للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ يَبِيعَهُ شَيْئًا عَلَى أَنَّهُ مَتَى لَمَسَهُ لَزِمَ الْبَيْعُ وَانْقَطَعَ خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَغَيْرُهُ.

(وَالْمُنَابَذَةُ) بِالْمُعْجَمَةِ (بِأَنْ يَجْعَلَا النَّبْذَ بَيْعًا) اكْتِفَاءً بِهِ عَنْ الصِّيغَةِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: أَنْبِذُ إلَيْك ثَوْبِي بِعَشَرَةٍ، فَيَأْخُذَهُ الْآخَرُ أَوْ يَقُولُ: بِعْتُك هَذَا بِكَذَا عَلَى أَنِّي إذَا نَبَذْته إلَيْكَ لَزِمَ الْبَيْعُ وَانْقَطَعَ الْخِيَارُ وَالْبُطْلَانُ فِيهِمَا لِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ أَوْ عَدَمِ الصِّيغَةِ أَوْ لِلشَّرْطِ الْفَاسِدِ. «وَبَيْعُ الْحَصَاةِ» رَوَاهُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: بِعْتُك مِنْ هَذِهِ الْأَثْوَابِ مَا تَقَعُ هَذِهِ الْحَصَاةُ عَلَيْهِ أَوْ يَجْعَلَا الرَّمْيَ) لَهَا (بَيْعًا) اكْتِفَاءً بِهِ عَنْ الصِّيغَةِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: إذَا رَمَيْت هَذِهِ الْحَصَاةَ فَهَذَا الثَّوْبُ مَبِيعٌ مِنْك بِعَشَرَةٍ. (أَوْ) يَقُولُ (بِعْتُك وَلَك الْخِيَارُ إلَى رَمْيِهَا) وَالْبُطْلَانُ فِي ذَلِكَ لِلْجَهْلِ بِالْمَبِيعِ أَوْ بِزَمَنِ الْخِيَارِ أَوْ لِعَدَمِ الصِّيغَةِ (وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ (بِأَنْ يَقُولَ بِعْتُكَ) هَذَا (بِأَلْفٍ نَقْدًا أَوْ أَلْفَيْنِ إلَى سَنَةٍ) فَخُذْ بِأَيِّهِمَا شِئْت، أَوْ شِئْت أَنَا (أَوْ بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ تَبِيعَنِي دَارَكَ بِكَذَا) أَوْ تَشْتَرِيَ مِنِّي دَارِي بِكَذَا، وَالْبُطْلَانُ فِي ذَلِكَ لِلْجَهْلِ بِالْعِوَضِ فِي الْأَوَّلِ وَلِلشَّرْطِ الْفَاسِدِ فِي الثَّانِي كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ (وَعَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ) رَوَاهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي الْأَحْكَامِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِهَذَا الطَّرِيقِ: «لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ وَلَا شَرْطٌ وَبَيْعٌ» (كَبَيْعٍ بِشَرْطِ

ــ

[حاشية قليوبي]

الْمُضَارِعُ بِالْفَتْحِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَوْ يَبِيعَهُ) أَيْ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ وَالْفَسَادُ فِي هَذِهِ لِلشَّرْطِ الْفَاسِدِ كَمَا يَأْتِي.

قَوْلُهُ: (أَوْ يَقُولُ) هُوَ عَطْفٌ عَلَى يَجْعَلَا إذْ لَمْ يَذْكُرْهَا فِي الْمُنَابَذَةِ. وَقَدْ صَوَّرَهَا ابْنُ حَجَرٍ فِيهَا بِقَوْلِهِ أَنْ يَقُولَ: بِعْتُكَهُ بِشَرْطِ قِيَامِ نَبْذِهِ مَقَامَ رُؤْيَتِك.

قَوْلُهُ: (لِلشَّرْطِ الْفَاسِدِ) اعْتَرَضَ فَسَادُهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نَفْيِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ بَلْ قَطْعُهُ مُعَلَّقًا عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ غَيْرُ مُضِرٍّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ خِيَارَ الْمَجْلِسِ لَا يَقْطَعُهُ إلَّا التَّفَرُّقُ أَوْ اللَّفْظُ بِنَحْوِ اخْتَرْنَا لُزُومَهُ، وَهَذَا لَيْسَ وَاحِدًا مِنْهُمَا فَفَسَدَ لِعَدَمِ إفَادَتِهِ، أَوْ لِقَطْعِهِ خِيَارَ الْعَيْبِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: وَغَيْرُهُ وَهُوَ لَا يَنْقَطِعُ لِأَنَّ الرَّدَّ بِهِ عِنْدَ الْإِطْلَاعِ عَلَيْهِ أَوْ لِقَطْعِهِ خِيَارَ الشَّرْطِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: وَلَك الْخِيَارُ إلَى كَذَا، أَوْ لِقَطْعِهِ مُطْلَقَ الْخِيَارِ الشَّامِلَ لِجَمِيعِهَا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَحَرِّرْهُ. وَلَعَلَّ الْوَاوَ فِي غَيْرِهِ بِمَعْنَى أَوْ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا كَافٍ فِي الْبُطْلَانِ، إمَّا لِلتَّعْلِيقِ إنْ جُعِلَ اللَّمْسُ شَرْطًا وَإِلَّا فَلِلْعُدُولِ عَنْ الصِّيغَةِ الشَّرْطِيَّةِ. قَوْلُهُ: (فَيَقُولُ إلَخْ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ: يَجْعَلَا فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى بِعْتُك إذْ مَعْنَاهُ أَنْ يَقُولَا إلَخْ فَضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ صَحِيحٌ إنْ وَقَعَ اللَّفْظُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ حَيْثُ اتِّفَاقِهِمَا إنْ لَمْ يَقْبَلْ لَفْظًا وَلَا يُعْتَمَدُ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ لِلتَّعْلِيقِ أَوْ عَدَمِ الْقَبُولِ. قَوْلُهُ: (فَهَذَا الثَّوْبُ إلَخْ) اُسْتُفِيدَ مِنْ الْفَاءِ أَنَّهُ جَوَابُ الشَّرْطِ فَهُوَ مُرَتَّبٌ عَلَيْهِ فَلَوْ جَعَلَهُ ابْتِدَاءً صِيغَةً وَقَبِلَ الْآخَرُ فَلَا تَبْعُدُ الصِّحَّةُ. قَوْلُهُ: (أَوْ يَقُولُ بِعْتُك) أَشَارَ إلَى أَنَّ بِعْتُك عَطْفٌ عَلَى بِعْتُك الْأَوَّلِ وَجُمْلَةُ يَجْعَلَا إلَخْ فَاصِلَةٌ بَيْنَهُمَا وَهُوَ فَصْلٌ جَائِزٌ، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا عَمِلْت قَبْلَهُ فَالْوَجْهُ أَنْ يَكُونَ يَجْعَلَا عَطْفًا عَلَى يَقُولَ، وَأَنْ يَكُونَ بِعْتُك عَطْفًا عَلَى الرَّمْيِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لِلْجَهْلِ بِالْمَبِيعِ) أَيْ فِي الْأُولَى أَوْ بِزَمَنِ الْخِيَارِ فِي الثَّالِثَةِ، وَفِي تَقْدِيمِهَا عَلَى الثَّانِيَةِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ كَانَ الْمُنَاسِبُ لِلْمُصَنِّفِ ذَلِكَ أَوْ لِأَجْلِ الِاخْتِصَارِ بِإِسْقَاطِ لَفْظَةِ الْجَهْلِ.

قَوْلُهُ: (وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ) أَيْ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ فَلَا تَجُوزُ. قَوْلُهُ: (بِأَلْفَيْنِ) وَالْفَاءُ وَثُمَّ مِثْلُ أَوْ بِخِلَافِ الْوَاوِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ، وَيَكُونُ الثَّمَنُ ثَلَاثَةَ آلَافٍ مِنْهَا أَلْفَانِ مُؤَجَّلَةٌ. قَوْلُهُ: (وَلِلشَّرْطِ الْفَاسِدِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَفْرَادِ الْبَيْعَتَيْنِ فَلِمَ أَخَّرَهُ عَمَّا بَعْدَهُ لَكَانَ أَوْلَى، وَإِذَا وَقَعَ الْبَيْعُ الثَّانِي فَفِيهِ مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (سَلَفٌ وَبَيْعٌ)

ــ

[حاشية عميرة]

النَّبْذَ) هُوَ الطَّرْحُ وَالْإِلْقَاءُ قَالَ الرَّافِعِيُّ: اخْتِلَافُ الْمُعَاطَاةِ يَجْرِي هُنَا وَاعْتَرَضَهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ الْفِعْلَ هُنَا خَالٍ عَنْ قَرِينَةِ الْبَيْعِ، وَلَمْ تُعْلَمْ قَرِينَةُ الْبَيْعِ إلَّا مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ أَنْبِذُ إلَيْك ثَوْبِي بِخِلَافِ الْفِعْلِ فِي الْمُعَاطَاةِ فَإِنَّهُ كَالْمَوْضُوعِ عُرْفًا لِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (لِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَوْ صَحَّحْنَا بَيْعَ الْغَائِبِ لَا نَقُولُ بِهِ هُنَا فِي الْمُلَامَسَةِ لِأَنَّهُمَا شَرَطَا أَنْ يَقُومَ اللَّمْسُ مَقَامَ النَّظَرِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَتَخَرَّجُ الْبُطْلَانُ عَلَى خِلَافِ الصِّحَّةِ عِنْدَ نَفْيِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ فِي بَيْعِ الْغَائِبِ وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ فِيهِ الْبُطْلَانُ لِوُرُودِ النَّهْيِ هُنَا أَقُولُ، وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى أَشَارَ الشَّارِحُ فِيمَا مَضَى بِقَوْلِهِ اكْتِفَاءً بِلَمْسِهِ عَنْ رُؤْيَتِهِ. قَوْلُهُ: (إذَا رَمَيْت إلَخْ) يَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِضَمِّ التَّاءِ وَبِفَتْحِهَا، وَكَذَا كُلُّ صُوَرِهَا لَا فَرْقَ بَيْنَ رَمْيِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي. قَوْلُهُ: (أَوْ يَقُولَ) قِيلَ كَانَ الصَّوَابُ التَّصْرِيحُ بِيَقُولَ إرْشَادًا إلَى عَطْفِهِ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ كَانَ يُقَدِّمُهُ عَلَى الثَّانِي.

قَوْلُهُ: (أَوْ لِعَدَمِ الصِّيغَةِ) بِهِ تَعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ فِي صُورَتِهَا السَّابِقَةِ فَهَذَا الثَّوْبُ مَبِيعٌ مِنْك بِعَشَرَةٍ الْغَرَضُ مِنْهُ الْإِخْبَارُ لَا الْإِنْشَاءُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ بِعْتُك إلَخْ) هَذَا التَّفْسِيرُ وَمَا قَبْلُهُ ذَكَرَهُمَا الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>