للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَائِعُ الْأَجْنَبِيُّ) الْقِيمَةَ وَقَطَعَ الْقَبْضَ بَعْضُهُمْ بِهَذَا. وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الْبَيْعَ يَنْفَسِخُ كَالتَّلَفِ بِآفَةٍ (وَلَوْ تَعَيَّبَ) الْمَبِيعُ بِآفَةٍ (قَبْلَ الْقَبْضِ فَرَضِيَهُ) الْمُشْتَرِي بِأَنْ أَجَازَ الْبَيْعَ (أَخَذَهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ) وَلَا أَرْشَ لَهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْفَسْخِ

(وَلَوْ عَيَّبَهُ الْمُشْتَرِي فَلَا خِيَارَ) لَهُ بِهَذَا الْعَيْبِ (أَوْ الْأَجْنَبِيُّ فَالْخِيَارُ) بِتَعْيِيبِهِ لِلْمُشْتَرِي (فَإِنْ أَجَازَ) الْبَيْعَ (غَرِمَ الْأَجْنَبِيُّ الْأَرْشَ) بَعْدَ قَبْضِ الْمَبِيعِ أَمَّا قَبْلَ قَبْضِهِ فَلَا لِجَوَازِ تَلَفِهِ وَانْفِسَاخِ الْبَيْعِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. وَأَقَرَّهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا. وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عَبْدًا وَعَيَّبَهُ الْأَجْنَبِيُّ بِقَطْعِ يَدِهِ فَأَرْشُهُ نِصْفُ قِيمَتِهِ. وَفِي قَوْلِ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ (وَلَوْ عَيَّبَهُ الْبَائِعُ فَالْمَذْهَبُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لَا التَّغْرِيمُ) وَمُقَابِلُهُ ثُبُوتُ التَّغْرِيمِ مَعَ الْخِيَارِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ فِعْلَ الْبَائِعِ كَفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ وَالْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ كَإِتْلَافِهِ الَّذِي هُوَ كَالتَّلَفِ بِآفَةٍ عَلَى الرَّاجِحِ الْمَقْطُوعِ بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ. فَصَحَّ التَّعْبِيرُ هُنَا بِالْمَذْهَبِ كَمَا هُنَاكَ. وَلَوْ قَالَ: ثَبَتَ الْخِيَارُ لَا التَّغْرِيمُ فِي الْمَذْهَبِ كَانَ أَوْضَحَ

(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ) مَنْقُولًا كَانَ أَوْ عَقَارًا وَإِنْ أَذِنَ الْبَائِعُ وَقَبَضَ الثَّمَنَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ: «لَا تَبِيعَنَّ شَيْئًا حَتَّى تَقْبِضَهُ» . رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ: إسْنَادُهُ حَسَنٌ مُتَّصِلٌ. وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى أَنْ تُبَاعَ

ــ

[حاشية قليوبي]

وَحْدَهُ أَوْ أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي تَعَدِّيًا مَثَلًا. قَوْلُهُ: (وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي تَعْبِيرِهِ بِالْأَظْهَرِ. قَوْلُهُ: (بَلْ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي) فَوْرًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ نَعَمْ يَنْفَسِخُ فِي الرِّبَوِيِّ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ مِنْ جِنْسِهِ، وَلَوْ عَبَّرَ بِالْبَدَلِ بَدَلَ الْقِيمَةِ لَكَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (إنَّ إتْلَافَ الْأَجْنَبِيِّ) أَيْ إنْ كَانَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَهُوَ أَهْلٌ لِلضَّمَانِ فَإِتْلَافُهُ لِنَحْوِ صِيَالٍ كَالْآفَةِ كَمَا مَرَّ، وَكَذَا إتْلَافُ الْحَرْبِيِّ وَغَيْرِ الْمُمَيِّزِ كَمَا مَرَّ.

قَوْله: (فَلَا خِيَارَ لَهُ) وَهُوَ قَابِضٌ لِمَا أَتْلَفَهُ فَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ قِسْطُ مَا أَتْلَفَهُ مِنْ الثَّمَنِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ، وَلَوْ فِيمَا لَهُ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ كَالْيَدِ وَفَارَقَ ثُبُوتَ الْخِيَارِ لِمُسْتَأْجِرٍ خَرَّبَ الدَّارَ وَلِامْرَأَةٍ جَبَّتْ ذَكَرَ زَوْجِهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِمَا مَا يُخَيَّلُ أَنَّهُ عَلَى مِلْكِ الْمُتْلِفِ. قَوْلُهُ: (أَوْ الْأَجْنَبِيُّ) وَمِنْهُ وَلَدُ الْمُشْتَرِي فَإِنْ مَاتَ أَبُوهُ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ انْتَقَلَ الْخِيَارُ لَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَإِنْ فَسَخَ فَكَالْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ أَجَازَ فَلَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّهُ عَلَى نَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (فَالْخِيَارُ لَهُ) أَيْ فَوْرًا فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (أَمَّا قَبْلَ قَبْضِهِ فَلَا غُرْمَ) لِاحْتِمَالِ تَلَفِهِ فَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، إنْ نَظَرَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ فِيهِ تَرْكَ حَقٍّ ثَابِتٍ لِأَمْرٍ مُتَوَهَّمٍ وَبِاقْتِضَائِهِ عَدَمَ الْمُطَالَبَةِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَبِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ الْمَبِيعَ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا الْمُطَالَبَةُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لَا التَّغْرِيمُ) لِأَنَّ فِعْلَ الْبَائِعِ كَالْآفَةِ وَمِثْلُهُ مَا أُلْحِقَ بِهِ مِمَّا مَرَّ. قَوْله: (كَانَ أَوْضَحَ) لِأَنَّ ثُبُوتَ الْخِيَارِ لَا خِلَافَ فِيهِ.

تَنْبِيهٌ: مِنْ الْأَجْنَبِيِّ وَكِيلُ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي وَلَوْ فِي الْعَقْدِ وَمِنْهُ عَبْدُهُمَا وَعَبْدُ الْأَجْنَبِيِّ نَعَمْ إتْلَافُ عَبْدِ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِهِ قَبْضٌ كَفِعْلِهِ وَدَابَّةُ كُلٍّ مِنْهُمْ كَفِعْلِهِ إنْ ضَمِنَ مُتْلِفُهَا وَإِلَّا فَكَالْآفَةِ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا مُخَالَفَةٌ فِي بَعْضِ ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَبِيعِ) وَغَيْرُ الْمَبِيعِ مِثْلُهُ كَمَا يَأْتِي وَخَرَجَ بِهِ زَوَائِدُهُ فَيَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِيهَا مُطْلَقًا قَوْلُهُ: (قَبْلَ قَبْضِهِ) وَكَذَا بَعْدَهُ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ أَوْ لَهُمَا وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْبَائِعُ فِيهِ، وَإِلَّا فَيَصِحُّ قَالَهُ شَيْخُنَا م ر. فَرَاجِعْهُ. أَمَّا بَعْدَ الْقَبْضِ وَلَوْ حُكْمًا فَيَصِحُّ التَّصَرُّفُ وَمِنْهُ مَسْأَلَةُ الْعَبْدِ وَالْوَارِثِ السَّابِقَتَيْنِ، نَعَمْ يَصِحُّ بَيْعُ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ بَائِعِهِ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ. قَوْلُهُ: (حِزَامٍ) بِمُهْمَلَةٍ

ــ

[حاشية عميرة]

لِقِيَامِ الْقِيمَةِ مَقَامَ الْمَبِيعِ، وَوَجْهُ التَّخْيِيرِ فَوَاتُ الْعَيْنِ الْمَقْصُودَةِ. قَوْلُهُ: (وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِهَذَا) بِهِ تَعْلَمُ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ لَوْ حَذَفَ الْأَظْهَرَ، وَقَالَ بَدَلَهُ: وَإِنَّ إتْلَافَ الْأَجْنَبِيِّ إلَخْ لَكَانَ مُوفِيًا بِقَاعِدَتِهِ مَعَ الِاخْتِصَارِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْمَقْطُوعَ بِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْبَائِعِ. قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الْبَيْعَ يَنْفَسِخُ إلَخْ) أَيْ لِتَعَذُّرِ التَّسْلِيمِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَخَذَهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَرَضَ تَلَفُ شَيْءٍ يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ كَأَحَدِ الْعِيدَيْنِ فَإِنَّهُ يُجِيزُ بِالْحِصَّةِ مِنْ الثَّمَنِ كَمَا سَلَفَ.

قَوْلُهُ: (فَلَا خِيَارَ) أَيْ بَلْ يَمْتَنِعُ الرَّدُّ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْعُيُوبِ وَيُعَدُّ قَابِضًا لِمَا تَلِفَ بِتَعْيِيبِهِ حَتَّى يَسْتَقِرَّ عَلَيْهِ مَا يُقَابِلُ ذَلِكَ مِنْ الثَّمَنِ فَلَوْ قَطَعَ يَدَهُ فَمَاتَ بَعْدَ الِانْدِمَالِ، فَلَا يَضْمَنُ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ وَلَا بِمَا نَقَصَ مِنْهَا بَلْ يُجْزِئُ مِنْ الثَّمَنِ.

تَنْبِيهٌ: إذَا عَيَّبَ الْمُسْتَأْجِرُ الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ، وَكَذَا لَوْ جَبَّتْ ذَكَرَ زَوْجِهَا وَالْفَرْقُ أَنَّ تَعْيِيبَ الْمُشْتَرِي يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْقَبْضِ، بِخِلَافِ هَذَيْنِ لَا يُتَخَيَّلُ فِيهِمَا ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: يَلْزَمُ هَذَا عَدَمَ تَمَكُّنِ الْبَائِعِ مِنْ الْمُطَالَبَةِ أَيْضًا، وَأَنَّهُ لَوْ غَصَبَ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَتَمَكَّنُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مِنْ الْمُطَالَبَةِ.

قَوْلُهُ: (فَأَرْشُهُ نِصْفُ قِيمَتِهِ) بِخِلَافِ نَظِيرِ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ الْمُشْتَرِي إذَا مَاتَ الْعَبْدُ بَعْدَ الِانْدِمَالِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ بِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ وَيُقَوَّمُ الْعَبْدُ صَحِيحًا وَمَقْطُوعَ الْيَدِ، وَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ مِثْلُ تِلْكَ النِّسْبَةِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ) ذَكَرَ الْأَصْحَابُ فِي ذَلِكَ مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا: ضَعْفُ الْمِلْكِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>