إزَالَةِ الشَّعْرِ إزَالَةُ الظُّفْرِ بِجَامِعِ التَّرَفُّهِ فِي الْجَمِيعِ وَالْمُرَادُ بِالشَّعْرِ الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِالْوَاحِدَةِ فَصَاعِدًا لِمَا سَيَأْتِي (وَتَكْمُلُ الْفِدْيَةُ فِي) إزَالَةِ (ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ أَوْ ثَلَاثَةِ أَظْفَارٍ) لِأَنَّهَا تَجِبُ عَلَى الْمَعْذُورِ بِالْحَلْقِ لِلْآيَةِ كَمَا سَيَأْتِي فَعَلَى غَيْرِهِ أَوْلَى وَالشَّعْرُ يَصْدُقُ بِالثَّلَاثِ وَقِيسَ بِهَا الْأَظْفَارُ، وَلَا يُعْتَبَرُ جَمِيعُهُ بِالْإِجْمَاعِ وَتُعْتَبَرُ إزَالَةُ الثَّلَاثِ أَوْ الثَّلَاثَةِ دَفْعَةً وَاحِدَةً فِي مَكَان وَاحِدٍ، وَلَوْ حَلَقَ جَمِيعَ شَعْرِ رَأْسِهِ دَفْعَةً وَاحِدَةً فِي مَكَان وَاحِدٍ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ، لِأَنَّهُ يُعَدُّ فِعْلًا وَاحِدًا وَكَذَا لَوْ حَلَقَ جَمِيعَ شَعْرِ رَأْسِهِ وَبَدَنِهِ عَلَى التَّوَاصُلِ وَيُقَاسُ بِالشَّعْرِ فِي ذَلِكَ الْأَظْفَارُ مِنْ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ، وَلَوْ حَلَقَ شَعْرَ رَأْسِهِ فِي مَكَانَيْنِ أَوْ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ لَكِنْ فِي زَمَانَيْنِ مُتَفَرِّقَيْنِ وَجَبَتْ فِدْيَتَانِ، وَقِيلَ: وَاحِدَةٌ وَلَوْ حَلَقَ ثَلَاثَ شَعَرَاتٍ فِي ثَلَاثَةِ أَمْكِنَةٍ أَوْ فِي ثَلَاثَةِ أَوْقَاتٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَجَبَ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مَا يَجِبُ فِيهَا لَوْ انْفَرَدَتْ وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ فِي الشَّعْرَةِ مُدُّ طَعَامٍ وَفِي الشَّعْرَتَيْنِ مُدَّيْنِ) وَالثَّانِي فِي الشَّعْرَةِ دِرْهَمٌ وَفِي الشَّعْرَتَيْنِ دِرْهَمَانِ، وَالثَّالِثُ ثُلُثُ دَمٍ وَثُلُثَانِ عَلَى قِيَاسِ وُجُوبِ الدَّمِ فِي الثَّلَاثِ عِنْدَ اخْتِيَارِهِ، وَالْأَوَّلَانِ قَالَا تَبْعِيضُ الدَّمِ عُسْرٌ فَعَدَلَ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا إلَى الطَّعَامِ لِأَنَّ الشَّرْعَ عَدْلُ الْحَيَوَانِ بِهِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ وَغَيْرِهِ وَالشَّعْرَةُ الْوَاحِدَةَ هِيَ النِّهَايَةُ فِي الْقِلَّةِ وَالْمُدُّ أَقَلُّ مَا وَجَبَ فِي الْكَفَّارَاتِ فَقُوبِلَتْ بِهِ، وَعَدْلُ الثَّانِي إلَى الْقِيمَةِ وَكَانَتْ قِيمَةُ الشَّاةِ فِي عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ تَقْرِيبًا، فَاعْتُبِرَتْ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى التَّوْزِيعِ وَتَجْرِي الْأَقْوَالُ فِي الظُّفْرِ وَالظُّفْرَيْنِ (وَلِلْمَعْذُورِ) فِي الْحَلْقِ (أَنْ يَحْلِقَ وَيَفْدِيَ) لِلْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَسَوَاءٌ كَانَ عُذْرُهُ بِكَثْرَةِ الْقُمَّلِ أَمْ لِلتَّأَذِّي بِجِرَاحَةٍ أَوْ بِالْحَرِّ.
ــ
[حاشية قليوبي]
وَلَا فِي إزَالَةِ مَا ثَبَتَ فِي دَاخِلِ الْعَيْنِ. قَوْلُهُ: (الصَّادِقُ بِالشَّعْرَةِ الْوَاحِدَةِ) وَكَذَا بَعْضُ الشَّعْرَةِ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ. قَوْلُهُ: (فِي مَكَان وَاحِدٍ) أَيْ وَزَمَانٍ وَاحِدٍ عُرْفًا. قَوْلُهُ: (ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ) وَكَذَا ثَلَاثَةُ أَبْعَاضٍ مِنْ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ شَعْرَةٍ وَاحِدَةٍ فَفِيهَا مُدَّانِ اتَّحَدَ الزَّمَانُ وَالْمَكَانُ، وَإِلَّا فَفِي كُلٍّ بَعْضُ مُدٍّ. كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَاعْتَمَدَهُ فَرَاجِعْهُ.
وَالظُّفْرُ كَالشَّعْرِ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ فِيهِ اتِّحَادًا وَانْفِرَادًا وَبَعْضًا أَوْ كُلًّا وَلَا فِدْيَةَ فِي إزَالَةِ ظُفْرٍ انْكَسَرَ وَتَأَذَّى بِهِ وَلَا فِي إزَالَةِ قِطْعَةِ لَحْمٍ مِنْ رَأْسِهِ مَثَلًا عَلَيْهَا شَعْرٌ، وَلَا فِي قَطْعِ أُصْبُعٍ بِظُفْرِهِ لِأَنَّهُ تَابِعٌ، وَلَوْ أَزَالَ غَيْرُهُ شَعْرَهُ بِإِذْنِهِ أَوْ قُدْرَتِهِ عَلَى دَفْعِهِ فَالْفِدْيَةُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَعَلَى الْمُزِيلِ. وَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْإِخْرَاجِ وَلَا يَصِحُّ إخْرَاجُهُ عَنْهُ كَالْكَفَّارَةِ. وَقَوْلُ الْمَنْهَجِ بِالْحِنْثِ فِي السُّكُوتِ مَرْجُوحٌ مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ، وَلَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ وَلَوْ حَلَالًا بِإِزَالَةِ شَعْرِ مُحْرِمٍ بِالْحَلْقِ مَثَلًا فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْمَحْلُوقِ إنْ قَدَرَ عَلَى الدَّفْعِ، وَإِلَّا فَعَلَى الْأَمْرِ إنْ عَذَرَ الْمَأْمُورُ الْحَالِقَ بِجَهْلٍ أَوْ إكْرَاهٍ أَوْ اعْتِقَادِ وُجُوبِ طَاعَةٍ، وَإِلَّا فَعَلَى الْمَأْمُورِ الْحَالِقِ. قَوْلُهُ: (إنَّ فِي الشَّعْرَةِ الْوَاحِدَةِ مُدَّ طَعَامٍ وَفِي الشَّعْرَتَيْنِ مُدَّيْنِ) وَإِنْ تَكَرَّرَتْ الْإِزَالَةُ فِي الشَّعْرَةِ أَوْ الشَّعْرَتَيْنِ حَيْثُ لَمْ يَتَّحِدْ الزَّمَانُ وَالْمَكَانُ سَوَاءٌ اخْتَارَ الْإِطْعَامَ أَوْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا
[حاشية عميرة]
وَالشَّعْرُ يَعْنِي الْمَحْلُوقَ بِالْعُذْرِ يَصْدُقُ بِالثَّلَاثِ، وَلَا يُعْتَبَرُ جَمِيعُهُ بِالْإِجْمَاعِ، قَوْلُهُ: (وَالشَّعْرُ يَصْدُقُ بِالثَّلَاثِ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ فِي الْآيَةِ مُضَافٌ فَيَعُمُّ قَالَ الْمُعْتَرِضُ: فَلْيُقِمْ الدَّلِيلَ بِأَنَّ الْإِجْمَاعَ صَدٌّ عَنْ الِاسْتِيعَابِ أَوْ يُقَدَّرُ الشَّعْرُ مُنْكَرًا مَقْطُوعًا عَنْ الْإِضَافَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَظْهَرُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مَنْ حَلَقَ، أَوْ قَلَّمَ ثَلَاثَةً فَأَكْثَرَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ إرَاقَةِ دَمٍ، وَثَلَاثَةِ آصُعٍ وَصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَلَوْ قَلَّمَ ظُفْرًا أَوْ أَزَالَ شَعْرَةً فَقَطْ، مُخَيَّرٌ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ أَيْضًا، فَإِنْ اخْتَارَ الصَّوْمَ صَامَ يَوْمًا وَاحِدًا جَزْمًا، وَإِنْ اخْتَارَ الطَّعَامَ أَخْرَجَ صَاعًا جَزْمًا، وَإِنْ اخْتَارَ الدَّمَ فَهُوَ مَحَلُّ الْأَقْوَالِ هُنَا، أَحَدُهَا ثُلُثُ دَمٍ عَمَلًا بِالتَّقْسِيطِ، وَالثَّانِي دِرْهَمٌ لِمَا بَيَّنَهُ الشَّارِحُ بَعْدُ، وَالْأَظْهَرُ مُدٌّ لِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ أَيْضًا.
كَذَا قَرَّرَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَهُوَ يَئُولُ إلَى التَّخْيِيرِ بَيْنَ الصَّوْمِ وَالصَّاعِ وَالْمُدِّ فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يُخَيَّرُ بَيْنَ الشَّيْءِ وَبَعْضِهِ، فَإِنَّ الْمُدَّ بَعْضُ الصَّاعِ فَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ مَعْهُودٌ كَالتَّخْيِيرِ بَيْنَ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ، وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ وَالظُّهْرِ، وَلَوْ قَصَّ الشَّعْرَةَ أَوْ قَلَّمَ الظُّفْرَ دُونَ الْقَدْرِ الْمُعْتَادِ كَانَ الْحُكْمُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَوْ لَمْ يَأْتِ عَلَى رَأْسِ الظُّفْرِ كُلِّهِ بَلْ أَخَذَ مِنْ بَعْضِ جَوَانِبِهِ، فَإِنْ قُلْنَا يَجِبُ فِي الظُّفْرِ الْوَاحِدِ دِرْهَمٌ أَوْ ثُلُثُ دَمٍ، فَالْوَاجِبُ مَا يَقْتَضِيهِ الْحِسَابُ، وَإِنْ قُلْنَا مُدٌّ فَلَا سَبِيلَ إلَى تَبْعِيضِهِ، كَذَا فِي الْإِسْنَوِيِّ مُلَخَّصًا بَعْدَ أَنْ قَالَ: قَلَّ مَنْ تَفَطَّنَ لِسِرِّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَتَصْوِيرِهَا، أَقُولُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ عَلَى قِيَاسِ وُجُوبِ الدَّمِ، ثُمَّ قَوْلُهُ وَإِلَّا وَلِأَنَّ إلَخْ، كَأَنَّهُ إشَارَةٌ لِذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: (عِنْدَ اخْتِيَارِهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِلدَّمِ مِنْ قَوْلِهِ وُجُوبِ الدَّمِ. قَوْلُهُ: (وَكَانَتْ قِيمَةُ الشَّاةِ إلَخْ) قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ مُجَرَّدُ دَعْوَى لَا أَصْلَ لَهَا. قَوْلُهُ: (وَسَوَاءٌ إلَخْ) لَوْ تَأَذَّى بِالْوَسَخِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ ثُمَّ مِثْلُ الْحَلْقِ كُلُّ مَحْظُورٍ أُبِيحَ لِلْحَاجَةِ، فَإِنَّ الْفِدْيَةَ تَجِبُ إلَّا لُبْسَ السَّرَاوِيلِ وَالْخُفَّيْنِ الْمَقْطُوعَيْنِ، لِأَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ وَوِقَايَةَ الرِّجْلِ عَنْ النَّجَاسَةِ مَأْمُورٌ بِهِ فَخَفَّفَ فِيهِمَا لِذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute