للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَجْنَاسُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ» أَيْ مُقَابَضَةً، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ الْحُلُولُ، فَإِذَا بِيعَ الطَّعَامُ بِغَيْرِهِ كَنَقْدٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ غَيْرُ الطَّعَامِ بِغَيْرِ الطَّعَامِ، وَلَيْسَا نَقْدَيْنِ كَحَيَوَانٍ بِحَيَوَانٍ لَمْ يُشْتَرَطْ شَيْءٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَالنَّقْدَانِ كَالطَّعَامَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي. (وَالطَّعَامُ مَا قُصِدَ لِلطُّعْمِ) بِضَمِّ الطَّاءِ مَصْدَرُ طَعِمَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ أَيْ أَكَلَ (اقْتِيَاتًا أَوْ تَفَكُّهًا أَوْ تَدَاوِيًا) وَهَذِهِ الْأَقْسَامُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْحَدِيثِ السَّابِقِ، فَإِنْ نَصَّ فِيهِ عَلَى الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَالْمَقْصُودُ مِنْهُمَا التَّقَوُّتُ فَأُلْحِقَ بِهِمَا مَا يُشَارِكُهُمَا فِي ذَلِكَ كَالْأُرْزِ وَالذُّرَةِ، وَعَلَى التَّمْرِ وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ التَّأَدُّمُ وَالتَّفَكُّهُ فَأُلْحِقَ بِهِ مَا يُشَارِكُهُ فِي ذَلِكَ كَالزَّبِيبِ وَالتِّينِ، وَعَلَى الْمِلْحِ وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ الْإِصْلَاحُ فَأُلْحِقَ بِهِ مَا يُشَارِكُهُ فِي ذَلِكَ كَالْمُصْطَكَى وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَدْوِيَةِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ قُصِدَ مَا لَا يُقْصَدُ تَنَاوُلُهُ مِمَّا يُؤْكَلُ كَالْجُلُودِ فَلَا رِبَا فِيهِ بِخِلَافِ مَا يُؤْكَلُ نَادِرًا كَالْبَلُّوطِ، وَقَوْلُهُ لِلطُّعْمِ إلَى آخِرِهِ ظَاهِرٌ فِي إرَادَةِ مَطْعُومِ الْآدَمِيِّينَ وَإِنْ شَارَكَهُمْ فِيهِ الْبَهَائِمُ قَلِيلًا أَوْ عَلَى السَّوَاءِ، فَخَرَجَ مَا اخْتَصَّ بِهِ الْجِنُّ كَالْعَظْمِ أَوْ الْبَهَائِمِ كَالْحَشِيشِ وَالتِّينِ أَوْ غَلَبَ تَنَاوُلُ الْبَهَائِمِ لَهُ فَلَا رِبَا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، قَوْلُهُ: تَفَكُّهًا يَشْمَلُ التَّأَدُّمَ وَالتَّحَلِّي، وَقَدْ ذَكَرَهُمَا فِي الْأَيْمَانِ فَقَالَ: وَالطَّعَامُ يَتَنَاوَلُ قُوتًا وَفَاكِهَةً وَأُدْمًا وَحَلْوَى، وَلَمْ يَذْكُرْ الدَّوَاءَ لِأَنَّ الطَّعَامَ لَا يَتَنَاوَلُهُ عُرْفًا، وَالْأَيْمَانُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ تَدَاوِيًا يَشْمَلُ التَّدَاوِي بِالْمَاءِ الْعَذْبِ، وَهُوَ رِبَوِيٌّ مَطْعُومٌ، قَالَ تَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} [البقرة: ٢٤٩]

(وَأَدِقَّةُ الْأُصُولِ الْمُخْتَلِفَةِ الْجِنْسُ وَخُلُولُهَا وَأَدْهَانُهَا أَجْنَاسٌ) كَأُصُولِهَا فَيَجُوزُ بَيْعُ دَقِيقِ الْحِنْطَةِ بِدَقِيقِ الشَّعِيرِ مُتَفَاضِلًا، وَخَلٍّ التَّمْرِ بِخَلِّ الْعِنَبِ كَذَلِكَ، وَدُهْنِ الْبَنَفْسَجِ بِدُهْنِ الْوَرْدِ كَذَلِكَ، وَاحْتَرَزَ بِالْمُخْتَلِفَةِ عَنْ الْمُتَّحِدَةِ كَأَدِقَّةِ أَنْوَاعِ الْحِنْطَةِ فَهِيَ

ــ

[حاشية قليوبي]

بَطَلَ خِيَارُهُمَا.

قَوْلُهُ: (مِثْلًا بِمِثْلٍ) هُمَا بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ بِمَعْنَى سَوَاءً بِسَوَاءٍ فَهُمَا حَالَانِ، وَالثَّانِي تَأْكِيدٌ. وَقِيلَ الثَّانِي لِدَفْعِ الْمِثْلِيَّةِ التَّقْرِيبِيَّةِ. وَقِيلَ: الْأَوَّلُ لِلْكَيْلِ وَالثَّانِي لِلْوَزْنِ. وَقِيلَ عَكْسُهُ. قَوْلُهُ: (فَإِذَا اخْتَلَفَتْ) أَيْ مَعَ اتِّحَادِ الْعِلَّةِ. قَوْلُهُ: (مُقَابَضَةً) أَيْ اسْتِحْقَاقًا وَفِعْلًا كَمَا مَرَّ. وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ غَالِبًا مُضِرٌّ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَالنَّقْدُ إنْ إلَخْ) غَرَضُهُ مِنْ هَذَا إتْمَامُ الدَّلِيلِ عَلَى مَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (مَا قُصِدَ) أَيْ مَا جَرَتْ عَادَةُ النَّاسِ بِتَحْصِيلِهِ لِأَكْلِ الْآدَمِيِّينَ بِشِرَاءٍ أَوْ زِرَاعَةٍ أَوْ ادِّخَارٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِضَمِّ الطَّاءِ) لِأَنَّهُ بِفَتْحِهَا بِمَعْنَى الذَّوْقِ، وَلَيْسَ مُرَادًا. قَوْلُهُ: (أَكَلَ) هُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْكَافِ فِعْلٌ مَاضٍ بِصِيغَةِ الْمَبْنِيِّ لِلْفَاعِلِ. قَوْلُهُ: (وَالتَّفَكُّهُ) مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ. قَوْلُهُ: (وَغَيْرِهَا) أَيْ مِنْ الْمَطْعُومَاتِ الرِّبَوِيَّةِ كَحُبُوبِ التُّرْمُسِ وَالْغَاسُولِ وَالْحُلْبَةِ وَالْخَرْدَلِ وَالْخَلَّةِ، وَكَالنُّطْرُونِ وَالطِّينِ الْأَرْمَنِيِّ وَاللِّبَانِ وَالصَّمْغِ وَالْكُزْبَرَةِ وَالْبَلُّوطِ وَالطُّرْثُوثِ، وَالطِّينِ الْمَخْتُومِ، وَلَا عِبْرَةَ بِمَنْ قَالَ بِنَجَاسَتِهِ وَلَا رِبَا فِي بَقِيَّةِ الْأَطْيَانِ وَكَالْخُبَّازَى وَأَطْرَافِ أَعْوَامِ الْكَرْمِ وَسَائِرِ الْبُقُولِ وَكَدُهْنِ الْخِرْوَعِ، وَدُهْنِ الْوَرْدِ وَسَائِرِ الْأَدْهَانِ نَعَمْ لَيْسَ مِنْ الرِّبَوِيِّ شَجَرُ الْخِرْوَعِ وَحَبُّهُ وَالْعُودُ وَالْمِسْكُ وَالْوَرْدُ وَمَاؤُهُ وَالْكَتَّانُ وَبِزْرُهُ وَدُهْنُهُ، وَدُهْنُ الْقُرْطُمِ وَكَسْبُهُ وَدُهْنُ السَّمَكِ. قَوْلُهُ: (كَالْجُلُودِ) أَيْ الْخَشِنَةِ وَإِلَّا فَرِبَوِيَّةٌ.

قَوْلُهُ: (قَلِيلًا) أَوْ لَمْ يَتَنَاوَلُوهُ أَصْلًا لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْقَصْدُ كَمَا مَرَّ. وَهَذَا فِي التَّنَاوُلِ. قَوْلُهُ: (مَا اخْتَصَّ بِهِ الْجِنُّ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْقَصْدِ فِي تَحْصِيلِهِ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ لَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَتَنَاوَلُوهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ غَلَبَ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْقَصْدُ مُطْلَقًا أَوْ مِنْ حَيْثُ التَّنَاوُلُ مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْقَصْدِ فَلَا اعْتِرَاضَ، فَإِنْ اسْتَوَيَا فِيهِ قَصْدًا وَتَنَاوُلًا فَرِبَوِيٌّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَكَلَامُ الْمَنْهَجِ هُنَا مُتَدَافِعٌ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا قُصِدَ بِهِ الْآدَمِيُّونَ فَقَطْ أَوْ غَالِبًا رِبَوِيٌّ مُطْلَقًا. وَمَا قُصِدَ بِهِ غَيْرُهُمْ فَقَطْ أَوْ غَالِبًا لَيْسَ رِبَوِيًّا مُطْلَقًا. وَمَا قُصِدَا بِهِ مَعًا سَوَاءٌ يُعْتَبَرُ فِيهِ غَلَبَةُ التَّنَاوُلِ فَإِنْ اسْتَوَيَا فَرِبَوِيٌّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (بِالْمَاءِ الْعَذْبِ) أَيْ عُرْفًا، كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَابْنِ حَجَرٍ أَوْ الْمُرَادُ غَيْرُ الْمِلْحِ.

قَوْلُهُ: (وَأَدِقَّةُ الْأُصُولِ) وَكَذَا بُيُوضُهَا وَصَفَارُ الْبِيضِ وَبَيَاضُهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ. قَوْلُهُ:

ــ

[حاشية عميرة]

وَعَدَّدَ مَا هُنَا إلَى أَنْ قَالَ «إلَّا سَوَاءً بِسَوَاءٍ عَيْنًا بِعَيْنٍ يَدًا بِيَدٍ» ، رَوَاهَا الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَفِي أُخْرَى «فَمَنْ زَادَ أَوْ اسْتَزَادَ فَقَدْ أَرْبَى» ، وَفِي رِوَايَةٍ «نَهَى عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ» عَلَّقَ النَّهْيَ بِالطَّعَامِ وَهُوَ اسْمٌ مُشْتَقٌّ فَيُفِيدُ أَنَّ الْعِلَّةَ مَأْخَذُ الِاشْتِقَاقِ وَهُوَ الطَّعْمُ كَتَعْلِيقِ الْقَطْعِ بِالسَّرِقَةِ وَالْجَلْدِ بِالزِّنَا فِي آيَتَيْهِمَا، وَجُعِلَ فِي الْقَدِيمِ مَعَ الطَّعْمِ التَّقْدِيرُ بِالْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ فَلَا يَجْرِي فِيمَا لَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ كَالسَّفَرْجَلِ وَالرُّمَّانِ وَالْبَيْضِ وَالْأُتْرُجِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَضَابِطُ نَحْوِ هَذِهِ الْأُمُورِ عَلَى الْجَدِيدِ الْوَزْنُ كَمَا سَيَأْتِي لِكَوْنِهِمَا أَكْبَرُ جُرْمًا مِنْ التَّمْرِ. قَوْلُهُ: (وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ الْحُلُولُ) قَالَ بَعْضُهُمْ: أَيْ بِحَسَبِ الْعَادَةِ.

وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لِأَنَّ الْأَجَلَ يُنَافِي اسْتِحْقَاقَ الْقَبْضِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ (مَا قُصِدَ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِالْغَلَبَةِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَيْ يَكُونُ الْقَصْدُ مِنْهُ غَالِبًا الطُّعْمُ، وَإِنْ كَانَ تَنَاوُلُهُ نَادِرًا كَالْبَلُّوطِ وَقَوْلُهُ لِلطَّعْمِ قِيلَ يُغْنِي عَنْهُ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (كَالْجُلُودِ) وَكَذَا أَطْرَافُ قُضْبَانِ الْعِنَبِ.

قَوْلُهُ: (كَأُصُولِهَا) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِأَنَّهَا فُرُوعٌ لَا أُصُولٌ، وَقَوْلُهُ مُخْتَلِفَةٌ فَأَجْرَى عَلَيْهَا حُكْمَ أُصُولِهَا. قَوْلُهُ: (وَدُهْنِ الْبَنَفْسَجِ بِدُهْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>