تَقَدَّمَ، وَلَا يَضُرُّ تَعَلُّقُ الْقِصَاصِ بِعُضْوِهِ جَزْمًا كَمَا ذَكَرَ فِي بَابِ الْخِيَارِ، فَيَثْبُتُ بِهِ الرَّدُّ كَمَا سَيَأْتِي فِيهِ.
(الرَّابِعُ) مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (الْمِلْكُ) فِيهِ (لِمَنْ لَهُ الْعَقْدُ) الْوَاقِعُ وَهُوَ الْعَاقِدُ أَوْ مُوَكِّلُهُ أَوْ مُوَلِّيهِ، أَيْ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا لِأَحَدِ الثَّلَاثَةِ. (فَبَيْعُ الْفُضُولِيِّ بَاطِلٌ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ وَلَا وَكِيلٍ وَلَا وَلِيٍّ. (وَفِي الْقَدِيمِ) هُوَ (مَوْقُوفٌ إنْ أَجَازَ مَالِكُهُ) أَوْ وَلِيُّهُ (نَفَذَ) بِالْمُعْجَمَةِ (وَإِلَّا فَلَا) يَنْفُذُ وَيَجْرِي الْقَوْلَانِ فِيمَا لَوْ اشْتَرَى لِغَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ بِعَيْنِ مَالِهِ أَوْ فِي ذِمَّتِهِ، وَفِيمَا لَوْ زَوَّجَ أَمَةَ غَيْرِهِ أَوْ بِنْتَه، أَوْ طَلَّقَ مَنْكُوحَتَهُ أَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ، أَوْ آجَرَ دَابَّتَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ. (وَلَوْ بَاعَ مَالَ مُوَرِّثِهِ ظَانًّا حِيلَتَهُ وَكَانَ مَيْتًا) بِسُكُونِ الْيَاءِ.
(صَحَّ فِي الْأَظْهَرِ) تَبَيَّنَ أَنَّهُ مِلْكُهُ، وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِظَنِّهِ أَنَّهُ لَيْسَ مِلْكَهُ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِيمَنْ زَوَّجَ أَمَةَ مُوَرِّثِهِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ حَيٌّ فَبَانَ مَيِّتًا هَلْ يَصِحُّ النِّكَاحُ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَالْأَصَحُّ صِحَّتُهُ.
(الْخَامِسُ) مِنْ شُرُوطِ الْبَيْعِ (الْعِلْمُ بِهِ) عَيْنًا وَقَدْرًا وَصِفَةً عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ حَذَرًا مِنْ الْغَرَرِ، لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ» . (فَبَيْعُ
ــ
[حاشية قليوبي]
لِمَنْ تَأَمَّلَهُ. قَوْلُهُ: (فَبَيْعُ الْفُضُولِيِّ) وَكَذَا سَائِرُ تَصَرُّفَاتِهِ وَلَوْ حِلًّا كَعِتْقٍ كَمَا سَيُشِيرُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (مَالِكُهُ) أَيْ الْأَهْلُ عِنْدَ الْعَقْدِ لَا نَحْوُ صَبِيٍّ وَإِنْ بَلَغَ وَقْتَ الْإِجَازَةِ.
فَرْعٌ: يَصِحُّ أَنْ يَبِيعَ الْحَرْبِيُّ أَخَاهُ وَمُسْتَوْلَدَتَهُ وَوَلَدَ غَيْرِهِ لِمِلْكِهِ لَهُ بِالِاسْتِيلَاءِ لَا وَلَدَ نَفْسِهِ لِعِتْقِهِ عَلَيْهِ بِمِلْكِهِ. قَوْلُهُ: (بِالْمُعْجَمَةِ) مِنْ بَابِ نَصَرَ وَبِالْمُهْمَلَةِ مِنْ بَابِ عَلِمَ وَمَعْنَاهُ فَرَغَ. قَوْلُهُ: (بِنْتَه) أَيْ الْغَيْرِ، وَكَذَا مَا بَعْدَهُ لِقَوْلِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ بِنْتَ نَفْسِهِ بِأَنْ أَذِنَتْ لَهُ وَهِيَ خَلِيَّةٌ وَلَمْ يَعْلَمْ، وَزَوْجَةَ نَفْسِهِ بِأَنْ زَوَّجَهَا لَهُ وَكِيلُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ. قَوْلُهُ: (مُوَرِّثِهِ) أَيْ مَثَلًا فَمَالُ غَيْرِهِ كَذَلِكَ وَيَصِحُّ عَكْسُهُ قَطْعًا كَأَنْ ظَنَّ فِي مَالِهِ أَنَّهُ لِغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (ظَانًّا حَيَاتَهُ) أَيْ مُتَرَدِّدًا فِيهَا فَإِنْ ظَنَّ مَوْتَهُ صَحَّ قَطْعًا وَلَا يَصِيرُ التَّعْلِيقُ مَعَ الْعِلْمِ بِالْمَوْتِ كَمَا مَرَّ. كَأَنْ يَقُولَ: إنْ كَانَ مُوَرِّثِي مَاتَ أَوْ إنْ كَانَ مِلْكِي. قَوْلُهُ: (بِسُكُونِ الْيَاءِ) أَيْ عَلَى الْأَفْصَحِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ صِحَّتُهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا وَغَيْرِهِ قَالُوا: وَفَارَقَ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ تَزَوَّجَ بِخُنْثَى فَبَانَ أُنْثَى أَوْ بِمَنْ شَكَّ فِي حِلِّهَا فَبَانَتْ حَلَالًا بِأَنَّ الشَّكَّ فِي الْوِلَايَةِ أَخَفُّ مِنْهُ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ.
تَنْبِيهٌ: قَالَ شَيْخُنَا: يَحْرُمُ الْإِقْدَامُ عَلَى الْعَقْدِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا وَهُوَ صَغِيرَةٌ لَا يَفْسُقُ بِهِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَفِيهِ نَظَرٌ مَعَ مَا مَرَّ عَنْهُ فِي بَيْعِ الْمُعَاطَاةِ أَنَّهُ كَبِيرَةٌ. وَقَدْ يُفَرَّقُ بِصِحَّتِهِ هُنَا.
قَوْلُهُ: (الْخَامِسُ الْعِلْمُ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلظَّنِّ. قَوْلُهُ: (عَيْنًا) أَيْ فِي الْمُشَاهَدِ الَّذِي لَمْ يَخْتَلِطْ بِغَيْرِهِ، وَقَدْرًا وَصِفَةً فِي غَيْرِهِ، نَعَمْ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُخْتَلِطِ كَالْقَمْحِ بِالشَّعِيرِ وَلَوْ بِالدَّرَاهِمِ، وَسَيَأْتِي فِي
ــ
[حاشية عميرة]
مُوَلِّيهِ) وَمِثْلُ ذَلِكَ الظَّافِرُ بِغَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ وَالْمُلْتَقِطُ قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَبَيْعُ الْفُضُولِيِّ إلَخْ) كَلَامُهُ يُوهِمُ أَنَّ الشِّرَاءَ لَا يَجْرِي فِيهِ قَوْلُ الْوَقْفِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - خِلَافُ مَذْهَبِنَا، كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ، وَقَوْلُهُ: مَوْقُوفٌ يَعْنِي الْمِلْكَ وَأَمَّا الصِّحَّةُ فَنَاجِزَةٌ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي الْقَدِيمِ إلَخْ) احْتَجَّ لِذَلِكَ بِمَا رَوَى شَبِيبُ بْنُ غَرْقَدَةَ التَّابِعِيُّ عَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ حَدِيثَ تَوَكُّلِهِ فِي شِرَاءِ شَاةٍ، «فَاشْتَرَى شَاتَيْنِ، ثُمَّ بَاعَ إحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، وَأَحْضَرَ الْأُخْرَى مَعَ الدِّينَارِ فَدَعَا لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» ، وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ شَبِيبٌ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَيُّ عَنْ عُرْوَةَ فَذَكَرَهُ. قِيلَ لِجَهَالَةِ الْحَيِّ لَمْ يَحْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ فِي هَذَا وَلَكِنَّهُ احْتَجَّ بِهِ فِي أَنَّ مَنْ وُكِّلَ فِي شِرَاءِ شَاةٍ بِدِينَارٍ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ شَاتَيْنِ لِأَنَّ الْمُرْسَلَ يُحْتَجُّ بِهِ إذَا وَافَقَ الْقِيَاسَ وَبَيْعُ الْفُضُولِيِّ مُخَالِفٌ الْقِيَاسَ، وَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ التَّعْبِيرُ بِالْأَظْهَرِ لِأَنَّ الْقَوْلَ الثَّانِيَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي الْجَدِيدِ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَهُوَ قَوِيٌّ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَقَدْ عَلَّقَ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ الْقَوْلَ بِهِ عَلَى صِحَّةِ الْحَدِيثِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَالْمُعْتَبَرُ إجَازَةُ مَنْ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ عِنْدَ الْعَقْدِ حَتَّى لَوْ بَلَغَ الْمَالِكُ بَعْدَ الْبَيْعِ ثُمَّ أَجَازَ لَا يَنْفُذُ. قَوْلُهُ: (أَوْ وَلِيُّهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمَتْنِ مَالِكُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (نَفَذَ) مِنْهُ تَنْفِيذُ الْقَاضِي وَمُضَارِعُهُ مَضْمُومٌ بِخِلَافِ نَفِدَ الْمُهْمَلُ وَمُضَارِعُهُ مَفْتُوحٌ وَمَعْنَاهُ الْفَرَاغُ. قَوْلُهُ: (بِعَيْنِ مَالِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ فِي ذِمَّتِهِ) الضَّمِيرُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (أَعْتَقَ عَبْدَهُ) ضَبَطَ الْإِمَامُ ذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ يَقْبَلُ النِّيَابَةَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (صَحَّ فِي الْأَظْهَرِ) لِصُدُورِهِ مِنْ الْمَالِكِ كَذَا عَبَّرَ الرَّافِعِيُّ ثُمَّ الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي يَتَبَيَّنُ عَلَى ثُبُوتِهِ مِنْ حَيْثُ الْعَقْدُ بِخِلَافِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ. قَوْلُهُ: (وَيَجْرِي الْخِلَافُ) هُوَ جَارٍ أَيْضًا فِيمَا لَوْ بَاعَ الْعَبْدَ عَلَى ظَنِّ بَقَاءِ الْإِبَاقِ وَالْكِتَابَةِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ الرُّجُوعَ وَالْفَسْخَ. وَلَوْ ظَنَّ شَيْئًا لِغَيْرِهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ