لِلْآدَمِيِّينَ، وَلَا مَفْهُومَ لِمُتَعَمِّدٍ فِي الْآيَةِ، نَعَمْ لَوْ صَالَ صَيْدٌ عَلَى مُحْرِمٍ أَوْ عَلَى حَلَالٍ فِي الْحَرَمِ فَقَتَلَهُ دَفْعًا فَلَا ضَمَانَ وَلَوْ خَلَّصَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا مِنْ فَمِ سَبْعٍ أَوْ هِرَّةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا وَأَخَذَهُ لِيُدَاوِيَهُ أَوْ يَتَعَهَّدَهُ فَمَاتَ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ فِي الْأَظْهَرِ وَلَوْ أَحْرَمَ، ثُمَّ جُنَّ فَقَتَلَ صَيْدًا لَمْ يَجِبْ ضَمَانُهُ فِي الْأَظْهَرِ وَيُقَاسُ بِهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْحَلَالُ فِي الْحَرَمِ وَلَوْ أُكْرِهَ مُحْرِمٌ أَوْ حَلَالٌ فِي الْحَرَمِ عَلَى قَتْلِ صَيْدٍ فَقَتَلَهُ فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ فِي وَجْهٍ وَالْأَصَحُّ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْآمِرِ ثُمَّ الصَّيْدُ ضَرْبَانِ أَحَدُهُمَا مَا لَهُ مِثْلٌ مِنْ النَّعَمِ فِي الصُّورَةِ وَالْخِلْقَةِ عَلَى التَّقْرِيبِ فَيَضْمَنُ بِهِ وَمِنْهُ مَا فِيهِ نَقْلٌ عَنْ السَّلَفِ فَيُتْبَعُ قَالَ تَعَالَى {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: ٩٥] (فَفِي النَّعَامَةِ) الذَّكَرُ أَوْ الْأُنْثَى (بَدَنَةٌ) أَيْ وَاحِدٌ مِنْ الْإِبِلِ (وَفِي بَقَرِ الْوَحْشِ) أَيْ الْوَاحِدِ مِنْهُ (وَحِمَارِهِ بَقَرَةٌ) أَيْ وَاحِدٌ مِنْ الْبَقَرِ (وَ) فِي (الْغَزَالِ عَنْزٌ) وَهِيَ الْأُنْثَى مِنْ الْمَعْزِ الَّتِي تَمَّ لَهَا سَنَةٌ وَالْغَزَالُ وَلَدُ الظَّبْيَةِ إلَى أَنْ يَطْلُعَ قَرْنَاهُ ثُمَّ يُسَمَّى الذَّكَرُ ظَبْيًا وَالْأُنْثَى ظَبْيَةً وَهُمَا الْمُرَادُ بِالْغَزَالِ. هُنَا لِيُنَاسِبَ كِبَرَ الْعَنْزِ وَيَجِبُ فِيهِ بِمَعْنَاهُ الْأَصْلِيِّ مَا يَجِبُ فِي الصِّغَارِ قَالَهُ الْإِمَامُ
(وَ) فِي (الْأَرْنَبِ عَنَاقٌ) وَهِيَ الْأُنْثَى مِنْ الْمَعْزِ مِنْ حِينِ تُولَدُ مَا لَمْ تَسْتَكْمِلْ سَنَةً (وَ) فِي (الْيَرْبُوعِ) وَهُوَ مَعْرُوفٌ (جَفْرَةٌ) وَهِيَ الْأُنْثَى مِنْ الْمَعْزِ إذَا بَلَغَتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَالْمُرَادُ بِالْعَنَاقِ مَا فَوْقَ الْجَفْرَةِ فَإِنَّ الْأَرْنَبَ خَيْرٌ مِنْ الْيَرْبُوعِ وَفِي الضَّبُعِ كَبْشٌ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَمُعَاوِيَةَ أَنَّهُمْ قَضَوْا فِي النَّعَامَةِ بِبَدَنَةٍ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي عُبَيْدَةَ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُمْ قَضَوْا فِي حِمَارِ الْوَحْشِ وَبَقَرِهِ بِبَقَرَةٍ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَضَى فِي الْأَرْنَبِ بِعَنَاقٍ، وَقَالَ فِي الضَّبُعِ كَبْشٌ
وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَضَى فِي الْيَرْبُوعِ بِجَفْرٍ أَوْ جَفْرَةٍ وَعَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَوْفٍ أَنَّهُمَا حَكَمَا فِي الظَّبْيِ بِشَاةٍ وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَسَعْدٍ أَنَّهُمَا حَكَمَا فِي الظَّبْيِ بِتَيْسٍ أَعْفَرَ، وَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ
ــ
[حاشية قليوبي]
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لُزُومُ الْجَزَاءِ فِي عَدَمِ الْإِرْسَالِ حَالًا، فَلَوْ أَخْرَجَهُ ثُمَّ أَرْسَلَهُ فَيَتَّجِهُ رُجُوعُهُ فِيهِ كَالزَّكَاةِ الْمُعَجَّلَةِ، وَلَا يُكْرَهُ لَهُ شِرَاءُ مَا أَرْسَلَهُ مِمَّنْ أَخَذَهُ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ. قَوْلُهُ: (نَعَمْ إلَخْ) هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ لُزُومِ الضَّمَانِ فِيمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَقَتَلَهُ دَفْعًا) لِصِيَالِهِ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ غَيْرِهِ وَكَالصِّيَالِ أَكْلُ طَعَامِهِ أَوْ شُرْبُ مَائِهِ أَوْ تَنَجُّسُ حَوَائِجِهِ بِنَحْوِ بَوْلِهِ أَوْ ضِيقِ مَكَانِهِ عَلَيْهِ أَوْ فِرَاشِهِ كَذَلِكَ، وَتَرَدَّدَ الْعَلَّامَةُ الْعَبَّادِيُّ فِيمَا لَوْ عَشَّشَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَتَأَذَّى النَّاسُ بِنَجَاسَتِهِ. قَوْلُهُ: (وَأَخَذَهُ لِيُدَاوِيَهُ) الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِأَوْ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَيْ يَجِبُ عَلَى الْمُكْرَهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ جَزَاءُ مَا قَتَلَهُ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى مَنْ أَكْرَهَهُ. قَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ: وَلَوْ كَانَ الصَّيْدُ مَمْلُوكًا فَعَلَيْهِمَا قِيمَتُهُ مَعًا فَرَاجِعْهُ.
تَنْبِيهٌ: مَذْبُوحُ الْمُحْرِمِ مِنْ الصَّيْدِ مُطْلَقًا وَالْحَلَالِ فِي صَيْدِ الْحَرَمِ مَيْتَةٌ فَلَا يَجُوزُ أَكْلُهُ لِأَحَدٍ وَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ مُطْلَقًا، وَقِيمَتُهُ لِمَالِكِهِ لَوْ كَانَ مَمْلُوكًا، نَعَمْ لَوْ ذَبَحَ أَحَدُهُمَا صَيْدًا يَحِلُّ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ فِي الْحَرَمِ لَمْ يَحْرُمْ عَلَى غَيْرِ الْمُحْرِمِ، وَخَرَجَ بِالذَّبْحِ مَا لَوْ جَلَبَ مُحْرِمٌ صَيْدًا أَوْ قَتَلَ جَرَادًا أَوْ كَسَرَ بَيْضًا فَلَا يَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (فِي الصُّورَةِ وَالْخِلْقَةِ عَلَى التَّقْرِيبِ) أَيْ لَا فِي الْقِيمَةِ مُطْلَقًا وَلَا فِي الصُّورَةِ عَلَى التَّحْقِيقِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: بِدَلِيلِ أَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - حَكَمُوا فِي نَوْعٍ مِنْ الصَّيْدِ بِنَوْعٍ مِنْ غَيْرِهِ مَعَ اخْتِلَافِ الْبِلَادِ وَالْأَزْمَانِ وَالْقِيَمِ. قَوْلُهُ: (وَمِنْهُ) أَيْ مِمَّا لَهُ مِثْلُ مَا فِيهِ نَقْلٌ عَنْ السَّلَفِ فَيُتْبَعُ لِأَنَّهُمْ عُدُولٌ، وَالْآيَةُ الْمَذْكُورَةُ دَلِيلٌ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فَفِي النَّعَامَةِ) قَتْلًا أَوْ أَزْمَانًا. قَوْلُهُ: (بَدَنَةٌ) وَلَا يُجْزِئُ عَنْهَا بَقَرَةٌ وَلَا غَيْرُهَا. وَكَذَا الْبَقَرَةُ نَظَرًا لِاعْتِبَارِ الصُّورَةِ هُنَا. قَوْلُهُ: (وَهُمَا الْمُرَادُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وُجُوبُ عَنْزٍ فِي الظَّبْيِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ فِيهِ تَيْسًا كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (مَا يَجِبُ فِي الصِّغَارِ) وَهُوَ جَدْيٌ أَوْ جَفْرٌ فِي الذَّكَرِ وَعَنَاقٌ أَوْ جَفْرَةٌ فِي الْأُنْثَى. وَيُقَالُ لِلْجَدْيِ خَرُوفٌ، وَلِلْخَرُوفِ حُمْلَانُ وَحُلَّامٌ بِضَمِّ الْحَاءِ فِيهِمَا وَتَشْدِيدِ اللَّامِ فِي الثَّانِي قَوْلُهُ: (وَفِي الْيَرْبُوعِ) وَمِثْلُهُ الْوَبَرُ بِالْمُوَحَّدَةِ، وَهُوَ دُوَيْبَّةٌ دُونَ السِّنَّوْرِ كَحْلَاءُ اللَّوْنِ لَا ذَنَبَ لَهَا.
قَوْلُهُ: (جَفْرَةٌ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ جَفَرَ جَنْبَاهَا أَيْ عَظُمَا. قَوْلُهُ: (مَا فَوْقَ الْجَفَرَة) أَيْ مَا زَادَ عَلَى أَوَّلِ سِنِّهَا وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ مَا دُونَ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ عَنَاقٌ فَقَطْ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا عَنَاقٌ وَجَفْرَةٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ انْتِهَاءَ سِنِّ الْجَفْرَةِ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (وَفِي الضِّبْعِ كَبْشٌ) وَهَذَا اسْمٌ لِلْأُنْثَى. وَيُقَالُ لِلذَّكَرِ ضِبْعَانِ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ، وَيُجْزِئُ عَنْهُ الْكَبْشُ بِالْأَوْلَى. وَفِي الثَّعْلَبِ شَاةٌ، وَفِي الضَّبِّ وَأُمِّ حُبَيْنٍ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ أَوَّلَهُ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ جَدْيٌ. قَوْلُهُ: (بِتَيْسٍ أَعْفَرَ) هُوَ مَا بَيَاضُهُ غَيْرُ صَافٍ أَوْ يَعْلُوهُ حُمْرَةٌ.
[حاشية عميرة]
لِلتَّأْوِيلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (وَلَا مَفْهُومَ لِمُتَعَمِّدٍ فِي الْآيَةِ) لِأَنَّهُ لِمُوَافَقَةِ الْغَالِبِ. قَوْلُهُ: (وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْآمِرِ) وَأَمَّا قِيمَتُهُ لِلْمَالِكِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ قَوْلُهُ: (مِنْ النَّعَمِ) أَيْ وَهُوَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute