للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الرَّابِعُ) مِنْ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ (الْجِمَاعُ) قَالَ تَعَالَى {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: ١٩٧] أَيْ فَلَا تَرْفُثُوا وَلَا تَفْسُقُوا وَالرَّفَثُ مُفَسَّرٌ بِالْجِمَاعِ (وَتَفْسُدُ بِهِ الْعُمْرَةُ) قَبْلَ الْحَلْقِ إنْ جَعَلْنَاهُ نُسُكًا وَإِلَّا فَقِيلَ السَّعْيِ (وَكَذَا الْحَجُّ) يَفْسُدُ بِهِ (قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ) بَعْدَ الْوُقُوفِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَا يَفْسُدُ بِهِ وَبَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ وَقِيلَ يَفْسُدُ وَلَا تَفْسُدُ بِهِ الْعُمْرَةُ فِي ضِمْنِ الْقِرَانِ أَيْضًا لِتَبَعِهَا لَهُ، وَقِيلَ تَفْسُدُ بِهِ إنْ لَمْ يَأْتِ بِشَيْءٍ مِنْ أَعْمَالِهَا وَاللِّوَاطُ كَالْجِمَاعِ وَكَذَا إتْيَانٌ لِلْبَهِيمَةِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَا فَسَادَ بِجِمَاعِ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ بِالتَّحْرِيمِ وَمَنْ جُنَّ بَعْدَ أَنْ أَحْرَمَ عَاقِلًا فِي الْجَدِيدِ (وَتَجِبُ بِهِ) أَيْ بِالْجِمَاعِ الْمُفْسِدِ (بَدَنَةٌ) وَقِيلَ: لَا يَجِبُ فِي إفْسَادِ الْعُمْرَةِ إلَّا شَاةٌ فِي الْجِمَاعِ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ الْفَسَادِ بِهِ شَاةٌ.

وَفِي قَوْلٍ: بَدَنَةٌ. وَلَوْ جَامَعَ ثَانِيًا بَعْدَ أَنْ فَسَدَ حَجُّهُ بِالْجِمَاعِ وَجَبَ فِي الْجِمَاعِ الثَّانِي شَاةٌ وَفِي قَوْلٍ بَدَنَةٌ وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مُحْرِمَةً أَيْضًا، وَفَسَدَ حَجُّهَا بِالْجِمَاعِ بِأَنْ طَاوَعَتْهُ فَلَا بَدَنَةَ عَلَيْهَا فِي الْأَظْهَرِ وَالْبَدَنَةُ الْوَاحِدُ مِنْ الْإِبِلِ أَوْ الْبَقَرِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (وَالْمُضِيُّ فِي فَاسِدِهِ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ بِأَنْ يُتِمَّ قَالَ تَعَالَى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦] وَهُوَ يَتَنَاوَلُ الصَّحِيحَ وَالْفَاسِدَ، وَغَيْرُ النُّسُكِ مِنْ الْعِبَادَاتِ لَا يَمْضِي فِي فَاسِدِهِ إذْ يَحْصُلُ الْخُرُوجُ مِنْهُ بِالْفَسَادِ (وَالْقَضَاءُ) اتِّفَاقًا (وَإِنْ كَانَ نُسُكُهُ تَطَوُّعًا) فَإِنَّ التَّطَوُّعَ مِنْهُ يَصِيرُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ فَرْضًا أَيْ وَاجِبَ الْإِتْمَامِ كَالْفَرْضِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ التَّطَوُّعِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ) أَيْ الْقَضَاءَ (عَلَى الْفَوْرِ) وَالثَّانِي عَلَى التَّرَاخِي كَالْأَدَاءِ وَالْأَوَّلُ نَظَرَ إلَى تَضَيُّقِهِ بِالشُّرُوعِ فِيهِ وَيَقَعُ الْقَضَاءُ عَنْ الْمُفْسِدِ وَيَتَأَدَّى

ــ

[حاشية قليوبي]

لِمَا فِي الْمَنْهَجِ. وَإِذَا عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ اسْتَقَرَّ فِي ذِمَّتِهِ، وَلَا يَنْتَقِلُ إلَى الصَّوْمِ.

قَوْلُهُ: (الْجِمَاعُ) أَيْ فِي فَرْجٍ قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ مُتَّصِلٍ أَوْ مُبَانٍ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ بَهِيمَةٍ فَيَفْسُدُ بِهِ النُّسُكُ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَيَتَّجِهُ فِي الْخُنْثَى اعْتِبَارُ وُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَيْهِ بِالْجَنَابَةِ.

فَرْعٌ: يَحْرُمُ عَلَى الْحَلَالِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ تَمْكِينُ الْمُحْرِمِ مِنْ الْجِمَاعِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ نُسُكُ صَاحِبِ الْمُبَانِ لَوْ كَانَ مُحْرِمًا، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ بَعْضُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَتَفْسُدُ بِهِ الْعُمْرَةُ) الْمُسْتَقِلَّةُ وَأَمَّا فِي الْقِرَانِ فَهِيَ تَابِعَةٌ لِلْحَجِّ، وَعُلِمَ مِنْ فَسَادِ النُّسُكِ بِهِ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ مَعَهُ إلَّا إنْ نَوَى فِي حَالِ نَزْعِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَفْسُدُ) أَيْ الْحَجُّ بِهِ أَيْ بِالْجِمَاعِ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ بِخِلَافِ الرِّدَّةِ فَيَفْسُدُ بِهَا فِي ذَلِكَ وَقَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا فَسَادَ بِجِمَاعِ النَّاسِي) لِلْإِحْرَامِ أَوْ لِلْحُكْمِ. قَوْلُهُ: (وَالْجَاهِلِ بِالتَّحْرِيمِ) وَلَوْ غَيْرَ مَعْذُورٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ جُنَّ) أَيْ وَالْمَجْنُونُ وَمِثْلُهُ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالنَّائِمُ وَكُلُّ غَيْرِ مُمَيِّزٍ وَيَفْسُدُ بِجِمَاعِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ كَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (بِنَاءً عَلَى عَدَمِ الْفَسَادِ بِهِ) الَّذِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (شَاةٌ) وَتَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ هَذَا الْجِمَاعِ كَاَلَّذِي بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ بِفَسَادِ حَجِّهَا بِالْجِمَاعِ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ غَيْرِهِ بَلْ هِيَ عَلَى الْوَاطِئِ إنْ كَانَ مُحْرِمًا بِشَرْطِهِ. قَوْلُهُ: (وَالْبَدَنَةُ) أَيْ لُغَةً مَا ذَكَرَهُ وَأَوْ فِي كَلَامِهِ لِلتَّنْوِيعِ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَالْمُضِيُّ فِي فَاسِدِهِ) وَيَجِبُ فِيهِ اجْتِنَابُ الْجِمَاعِ وَمُقَدِّمَاتِهِ، وَتَلْزَمُ بِهِ الْفِدْيَةُ وَخَرَجَ بِالْفَاسِدِ الْبَاطِلُ بِالرِّدَّةِ، وَلَوْ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ كَمَا مَرَّ فَلَا يَمْضِي فِيهِ وَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ لِخُرُوجِهِ مِنْهُ بِهَا. قَوْلُهُ: (وَالْقَضَاءُ عَلَى الْفَوْرِ) وَعَلَى الْوَاطِئِ إنْ كَانَ زَوْجًا مُؤْنَةُ قَضَاءِ حَجِّ زَوْجَتِهِ ذَهَابًا وَإِيَابًا وَغَيْرَهُمَا وَإِذَا عَضَبَتْ أَنَابَ عَنْهَا مِنْ مَالِهِ بِخِلَافِ غَيْرِ الزَّوْجِ.

وَالْمُرَادُ بِالْقَضَاءِ الْإِعَادَةُ لِأَنَّهُ فِي وَقْتِهِ يَقَعُ نَفْلًا. قَوْلُهُ: (عَنْ الْمُفْسَدِ) بِفَتْحِ السِّينِ. قَوْلُهُ: (وَيَتَأَدَّى بِهِ إلَخْ) فَعُلِمَ أَنَّ الْإِعَادَةَ مِنْ

ــ

[حاشية عميرة]

فَائِدَةٌ: مَا كَانَ إتْلَافًا مَحْضًا كَالصَّيْدِ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ، وَإِنْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا وَمَا كَانَ تَرَفُّهًا وَتَمَتُّعًا كَاللُّبْسِ وَالطِّيبِ فَلَا فِدْيَةَ فِي حَالِ النِّسْيَانِ وَالْجَهْلِ، وَمَا أُخِذَ شَبَهًا مِنْهُمَا كَالْجِمَاعِ وَالْقَلْمِ وَالْحَلْقِ فَفِيهِ مَعَ الْجَهْلِ وَالنِّسْيَانِ خِلَافٌ، وَالْأَصَحُّ فِي الْجِمَاعِ لَا وَفِيهِمَا نَعَمْ.

قَوْلُهُ: (أَيْ فَلَا تَرْفُثُوا إلَخْ) إنَّمَا أُوِّلَ بِهَذَا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ خَبَرًا عَلَى بَابِهِ لَاسْتَحَالَ تَخَلُّفُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَفْسُدُ بِهِ الْعُمْرَةُ) مَعْنَى الْفَسَادِ وُجُوبُ الْقَضَاءِ لَا الْخُرُوجِ مِنْهُ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا الْحَجُّ) وَالرِّدَّةُ تُبْطِلُهُمَا وَمِنْ ثَمَّ فَرَّقَ فِيهِ بَيْنَ الْفَسَادِ وَالْبُطْلَانِ. قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَأْتِ بِشَيْءٍ مِنْ أَعْمَالِهَا) كَأَنَّ صُورَةَ هَذَا أَنْ يَتَحَلَّلَ التَّحَلُّلَ الْأَوَّلَ بِالرَّمْيِ فَقَطْ، إمَّا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَلْقَ لَيْسَ بِنُسُكٍ أَوْ لِأَنَّهُ لَا شَعْرَ بِرَأْسِهِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لَا يَجِبُ) أَيْ لِأَنَّ رُتْبَتَهَا دُونَ الْحَجِّ. قَوْلُهُ: (شَاةٌ) أَيْ كَمَا فِي الِاسْتِمْتَاعِ بِدُونِ الْجِمَاعِ هَذِهِ الْحَاشِيَةُ مُقْتَضَاهَا الْوُجُوبُ فِي الِاسْتِمْتَاعِ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّارِحِ الْآتِي آخِرَ الصَّفْحَةِ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِمَا قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَرُدَّ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ إلَخْ) هِيَ وَارِدَةٌ عَلَى الْكِتَابِ. قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالْمُضِيُّ فِي فَاسِدِهِ) فَلَوْ ارْتَكَبَ مَحْظُورًا بَعْدَ ذَلِكَ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ كَالصَّحِيحِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْقَضَاءُ) بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>