للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَحِيحٌ إذَا غَلَبَ فِي جِنْسِ الْمَبِيعِ عَدَمُهُ) عَطَفَ هَذَا الضَّابِطَ لِلْعَيْبِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَمْثِلَتِهِ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ لَا مَطْمَعَ فِي اسْتِيعَابِهَا. وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: يَفُوتُ بِهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ عَمَّا لَوْ بَانَ قَطْعُ فَلَقَةٍ صَغِيرَةٍ مِنْ فَخِذِهِ أَوْ سَاقِهِ لَا تُورِثُ شَيْئًا، وَلَا تُفَوِّتُ فَرْضًا فَإِنَّهُ لَا رَدَّ بِذَلِكَ. وَبِقَوْلِهِ: إذَا غَلَبَ إلَى آخِرِهِ عَنْ الثُّيُوبَةِ فِي الْأَمَةِ فَإِنَّهَا تَنْقُصُ الْقِيمَةُ وَلَا رَدَّ بِهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ الْغَالِبُ فِي الْإِمَاءِ عَدَمَهَا (سَوَاءٌ) فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ (قَارَنَ) الْعَيْبُ (الْعَقْدَ) بِأَنْ كَانَ مَوْجُودًا قَبْلَهُ، وَذَلِكَ ظَاهِرٌ (أَمْ حَدَثَ) بَعْدَهُ (قَبْلَ الْقَبْضِ) لِلْمَبِيعِ لِأَنَّ الْمَبِيعَ حِينَئِذٍ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ

(وَلَوْ حَدَثَ) الْعَيْبُ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْقَبْضِ (فَلَا خِيَارَ) فِي الرَّدِّ بِهِ (إلَّا أَنْ يَسْتَنِدَ إلَى سَبَبٍ مُتَقَدِّمٍ) عَلَى الْقَبْضِ (كَقَطْعِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ الْعَبْدِ أَوْ الْأَمَةِ (بِجِنَايَةٍ) أَوْ سَرِقَةٍ (سَابِقَةٍ) عَلَى الْقَبْضِ جَهِلَهَا الْمُشْتَرِي (فَيَثْبُتُ) لَهُ (الرَّدُّ) بِذَلِكَ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لِتَقَدُّمِ سَبَبِهِ كَالْمُتَقَدِّمِ. وَالثَّانِي: لَا يَثْبُتُ الرَّدُّ بِهِ لِكَوْنِهِ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي لَكِنْ يَثْبُتُ بِهِ الْأَرْشُ، وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مُسْتَحِقَّ الْقَطْعِ وَغَيْرَ مُسْتَحِقِّهِ مِنْ الثَّمَنِ، فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِالْحَالِ فَلَا رَدَّ لَهُ بِهِ جَزْمًا وَلَا أَرْشَ (بِخِلَافِ مَوْتِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ (بِمَرَضٍ سَابِقٍ) عَلَى الْقَبْضِ جَهِلَهُ الْمُشْتَرِي فَلَا يَثْبُتُ بِهِ لَازِمُ الرَّدِّ الْمُتَعَذَّرِ مِنْ اسْتِرْجَاعِ الثَّمَنِ (فِي الْأَصَحِّ) الْمَقْطُوعِ بِهِ لِأَنَّ الْمَرَضَ يَزْدَادُ شَيْئًا فَشَيْئًا إلَى الْمَوْتِ فَلَمْ يَحْصُلْ بِالسَّابِقِ. وَالثَّانِي: يَقُولُ السَّابِقُ أَفْضَى إلَيْهِ فَكَأَنَّهُ سَبَقَ فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ قُبَيْلَ الْمَوْتِ. وَعَلَى الْأَوَّلِ لِلْمُشْتَرِي أَرْشُ الْمَرَضِ وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَةِ الْمَبِيعِ صَحِيحًا وَمَرِيضًا مِنْ الثَّمَنِ، فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِالْمَرَضِ فَلَا شَيْءَ لَهُ جَزْمًا (وَلَوْ قُتِلَ) الْمَبِيعُ (بِرِدَّةٍ سَابِقَةٍ) عَلَى الْقَبْضِ جَهِلَهَا الْمُشْتَرِي (ضَمِنَهُ الْبَائِعُ فِي الْأَصَحِّ) بِجَمِيعِ الثَّمَنِ لِأَنَّ قَتْلَهُ لِتَقَدُّمِ سَبَبِهِ

ــ

[حاشية قليوبي]

ضَمُّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْقَافِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِكَوْنِ الْعَيْنِ وَالْقِيمَةِ مَنْصُوبَيْنِ وَيَجُوزُ ضَمُّ الْيَاءِ وَفَتْحُ النُّونِ وَتَشْدِيدُ الْقَافِ الْمَكْسُورَةِ لَكِنَّهَا لُغَةٌ رَدِيئَةٌ. قَوْلُهُ: (غَرَضٌ صَحِيحٌ) وَهَلْ الْمُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ الْغَرَضِ الْعُرْفُ الْعَامُّ أَوْ غَالِبُ النَّاسِ أَوْ الرَّاغِبُ فِي السِّلْعَةِ أَوْ الْمُشْتَرِي؟ رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَغَلَبَ) أَيْ عُرْفًا وَقَدْ مَرَّ مَا فِيهِ. قَوْلُهُ: (عَطْفٌ إلَخْ) وَقَدَّمَهُ بَعْضُهُمْ لِأَنَّهُ قَاعِدَةٌ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ مِنْ جُزْئِيَّاتِهِ وَهُوَ الْأَنْسَبُ. قَوْلُهُ: (لَا يُورِثُ) أَيْ الْقَطْعَ الْمَذْكُورَ وَكَذَا لَا يَفُوتُ الْغَرَضُ وَيَجُوزُ فِيهِمَا التَّأْنِيثُ بِالتَّأْوِيلِ، وَهَذَا فِي نَقْصِ الْعَيْنِ، وَسَكَتَ عَنْ نَقْصِ الْقِيمَةِ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَفُوتُ الْغَرَضُ بِهَا مُطْلَقًا، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا كَالْعَيْنِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَلَا يَفُوتُ غَرَضًا. قَوْلُهُ: (الثُّيُوبَةِ فِي الْأَمَةِ) وَعَدَمُ خِتَانِ الْعَبْدِ الصَّغِيرِ لَيْسَ عَيْبًا بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْكَبِيرِ. أَمَّا عَدَمُ خِتَانِ الْأَمَةِ فَعَيْبٌ إنْ غَلَبَ وُجُودُهُ فِيهَا كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ تَمَامِهِ فَيَشْمَلُ الْمُقَارِنَ لِكُلِّ الْعَقْدِ أَوْ لِبَعْضِهِ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْقَبْضِ) وَكَذَا بَعْدَهُ وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى ضَمَانِهِ. قَوْلُهُ: (بِجِنَايَةٍ) وَمِثْلُهَا زَوَالُ بَكَارَةٍ بِزَوَاجٍ سَابِقٍ جَهِلَهُ الْمُشْتَرِي، وَاسْتِلْحَاقُ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ لَا يُبْطِلُ الْبَيْعَ وَإِنْ ثَبَتَ النَّسَبُ إلَّا بِتَصْدِيقِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِبَيِّنَةٍ. قَوْلُهُ: (الْمُتَعَذِّرُ) صِفَةٌ لِلرَّدِّ وَمِنْ اسْتِرْجَاعِ الثَّمَنِ بَيَانٌ لِلَّازِمِ. قَوْلُهُ: (إلَى الْمَوْتِ) قَضِيَّةُ الْعِلَّةِ امْتِنَاعُ الرَّدِّ وَإِنْ لَمْ يَمُتْ وَيَرْجِعُ بِالْأَرْشِ، وَإِنْ نَحْوَ الْجُرْحِ السَّارِي وَالْبَرَصِ الْمُتَزَايِدِ وَالْحَمْلُ كَالْمَرَضِ. وَفِي الْحَمْلِ نَظَرٌ يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي. وَلِذَلِكَ فَرَّقَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بَيْنَ الْمَرَضِ وَالْحَمْلِ بِأَنَّ زِيَادَةَ الْمَرَضِ مَرَضٌ وَلَيْسَ زِيَادَةُ الْحَمْلِ حَمْلًا، وَيُرَدُّ عَلَيْهِ نَحْوُ الْجُرْحِ إذْ لَا يُقَالُ: زِيَادَةُ الْجُرْحِ جُرْحٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ مَا زَادَ فِي الْجُرْحِ لَوْ انْفَرَدَ كَانَ جُرْحًا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَمَرِيضًا) أَيْ وَقْتَ الْقَبْضِ لِأَنَّ مَا بَعْدَهُ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي فَلَا يَقُومُ عَلَى الْبَائِعِ. قَوْلُهُ: (بِرِدَّةٍ) مِثْلُهَا كُلُّ

ــ

[حاشية عميرة]

ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَاحْتَرَزَ إلَخْ) قَضِيَّةُ صَنِيعِهِ أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ يَفُوتُ بِهِ غَرَضٌ، رَاجِعٌ لِلْأَوَّلِ وَأَنَّ مَا بَعْدَهُ رَاجِعٌ لِلْقِيمَةِ، فَأَمَّا رُجُوعُ فَوَاتِ الْغَرَضِ إلَى الْعَيْنِ خَاصَّةً فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا الَّذِي بَعْدَهُ فَالظَّاهِرُ رُجُوعُهُ إلَى كُلٌّ مِنْهُمَا فَمِثَالُهُ فِي الْقِيمَةِ، مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَفِي الْعَيْنِ قَلْعُ الْأَسْنَانِ فِي الْكَبِيرِ وَأَمَّا بَيَاضُ شَعْرِ الرَّأْسِ فِيهِ فَهُوَ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ. وَقَدْ يُقَالُ مَسْأَلَةُ الثُّيُوبَةِ مِنْ زَوَالِ الْعَيْنِ أَيْضًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا خِيَارَ) أَيْ لِأَنَّهُ مِنْ ضَمَانِهِ فَكَذَا جُزْؤُهُ وَصِفَتُهُ، نَعَمْ لَوْ كَانَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ فَالْمُتَّجَهُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ بِهِ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ لَوْ تَلِفَ الْآنَ انْفَسَخَ الْعَقْدُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِجِنَايَةٍ سَابِقَةٍ) مِثْلُ ذَلِكَ اقْتِضَاضُ الْبِكْرِ بِالْعَقْدِ السَّابِقِ، وَجَلْدُهُ الْمُؤَثِّرُ فِيهِ لِمَعْصِيَةٍ سَابِقَةٍ.

قَوْلُهُ: (لِكَوْنِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ. قَوْلُهُ: (مِنْ الثَّمَنِ) لَعَلَّهُ حَالٌ. قَوْلُهُ: (الْمَقْطُوعُ بِهِ) يُرِيدُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَيْنِ حَاكِيَةٌ لِوَجْهَيْ الرِّدَّةِ الْآتِيَيْنِ وَقَاطِعَةٌ بِأَنَّهُ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَهِيَ الْأَشْهُرُ. قَوْلُهُ: (أُفْضِي إلَيْهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ إلَى الْمَوْتِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَصَحِّ) هُوَ نَظِيرُ الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ فِي مَسْأَلَةُ الْقَطْعِ بِالْجِنَايَةِ إلَّا أَنَّ الْحُكْمَ لِكَوْنِهِ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ يُوجِبُ هُنَاكَ الرَّدَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>