للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبْرَأَهُ الْمُشْتَرِي عَنْ الضَّمَانِ لَمْ يَبْرَأْ فِي الْأَظْهَرِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ الْحُكْمُ) الْمَذْكُورُ لِلتَّلَفِ لِأَنَّهُ إبْرَاءٌ عَمَّا لَمْ يَجِبْ. وَالثَّانِي: يَبْرَأُ لِوُجُودِ سَبَبِ الضَّمَانِ، وَيَتَغَيَّرُ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ لِلتَّلَفِ فَلَا يَنْفَسِخُ بِهِ الْبَيْعُ وَلَا يَسْقُطُ الثَّمَنُ (وَإِتْلَافُ الْمُشْتَرِي) لِلْمَبِيعِ كَأَنْ أَكَلَهُ (قَبْضٌ) لَهُ (إنْ عَلِمَ) أَنَّهُ الْمَبِيعُ حَالَةَ إتْلَافِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ جَهِلَ ذَلِكَ وَقَدْ أَضَافَهُ بِهِ الْبَائِعُ (فَقَوْلَانِ) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَجْهَانِ (كَأَكْلِ الْمَالِكِ طَعَامَهُ الْمَغْصُوبَ ضَيْفًا) لِلْغَاصِبِ جَاهِلًا بِأَنَّهُ طَعَامُهُ هَلْ يَبْرَأُ الْغَاصِبُ بِذَلِكَ؟ فِيهِ قَوْلَانِ. أَرْجَحُهُمَا نَعَمْ. فَعَلَى هَذَا إتْلَافُ الْمُشْتَرِي قَبْضٌ وَعَلَى مُقَابِلِهِ يَكُونُ كَإِتْلَافِ الْبَائِعِ وَقَدْ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَالْمَذْهَبُ أَنَّ إتْلَافَ الْبَائِعِ) لِلْمَبِيعِ (كَتَلَفِهِ) بِآفَةٍ فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ فِيهِ وَيَسْقُطُ الثَّمَنُ عَنْ الْمُشْتَرِي وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِهَذَا وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ بَلْ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فَإِنْ فَسَخَ سَقَطَ الثَّمَنُ وَإِنْ أَجَازَ غَرِمَ الْبَائِعُ الْقِيمَةَ وَأَدَّى لَهُ الثَّمَنَ وَقَدْ يَتَقَاصَّانِ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ إتْلَافَ الْأَجْنَبِيِّ لَا يَفْسَخُ) الْبَيْعَ (بَلْ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي) بِهِ (بَيْنَ أَنْ يُجِيزَ وَيَغْرَمَ الْأَجْنَبِيُّ) الْقِيمَةَ (أَوْ يَفْسَخَ فَيَغْرَمَ

ــ

[حاشية قليوبي]

وَاخْتِلَاطُ الْمِثْلِيِّ يُصَيِّرُهُ مُشْتَرَكًا وَيُثْبِتُ الْخِيَارَ ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِأَجْوَدَ فَرَاجِعْهُ، وَغَرَقُ الْأَرْضِ وَوُقُوعُ صَخْرَةٍ عَلَيْهَا لَا يُمْكِنُ رَفْعُهَا عَادَةً مُثْبِتٌ لِلْخِيَارِ لِبَقَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَلِذَلِكَ يَصِحُّ قَبْضُهَا مَعَ ذَلِكَ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْإِجَارَةِ حَيْثُ تَنْفَسِخُ وَأَمَّا غَصْبُ الْمَبِيعِ وَإِبَاقِهِ وَجَحْدِ الْبَائِعِ لَهُ، وَلَوْ بِلَا حَلِفٍ مُثْبِتٌ لَلْخِيَارِ مَا دَامَ ذَلِكَ لِتَجَدُّدِ الْمُثْبَتِ كُلَّ وَقْتٍ، وَإِنْ أَجَازَ قَبْلَهُ فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: إنَّ الْخِيَارَ فِي هَذِهِ عَلَى التَّرَاخِي مُضِرٌّ أَوْ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بِآفَةٍ) هُوَ بَيَانٌ لِمَعْنَى التَّلَفِ الْمُسَاوِي لِقَوْلِهِمْ بِنَفْسِهِ لِعَدَمِ الْمُتْلِفِ، وَأُلْحِقَ بِذَلِكَ إتْلَافُ مَنْ لَا يُضْمَنُ كَمَحْصُولِ عِلْمِهِ وَغَيْرِ مُمَيِّزٍ وَأَعْجَمِيٍّ بِلَا أَمْرٍ مِنْ غَيْرِهِمَا، وَكَذَا ثُبُوتُ حُرِّيَّةِ الْعَبْدِ وَلَوْ بَعْدَ قَبْضِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (انْفَسَخَ الْبَيْعُ) فَيُقَدَّرُ عَوْدُ مِلْكِهِ لِلْبَائِعِ قُبَيْلَ التَّلَفِ فَعَلَيْهِ تَجْهِيزُهُ وَنَحْوُهُ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَتَغَيَّرْ الْحُكْمُ) تَفْسِيرُ الشَّارِحِ الْحُكْمُ بِالِانْفِسَاخِ وَعَدَمِهِ الْمُتَعَلِّقَيْنِ بِالتَّلَفِ الْمُرَتَّبَيْنِ عَلَى الْإِبْرَاءِ فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ فَسَّرَهُ بِالضَّمَانِ وَعَدَمِهِ اللَّازِمِ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُسْتَدْرَكٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ غَيْرُ مُنَاسِبٍ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (سَبَبُ الضَّمَانِ) وَهُوَ الْعَقْدُ. قَوْلُهُ: (وَإِتْلَافُ الْمُشْتَرِي) أَيْ مَنْ وَقَعَ لَهُ الْعَقْدُ وَلَوْ بِإِذْنِ الْبَائِعِ أَوْ مُكْرَهًا أَوْ بِأَمْرِهِ لِغَيْرِ مُمَيَّزٍ أَوْ أَعْجَمِيٍّ أَوْ كَانَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ لَكِنَّهُ قَبَضَهُ تَعَدِّيًا مَثَلًا. قَوْلُهُ: (قَبَضَ لَهُ) أَيْ لَمَّا أَتْلَفَهُ إنْ كَانَ أَهْلًا وَلَمْ يَكُنْ إتْلَافُهُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ وَإِلَّا كَإِتْلَافِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُمَيِّزٍ أَوْ أَعْجَمِيٍّ، لَا بِأَمْرِ غَيْرِهِ فِيهِمَا فَكَالْآفَةِ كَمَا مَرَّ وَإِنْ لَزِمَهُمَا الْبَدَلُ وَكَإِتْلَافِهِ الْقِصَاصُ أَوْ لِصِيَالٍ أَوْ لِتَرْكِ صَلَاةٍ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ، أَوْ لِزِنًا أَوْ لِمُرُورِهِ بَيْنَ يَدَيْ مُصَلٍّ إلَى سُتْرَةٍ مُعْتَبَرَةٍ، أَوْ مَعَ بُغَاةٍ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ الْمَبِيعُ وَكَذَا لَوْ قَتَلَهُ الْإِمَامُ لِرِدَّةٍ أَوْ حِرَابَةٌ وَكَانَ هُوَ الْمُشْتَرِي فِيهِمَا وَإِلَّا فَهُوَ قَبْضٌ. قَوْلُهُ: (وَقَدْ أَضَافَهُ) هُوَ قَيْدٌ لِتَمَامِ التَّشْبِيهِ، وَإِلَّا فَهُوَ قَبْضٌ وَإِنْ أَكَلَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِتَقْدِيمِ غَيْرِهِ لَهُ.

قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) وَرَجَّحَهُ الدَّمِيرِيِّ. قَوْلُهُ: (كَأَكْلِ الْمَالِكِ إلَخْ) نَعَمْ أَكْلُ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ هُنَا لَا يَحْصُلُ بِهِ الْقَبْضُ كَمَا مَرَّ وَيَبْرَأُ بِهِ الْغَاصِبُ لِتَحَقُّقِ الْمِلْكِ السَّابِقِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (إنَّ إتْلَافَ الْبَائِعِ) أَيْ مَنْ يَقَعُ لَهُ الْعَقْدُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضَامِنًا لِنَحْوِ صِيَالٍ مِمَّا مَرَّ، أَوْ كَانَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ أَوْ بِدَعْوَاهُ التَّلَفَ أَوْ بِإِذْنِهِ لِأَجْنَبِيٍّ فِي إتْلَافِهِ أَوْ بِعِتْقٍ، وَلَوْ لِبَعْضِهِ لِأَنَّهُ يَسْرِي أَوْ كَانَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَالْخِيَارُ لَهُ

ــ

[حاشية عميرة]

تَنْبِيهٌ: لَوْ حَصَلَ التَّلَفُ بَعْدَ الْقَبْضِ وَلَكِنْ فِي زَمَنِ خِيَارٍ انْفَسَخَ أَيْضًا، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَمْ يَتَغَيَّرْ الْحُكْمُ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مُسْتَدْرَكٌ. قَوْلُهُ (وَالثَّانِي يَبْرَأُ) بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ اخْتِصَاصَهُ بِغَيْرِ الرِّبَوِيِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قَبَضَ) كَإِتْلَافِ الْمَالِكِ لِلْمَغْصُوبِ. قَوْلُهُ: (وَقَدْ أَضَافَهُ بِهِ الْبَائِعُ) كَأَنَّ الْحَامِلَ لَهُ عَلَى هَذَا الْقَيْدِ قَرِينَةُ التَّشْبِيهِ، وَقَدْ أَدْخَلَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ مَا لَوْ صَدَرَ تَقْدِيمُهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ غَيْرِ الْبَائِعِ قَالَ: فَفِيهِ الْقَوْلَانِ. أَمَّا إذَا أَكَلَهُ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيمِ أَحَدٍ فَالْعِبَارَةُ تَشْمَلُهُ أَيْضًا فَيَحْتَمِلُ تَخْرِيجَهُ، عَلَى الْقَوْلَيْنِ أَيْ فَيَكُونُ قَابِضًا عَلَى قَوْلٍ وَكَالْآفَةِ عَلَى آخَرَ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَكِنَّ الْمُتَّجَهَ الْجَزْمُ فِيهَا بِحُصُولِ الْقَبْضِ.

قَوْلُهُ: (كَإِتْلَافِ الْبَائِعِ) زَادَ فِي الْقُوتِ أَنْ قَدَّمَهُ الْبَائِعُ فَإِنْ قَدَّمَهُ أَجْنَبِيٌّ بِغَيْرِ إذْنِهِ؛ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَإِتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِلْمُبَاشَرَةِ قَالَ: وَإِنْ لَمْ يُقَدِّمْهُ أَحَدٌ فَهَلْ هُوَ كَالْآفَةِ أَوْ يَصِيرُ قَابِضًا الْأَقْرَبُ الثَّانِي بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ، وَالْمَنْقُولُ إمَّا هُوَ فِي تَقْدِيمِ الْبَائِعِ الطَّعَامَ إلَى الْمُشْتَرِي وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْكِتَابِ، وَالشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فِي تَقْدِيمِ الْبَائِعِ كَمَا سَلَف. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَتَلَفِهِ بِآفَةٍ) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ فَإِذَا أَتْلَفَهُ سَقَطَ الثَّمَنُ وَوَجْهُ مُقَابَلَةِ جَرَيَانِ الْإِتْلَافِ عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا يَفْسَخُ) أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>