مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (إمْكَانُ تَسْلِيمِهِ) بِأَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ لِيُوثَقَ بِحُصُولِ الْعِوَضِ. (فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الضَّالِّ وَالْآبِقِ وَالْمَغْصُوبِ) لِلْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِهَا فِي الْحَالِّ (فَإِنْ بَاعَهُ) أَيْ الْمَغْصُوبَ (لِقَادِرٍ عَلَى انْتِزَاعِهِ) دُونَهُ (صَحَّ عَلَى الصَّحِيحِ) نَظَرًا إلَى وُصُولِ الْمُشْتَرِي إلَى الْمَبِيعِ، وَالثَّانِي يَنْظُرُ إلَى عَجْزِ الْبَائِعِ بِنَفْسِهِ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى انْتِزَاعِهِ صَحَّ بَيْعُهُ قَطْعًا، وَلَوْ بَاعَهُ مِنْ الْغَاصِبِ صَحَّ قَطْعًا، وَلَوْ بَاعَ الْآبِقَ مِمَّنْ يَسْهُلُ عَلَيْهِ رَدُّهُ فَفِيهِ الْوَجْهَانِ فِي الْمَغْصُوبِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الضَّالِّ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ: وَلَا يَقَعُ إلَّا عَلَى الْحَيَوَانِ إنْسَانًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ. (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ نِصْفِ) مَثَلًا (مُعَيَّنٍ مِنْ الْإِنَاءِ وَالسَّيْفِ وَنَحْوِهِمَا) كَثَوْبٍ نَفِيسٍ تَنْقُصُ بِقَطْعِهِ قِيمَتُهُ لِلْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِ ذَلِكَ شَرْعًا لِأَنَّ التَّسْلِيمَ فِيهِ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِالْكَسْرِ أَوْ الْقَطْعِ، وَفِيهِ نَقْصٌ وَتَضْيِيعٌ لِلْمَالِ. (وَيَصِحُّ فِي الثَّوْبِ الَّذِي لَا يَنْقُصُ بِقَطْعِهِ) كَغَلِيظِ الْكِرْيَاسِ. (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي قَالَ قَطْعُهُ لَا يَخْلُو عَنْ تَغْيِيرٍ لِعَيْنِ الْمَبِيعِ، وَقِيلَ يَصِحُّ فِي النَّفِيسِ لِرِضَا الْبَائِعِ بِالضَّرَرِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَالْقِيَاسُ طَرْدُهُ فِي السَّيْفِ وَالْإِنَاءِ. وَمِمَّا يَصْدُقُ بِهِ النِّصْفُ أَوْ مَحَوْهُ مِنْ الثَّوْبِ أَنْ يَكُونَ ذِرَاعًا، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَطَرِيقُ مَنْ أَرَادَ شِرَاءَ ذِرَاعٍ مِنْ ثَوْبٍ حَيْثُ قُلْنَا لَا يَصِحُّ
ــ
[حاشية قليوبي]
بَرَدَ الْمَاءُ أَوْ غُرْبِلَ التُّرَابُ مَثَلًا صَحَّ بَيْعُهُ قَطْعًا.
قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَقْدِرَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِإِمْكَانِ الْقُدْرَةِ وُجُودُهَا بِالْفِعْلِ حِسًّا وَشَرْعًا لَا حَقِيقَتَهُ. قَوْلُهُ: (وَالْآبِقِ) وَإِنْ عَرَفَ مَحَلَّهُ أَوْ أَرَادَ عِتْقَهُ نَظَرًا لِحَيْلُولَةِ الْمَنْفَعَةِ فِيهِ نَعَمْ يَصِحُّ بَيْعُهُ لِمَنْ يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهِ بِلَا مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً وَبِلَا مُؤْنَةٍ لَهَا وَقْعٌ، وَمِثْلُهَا الضَّالُّ وَالْمَغْصُوبُ. وَكَذَا بَيْعُ نَحْوَ سَمَكٍ فِي بِرْكَةٍ وَطَيْرٍ فِي بُرْجٍ بِشَرْطِهِمَا وَنَحْلٍ فِي كِوَارَتِهِ إنْ رَآهُ قَبْلَ دُخُولِهَا وَإِلَّا فَلَا. وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ وَإِنْ اعْتَادَ الْعَوْدَ، وَلَا نَحْلٍ خَارِجَ الْكِوَارَةِ وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُ فِيهَا وَاعْتَادَ الرُّجُوعَ إلَيْهَا.
وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا الصِّحَّةُ فِيهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ لِلْجَوَارِحِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الطُّيُورِ وَذَكَرَ الْخَطِيبُ مِثْلَهُ. قَوْلُهُ: (لِقَادِرٍ) وَإِنْ جَهِلَ الْغَصْبَ وَلَهُ الْخِيَارُ حِينَئِذٍ. وَكَذَا لَوْ طَرَأَ الْعَجْزُ وَيَصْدُقُ بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ قُدْرَتِهِ وَفِي طُرُوُّ عَجْزِهِ. قَوْلُهُ: (مِمَّنْ يَسْهُلُ إلَخْ) فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ صَحَّ قَطْعًا وَلَمْ يَجْعَلْ الشَّارِحُ هَذَا دَاخِلًا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَظَرًا لِلنِّزَاعِ وَالْخِلَافِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَقَعُ) أَيْ الضَّالُّ إلَّا عَلَى الْحَيَوَانِ. وَكَذَا لَا يَقَعُ الْآبِقُ إلَّا عَلَى الْآدَمِيِّ. وَقِيلَ: إنْ كَانَ مِنْ خَوْفٍ أَوْ تَعَبٍ يُقَالُ لَهُ هَارِبٌ.
تَنْبِيهٌ: عِتْقُ الْمَذْكُورِينَ صَحِيحٌ مِنْ الْمَالِكِ وَلَوْ عَنْ الْكَفَّارَةِ أَوْ بِبَيْعٍ ضِمْنِيٍّ أَوْ بِنَفْسِ الْعَقْدِ كَمَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ إذْ لَا يُعْتَبَرُ التَّسَلُّمُ فِي ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْإِنَاءِ) نَعَمْ إنْ كَانَ مِنْ النَّقْدِ صَحَّ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِزَوَالِ هَيْئَتِهِ مَعَ إمْكَانِ الِانْتِفَاعِ بِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (كَثَوْبٍ نَفِيسٍ) وَفَصٍّ مِنْ خَاتَمٍ وَجِذْعٍ فِي بِنَاءٍ. قَوْلُهُ: (وَفِيهِ نَقْصٌ) أَيْ لَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ بِخِلَافِ نَحْوِ فَرْدَةِ خُفٍّ. قَوْلُهُ: (فَيَصِحُّ بِلَا خِلَافٍ) لِغَرَضِ الرِّبْحِ، وَالْقَطْعُ غَيْرُ مُلْجِئٍ إلَيْهِ وَإِنْ جَازَ لِلطَّالِبِ الْإِعْرَاضُ عَنْ الشِّرَاءِ بَعْدَ الْقَطْعِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْأَوْلَى شِرَاؤُهُ شَائِعًا ثُمَّ قَطْعُهُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ شَرِيكًا وَيُجْبَرُ عَلَى الْقَطْعِ عِنْدَ طَلَبِهِ لِعَدَمِ التَّعَنُّتِ. قَوْلُهُ: (لِعَيْنِ الْمَبِيعِ) لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا
ــ
[حاشية عميرة]
إلَخْ) بَحَثَ بَعْضُهُمْ تَخْصِيصَ الْخِلَافِ بِمَا إذَا لَمْ يَتَمَيَّزْ لِلْبَيْعِ بِوَصْفٍ زَائِدٍ كَبُرُودَةِ الْمَاءِ وَنُعُومَةِ التُّرَابِ، وَإِلَّا فَيَصِحُّ بِلَا خِلَافٍ.
قُلْت وَبِالنَّظَرِ فِي تَوْجِيهِ الثَّانِي يُعْلَمُ أَنَّ هَذَا خُرُوجٌ عَنْ الْمَسْأَلَةِ. قَوْلُهُ: (مِنْ إمْكَانِ إلَخْ) أَيْ فَيَكُونُ بَذْلُ الْمَالِ وَالْحَالُ مَا ذَكَرَ سَفَهًا.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْآبِقِ) لَا يُشْكِلُ بِصِحَّةِ بَيْعِ الْعَبْدِ الزَّمِنِ لِأَنَّ هُنَا مَنْفَعَةٌ حِيلَ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَبَيْنَهَا بِخِلَافِ الزَّمِنِ.
فَائِدَةٌ: يُقَالُ: أَبَقَ يَأْبِقُ، عَلَى وَزْنِ ضَرَبَ يَضْرِبُ وَعَلِمَ يَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (فِي الْحَالِ) هَذَا يُفِيدُك أَنَّ الْمُضِرَّ الْعَجْزُ فِي الْحَالِ، وَلَوْ أَمْكَنَ الْوُصُولُ إلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَسَوَاءٌ عَرَفَ مَكَانَ الْآبِقِ وَالضَّالِّ أَمْ لَا وَالْحَاصِلُ أَنْ يَكُونَ عَاجِزًا بِحَيْثُ لَوْ شُرِعَ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَنْظُرُ إلَى عَجْزِ الْبَائِعِ) لِأَنَّ التَّسْلِيمَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَنَحْوِهِمَا) مَعًا أُلْحِقَ بِذَلِكَ بَيْعُ الْفَصِّ فِي الْخَاتَمِ وَالْجِذْعِ فِي الْبِنَاءِ، نَعَمْ اسْتَشْكَلَ الرَّافِعِيُّ عَلَى ذَلِكَ صِحَّةَ بَيْعِ بَعْضِ الْجِدَارِ وَالْأُسْطُوَانَةِ إذَا كَانَا مِنْ آجُرٍّ أَوْ لَبِنٍ، وَجَعَلَ مَحَلَّ الْقَطْعِ نِهَايَةَ صَفٍّ لَا بَعْضَ سُمْكِ اللَّبِنِ أَوْ الْآجُرِّ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ: يَصِحُّ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: هَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ دَلِيلًا وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ فِي الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ وَالْحَاجَةُ مَاسَّةٌ إلَيْهِ، وَهُوَ نَوْعُ اسْتِرْبَاحٍ