للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالتَّأْبِيرِ) أَيْ تَشَقُّقُ الطَّلْعِ (قَرِيبٌ مِنْ اسْتِتَارِ الْجَنِينِ وَانْفِصَالِهِ) فَإِذَا كَانَتْ الثَّمَرَةُ عَلَى النَّخِيلِ الْمَبِيعِ عِنْدَ الْبَيْعِ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ وَعِنْدَ الرُّجُوعِ مُؤَبَّرَةً فَهِيَ كَالْحَمْلِ عِنْدَ الْبَيْعِ الْمُنْفَصِلِ قَبْلَ الرُّجُوعِ فَيَتَعَدَّى الرُّجُوعُ إلَيْهَا عَلَى الرَّاجِحِ (وَ) هِيَ (أَوْلَى بِتَعَدِّي الرُّجُوعِ) إلَيْهَا مِنْ الْحَمْلِ لِأَنَّهَا مُشَاهَدَةٌ مَوْثُوقٌ بِهَا بِخِلَافِهِ. وَلِذَلِكَ قَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالرُّجُوعِ فِيهَا وَلَوْ حَدَثَتْ الثَّمَرَةُ بَعْدَ الْبَيْعَ وَهِيَ غَيْرُ مُؤَبَّرَةٍ عِنْدَ الرُّجُوعِ رَجَعَ فِيهَا عَلَى الرَّاجِحِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ مِنْ الْحَمْلِ. وَقِيلَ: لَا يَرْجِعُ فِيهَا قَطْعًا وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَا تَتَنَاوَلُهَا عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ عِنْدَ الْبَيْعِ وَالرُّجُوعِ رَجَعَ فِيهَا جَزْمًا وَلَوْ حَدَثَتْ الثَّمَرَةُ بَعْدَ الْبَيْعِ وَهِيَ عِنْدَ الرُّجُوعِ مُؤَبَّرَةٌ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي

(وَلَوْ غَرَسَ الْأَرْضَ) الْمُشْتَرَاةَ (أَوْ بَنَى) فِيهَا ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَدَاءِ الثَّمَنِ وَأَرَادَ الْبَائِعُ الرُّجُوعَ فِيهَا (فَإِنْ اتَّفَقَ الْغُرَمَاءُ وَالْمُفْلِسُ عَلَى تَفْرِيغِهَا) مِنْ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ (فَعَلُوا وَأَخَذَهَا الْبَائِعُ) بِرُجُوعِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَهُمْ أَخْذَ قِيمَةِ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ لِيَتَمَلَّكَهَا مَعَ الْأَرْضِ، وَإِذَا قَلَعُوا وَجَبَ تَسْوِيَةُ الْحَفْرِ مِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ وَإِنْ حَدَثَ فِي الْأَرْضِ نَقْصٌ بِالْقَلْعِ وَجَبَ أَرْشُهُ مِنْ مَالِهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: يُضَارِبُ الْبَائِعُ بِهِ.

وَفِي الْمُهَذَّبِ وَالتَّهْذِيبِ أَنَّهُ يُقَدَّمُ بِهِ لِأَنَّهُ لِتَخْلِيصِ مَالِهِ (وَإِنْ امْتَنَعُوا) مِنْ الْقَلْعِ (لَمْ يُجْبَرُوا) عَلَيْهِ (بَلْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ) فِي الْأَرْضِ (وَيَتَمَلَّكُ الْبِنَاءَ وَالْغِرَاسَ بِقِيمَتِهِ) أَيْ لَهُ مَجْمُوعُ الْأَمْرَيْنِ لِمَا سَيَأْتِي (وَلَهُ) بَدَلُ تَمَلُّكِ مَا ذَكَرَ (أَنْ يَقْلَعَهُ وَيَغْرَمَ أَرْشَ نَقْصِهِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ

ــ

[حاشية قليوبي]

الْمُصَنِّفِ أَوَّلًا. قَوْلُهُ: (بِالتَّأْبِيرِ) لَوْ أَسْقَطَهُ كَانَ أَوْلَى لِيَدْخُلَ غَيْرُ النَّخْلِ مِمَّا مَرَّ فِي بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ، مِنْ تَنَاثُرِ نُورٍ وَبُرُوزٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلَوْ فِي ثَمَرَةٍ فِي بُسْتَانٍ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَلِذَلِكَ قَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالرُّجُوعِ فِيهَا) فَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالْمَذْهَبِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَشَارَ بِالْأَوْلَوِيَّةِ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (لَا تَتَنَاوَلهَا عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ) أَيْ لِذِكْرِهِ الْأَوْلَوِيَّةَ مَعَ أَنَّ هُنَا طَرِيقًا قَاطِعًا بِعَدَمِ الرُّجُوعِ، وَلَوْ سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْأَوْلَوِيَّةِ لَشَمَلَ كَلَامُهُ الْمَسَائِلَ الْأَرْبَعَ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ إلَخْ) وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمُفْلِسُ وَالْبَائِعُ فِي وُقُوعِ التَّأْبِيرِ قَبْلَ الرُّجُوعِ أَوْ بَعْدَهُ، صُدِّقَ الْمُفْلِسُ وَيَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالسَّبْقِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ غَرَسَ إلَخْ) أَشَارُوا إلَى أَنَّ الزِّيَادَةَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامِ؛ لِأَنَّهَا إمَّا مُتَمَيِّزَةً كَالْوَلَدِ وَكَالْغِرَاسِ، أَوْ غَيْرَ مُتَمَيِّزَةٍ كَخَلْطِ الْحِنْطَةِ أَوْ السَّمْنِ أَوْ صِفَةٍ كَالطَّحْنِ وَالْقِصَارَةِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ حَجَرَ) هُوَ تَصْوِيرٌ فَبَعْدَ الْحَجْرِ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فَعَلُوا) أَيْ قَلَعُوا بَعْدَ الرُّجُوعِ كَمَا يُفْهَمْ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُوَافِقُهُمْ ثُمَّ لَا يَرْجِعُ فَيَتَضَرَّرُونَ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَتْ لَهُمْ الْمَصْلَحَةُ لَمْ يُشْتَرَطْ تَقْدِيمُ رُجُوعِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ إلَخْ) هَذَا يُشْكِلُ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا مِنْ إلْزَامِ الْمُفْلِسِ بِأَخْذِ قِيمَةِ الْوَلَدِ، إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِحُرْمَةِ التَّفْرِيقِ هُنَاكَ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَظَرٌ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (نَقَصَ) أَيْ بِالْقَلْعِ بَعْدَ الرُّجُوعِ لِأَنَّهُ قَبْلَهُ كَالْآفَةِ. قَوْلُهُ: (يُضَارِبُ بِهِ) أَيْ بِالْمَذْكُورِ مِنْ أُجْرَةِ التَّسْوِيَةِ وَالْأَرْشِ. قَوْلُهُ: (يُقَدَّمُ بِهِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ امْتَنَعُوا) أَيْ كُلُّهُمْ أَمَّا لَوْ اخْتَلَفُوا فِيهِ فَيَعْمَلُ بِالْمَصْلَحَةِ لِلْمُفْلِسِ. قَوْلُهُ: (وَيَتَمَلَّكُ) أَيْ بَعْدَ الرُّجُوعِ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ فِي الرُّجُوعِ، وَلَا بُدَّ مِنْ عَقْدِ تَمَلُّكٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (بِقِيمَتِهِ) أَيْ وَقْتَ التَّمَلُّكِ أَيْ قَائِمًا مُسْتَحِقَّ الْقَلْعِ بِالْأَرْشِ لَا مَجَّانًا.

قَوْلُهُ: (مَجْمُوعُ الْأَمْرَيْنِ) أَيْ هُمَا مَعًا دَفَعَ بِهِ جَوَازَ الرُّجُوعِ مِنْ غَيْرِ تَمَلُّكِ الْبِنَاءِ، وَالْغِرَاسِ الْمُنَافِي لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَلَيْسَ لَهُ إلَخْ. قَوْلُهُ: (بَدَلُ تَمَلُّكِ مَا ذُكِرَ) فَهُوَ بَعْدَ الرُّجُوعِ أَيْضًا قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: فَيُجْبَرُ عَلَى أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ وَلَهُ بَعْدَ اخْتِيَارِ أَحَدِهِمَا الرُّجُوعُ إلَى الْآخَرِ، وَيُغْتَفَرُ ذَلِكَ فِي الْفَوْرِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ نَوْعُ تَرَوٍّ.

وَقَالَ شَيْخُنَا: إذَا لَمْ يَفْعَلْ وَاحِدًا مِنْهُمَا تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الرُّجُوعِ فَحَرِّرْهُ.

قَوْلُهُ: (أَرْشَ نَقْصِهِ) أَيْ نَقْصِ قِيمَتِهِ مَقْلُوعًا عَنْهَا قَائِمًا مُسْتَحَقَّ الْقَلْعِ لَا الْإِبْقَاءِ. قَوْلُهُ: (لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا وَيَبْقَى الْغِرَاسُ

ــ

[حاشية عميرة]

لَمْ يَبْذُلْهَا. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْوَضْعِ) وَحِكْمَةُ التَّفْرِيقِ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ) إنْ أَرَادَ الطَّرِيقَةَ الْقَاطِعَةَ، فَهُوَ حَسَنٌ ظَاهِرٌ وَإِنْ أَرَادَ قَوْلَهُ وَلَوْ حَدَثَتْ الثَّمَرَةُ إلَخْ. كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ بَلْ صَرِيحُهَا فَفِيهِ غُمُوضٌ، وَكَانَ وَجْهُهُ جَعْلَ التَّنْبِيهِ السَّابِقِ فِي مَجْمُوعِ الِاسْتِتَارِ وَالظُّهُورِ ثُمَّ الْحَامِلُ لِلشَّارِحِ عَلَى هَذَا عَدَمُ صِحَّةِ قَوْلِهِ، وَأَوْلَى بِتَعَدِّي الرُّجُوعِ بِالنِّسْبَةِ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ الشَّارِحِ الِاعْتِرَاضَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ، وَلِلَّهِ دَرُّ الْإِمَامِ الْغَزَالِيِّ حَيْثُ قَالَ: وَحُكْمُ الثَّمَرَةِ قَبْلَ التَّأْبِيرِ حُكْمُ الْجَنِينِ وَأَوْلَى بِالِاسْتِقْلَالِ انْتَهَى. فَإِنَّهَا تُفِيدُ طَرِيقَ الْقَطْعِ فِي الْأُولَى وَطَرِيقَ الْقَطْعِ فِي الثَّانِيَةِ، وَلِهَذَا قَالَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هُوَ تَعْبِيرٌ حَسَنٌ مُطَّرِدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ.

قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لَهُ إلَخْ) لِأَنَّ الْغَرَضَ الْوُصُولُ إلَى الْمَبِيعِ وَقَدْ حَصَلَ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَجَبَ أَرْشُهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْقَلْعُ قَبْلَ الرُّجُوعِ أَوْ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (يُضَارِبُ الْبَائِعُ بِهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ وَجَبَ تَسْوِيَةُ الْحَفْرِ، وَوَجَبَ أَرْشُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يُجْبَرُوا) لِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>