للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَسْتَرِدُّ مِنْهُمَا الْقَاضِي مَا أَخَذَاهُ وَيَسْتَأْنِفُ الْقِسْمَةَ عَلَى الثَّلَاثَةِ

(وَلَوْ خَرَجَ شَيْءٌ بَاعَهُ قَبْلَ الْحَجْرِ مُسْتَحِقًّا وَالثَّمَنُ) الْمَقْبُوضُ (تَالِفٌ فَكَدَيْنٍ) أَيْ فَمَثَلُ الثَّمَنِ اللَّازِمِ كَدَيْنٍ (ظَهَرَ) مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ وَحُكْمُهُ مَا سَبَقَ فَيُشَارِكُ الْمُشْتَرِي الْغُرَمَاءَ مِنْ غَيْرِ نَقْضِ الْقِسْمَةِ أَوْ مَعَ نَقْضِهَا (وَإِنْ اُسْتُحِقَّ شَيْءٌ بَاعَهُ الْحَاكِمُ) وَالثَّمَنُ الْمَقْبُوضُ تَالِفٌ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (قُدِّمَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ) أَيْ بِمِثْلِهِ (وَفِي قَوْلٍ يُحَاصُّ الْغُرَمَاءُ) بِهِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ وَدَفَعَ بِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى رَغْبَةِ النَّاسِ عَنْ شِرَاءِ مَالِ الْمُفْلِسِ فَكَانَ التَّقْدِيمُ مِنْ مَصَالِحِ الْحَجْرِ

(وَيُنْفِقُ) الْحَاكِمُ عَلَى الْمُفْلِسِ وَ (عَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ) مِنْ الزَّوْجَاتِ وَالْأَقَارِبِ (حَتَّى يُقَسِّمَ مَالَهُ) مِنْهُ لِأَنَّهُ مُوسِرٌ مَا لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ وَكَذَلِكَ يَكْسُوهُمْ مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ وَفِي مَعْنَى الزَّوْجَاتِ أُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ (إلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ بِكَسْبٍ) فَلَا يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ وَلَا يَكْسُوهُمْ وَيَصْرِفُ كَسْبَهُ إلَى ذَلِكَ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَفِ بِهِ كَمَّلَ وَالنَّفَقَةُ عَلَى

ــ

[حاشية قليوبي]

دَيْنِهِ، ثُمَّ يُقَسِّمُ الْبَاقِيَ بَيْنَ الْجَمِيعِ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ زَوَائِدَ مَا أَخَذَهُ كُلُّ وَاحِدٍ لَهُ، وَلَوْ أَعْسَرَ بَعْضُ الْآخِذِينَ جُعِلَ مَا أَخَذَهُ كَالْعَدَمِ، وَشَارَكَ صَاحِبُ الدَّيْنِ الظَّاهِرِ مَنْ بَقِيَ بِالنِّسْبَةِ، فَإِنْ أَيْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَخَذَ مِنْهُ مَا كَانَ يُؤْخَذُ، لَوْ لَمْ يُعْسِرْ وَيَقْتَسِمُهُ الْبَقِيَّةُ بِنِسْبَةِ دُيُونِهِمْ، فَلَوْ أَعْسَرَ صَاحِبُ الْخَمْسَةِ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ أَخَذَ صَاحِبُ الثَّلَاثِينَ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِ الْعَشَرَةِ مِمَّنْ أَخَذَهَا، وَهُوَ صَاحِبُ الْعِشْرِينَ فَإِذَا أَيْسَرَ صَاحِبُ الْخَمْسَةِ بَعْدَ ذَلِكَ، أَخَذَ مِنْهُ الْحَاكِمُ نِصْفَهَا وَاقْتَسَمَهُ الْآخَرَانِ أَخْمَاسًا بِنِسْبَةِ دُيُونِهِمَا.

تَنْبِيهٌ: لَوْ فَكَّ الْحَجْرَ عَنْ الْمُفْلِسِ، وَحَدَثَ لَهُ مَالٌ بَعْدَهُ، فَلَا تَعَلُّقَ لِأَحَدٍ بِهِ، فَيَتَصَرَّفُ فِيهِ كَيْفَ شَاءَ، فَلَوْ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ كَانَ قَبْلَ الْفَكِّ تَبَيَّنَ بَقَاءُ الْحَجْرِ فِيهِ، سَوَاءٌ حَدَثَ لَهُ بَعْدَ الْفَكِّ مَالٌ وَغُرَمَاءُ أَوْ لَا، وَالْمَالُ الَّذِي ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ فَكِّ الْحَجْرِ لِلْغُرَمَاءِ الْأَوَّلِينَ وَيُشَارِكُونَ مَنْ حَدَثَ بَعْدَهُمْ، فِيمَا حَدَثَ بَعْدَ الْفَكِّ، وَلَا يُشَارِكُ غَرِيمٌ حَادِثٌ مَنْ قَبْلَهُ فِي مَالٍ حَدَثَ قَبْلَهُ، أَوْ مَعَهُ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (تَالِفٌ) سَوَاءٌ تَلِفَ قَبْلَ الْحَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ، وَهَلْ مِنْ التَّلَفِ قَسْمُهُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ) هُوَ إصْلَاحٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْمُقْتَضِي، أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الدِّينِ مَعَ أَنَّهُ مِنْهُ حَقِيقَةً. قَوْلُهُ: (وَإِنْ اسْتَحَقَّ) هُوَ وَاضِحٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالْيَدِ كَمَا مَرَّ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ بِإِثْبَاتِ مِلْكِهِ، فَفِيهِ نَظَرٌ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْبَيِّنَةَ تَعْتَمِدُ ظَاهِرَ الْيَدِ اسْتِصْحَابًا فَلَا إشْكَالَ. قَوْلُهُ: (بَاعَهُ الْحَاكِمُ) أَيْ وَلَوْ بِنَائِبِهِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّمَنُ الْمَقْبُوضُ تَالِفٌ إلَخْ) فَإِنْ كَانَ بَاقِيًا رَدَّ بِعَيْنِهِ. قَوْلُهُ: (أَيْ بِمِثْلِهِ) الْأَوْلَى بِبَدَلِهِ وَلَيْسَ الْحَاكِمُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ، وَشَمَلَ تَقْدِيمَ الْمُشْتَرِي مَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَمَا بَعْدَهَا وَمَا قَبْلَ التَّلَفِ وَمَا بَعْدَهُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا تَنْقُضُ الْقِسْمَةُ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (وَيُنْفِقُ) أَيْ وُجُوبًا. قَوْلُهُ: (وَعَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ) جَعَلَ الشَّارِحُ هَذَا عَطْفًا عَلَى مُقَدَّرٍ، وَهُوَ الْمُفْلِسُ وَلَعَلَّ سِرَّهُ أَنَّ نَفَقَةَ نَفْسِهِ لَا يَنْفَكُّ لُزُومُهَا لَهُ. وَلَا يَحْتَاجُ إلَى طَلَبٍ، وَجَعَلَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ دَاخِلًا فِيمَنْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ وَاجِبَةٌ عَلَى نَفْسِهِ، وَهُوَ أَوْلَى لِمَا يَأْتِي لَكِنْ يُعْتَبَرُ فِي وُجُوبِ نَفَقَةِ غَيْرِهِ طَلَبُهَا بِنَفْسِهِ إنْ كَانَ أَهْلًا، وَإِلَّا فَوَلِيُّهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَلِيٌّ فَلَا حَاجَةَ لِلطَّلَبِ. قَوْلُهُ: (مِنْ الزَّوْجَاتِ) أَيْ غَيْرِ الْحَافِظَاتِ فِي زَمَنِ الْحَجْرِ؛ لِأَنَّ حُدُوثَهُنَّ جَائِزٌ بِاخْتِيَارِهِ، وَإِنْ وَجَبَ الْعَقْدُ عَلَيْهِنَّ بَعْدَ طَلَاقِهِنَّ بِنَحْوِ رَقَاءِ قَسَمٍ. قَوْلُهُ: (وَالْأَقَارِبِ) وَلَوْ الْحَادِثِينَ فِي زَمَنِ الْحَجْرِ وَلَوْ بِقَبُولِ هِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ بِأَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ أَوْ بِشِرَائِهِ فِي ذِمَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ شَأْنَ الْأَقَارِبِ عَدَمُ الِاخْتِيَارِ فِي تَحْصِيلِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا مِنْ الزَّوْجَاتِ الْحَادِثَاتِ أَوْصَى الْمُسْتَوْلِدَاتِ أَوْ بِاسْتِلْحَاقٍ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ، وَفَارَقَ عَدَمَ لُزُومِ نَفَقَةِ مُسْتَلْحَقِ السَّفِيهِ فِي مَالِهِ بَلْ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ أَوْ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْأَمْوَالِ لِذَاتِهِ وَإِقْرَارِهِ بِهَا بَاطِلٌ. قَوْلُهُ: (مِنْهُ) أَيْ مِنْ مَالِهِ إلَّا إنْ تَعَلَّقَ بِعَيْنِهِ حَقٌّ كَرِهْنٍ وَخَرَجَ بِهِ كَسْبُهُ فَيُنْفِقُ مِنْهُ، وَلَوْ عَلَى الزَّوْجَاتِ الْحَادِثَاتِ. قَوْلُهُ: (يَكْسُوهُمْ) مِثْلُ ذَلِكَ الْإِسْكَانُ وَالْإِخْدَامُ وَالتَّجْهِيزُ فِي الْمَوْتِ، وَلَوْ بِالْمَنْدُوبِ مَا لَمْ يَمْنَعْ الْغُرَمَاءَ. قَوْلُهُ: (وَفِي مَعْنَى إلَخْ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْوُجُوبُ أَوْ الْمُرَادُ غَيْرُ الْحَادِثَاتِ مِنْ الزَّوْجَاتِ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ، وَالْمَمَالِيكُ كَأُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُمْ لِمَصْلَحَةِ الْغُرَمَاءِ. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ بِكَسْبٍ) مِنْهُ يُفْهَمْ أَنَّهُ لَا

ــ

[حاشية عميرة]

الْقَاضِي. قَوْلُهُ: (وَيَسْتَأْنِفُ) لِأَنَّهَا صَدَرَتْ عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ الْجَائِزِ شَرْعًا كَذَا عَلَّلُوهُ، وَهُوَ يُفِيدُك أَنَّ مَعْنَى النَّقْضِ تَبَيُّنُ فَسَادِهَا مِنْ أَصْلِهَا، وَانْظُرْ لَوْ قُسِّمَتْ التَّرِكَةُ وَحَدَثَ بَعْدَ قِسْمَتِهَا زَوَائِدُ، هَلْ يَتَعَيَّنُ الْقَوْلُ بِنَقْضِ الْقِسْمَةِ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ .

قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَكَدَيْنٍ ظَهَرَ) قِيلَ: الْكَافُ مُسْتَدْرِكَةٌ وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى الْجَوَابِ. قَوْلُهُ: (إلَى رَغْبَةِ النَّاسِ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُفْلِسَ لَوْ بَاعَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فَكَانَ التَّقْدِيمُ مِنْ مَصَالِحِ الْحَجْرِ) أَيْ كَأُجْرَةِ الْكَيَّالِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُنْفِقُ) دَلِيلُهُ إطْلَاقُ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «ابْدَأْ بِنَفْسِك ثُمَّ بِمَنْ تَعُولُ» . قَوْلُهُ: (عَلَى الْمُفْلِسِ) لَك أَنْ تَقُولَ: هُوَ دَاخِلٌ فِي عِبَارَةِ الْكِتَابِ لِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>