للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النَّفْيُ

(وَلَا خِيَارَ فِي الْإِبْرَاءِ وَالنِّكَاحِ وَالْهِبَةِ بِلَا ثَوَابٍ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بَيْعًا وَالْحَدِيثُ وَرَدَ فِي الْبَيْعِ (وَكَذَا ذَاتُ الثَّوَابِ وَالشُّفْعَةِ وَالْإِجَارَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالصَّدَاقِ فِي الْأَصَحِّ) فِي الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى بَيْعًا وَالثَّانِي يَثْبُتُ فِيهَا لِأَنَّ الْهِبَةَ بِثَوَابٍ فِي الْمَعْنَى بَيْعٌ وَالشَّفِيعُ فِي مَعْنَى الْمُشْتَرِي لَهُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَالْإِجَارَةُ بَيْعٌ لِلْمَنَافِعِ وَالْمُسَاقَاةُ قَرِيبٌ مِنْهَا، وَالصَّدَاقُ عَقْدُ عِوَضٍ فَإِنْ فُسِخَ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ وَمِثْلُهُ عِوَضُ الْخُلْعِ فَلَا خِيَارَ فِيهِ وَلَا فِي الْحَوَالَةِ عَلَى الْأَصَحِّ، قَالَ الْقَفَّالُ وَطَائِفَةٌ: الْخِلَافُ فِي الْإِجَارَةِ، فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ وَأَمَّا إجَارَةُ الذِّمَّةِ فَيَثْبُتُ فِيهَا الْخِيَارُ قَطْعًا كَالسَّلَمِ

(وَيَنْقَطِعُ) الْخِيَارُ (بِالتَّخَايُرِ بِأَنْ يَخْتَارَ لُزُومَهُ) أَيْ الْعَقْدَ بِهَذَا اللَّفْظِ أَوْ نَحْوِهِ كَأَمْضَيْنَاهُ أَوْ أَلْزَمْنَاهُ أَوْ أَجَزْنَاهُ (فَلَوْ اخْتَارَ أَحَدُهُمَا) لُزُومَهُ (سَقَطَ حَقُّهُ) مِنْ الْخِيَارِ (وَبَقِيَ الْحَقُّ) فِيهِ (لِلْآخَرِ) وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ: اخْتَرْ، سَقَطَ خِيَارُهُ لِتَضَمُّنِهِ الرِّضَا بِاللُّزُومِ.

وَيَدُلُّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ السَّابِقُ وَبَقِيَ خِيَارُ الْآخَرِ

وَلَوْ اخْتَارَ أَحَدُهُمَا لُزُومَ الْعَقْدِ وَالْآخَرُ فَسْخَهُ قُدِّمَ الْفَسْخُ (وَ) يَنْقَطِعُ الْخِيَارُ أَيْضًا (بِالتَّفَرُّقِ بِبَدَنِهِمَا) لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ وَيَحْصُلُ الْمُرَادُ مِنْهُ بِمُفَارَقَةِ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَاوِي الْحَدِيثِ إذَا بَايَعَ

ــ

[حاشية قليوبي]

انْفِرَادِهِ بِالْخِيَارِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (النَّفْيُ) أَيْ نَفْيُ الْخِيَارِ لِلْعَبْدِ وَلِسَيِّدِهِ وَمِثْلُهُ الْبَيْعُ الضِّمْنِيُّ وَلَا خِيَارَ فِيهِ لِلْبَائِعِ وَلَا لِلْمُشْتَرِي الَّذِي وَقَعَ الْعِتْقُ عَنْهُ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْعَاقِدَيْنِ بِهَذَا الْعَقْدِ الْعَتَاقُ وَبِهَذَا فَارَقَ شِرَاءَ بَعْضِهِ.

قَوْلُهُ: (لَا تُسَمَّى بَيْعًا) أَيْ عُرْفًا. قَوْلُهُ: (فِي الْمَعْنَى بَيْعٌ) وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَالشَّفِيعُ) أَيْ فِي عَقْدِ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ فِي مَعْنَى الْمُشْتَرِي أَيْ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ، أَوْ الْمُرَادُ بِالْمُشْتَرِي مِنْ حَيْثُ هُوَ، وَيَدُلُّ لِهَذَا تَعْلِيلُهُ بِقَوْلِهِ لَهُ أَيْ لِلشَّفِيعِ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي فِي عَقْدِ الْأَخْذِ. قَالَ شَيْخُنَا: لَا قَبْلَ الْأَخْذِ وَلَا بَعْدَهُ. وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَجْلِسِ عَقْدِ شِرَائِهِ وَإِلَّا فَالْوَجْهُ بَقَاءُ الْخِيَارِ لَهُ حَتَّى لَوْ فُسِخَ بَطَلَ أَخْذُ الشَّفِيعِ، فَرَاجِعه وَلَا خِيَارَ فِي قِسْمَةِ غَيْرِ الرَّدِّ وَإِنْ وَقَعَتْ بِالتَّرَاضِي.

قَوْلُهُ: (وَالصَّدَاقُ عَقْدُ عِوَضٍ) فَعَلَيْهِ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَمِثْلُهُ عِوَضُ الْخَلْعِ) لَكِنْ عَلَيْهِ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلزَّوْجِ فَقَطْ لِأَنَّ الْبِضْعَ حَقُّهُ. قَوْلُهُ: (فَيَثْبُتُ فِيهَا الْخِيَارُ قَطْعًا) هُوَ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ وَتُفَارِقُ السِّلْمَ بِأَنَّ شَأْنَ الْإِجَارَةِ أَنْ تَتْلَفَ الْمَنْفَعَةُ فِيهَا زَمَنَ الْخِيَارِ دُونَهُ مَعَ أَنَّهَا لَمْ تَنْعَقِدْ بِلَفْظِ الْبَيْعِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ نَحْوُهُ) مِنْهُ التَّقَايُلُ بَعْدَ الْقَبْضِ فَيَبْطُلُ الْخِيَارُ فِي الْعَقْدِ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (وَبَقِيَ الْحَقُّ فِيهِ لِلْآخَرِ) نَعَمْ إنْ كَانَ يُعْتَقُ عَلَيْهِ سَقَطَ خِيَارُهُ أَيْضًا فَقَوْلُ الْمَنْهَجِ وَلَوْ مُشْتَرِيًا لَا حَاجَةَ لِهَذِهِ الْغَايَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: هِيَ تَوْطِئَةٌ لِمَا بَعْدَهَا لِلْإِيضَاحِ. قَوْلُهُ: (وَيَدُلُّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى السُّقُوطِ الْمَفْهُومِ مِنْ سَقَطَ.

قَوْلُهُ (قُدِّمَ الْفَسْخُ) وَإِنْ تَأَخَّرَ أَوْ كَانَ فِي الْبَعْضِ فَيَنْفَسِخُ فِي الْكُلِّ قَهْرًا عَلَيْهِ. وَكَذَا فِي خِيَارِ الشَّرْطِ وَالْعَيْبِ.

وَسَيَأْتِي فَعُلِمَ أَنَّهُ يَسْرِي فَسْخُهُ عَلَى صَاحِبِهِ دُونَ إجَازَتِهِ. وَلَوْ قَالَ: فَسَخْت أَجَزْت أَوْ عَكْسَهُ عُمِلَ بِأَوَّلِ كَلَامِهِ.

قَوْلُهُ: (بِالتَّفَرُّقِ) مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ هَارِبًا وَإِنْ مُنِعَ الْآخَرُ مِنْ لُحُوقِهِ، وَإِنْ لَحِقَهُ بَقِيَ خِيَارُهُمَا مَا لَمْ يَتَبَاعَدَا وَمَشَى أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ لَوْ تَبَايَعَا مِنْ بَعْدُ كَالتَّفَرُّقِ، وَلَوْ فَارَقَ مُكْرَهًا بِحَقٍّ بَطَلَ خِيَارُهُمَا أَيْضًا كَأَنْ وَقَعَ التَّبَايُعُ فِي مِلْكِ شَخْصٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ

ــ

[حاشية عميرة]

الشِّرَاءِ) هُوَ مُشْكِلٌ إذَا جَعَلْنَا الْمِلْكَ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بَيْعًا) أَيْ وَلِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْخِيَارِ فِي الْهِبَةِ وَالْإِبْرَاءِ لِأَنَّ دَفْعَ الْغَبْنِ الَّذِي هُوَ حِكْمَةُ ثُبُوتِ الْخِيَارِ مَفْقُودٌ فِيهِمَا، وَكَذَا النِّكَاحُ لِأَنَّهُ لَا يَصْدُرُ فِي الْغَالِبِ إلَّا بَعْدَ تَأَمُّلٍ وَاحْتِيَاطٍ وَكَذَا الْأَخْيَارُ فِي كُلِّ عَقْدٍ جَائِزٍ مِنْ الطَّرَفَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا لِأَنَّ جَوَازَهُ مُغْنٍ عَنْ الْخِيَارِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا ذَاتُ الثَّوْبِ) قَالَ السُّبْكِيُّ: أَيْ مَعَ الْحُكْمِ بِأَنَّهَا هِبَةٌ وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ اهـ. أَيْ وَيَكُونُ مِنْ الْقَبْضِ بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا أَنَّهَا بَيْعٌ فَإِنَّهُ يَكُونُ مِنْ الْعَقْدِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى بَيْعًا) وَأَيْضًا ثُبُوتُهُ فِي الشُّفْعَةِ يَكُونُ مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ فَيَبْعُدُ وَالْإِجَارَةُ عَقْدُ غَرَرٍ وَالْخِيَارُ غَرَرٌ فَلَا يُضَمُّ إلَيْهِ، وَالْمُسَاقَاةُ كَالْإِجَارَةِ وَالصَّدَاقُ تَابِعٌ لِلنِّكَاحِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَثْبُتُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الشَّفِيعَ لَا بُدَّ فِي مِلْكٍ لَا بَعْدَ الْأَخْذِ مِنْ إعْطَاءِ الثَّمَنِ أَوْ رِضَا الْمُشْتَرِي بِذِمَّتِهِ، أَوْ حُكْمِ الْحَاكِمِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فَرْضُ الْخِلَافِ بَعْدَ وَاحِدٍ مِنْهَا وَإِلَّا فَلَهُ الرَّدُّ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (وَالشَّفِيعُ) أَيْ أَمَّا الْمُشْتَرِي فَلَا خِيَارَ لَهُ قَطْعًا وَلِذَا اُتُّجِهَ مَنْعُ الْخِيَارِ فِيهِ لِأَنَّهُ يَبْعُدُ ثُبُوتُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ دُونَ الْآخَرِ. قَوْلُهُ: (وَالصَّدَاقُ عَقْدُ عِوَضٍ) أَيْ فَهُوَ مُسْتَقِلٌّ لَا تَابِعٌ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْأَصَحِّ) مُقَابِلُهُ فِي الْخُلْعِ يَقُولُ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلزَّوْجِ فَقَطْ، فَإِذَا فَسَخَ وَقَعَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَسَقَطَ الْعِوَضُ. قَوْلُهُ: (كَالسَّلَمِ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا عَسِرٌ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِأَنْ يَخْتَارَا لُزُومَهُ) مِنْ صِيَغِ ذَلِكَ أَبْطَلْنَا الْخِيَارَ أَوْ أَفْسَدْنَاهُ. قَوْلُهُ: (وَبَقِيَ الْحَقُّ إلَخْ) أَيْ كَمَا فِي خِيَارِ الشَّرْطِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِبَدَنِهِمَا) خَرَجَ

<<  <  ج: ص:  >  >>