهِ فَلَا يَقَعُ حَجُّهُ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَمَا فِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ مَرْجُوحٌ. قَوْلُهُ: (وَلَا السَّكْرَانَ) أَيْ الَّذِي لَمْ يَزُلْ عَقْلُهُ، وَلَيْسَ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ فَهُوَ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ فِيمَا ذُكِرَ فَإِنْ كَانَ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ فَحَجُّهُ صَحِيحٌ أَوْ زَالَ عَقْلُهُ فَكَالْمَجْنُونِ، وَحُكْمُهُ أَنْ يَبْنِيَ الْوَلِيُّ عَلَى فِعْلِهِ لِأَنَّ لَهُ الْإِحْرَامُ عَنْهُ ابْتِدَاءً كَمَا مَرَّ. وَيَقَعُ حَجُّهُ نَفْلًا. وَكَذَا السَّكْرَانُ إنْ زَالَ عَقْلُهُ وَأَنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ وُقُوفُهُ وَلَا يَقَعُ حَجُّهُ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا إنْ لَمْ يُفِقْ لَحْظَةً. وَكَذَا السَّكْرَانُ إنْ لَمْ يَزُلْ عَقْلُهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ الزَّوَالِ) وَجَوَّزَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَيْلَةُ جَمْعٍ إلَخْ) رُدَّ بِهِ عَلَى مَنْ قَالَ لَيْلَةُ جَمْعٍ لَيْلَةُ التَّاسِعِ، فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ كَوْنِ اللَّيْلِ سَابِقَ النَّهَارِ. قَوْلُهُ: (خُرُوجًا إلَخْ) وَهُوَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -،

ــ

[حاشية عميرة]

فَيُقَدِّمُهَا وَنُوزِعَ أَيْ بِدَلَالَةِ النَّصِّ كَمَا فِي النُّكَتِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ كَانَ مَارًّا فِي طَلَبِ آبِقٍ) أَشَارَ بِالْمُرُورِ إلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْمُكْثِ، وَبِطَلَبِ الْآبِقِ إلَى أَنَّ الصَّرْفَ لِغَرَضٍ آخَرَ لَا يَضُرُّ. قَالَ الْإِمَامُ: وَلَمْ يُجْرُوا فِيهِ الْخِلَافَ فِي صَرْفِ الطَّوَافِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الطَّوَافَ قُرْبَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ هَذِهِ الْحَاشِيَةُ سَطَرْتهَا قَبْلَ رُؤْيَةِ مَا فِي الشَّرْحِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَهْلًا لِلْعِبَادَةِ) قَالَ الْأَصْحَابُ: يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ أَهْلًا لَهَا أَيْضًا عِنْدَ الْإِحْرَامِ وَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلْحَلْقِ وَقِيَاسُ كَوْنِهِ نُسُكًا الِاشْتِرَاطُ قَالَهُ الْعِرَاقِيُّ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَضُرُّ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ كُلَّ رُكْنٍ يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ بَعْدَ مُضِيِّ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْإِسْنَوِيَّ سَاقَ حَدِيثًا صَحِيحًا عَنْ عُرْوَةَ الطَّائِيِّ، يَدُلُّ عَلَى دُخُولِ الْوَقْتِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدْ قَالَ: فَإِنْ تَمَسَّكْنَا بِالْحَدِيثِ لَزِمَنَا ذَلِكَ، وَإِنْ تَمَسَّكْنَا بِالْفِعْلِ وَجَعَلْنَاهُ مُبَيِّنًا لِلْمُرَادِ مِنْ النَّهَارِ الْمَذْكُورِ فِي الْحَدِيثِ، لَزِمَنَا أَنْ نَعْتَبِرَ إمْكَانَ الصَّلَاةِ كَصَلَاةِ الْعِيدِ لِلْأُضْحِيَّةِ فَالْقَوْلُ بِالزَّوَالِ خُرُوجٌ عَنْ الدَّلِيلَيْنِ مَعًا انْتَهَى. وَلَك أَنْ تَقُولَ مِنْ شَأْنِ الْخُطْبَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِشَيْءٍ أَنْ تَكُونَ فِي وَقْتِ ذَلِكَ الشَّيْءِ. قَوْلُهُ: (وَيَدُلُّ لِلْأَوَّلِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>