بِالْمُكَاثَرَةِ. وَأَشَارَ بَعْضُهُمْ إلَى الْحَرَمِ بِالْمَنْعِ، وَقَالَ إنَّهُ لَيْسَ بِتَطْهِيرٍ بَلْ يَسْتَحِيلُ بِبُلُوغِهِ قُلَّتَيْنِ مِنْ صِفَةِ النَّجَاسَةِ إلَى الطَّهَارَةِ كَالْخَمْرِ تَتَخَلَّلُ.
(الثَّانِي) مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (النَّفْعُ) فَمَا لَا نَفْعَ فِيهِ لَيْسَ بِمَالٍ، فَلَا يُقَابَلُ بِهِ. (فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْحَشَرَاتِ) بِفَتْحِ الشِّينِ كَالْحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبِ وَالْفِئْرَانِ وَالْخَنَافِسِ وَالنَّمْلِ وَنَحْوِهَا إذْ لَا نَفْعَ فِيهَا يُقَابَلُ بِالْمَالِ وَإِنْ ذُكِرَ لَهَا مَنَافِعُ فِي الْخَوَاصِّ (وَكُلِّ سَبْعٍ لَا يَنْفَعُ) كَالْأَسَدِ وَالذِّئْبِ وَالنَّمِرِ، وَمَا فِي اقْتِنَاءِ الْمُلُوكِ لَهَا مِنْ الْهَيْبَةِ وَالسِّيَاسَةِ لَيْسَ مِنْ الْمَنَافِعِ الْمُعْتَبَرَةِ، وَالسَّبْعُ النَّافِعُ كَالضَّبُعِ لِلْأَكْلِ وَالْفَهْدِ لِلصَّيْدِ وَالْفِيلِ لِلْقِتَالِ (وَلَا) بَيْعُ (حَبَّتَيْ الْحِنْطَةِ وَنَحْوِهَا) لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ مَالًا وَإِنْ عُدَّ بِضَمِّهِ إلَى غَيْرِهِ. (وَآلَةِ اللَّهْوِ) كَالطُّنْبُورِ وَالْمِزْمَارِ إذْ لَا نَفْعَ بِهَا شَرْعًا (وَقِيلَ: تَصِحُّ الْآلَةُ) أَيْ بَيْعُهَا.
(إنْ عُدَّ رُضَاضُهَا) بِضَمِّ الرَّاءِ أَيْ مُكَسَّرُهَا (مَالًا) لِأَنَّ فِيهَا نَفْعًا مُتَوَقَّعًا كَالْجَحْشِ الصَّغِيرِ وَرُدَّ بِأَنَّهَا عَلَى هَيْئَتِهَا لَا يُقْصَدُ مِنْهَا غَيْرُ الْمَعْصِيَةِ. (وَيَصِحُّ بَيْعُ الْمَاءِ عَلَى الشَّطِّ) أَيْ جَانِبِ النَّهْرِ (وَالتُّرَابِ وَالصَّحْرَاءِ) مِمَّنْ حَازَهُمَا. (فِي الْأَصَحِّ) لِظُهُورِ الْمَنْفَعَةِ فِيهِمَا، وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ مَا قَالَهُ الثَّانِي مِنْ إمْكَانِ تَحْصِيلِ مِثْلِهِمَا بِلَا تَعَبٍ وَلَا مُؤْنَةٍ.
(الثَّالِثُ)
ــ
[حاشية قليوبي]
الْجَزْمِ بِالْمَنْعِ) نَظَرًا لِلنَّجَاسَةِ الْآنَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ إنْ كَانَ دُونَ قُلَّتَيْنِ وَإِلَّا فَيَصِحُّ بَيْعُهُ. كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُتَنَجِّسَ الْكَثِيرَ بِالتَّغَيُّرِ يَصِحُّ بَيْعُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (لَا يُمْكِنُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْخِلَافَ فِي عَدَمِ إمْكَانِ التَّطْهِيرِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ عَدَمُ صِحَّةِ الْبَيْعِ بِلَا خِلَافٍ الَّذِي هُوَ مُفَادُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: عَلَى الْأَصَحِّ لَكَانَ أَقْرَبَ إلَى الْمُرَادِ فَتَأَمَّلْ وَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (النَّفْعُ) أَيْ الشَّرْعِيُّ وَلَوْ مَآلًا كَجَحْشٍ صَغِيرٍ فَخَرَجَ بِهِ مَا لَا نَفْعَ فِيهِ كَحِمَارٍ زَمِنٍ وَمَا فِيهِ نَفْعٌ مُحَرَّمٍ كَمَا يَأْتِي. وَلَا يَخْفَى أَنَّ نَفْعَ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ، فَنَفْعُ الْعَلَقِ بِامْتِصَاصِ الدَّمِ، وَنَفْعُ الطَّاوُسِ بِالِاسْتِمْتَاعِ بِرُؤْيَةِ لَوْنِهِ، وَنَفْعُ الْعَنْدَلِيبِ بِاسْتِمَاعِ صَوْتِهِ، وَنَفْعُ الْعَبْدِ الزَّمِنِ بِعِتْقِهِ، وَنَفْعُ الْهِرَّةِ بِصَيْدِ الْفَأْرِ، وَالْقِرْدِ بِالتَّعْلِيمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
فَرْعٌ: لَا يَصِحُّ بَيْعُ دَارٍ بِلَا مَمَرٍّ وَإِنْ أَمْكَنَ إحْدَاثُ مَمَرٍّ لَهَا مِنْ نَحْوِ شَارِعٍ أَوْ مَمْلُوكٍ لِلْمُشْتَرِي لِعَدَمِ النَّفْعِ الشَّرْعِيِّ بِهَا حَالَ الْبَيْعِ، نَعَمْ إنْ كَانَتْ مَحْفُوفَةً بِمِلْكِ الْبَائِعِ صَحَّ. وَلِلْمُشْتَرِي الْمُرُورُ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ شَاءَ أَوْ مِنْ جِهَةٍ عَيَّنَهَا لَهُ الْبَائِعُ فَإِنْ مَنَعَهُ مِنْ الْمُرُورِ أَوْ ذَكَرَ لَهُ جِهَةً وَلَمْ يُعَيِّنْهَا لَمْ يَصِحَّ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْحَشَرَاتِ) أَيْ غَيْرِ الْمَأْكُولَةِ وَنَحْوِهَا كَمَا مَرَّ وَأَصْلُهَا صِغَارُ دَوَابِّ الْأَرْضِ وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَعَمُّ. قَوْلُهُ: (وَالنَّمْلِ) بِالْمِيمِ بِخِلَافِ النَّحْلِ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ فَبَيْعُهُ صَحِيحٌ بِشَرْطِهِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (وَالنَّمِرِ) أَيْ الْكَبِيرِ غَيْرِ الْمُعَلَّمِ وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ. قَوْلُهُ: (وَالسِّيَاسَةِ) هِيَ حُسْنُ السَّيْرِ فِي الرَّعِيَّةِ.
قَوْلُهُ: (وَالْفَهْدِ) أَيْ وَيَصِحُّ بَيْعُهُ وَلَوْ كَبِيرًا غَيْرَ مُعَلَّمٍ لِأَنَّهُ يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ بِخِلَافِ النَّمِرِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَآلَةِ اللَّهْوِ) أَيْ الْمُحَرَّمَةِ لَا نَحْوِ الشِّطْرَنْجِ وَمِثْلُهَا فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ الصُّوَرُ وَالصُّلْبَانُ وَلَوْ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ بِفِضَّةٍ أَوْ حَلْوَى. لَكِنْ قَالَ شَيْخُنَا م ر بِصِحَّةِ بَيْعِ صُورَةِ الْحَلَاوَةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الرَّوَاجُ. وَقِيلَ بِصِحَّةِ بَيْعِ الْمَذْكُورَاتِ هُنَا مِنْ النَّقْدِ كَالْإِنَاءِ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي. وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْإِنَاءَ مِنْ جِنْسِ مَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ، وَقَدْ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ أَيْضًا عِنْدَ الْحَاجَةِ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ كُتُبِ الْعِلْمِ الْمُحَرَّمِ. قَوْلُهُ: (تَحْصِيلِ مِثْلِهِمَا) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ
ــ
[حاشية عميرة]
بِعَدَمِ قُرْبَانِهِ أَوْ بِإِرَاقَتِهِ مَانِعٌ مِنْ جَوَازِ بَيْعِهِ، كَذَا اسْتَدَلَّ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَنَظَرَ فِيهِ السُّبْكِيُّ، وَصَوَّبَ الْقِيَاسَ عَلَى مَنْعِ بَيْعِ جِلْدِ الْمَيْتَةِ مَعَ إمْكَانِ طُهْرِهِ بِالدَّبْغِ.
قَوْلُهُ: (فَمَا لَا نَفْعَ فِيهِ إلَخْ) عَلَّلَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ أَخْذَ الْمَالِ فِي مُقَابَلَتِهِ قَرِيبٌ مِنْ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء: ٢٩] ثُمَّ فَوَاتُ النَّفْعِ قَدْ يَكُونُ حِسًّا وَقَدْ يَكُونُ شَرْعًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْحَشَرَاتِ) أَيْ الَّتِي لَا نَفْعَ بِهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكُلِّ سَبْعٍ لَا يَنْفَعُ) السَّبْعُ هُوَ الْحَيَوَانُ الْمُفْتَرِسُ، وَقَوْلُهُ: لَا يَنْفَعُ، أَيْ مِثْلُ أَنْ لَا يُؤْكَلَ، وَلِإِيصَالٍ وَلَا يُقَاتَلُ عَلَيْهِ وَلَا يَتَعَلَّمُ وَلَا يَصْلُحُ لِلْحَمْلِ. قَوْلُهُ: (وَمَا فِي اقْتِنَاءِ الْمُلُوكِ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ، بَلْ يَحْرُمُ اقْتِنَاؤُهَا. قَوْلُهُ: (وَالْفَهْدِ لِلصَّيْدِ) مِثْلُهُ الْهِرَّةُ لِصَيْدِ الْفَأْرِ. قَوْلُهُ: (وَنَحْوِهَا) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِلْحِنْطَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَآلَةِ اللَّهْوِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: الْوَجْهَانِ فِيهِمَا يَجْرِيَانِ فِي الْأَصْنَامِ وَالصُّوَرِ. اهـ. ثُمَّ الْحُكْمُ ثَابِتٌ وَلَوْ كَانَتْ مِنْ جَوَاهِرَ نَفِيسَةٍ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ مِنْ الصُّوَرِ مَا يُجْعَلُ مِنْ الْحَلْوَى بِمِصْرٍ عَلَى صُوَرِ الْحَيَوَانِ، وَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى بِبَيْعِ ذَلِكَ وَهُوَ بَاطِلٌ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَكُتُبُ الْكُفْرِ وَالسِّحْرِ وَالْفَلْسَفَةِ يَحْرُمُ بَيْعُهَا وَيَجِبُ إتْلَافُهَا. قَوْلُهُ: (وَالْمِزْمَارِ) وَلَوْ مِنْ ذَهَبٍ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ