للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْعٍ) كَمَا تَقَدَّمَ. (أَوْ قَرْضٍ) كَأَنْ يَبِيعَهُ عَبْدَهُ بِأَلْفٍ بِشَرْطِ أَنْ يُقْرِضَهُ مِائَةً. وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّهُ جَعَلَ الْأَلْفَ وَرَفَقَ الْعَقْدَ الثَّانِي ثَمَنًا. وَاشْتِرَاطُ الْعَقْدِ الثَّانِي فَاسِدٌ فَبَطَلَ بَعْضُ الثَّمَنِ وَلَيْسَ لَهُ قِيمَةٌ مَعْلُومَةٌ حَتَّى يَفْرِضَ التَّوْزِيعَ عَلَيْهِ، وَعَلَى الْبَاقِي فَبَطَلَ الْعَقْدُ.

(وَلَوْ اشْتَرَى زَرْعًا بِشَرْطِ أَنْ يَحْصُدَهُ الْبَائِعُ) بِضَمِّ الصَّادِ وَكَسْرِهَا (أَوْ ثَوْبًا وَيَخِيطَهُ) الْبَائِعُ أَوْ بِشَرْطِ أَنْ يَخِيطَهُ (فَالْأَصَحُّ بُطْلَانُهُ) أَيْ الشِّرَاءِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى شَرْطِ عَمَلٍ فِيمَا لَمْ يَمْلِكْهُ بَعْدُ، وَذَلِكَ فَاسِدٌ. وَالثَّانِي يَصِحُّ وَيَلْزَمُ الشَّرْطُ وَهُوَ فِي الْمَعْنَى بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ يُوَزِّعُ الْمُسَمَّى عَلَيْهِمَا بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ. وَالثَّالِثُ يَبْطُلُ الشَّرْطُ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ بِمَا يُقَابِلُ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُسَمَّى، وَهَذَا حَاصِلُ الطُّرُقِ الثَّلَاثَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ أَصَحُّهَا بُطْلَانُ الْبَيْعِ وَالشَّرْطِ وَالثَّانِيَةُ فِيهِمَا الْقَوْلَانِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَالثَّالِثَةُ يَبْطُلُ الشَّرْطُ وَفِي الْبَيْعِ قَوْلُ تَفْرِيقِ الصِّفَةِ (وَيُسْتَثْنَى) مِنْ النَّهْيِ عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ (صُوَرٌ) تَصِحُّ لِمَا سَيَأْتِي (كَالْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ أَوْ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعَيْبِ أَوْ بِشَرْطِ قَطْعِ الثَّمَرِ) وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي مَحَالِّهِ (وَالْأَجَلِ وَالرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ الْمُعَيَّنَاتِ الثَّمَنِ فِي الذِّمَّةِ) أَمَّا الْأَجَلُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [البقرة: ٢٨٢] . أَيْ مُعَيَّنٍ. {فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: ٢٨٢]

ــ

[حاشية قليوبي]

أَيْ قَرْضٌ وَبَيْعٌ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْ الْقَرْضِ عَقْدَهُ فَهُوَ جَمْعٌ بَيْنَ عَقْدَيْنِ جَائِزٍ وَلَازِمٍ وَهُوَ بَاطِلٌ، أَوْ الْمُرَادُ شَرْطُ الْقَرْضِ فِي الْبَيْعِ فَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ بَيْعٍ وَشَرْطُ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (قَرْضٌ) وَمِثْلُهُ الْإِجَارَةُ وَالتَّزْوِيجُ. قَوْلُهُ: (بِشَرْطِ أَنْ يُقْرِضَهُ) فَلَوْ قَالَ فِي جَوَابِهِ: قَبِلْت الْبَيْعَ وَأَقْرَضْتُك الْمِائَةَ فَبَاطِلٌ أَيْضًا. وَلَوْ وَقَعَ عَقْدُ قَرْضٍ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ عَلِمَا بُطْلَانَ الشَّرْطِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا. كَذَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَنْبَغِي الصِّحَّةُ مُطْلَقًا نَظَرًا لِلْوَاقِعِ مَعَ تَمَامِ الصِّيغَةِ وَلَا يَضُرُّ اعْتِقَادُ تَرَتُّبِهِ عَلَى الشَّرْطِ السَّابِقِ مِنْ غَيْرِ تَعْلِيقٍ لِأَنَّ اعْتِقَادَ الْفَسَادِ غَيْرُ مُضِرٍّ كَمَا فِي بَيْعِ مَالِ مُوَرِّثِهِ اهـ.

وَهُوَ ظَاهِرٌ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْإِمَامِ.

قَوْلُهُ: (بِشَرْطِ أَنْ يَحْصُدَهُ) أَوْ وَيَحْصُدَهُ أَوْ يَحْصُدَهُ بِغَيْرِ وَاوٍ أَوْ عَلَى أَنْ يَحْصُدَهُ. وَيُقَالُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي وَيَخِيطَهُ. وَخَرَجَ بِذَلِكَ صِيغَةُ الْأَمْرِ كَاحْصُدْهُ وَخِطْهُ فَلَا يَضُرُّ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَابْنِ حَجَرٍ إلَّا إنْ أَرَادَ الشَّرْطِيَّةَ. وَمِثْلُ ذَلِكَ شِرَاءُ نَحْوِ حَطَبٍ بِشَرْطِ حَمْلِهِ لِمَنْزِلِهِ وَإِنْ عُرِفَ أَوْ بِطِّيخَةٍ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (الْبَائِعُ) وَمِثْلُهُ الْأَجْنَبِيُّ فَإِنَّ شَرَطَ الْحَصَادَ عَلَى الْمُشْتَرِي لَمْ يَضُرَّ، وَإِنْ كَانَ الشَّارِطُ الْبَائِعَ خِلَافًا لِظَاهِرِ مَا فِي الْعُبَابِ. قَوْلُهُ: (فِيمَا لَمْ يَمْلِكْهُ بَعْدُ) أَيْ الْآنَ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي لَا يَحْصُلُ لَهُ الْمِلْكُ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الصِّيغَةِ وَالضَّمِيرُ فِي يَمْلِكُهُ عَائِدٌ لِلْمُشْتَرِي وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمُشْتَرِيَ شَرَطَ عَلَى الْبَائِعِ عَمَلًا فِيمَا لَمْ يَمْلِكْهُ الْبَائِعُ بَعْدَ تَمَامِ الصِّيغَةِ. وَكَذَلِكَ لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي عَمَلًا فِيمَا يَمْلِكُهُ الْبَائِعُ غَيْرُ الْمَبِيعِ بَطَلَ الْعَقْدُ قَطْعًا إذْ لَا تَبَعِيَّةَ. قَوْلُهُ: (بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ) وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ مُدَّةٍ وَلَا عَمَلٌ مَعْلُومٌ. قَوْلُهُ: (الطُّرُقُ الثَّلَاثَةُ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ حَيْثُ لَمْ يُعَبِّرْ بِالْمَذْهَبِ. وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: إنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ إلَى تَرْجِيحِ طَرِيقِ الْخِلَافِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ اصْطِلَاحِهِ وَبِأَنَّ الرَّاجِحَ طَرِيقُ الْقَطْعِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (وَيُسْتَثْنَى مِنْ النَّهْيِ) لَعَلَّ الْمُرَادُ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ فِيهِ تَخْصِيصُهُ بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَالْأَجَلُ) أَيْ فِي غَيْرِ الرِّبَوِيِّ كَمَا مَرَّ فَيَصِحُّ فِي غَيْرِهِ وَإِنْ بَعْدَ بَقَاءِ الْعَاقِدِينَ إلَيْهِ لِأَنَّ وَارِثَهُ يَقُومُ مَقَامَهُ، نَعَمْ إنَّ بَعْدَ بَقَاءِ الدُّنْيَا إلَيْهِ كَأَلْفِ سَنَةٍ لَمْ يَصِحَّ.

قَوْلُهُ: (وَالْكَفِيلُ) أَيْ الْمُشْتَرِي بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ بِالْبَائِعِ لِمَبِيعٍ فِي ذِمَّتِهِ بِأَنْ شَرَطَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَكْفُلَهُ فِي الثَّمَنِ الَّذِي عَلَيْهِ شَخْصٌ آخَرُ حَاضِرٌ أَوْ غَائِبٌ نَحْوُ هَذَا الشَّخْصِ أَوْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ. وَكَذَا الْمُشْتَرِي وَاقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ الْأَغْلَبُ. وَخَرَجَ بِذَلِكَ شَرْطُ كَفَالَةِ

ــ

[حاشية عميرة]

وَلِلشَّرْطِ الْفَاسِدِ إلَخْ) أَيْ فَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ بِكُلٍّ مِنْ الْحَدِيثَيْنِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِشَرْطِ أَنْ يَحْصُدَهُ الْبَائِعُ) مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ اشْتَرَيْت هَذَا الْحَطَبَ بِشَرْطِ أَنْ تَحْمِلَهُ إلَى الْبَيْتِ سَوَاءٌ كَانَ الْبَيْتُ مَعْرُوفًا أَمْ لَا، وَكَذَا لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ حَمْلَ الْبِطِّيخَةِ الْمُشْتَرَاةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَمَسْأَلَةُ الْبِطِّيخَةِ تَقَعُ كَثِيرًا فَلْيُحْتَرَزْ عَنْهَا. قَوْلُهُ: (أَوْ بِشَرْطِ) أَوْ بِالْأَوْلَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْأَصَحُّ بُطْلَانُهُ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُخَالِفُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهَا إلَخْ) مِنْ ثَمَّ اعْتَرَضَ الْإِسْنَوِيُّ عَلَى تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِالْأَصَحِّ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ الْمَسْأَلَةُ ذَاتُ طُرُقٍ الثَّانِي أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْأَصَحِّ يَقْتَضِي قُوَّةَ الْخِلَافِ مَعَ أَنَّهُ ضَعِيفٌ لِأَنَّ الرَّاجِحَ طَرِيقُ الْقَطْعِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُسْتَثْنَى) هَذِهِ الْأُمُورُ فِي الْمُعَامَلَاتِ كَالرُّخَصِ فِي الْعِبَادَاتِ فَيَتْبَعُ فِيهَا تَوْقِيفَ الشَّارِعِ وَلَا تَتَعَدَّى لِكُلِّ مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْكَفِيلِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: سُئِلَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ مُوَافَقَتِهِ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِالْمُشَاهَدَةِ وَتَصْوِيبِهِ عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ فِيمَا لَوْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ مِقْدَارٍ مِنْ الْقُرْآنِ وَعَيَّنَ مَكَانَهُ مِنْ الْمُصْحَفِ بِالْمُشَاهَدَةِ مُعَلِّلًا بِعَدَمِ مَعْرِفَةِ السُّهُولَةِ وَالصُّعُوبَةِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (الثَّمَنُ فِي الذِّمَّةِ) لَوْ بَاعَ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>