للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدِ الثَّوْبَيْنِ) أَوْ الْبُعْدَيْنِ مَثَلًا (بَاطِلٌ) وَإِنْ تَسَاوَتْ قِيمَتُهُمَا لِلْجَهْلِ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ (وَيَصِحُّ بَيْعُ صَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ تُعْلَمُ صِيعَانُهَا) لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ وَيَنْزِلُ عَلَى الْإِشَاعَةِ، فَإِذَا عَلِمَا أَنَّهَا عَشَرَةُ آصُعٍ فَالْمَبِيعُ عُشْرُهَا، فَلَوْ تَلِفَ بَعْضُهَا تَلِفَ بِقَدْرِهِ مِنْ الْمَبِيعِ، وَقِيلَ الْمَبِيعُ صَاعٌ مِنْهَا، أَيَّ صَاعٍ كَانَ، فَيَبْقَى الْمَبِيعُ مَا بَقِيَ صَاعٌ. (وَكَذَا إنْ جُهِلَتْ) صِيعَانُهَا لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ يَصِحُّ الْبَيْعُ (فِي الْأَصَحِّ) الْمَنْصُوصُ وَالْمَبِيعُ صَاعٌ مِنْهَا، أَيَّ صَاعٍ كَانَ وَلِلْبَائِعِ تَسْلِيمُهُ مِنْ أَسْفَلِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَرْئِيًّا لِأَنَّ رُؤْيَةَ ظَاهِرِ الصُّبْرَةِ كَرُؤْيَةِ كُلِّهَا، وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ كَمَا لَوْ فَرَّقَ صِيعَانَهَا، وَقَالَ بِعْتُك صَاعًا مِنْهَا، وَلَوْ بَاعَهُ ذِرَاعًا مِنْ أَرْضٍ أَوْ دَارٍ أَوْ ثَوْبٍ وَهُمَا يَعْلَمَانِ ذُرْعَانَ ذَلِكَ كَعَشَرَةٍ صَحَّ وَكَأَنَّهُ بَاعَهُ الْعَشَرَ، وَإِنْ جَهِلَ أَحَدُهُمَا الذُّرْعَانَ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ خِلَافَ مَا تَقَدَّمَ فِي الصُّبْرَةِ الْمَجْهُولَةِ لِأَنَّ أَجْزَاءَهَا لَا تَتَفَاوَتُ بِخِلَافِ أَجْزَاءِ مَا ذَكَرَ. (وَلَوْ بَاعَ بِمِلْءِ ذَا الْبَيْتِ حِنْطَةً أَوْ بِزِنَةِ هَذِهِ الْحَصَاةِ ذَهَبًا أَوْ بِمَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ) أَيْ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَأَحَدُهُمَا لَا يَعْلَمُهُ (أَوْ بِأَلْفِ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ لَمْ يَصِحَّ) الْبَيْعُ

ــ

[حاشية قليوبي]

الرِّبَا أَنَّ اللَّحْمَ مَعَ عَظْمِهِ وَالطَّحِينَةَ وَالْقِشْدَةَ وَالزُّبْدَ وَالْعَجْوَةَ الْمَعْجُونَةَ بِنَوَاهَا وَالْعَسَلَ بِشَمْعِهِ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بَاطِلٌ) أَيْ وَإِنْ نَوَيَا وَاحِدًا مِنْهُمَا وَاتَّفَقَتْ نِيَّتُهُمَا لِوُجُوبِ ذِكْرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ هُنَا. وَبِذَلِكَ فَارَقَ الِاكْتِفَاءَ بِنِيَّةِ الْمَنْكُوحَةِ، نَعَمْ قَدْ يُغْتَفَرُ الْجَهْلُ فِي صُوَرٍ لِضَرُورَةٍ أَوْ سَمَاحَةٍ كَبَيْعِ حِصَّتِهِ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ أَوْ رِزْقِهِ مِنْ الْجَيْشِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَكَبَيْعِ دَارٍ لَهُ فِيهَا حِصَّةٌ لَا يَعْلَمُ قَدْرَهَا فَيَصِحُّ فِي حِصَّتِهِ مِنْهَا. وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ بَعْضِ الدَّارِ مُطْلَقًا نَعَمْ إنْ تَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ الْبَعْضَ قَدْرُ حِصَّتِهِ مِنْهَا فِي الْوَاقِعِ فَيَتَّجِهُ الصِّحَّةُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (مِنْ الْغَرَرِ) هُوَ مَا انْطَوَتْ عَنَّا عَاقِبَتُهُ أَوْ مَا تَرَدَّدَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ أَغْلَبُهُمَا أَخْوَفُهُمَا. قَوْلُهُ: (مِنْ صُبْرَةٍ) أَيْ مُشَاهَدَةٍ مِمَّا تَتَسَاوَى أَجْزَاؤُهُ وَيَدُلُّ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ وَهَذِهِ مِنْ أَفْرَادِ مَا سَيَأْتِي فِي الِاكْتِفَاءِ بِرُؤْيَةِ بَعْضِ الْمَبِيعِ، وَذِكْرُهَا هُنَا لِإِفَادَةِ أَنَّ الْإِشَاعَةَ لَا تُنَافِي الْعِلْمَ. أُفِيدَ مِنْ ذِكْرِهَا بَعْدَهُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ. وَخَرَجَ بِمَا ذَكَرَهُ صُبْرَةُ نَحْوِ اللَّيْمُونِ وَالرُّمَّانِ وَالْبِطِّيخِ كَرُمَّانَةٍ مِنْهَا بِكَذَا فَلَا يَصِحُّ، وَخَرَجَ غَيْرُ الصُّبْرَةِ كَشَاةٍ بِكَذَا مِنْ الْأَغْنَامِ وَالْأَذْرُعِ بِكَذَا مِنْ الثَّوْبِ مَثَلًا فَلَا يَصِحُّ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَيَنْزِلُ عَلَى الْإِشَاعَةِ) فَإِنْ قَصَدَا مُعَيَّنًا مُبْهَمًا فَسَدَ الْعَقْدُ. وَكَذَا لَوْ قَالَ: بِعْتُك صَاعًا مِنْ أَسْفَلِهَا أَوْ بِعْتُكهَا إلَّا صَاعًا مِنْهَا أَوْ بِعْتُك نِصْفَهَا إلَّا صَاعًا مِنْهُ فَيَفْسُدُ الْعَقْدُ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ: بِعْتُك نِصْفَهَا وَصَاعًا مِنْ نِصْفِهَا الْآخَرِ، أَوْ: بِعْتُك نِصْفَهَا كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ وَنِصْفَهَا الْآخَرَ كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمَيْنِ، فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ. قَوْلُهُ: (تَلِفَ بِقَدْرِهِ) أَيْ بِقَدْرِ مَا يَخُصُّهُ مِنْ التَّالِفِ وَهُوَ عُشْرُ الصَّاعِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ. قَوْلُهُ: (الْمَنْصُوصُ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى التَّعْبِيرِ فَالْأَصَحُّ. قَوْلُهُ: (أَيَّ صَاعٍ كَانَ) فَالْإِشَاعَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ لَا مَعَهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلِلْبَائِعِ تَسْلِيمُهُ مِنْ أَسْفَلِهَا) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ ذَلِكَ فِي الْمَجْهُولَةِ وَمِثْلُهَا الْمَعْلُومَةُ، وَيُمْكِنُ شُمُولُ كَلَامِهِ لَهَا وَإِنْ خُصَّتْ الْمَجْهُولَةُ بِقَوْلِهِ لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْهَا غَيْرُ صَاعٍ تَعَيَّنَ. وَكَذَا لَوْ صُبَّ عَلَيْهَا غَيْرُهَا وَلَوْ لَمْ يَبْقَ غَيْرُهُ قَالَهُ شَيْخُنَا. وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ الصَّاعَ مِنْ الْمَصْبُوبَةِ.

قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ فَرَّقَ إلَخْ) وَرَدَ بِأَنَّهُ بَعْدَ التَّفْرِيقِ صَارَ مِنْ بَيْعِ الْمَجْهُولِ. قَوْلُهُ: (وَبِخِلَافِ أَجْزَاءِ مَا ذَكَرَ) فَإِنَّ شَأْنَهَا التَّفَاوُتُ مَعَ عَدَمِ الْإِشَاعَةِ فِيهَا أَيْضًا.

تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِنْ لَفْظِ " مِنْ " أَنَّ الصُّبْرَةَ أَكْثَرُ مِنْ الصَّاعِ فَإِنْ لَمْ تَزِدْ عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ. قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: إلَّا إنْ قَصَدَ بِمِنْ الِابْتِدَاءَ وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (حِنْطَةً) أَيْ غَيْرَ مُشَارٍ إلَيْهَا إلَّا كَهَذِهِ الْحِنْطَةِ فَيَصِحُّ لِقِلَّةِ الْغَرَرِ مَعَ إمْكَانِ الِاسْتِيفَاءِ حَالًا، وَمِثْلُهُ مِنْ ذَا الذَّهَبِ. قَوْلُهُ: (بِمِثْلِ ذَلِكَ) أَيْ يَنْزِلُ عَلَى الْمِثْلِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ، نَعَمْ إنْ انْتَقَلَ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي تَعَيَّنَ عَيْنُهُ فَإِنْ صَرَّحَا

ــ

[حاشية عميرة]

لَهُ صَحَّ جَزْمًا وَالْفَرْقُ أَنَّ مَا سَلَف قَوِيُّ الْمَانِعِ بِالنَّظَرِ لِلْأَصْلِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ الْعَبْدَيْنِ) زَادَ الشَّارِحُ هَذَا وَفَاءً بِمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَإِشَارَةً إلَى أَنَّ فِي مَسْأَلَةِ الْعَبِيدِ قَوْلًا قَدِيمًا مُوَافِقًا لِمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ أَنَّهُ لَوْ زَادَ فِيهَا عَلَى أَنْ تَخْتَارَ مَا شِئْت فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَمَا دُونَهَا صَحَّ الْعَقْدُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ تَسَاوَتْ قِيمَتُهُمَا) وَإِنْ جَعَلَ الْخِيَرَةَ لِلْمُشْتَرِي. قَوْلُهُ: (لِلْجَهْلِ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ) لَا يُقَالُ أَيُّ غَرَرٍ فِي هَذَا عِنْدَ اسْتِوَاءِ الْقِيمَةِ لِأَنَّا نَقُولُ لَا بُدَّ لِلْعَقْدِ مِنْ مَوْرِدٍ يَتَأَثَّرُ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ الْغَرَرِ لِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ فَلَا يَكْفِي عِلْمُ أَحَدِهِمَا. قَوْلُهُ: (وَالْمَبِيعُ صَاعٌ إلَخْ) إذْ لَوْ حُمِلَ عَلَى الْإِشَاعَةِ فَسَدَ الْبَيْعُ. قَوْلُهُ.

(وَالثَّانِي إلَخْ) هَذَا اخْتَارَهُ الْقَفَّالُ وَكَانَ يُفْتِي بِالْأَوَّلِ وَيَقُولُ إنَّمَا يَسْتَفْتِي عَنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لَا عَمَّا عِنْدِي. قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ فَرَّقَ إلَخْ) اعْتَذَرَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ عَنْ هَذَا الْقِيَاسِ بِأَنَّ الصِّيعَانَ الْمُفَرَّقَةَ رُبَّمَا تَتَفَاوَتُ بِالْكَيْلِ فَيَخْتَلِفُ الْغَرَضُ، وَاعْلَمْ أَنَّ بَيْعَ أَحَدِ الثَّوْبَيْنِ وَنَحْوِهِمَا بَاطِلٌ كَمَا سَلَفَ وَعُلِّلَ بِأَمْرَيْنِ: وُجُودُ الْغَرَرِ وَكَوْنُ الْعَقْدِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مَحَلٍّ يَتَأَثَّرُ بِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَالْخِلَافُ فِي مَسْأَلَةِ الصُّبْرَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>