للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأَمْرُ فِي هَذَيْنِ لِلِاسْتِحْبَابِ (بِثَمَنِ مِثْلِهِ حَالًّا مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ) الْأَمْرُ فِيهِ لِلْوُجُوبِ (ثُمَّ إنْ كَانَ الدَّيْنُ غَيْرَ جِنْسِ النَّقْدِ وَلَمْ يَرْضَ الْغَرِيمُ إلَّا بِجِنْسِ حَقِّهِ اشْتَرَى) لَهُ (وَإِنْ رَضِيَ جَازَ صَرْفُ النَّقْدِ إلَيْهِ إلَّا فِي السَّلَمِ) فَلَا يَجُوزُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ امْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْ الْمُسَلَّمِ فِيهِ، وَهُوَ صَادِقٌ بِالنَّقْدِ وَغَيْرِهِ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ جَوَازُ السَّلَمِ فِي النَّقْدِ فِي كِتَابِهِ (وَلَا يُسَلِّمُ مَبِيعًا قَبْلَ قَبْضِ ثَمَنِهِ) احْتِيَاطًا لِمَنْ يَتَصَرَّفُ عَنْ غَيْرِهِ (وَمَا قَبَضَ) بِفَتْحِ الْقَافِ (قَسَّمَهُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ إلَّا أَنْ يُعْسِرَ) قَسَّمَهُ (لِقِلَّتِهِ فَيُؤَخَّرَ لِيَجْتَمِعَ) فَإِنْ أَبَوْا التَّأْخِيرَ فَفِي النِّهَايَةِ إطْلَاقُ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُجِيبُهُمْ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ وَسَكَتَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ (وَلَا يُكَلَّفُونَ) عِنْدَ الْقِسْمَةِ (بَيِّنَةً بِأَنْ لَا غَرِيمَ غَيْرُهُمْ) لِأَنَّ الْحَجْرَ يَشْتَهِرُ، وَلَوْ كَانَ ثَمَّ غَرِيمٌ لَظَهَرَ وَطَلَبَ حَقَّهُ

(فَلَوْ قَسَّمَ فَظَهَرَ غَرِيمٌ شَارَكَ بِالْحِصَّةِ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ (وَقِيلَ: تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ) وَتُسْتَأْنَفُ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ قَسَّمَ مَالَهُ وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ عَلَى غَرِيمَيْنِ لِأَحَدِهِمَا عِشْرُونَ، وَلِلْآخَرِ عَشَرَةٌ فَأَخَذَ الْأَوَّلُ عَشَرَةً وَالْآخَرُ خَمْسَةً فَظَهَرَ غَرِيمٌ لَهُ ثَلَاثُونَ اسْتَرَدَّ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفَ مَا أَخَذَهُ، وَعَلَى الثَّانِي

ــ

[حاشية قليوبي]

الْعَقَارَ) وَيُقَدِّمُ الْبِنَاءَ عَلَى الْأَرْضِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَمْرُ فِي هَذَيْنِ) وَهُمَا حَضْرَةُ الْمُفْلِسِ وَالْغُرَمَاءِ، وَكُلُّ شَيْءٍ فِي سُوقِهِ لِلِاسْتِحْبَابِ، فَلَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِالْبَيْعِ وَفِي غَيْرِ سُوقِهِ نَعَمْ، إنْ وُجِدَتْ مَصْلَحَةٌ وَجَبَ.

قَوْلُهُ: (الْأَمْرُ فِيهِ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ اعْتِبَارِ ثَمَنِ الْمِثْلِ وَالْحُلُولِ وَبِنَقْدِ الْبَلَدِ لِلْوُجُوبِ، فَإِنْ خَالَفَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ نَعَمْ إنْ رَضِيَ الْمُفْلِسُ وَالْغُرَمَاءُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلَوْ دُونَ ثَمَنِ الْمِثْلِ جَازَ. قَوْلُهُ: (غَيْرَ جِنْسِ النَّقْدِ) أَوْ غَيْرَ نَوْعِهِ أَوْ غَيْرَ صِفَتِهِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ رَضِيَ جَازَ) قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَلَوْ رَضِيَ الْغُرَمَاءُ الْمُتَصَرِّفُونَ لِأَنْفُسِهِمْ بِأَخْذِ أَعْيَانِ مَالِ الْمُفْلِسِ فِي دُيُونِهِمْ مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ، جَازَ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ مُشْتَرٍ بِمَا مَرَّ وَجَبَ الصَّبْرُ وَقَيَّدَهُ ابْنُ حَجَرٍ بِمَا إذَا رُجِيَ مُشْتَرٍ. قَوْلُهُ: (إلَّا فِي السَّلَمِ) وَمِثْلُهُ كُلُّ مَا لَا يُعْتَاضُ عَنْهُ كَنُجُومِ الْكِتَابَةِ وَالْمَبِيعِ فِي الذِّمَّةِ، وَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا مِنْ صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ فِي هَذِهِ سَبْقُ قَلَمٍ، وَكَذَا الْمَنْفَعَةُ فِي الذِّمَّةِ، وَمَا اُشْتُرِطَ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ. قَوْلُهُ: (وَقَدْ تَقَدَّمَ) دَلِيلٌ لِلصِّدْقِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُسَلِّمُ) أَيْ الْقَاضِي أَيْ لَا يَجُوزُ فَيَحْرُمُ، فَإِنْ خَالَفَ ضَمِنَ، قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: بِالْقِيمَةِ لِلْحَيْلُولَةِ نَعَمْ إنْ سَلَّمَ بِاجْتِهَادٍ أَوْ تَقْلِيدٍ صَحِيحٍ، لَمْ يَضْمَنْ وَغَيْرُ الْقَاضِي يَضْمَنُ الْبَدَلَ بِالتَّسْلِيمِ أَيْضًا إنْ تَلِفَ الْمَبِيعُ وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ مُطْلَقًا لِلْحَيْلُولَةِ كَالْقَاضِي وَلَوْ وَقَعَ تَنَازُعٌ فِي التَّسْلِيمِ أُجْبِرَ الْمُشْتَرِي الْمُتَصَرِّفُ لِنَفْسِهِ، وَإِلَّا أُجْبِرَا مَعًا وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَحَدَ الْغُرَمَاءِ، وَلَمْ يَزِدْ الثَّمَنُ عَلَى دَيْنِهِ فَالْأَحْوَطُ بَقَاؤُهُ فِي ذِمَّتِهِ. قَوْلُهُ: (قَسَّمَهُ) أَيْ نَدْبًا بَيْنَ الْغُرَمَاءِ نَعَمْ يُقَدَّمُ مُرْتَهِنٌ عَلَى غَيْرِهِ لِتَعَلُّقِهِ بِالْعَيْنِ، وَمُسْتَحِقُّ أُجْرَةٍ عَلَى عَمَلٍ فِي عَيْنٍ كَقِصَارَةٍ؛ لِأَنَّ لَهُ الْحَبْسَ وَيُقَدَّمُ فِي مُكَاتَبٍ حُجِرَ عَلَيْهِ دَيْنُ مُعَامَلَةٍ، ثُمَّ أَرْشُ جِنَايَةٍ ثُمَّ نُجُومُ كِتَابَةٍ وَأُجْرَةُ الْقَاسِمِ فِي مَالِ الْمَصَالِحِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَعَلَى الْمُفْلِسِ وَالْمَدْيُونِ غَيْرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ، يَقْسِمُ مَالَهُ النَّاقِصَ بَيْنَ غُرَمَائِهِ بِالنِّسْبَةِ لِدُيُونِهِمْ أَيْضًا لِعَدَمِ الْمُرَجَّحِ.

قَوْلُهُ: (فَيُؤَخِّرُ) بِأَنْ يَبْقَى فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي، إنْ كَانَ مَلِيًّا مُوسِرًا وَيُسَلِّمُ لَهُ الْمَبِيعَ، أَوْ يُقْرِضُهُ الْحَاكِمُ بَعْدَ قَبْضِهِ عَدْلًا أَمِينًا مُوسِرًا يَرْتَضِيهِ الْغُرَمَاءُ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى رَهْنٍ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أَوْدَعَهُ نَفْسَهُ كَذَلِكَ، وَلَا يَضَعُهُ الْقَاضِي عِنْدَهُ لِلتُّهْمَةِ، فَإِنْ اخْتَلَفُوا فَعِنْدَ عَدْلٍ يَرَاهُ الْحَاكِمُ، وَإِذَا تَلِفَ عِنْدَ الْعَدْلِ كَانَ مِنْ ضَمَانِ الْمُفْلِسِ. قَوْلُهُ: (فَفِي النِّهَايَةِ إلَخْ) وَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِفِعْلِ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُكَلَّفُونَ بَيِّنَةً بِأَنْ لَا غَرِيمَ غَيْرُهُمْ) بِخِلَافِ الْوَرَثَةِ فَيُكَلَّفُونَ بَيِّنَةَ أَنْ لَا وَارِثَ غَيْرُهُمْ؛ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ أَضْبَطُ غَالِبًا، كَذَا قَالُوا وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْحَجْرَ يَشْتَهِرُ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِهِ لِغُرَمَائِهِ.

قَوْلُهُ: (وَقِيلَ تَنْقُضُ إلَخْ) قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ قُسِّمَتْ التَّرِكَةُ ثُمَّ ظَهَرَ وَارِثٌ، فَإِنَّهَا تَنْقُضُ وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ حَقَّ الْوَارِثِ فِي عَيْنِ التَّرِكَةِ وَحَقَّ الْغَرِيمِ هُنَا فِي الْقِيمَةِ.

قَوْلُهُ: (اسْتَرَدَّ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفَ مَا أَخَذَهُ) إلَّا إنْ حَدَثَ لِلْمُفْلِسِ مَالٌ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ قَدْرَ مَا يُسَاوِي نِسْبَةَ

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُ الْمَتْنِ: (قَسَّمَهُ بَيْنَ إلَخْ) أَيْ لِتَبْرَأَ مِنْهُ الذِّمَّةُ، وَيَصِلُ إلَيْهِ الْمُسْتَحِقُّ ثُمَّ الْقِسْمَةُ الْمَذْكُورَةُ عَلَى وَجْهِ الْأَوْلَوِيَّةِ. فَلَوْ عَكَسَ جَازَ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ. قَوْلُهُ: (يَشْتَهِرُ) أَيْ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الشَّاهِدِ لَهُمْ عَلَى عَدَمِ الْغَرِيمِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَظَهَرَ غَرِيمٌ) الْمُرَادُ بِهِ مَنْ يَجِبُ إدْخَالُهُ فِي الْقِسْمَةِ، وَلَوْ بِجِنَايَةٍ حَادِثَةٍ أَوْ سَبَبٍ مُتَقَدِّمٍ، بَلْ لَوْ حَدَثَتْ حَادِثَةٌ بَعْدَ الْقِسْمَةِ يَنْبَغِي أَنْ يُشَارِكَ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ لَا يَنْفَكُّ إلَّا بِفَكِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>