ذِكْرَ ثَوْرٍ هُنَا وَهُوَ بِمَكَّةَ مِنْ غَلَطِ الرُّوَاةِ وَأَنَّ الرِّوَايَةَ الصَّحِيحَةَ أُحُدٌ وَدُفِعَ بِأَنَّ وَرَاءَهُ جَبَلًا صَغِيرًا يُقَالُ لَهُ ثَوْرٌ (وَلَا يَضْمَنُ) الصَّيْدَ وَالشَّجَرَ وَالْخَلَا (فِي الْجَدِيدِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلًّا لِلنُّسُكِ بِخِلَافِ حَرَمِ مَكَّةَ وَالْقَدِيمُ يَضْمَنُ فَقِيلَ كَحَرَمِ مَكَّةَ وَالْأَصَحُّ يَضْمَنُ بِسَلْبِ الصَّائِدِ وَقَاطِعِ الشَّجَرِ، أَوْ الْخَلَا وَاخْتَارَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِيهِ فَلَا مُعَارِضَ رَوَى مُسْلِمٌ أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ وَجَدَ عَبْدًا يَقْطَعُ شَجَرًا أَوْ يَخْبِطُهُ فَسَلَبَهُ فَلَمَّا رَجَعَ سَعْدٌ جَاءَهُ أَهْلُ الْعَبْدِ فَكَلَّمُوهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَى غُلَامِهِمْ أَوْ عَلَيْهِمْ مَا أَخَذَ مِنْ غُلَامِهِمْ. فَقَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ أَرُدَّ شَيْئًا نَفَّلَنِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبَى أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَوَى أَبُو دَاوُد أَنَّهُ وَجَدَ رَجُلًا يَصِيدُ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ فَسَلَبَهُ ثِيَابَهُ. فَجَاءَ مَوَالِيهِ فَكَلَّمُوهُ فِيهِ. فَقَالَ «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَرَّمَ هَذَا الْحَرَمَ، وَقَالَ مَنْ أَخَذَ أَحَدًا يَصِيدُ فِيهِ فَلْيَسْلُبْهُ» فَلَا أَرُدُّ عَلَيْكُمْ طُعْمَةً أَطْعَمَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَكِنْ إنْ شِئْتُمْ دَفَعْت إلَيْكُمْ ثَمَنَهُ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الْمَدِينَةِ فَيَجِدُ الْحَاطِبَ مَعَهُ شَجَرٌ رَطْبٌ عَضَدَهُ مِنْ بَعْضِ شَجَرِ الْمَدِينَةِ، فَيَأْخُذُ سَلْبَهُ فَيُكَلَّمُ فِيهِ فَيَقُولُ لَا أَدَعُ غَنِيمَةً غَنَّمَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنِّي لِمَنْ أَكْثَرِ النَّاسِ مَالًا. وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ وَكَلَامِ الْأَئِمَّةِ فِي الِاصْطِيَادِ أَنَّهُ يُسْلَبُ، وَإِنْ لَمْ يُتْلَفْ الصَّيْدُ، وَقَالَ الْإِمَامُ: لَا أَدْرِي أَيُسْلَبُ إذَا أَرْسَلَ الصَّيْدَ أَمْ لَا يُسْلَبُ حَتَّى يُتْلِفَهُ، ثُمَّ سَلْبُ الصَّائِدِ أَوْ الْقَاطِعِ كَسَلْبِ الْقَتِيلِ جَمِيعَ مَا مَعَهُ مِنْ ثِيَابٍ وَفَرَسٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَقِيلَ: ثِيَابُهُ فَقَطْ، وَهُوَ لِلسَّالِبِ وَقِيلَ لِفُقَرَاءِ الْمَدِينَةِ وَقِيلَ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَهَلْ يُتْرَكُ لِلْمَسْلُوبِ مَا يَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتَهُ وَجْهَانِ أَصْوَبُهُمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصَحُّهُمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ نَعَمْ.
(وَيَتَخَيَّرُ
ــ
[حاشية قليوبي]
وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ وَثَوْرٌ بِالْمُثَلَّثَةِ طُولًا وَقَدَّرَهُ بَعْضُهُمْ. قَوْلُهُ: (بِأَنَّ وَرَاءَهُ) أَيْ أُحُدًا جَبَلًا صَغِيرًا. وَفِي نُسْخَةٍ جَبَلٌ فَاسْمُ أَنَّ ضَمِيرُ الشَّأْنِ أَوْ هُوَ خَبَرُهَا وَاسْمُهَا وَرَاءَ بِنَاءً عَلَى تَصَرُّفِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَضْمَنُ الصَّيْدَ وَالشَّجَرَةَ وَالْخَلَا فِي الْجَدِيدِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمِثْلُ حَرَمِ الْمَدِينَةِ فِي ذَلِكَ وَادِي وَجٍّ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ بِالطَّائِفِ.
تَتِمَّةٌ: نَقْلُ تُرَابِ الْحِلِّ إلَى أَحَدِ الْحَرَمَيْنِ خِلَافُ الْأَوْلَى عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَنَقْلُ أَجْزَاءِ أَرْضِهِمَا وَلَوْ مِنْ تُرَابِهِمَا وَأَوَانِيهِمَا نَحْوِ الْكِيزَانِ وَالْأَبَارِيقِ إلَى الْحِلِّ حَرَامٌ وَيَجِبُ رَدُّهُ وَلَا ضَمَانَ فِيهِ لَوْ تَلِفَ. وَيُؤْخَذُ مِنْ تَقْيِيدِ حُرْمَةِ النَّقْلِ بِكَوْنِهِ إلَى الْحِلِّ أَنَّهُ يَجُوزُ نَقْلُ أَجْزَاءِ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ مَحَلٍّ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ مِنْهُ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ نَقْلُ أَجْزَاءِ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ نَقْلُ مَا لَيْسَ مِنْ أَجْزَائِهِمَا كَخَشَبٍ لِسَقْفِ الْكَعْبَةِ وَجُذُوعِهَا إذَا انْكَسَرَتْ مَثَلًا إلَى الْحِلِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَا مَانِعَ مِنْهُ فَلْيُرَاجَعْ. وَلْيُحَرَّرْ وَلَا بَأْسَ لِسَقْفِ الْكَعْبَةِ وَجُذُوعِهَا إذَا انْكَسَرَتْ مَثَلًا إلَى الْحِلِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَا مَانِعَ مِنْهُ فَلْيُرَاجَعْ. وَلْيُحَرَّرْ وَلَا بَأْسَ بِنَقْلِ ثِمَارِهِمَا وَحَشِيشِهِمَا وَوَرَقِ شَجَرِهِمَا وَأَغْصَانِهِ لِلِانْتِفَاعِ. وَكَذَا لَا بَأْسَ بِنَقْلِ مَاءِ زَمْزَمَ بَلْ هُوَ مَنْدُوبٌ. وَمَا قِيلَ بِأَنَّهُ يُبَدَّلُ فَمِنْ خُرَافَاتِ الْعَوَامّ وَيَحْرُمُ أَخْذُ طِيبِ الْكَعْبَةِ، وَمَنْ أَرَادَ التَّبَرُّكَ مَسَحَهَا بِطِيبٍ لَهُ وَأَخَذَهُ. وَأَمَّا كِسْوَتُهَا فَإِنْ عَلِمَ وَقْفَهَا عَلَيْهَا فَقِيلَ أَمْرُهَا لِلْإِمَامِ مِنْ بَيْعٍ وَهِبَةٍ وَغَيْرِهِمَا. وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا تُبَاعُ إنْ لَمْ يَبْقَ فِيهَا جَمَالٌ وَتُصْرَفُ فِي مَصَالِحِ الْبَيْتِ وَالْمَسْجِدِ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ وَقْفُهَا فَهِيَ لِمَالِكِهَا إنْ عَلِمَ وَإِلَّا فَالْأَمْرُ فِيهَا لِقَيِّمِهَا مِنْ بَيْعِهَا وَصَرْفِهَا فِي مَصَالِحِهَا، وَإِنْ وُقِفَ لَهَا وَقْفٌ تُكْسَى مِنْهُ كَمَا هُوَ الْآنَ فِي مِصْرَ فَإِنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ شَيْئًا اتَّبَعَ، وَإِلَّا فَإِنْ وَقَفَهَا النَّاظِرُ فَحُكْمُهَا مَا مَرَّ، وَإِلَّا فَلَهُ بَيْعُهَا وَصَرْفُهَا فِي كِسْوَةٍ أُخْرَى، فَإِنْ شَرَطَ تَجْدِيدَهَا كُلَّ عَامٍ مَثَلًا كَمَا هُوَ الْآنَ فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهَا لِسَادِنِهَا أَيْ خَادِمِهَا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَالَهَا كَمَا هُوَ الْآنَ فَأَمْرُهَا لِلْإِمَامِ. وَيَتْبَعُ فِيهَا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ وَيَجُوزُ لُبْسُهَا لِمَنْ أَخَذَهَا وَلَوْ جُنُبًا وَحَائِضًا هَذَا مُحَصَّلُ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا كَشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ.
قَوْلُهُ: (وَيَتَخَيَّرُ فِي الصَّيْدِ إلَخْ) هَذَا شُرُوعٌ فِي دِمَاءِ الْحَجِّ وَجُمْلَتُهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي النَّظْمِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ دَمًا وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ أَحَدُهَا مُرَتَّبٌ لَا يَنْتَقِلُ إلَى خَصْلَةٍ إلَّا إنْ عَجَزَ عَمَّا قَبْلَهَا مُقَدَّرُ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ وَهِيَ تِسْعَةٌ دِمَاءً، ثَانِيهَا مُرَتَّبٌ كَمَا مَرَّ مُعَدَّلٌ أَيْ مُقَوَّمٌ بِالْعُدُولِ وَهُوَ دَمَانِ، ثَالِثُهَا مُخَيَّرٌ يَجُوزُ الْعُدُولُ فِيهِ إلَى كُلِّ خَصْلَةٍ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى غَيْرِهَا مُعَدَّلٌ كَمَا مَرَّ، وَهُوَ دَمَانِ أَيْضًا. رَابِعُهَا مُخَيَّرٌ مُقَدَّرٌ كَمَا مَرَّ وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ دِمَاءً وَقَدْ نَظَمَهَا ابْنُ الْمُقْرِي بِقَوْلِهِ
[حاشية عميرة]
كَالصَّيْدِ وَالْبَيْضُ تَبَعٌ فَكَانَ كَاللِّيفِ، وَقَدْ يَعْتَرِضُ بِالْوَرَقِ وَالثَّمَرِ الْيَابِسَيْنِ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلًّا لِلنُّسُكِ) زَادَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَأَشْبَهَ مَوَاضِعَ الْحُمَّى، وَإِنَّمَا أَثْبَتْنَا التَّحْرِيمَ بِالنُّصُوصِ. قَوْلُهُ: (وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ إلَخْ) هَذِهِ الرِّوَايَةُ تَزِيدُ عَلَى الْأُولَى بِالتَّقْيِيدِ بِالرَّطْبِ، وَإِضَافَتِهِ إلَى الْمَدِينَةِ وَقَوْلِهِ وَإِنِّي لَمِنْ أَكْثَرِ النَّاسِ مَالًا. قَوْلُهُ: (مِنْ ثِيَابٍ وَفَرَسٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ) اقْتَضَى هَذَا كَمَا تَرَى أَنَّ الثِّيَابَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute