للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا وَيَبْقَى الْغِرَاسُ وَالْبِنَاءُ لِلْمُفْلِسِ) لِنَقْصِ قِيمَتِهِمَا بِلَا أَرْضٍ فَيَحْصُلُ لَهُ الضَّرَرُ الرُّجُوعُ إنَّمَا يَثْبُتُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ وَلَا يَزَالُ الضَّرَرُ بِالضَّرَرِ. وَالثَّانِي لَهُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ صَبَغَ الْمُشْتَرِي الثَّوْبَ ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَدَاءِ الثَّمَنِ يَرْجِعُ الْبَائِعُ فِي الثَّوْبِ فَقَطْ. وَيَكُونُ الْمُفْلِسُ شَرِيكًا مَعَهُ بِالصِّبْغِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الصِّبْغَ كَالصِّفَةِ التَّابِعَةِ لِلثَّوْبِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يُضَارِبُ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ أَوْ يَعُودُ إلَى بَذْلِ قِيمَتِهِمَا أَوْ قَلْعِهِمَا مَعَ غَرَامَةِ أَرْشِ النَّقْصِ

(وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ) لَهُ (حِنْطَةً فَخَلَطَهَا بِمِثْلِهَا أَوْ دُونِهَا) ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ (فَلَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ بَعْدَ الْفَسْخِ (أَخْذُ قَدْرِ الْمَبِيعِ مِنْ الْمَخْلُوطِ) وَيَكُونُ فِي الدُّونِ مُسَامِحًا بِنَقْصِهِ كَنَقْصِ الْعَيْبِ (أَوْ) خَلَطَهَا (بِأَجْوَدَ فَلَا رُجُوعَ فِي الْمَخْلُوطِ فِي الْأَظْهَرِ) حَذَرًا مِنْ ضَرَرِ الْمُفْلِسِ وَيُضَارِبُ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ، وَالثَّانِي لَهُ الرُّجُوعُ وَيُبَاعَانِ وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَى نِسْبَةِ الْقِيمَةِ

(وَلَوْ طَحَنَهَا) أَيْ الْحِنْطَةَ الْمَبِيعَةَ لَهُ (أَوْ قَصَّرَ الثَّوْبَ) الْمَبِيعَ لَهُ ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ (فَإِنْ لَمْ تَزِدْ الْقِيمَةُ) بِالطَّحْنِ أَوْ الْقِصَارَةِ (رَجَعَ) الْبَائِعُ فِي ذَلِكَ (وَلَا شَيْءَ لِلْمُفْلِسِ) فِيهِ وَإِنْ نَقَصَتْ فَلَا شَيْءَ

ــ

[حاشية قليوبي]

وَالْبِنَاءُ لِلْمُفْلِسِ) وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ أُجْرَةً. قَوْلُهُ: (وَلَا يُزَالُ الضَّرَرُ بِالضَّرَرِ) أَيْ لَا يُزَالُ ضَرَرُ الْبَائِعِ بِضَرَرِ الْمُشْتَرِي.

تَنْبِيهٌ: لَوْ وَقَفَ الْغِرَاسُ أَوْ الْبِنَاءُ قَبْلَ الْحَجْرِ فَهُوَ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْعَارِيَّةِ، وَاعْلَمْ أَنَّ مِثْلَ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ فِيمَا تَقَدَّمَ زَرْعٌ تَبْقَى أُصُولُهُ أَوْ يُجَزُّ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، وَأَمَّا زَرْعٌ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَثَمَرَةٌ عَلَى شَجَرٍ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ مَا ذُكِرَ، بَلْ يُجْبَرُ عَلَى إبْقَائِهِمَا إلَى وَقْتِ الْجُذَاذِ بِلَا أُجْرَةٍ؛ لِأَنَّ لَهُمَا أَمَدًا يُنْتَظَرُ فَسَهُلَ احْتِمَالُهُمَا، وَلَوْ اتَّفَقَ الْبَائِعُ وَالْغُرَمَاءُ، وَالْمُفْلِسُ عَلَى بَيْعِ الْأَرْضِ بِمَا فِيهَا جَازَ وَوَزَّعَ الثَّمَنَ مِمَّا مَرَّ فِي الرَّهْنِ، وَاغْتُفِرَ هُنَا تَعَدُّدُ الْمَالِكِ لِأَنَّ مَا فِي الْأَرْضِ تَابِعٌ مَعَ الِاحْتِيَاجِ إلَى بَيْعِ مَالِ الْمُفْلِسِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ عَدَمَ صِحَّةِ بَيْعِ نَحْوِ عَبْدَيْهِمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ، وَلَوْ بِيعَ مَا فِي الْأَرْضِ وَحْدَهُ مِنْ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ بَقِيَ تَخْيِيرُ الْبَائِعِ بَيْنَ التَّمَلُّكِ مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي، وَالْقَلْعِ وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إنْ جَهِلَ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْأَوَّلِ) وَهُوَ الْأَظْهَرُ يُضَارِبُ إنْ لَمْ يَرْجِعْ أَوْ يَعُودُ بَعْدَ الرُّجُوعِ كَمَا مَرَّ.

وَاغْتُفِرَ ذَلِكَ فِي الْفَوْرِيَّةِ الْمَشْرُوطَةِ لِمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (حِنْطَةٌ) أَيْ مَثَلًا فَالْمُرَادُ كُلُّ مِثْلِيٍّ وَخَصَّ الْحِنْطَةَ بِالذِّكْرِ لِمَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (فَخَلَطَهَا) أَيْ الْمُشْتَرِي وَلَوْ بِإِذْنِهِ أَوْ اخْتَلَطَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ خَلَطَهَا نَحْوُ بَهِيمَةٍ، وَخَرَجَ مَا لَوْ خَلَطَهَا أَجْنَبِيٌّ فَيَرْجِعُ الْبَائِعُ بِالْأَرْشِ عَلَى الْمُفْلِسِ، وَيُضَارِبُ بِهِ، وَيَرْجِعُ بِهِ الْمُفْلِسُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ لِئَلَّا يَلْزَمَ الضَّرَرُ عَلَى الْمُفْلِسِ وَالْغُرَمَاءِ. قَوْلُهُ: (بِمِثْلِهَا أَوْ دُونِهَا) وَلَوْ لِبَائِعٍ آخَرَ إذْ لِكُلٍّ الرُّجُوعُ فِي حَقِّهِ، فَلَهُ أَخْذُ قَدْرِ الْمَبِيعِ مِنْ الْمَخْلُوطِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ حُجِرَ) لَيْسَ التَّرْتِيبُ مُعْتَبَرًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَيْ لِلْبَائِعِ ذَلِكَ) وَإِنَّمَا لَمْ يُجْعَلْ كَالتَّالِفِ كَمَا فِي الْغَصْبِ لِئَلَّا يَلْزَمَ ضَرَرُ الْبَائِعِ لِأَنَّ سَبِيلَهُ الْمُضَارَبَةُ، وَأَمْوَالُ الْمُفْلِسِ لَا تَفِي بِدُيُونِهِ نَعَمْ. لَوْ لَمْ يَتَمَيَّزْ وَاخْتَلَفَ الْجِنْسُ كَزَيْتٍ بِشَيْرَجٍ، ضَمِنَ التَّالِفُ وَعَلِمَ مِنْ جَوَازِ الْأَخْذِ أَنَّ الْمُفْلِسَ، وَالْغُرَمَاءَ لَا يُجْبَرُونَ عَلَى بَيْعِ الْمَخْلُوطِ، وَقَسَّمَ ثَمَنَهُ لَوْ طَلَبَهُ الْبَائِعُ. قَوْلُهُ: (مُسَامِحًا) فَإِنْ لَمْ يُسَامِحْ لَمْ يَرْجِعْ وَيُضَارِبْ. قَوْلُهُ: (أَوْ بِأَجْوَدَ) أَيْ بِقَدْرٍ يَزِيدُ عَلَى تَفَاوُتِ الْكَيْلَيْنِ مِنْهُ، وَلَيْسَ الْأَجْوَدُ أَكْثَرَ وَإِلَّا قَطَعَ بِالرُّجُوعِ فِي الْأَوَّلِ وَبِعَدَمِهِ فِي الثَّانِي.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ طَحَنَهَا) إشَارَةً إلَى أَنَّ ضَابِطَ مَا هُنَا أَنْ يَكُونَ مَا فَعَلَهُ صِفَةً يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا، وَيَظْهَرُ أَثَرُهَا فَيَشْمَلُ خَبْزَ الْعَجِينِ وَذَبْحَ الشَّاةِ وَشَيَّ اللَّحْمِ، وَضَرْبَ اللَّبَنِ، وَتَعَلُّمَ الرَّقِيقِ قِرَاءَةً أَوْ حِرْفَةً أَوْ كِتَابَةً وَنَحْوَ ذَلِكَ، بِمُعَلِّمٍ وَلَوْ مُتَبَرِّعًا عَلَى الْمُفْلِسِ، وَخَرَجَ نَحْوُ حِفْظِ الدَّابَّةِ وَسَقْيِهَا. قَوْلُهُ: (ثُمَّ

ــ

[حاشية عميرة]

وَضْعٌ بِحَقٍّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَلْ لَهُ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ الزَّرْعِ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ وَيُبْقِيهِ إلَى أَوَانِ الْحَصَادِ؛ لِأَنَّ لَهُ أَمَدًا يُنْتَظَرُ وَلَيْسَ لَهُ مَعَ ذَلِكَ أُجْرَةٌ، وَقَوْلُهُ: وَيَتَمَلَّكُ عِبَارَةُ الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ عَلَى أَنْ يَتَمَلَّكَ، وَهِيَ تَقْتَضِي الِاشْتِرَاطَ، لَكِنْ هَلْ مَعْنَى الْإِتْيَانِ فِي صِيغَةِ الرُّجُوعِ أَمْ يَكْفِي التَّوَافُقُ عَلَيْهِ أَوَّلًا، وَعَلَى كُلٍّ فَهَلْ يُجْبَرُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ، إذْ لَمْ يُقْبَلْ أَوْ يُنْقَضْ الرُّجُوعُ أَوْ يَتَبَيَّنْ بُطْلَانُهُ مَحَلُّ نَظَرٍ. قَوْلُهُ: (لِمَا سَيَأْتِي) أَيْ لَهُ الْمَجْمُوعُ دُونَ كُلٍّ عَلَى انْفِرَادِهِ لِمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ إلَخْ. هَذَا غَايَةُ مَا ظَهَرَ لِي فِي فَهْمِهِ، وَأَمَّا تَعْلِيلُ ثُبُوتِ التَّمَلُّكِ لَهُ فَقَدْ عَلَّلَ بِأَنَّ أَمْوَالَ الْمُفْلِسِ غَيْرُ مُبْقَاةٍ، وَكَذَا عَلَّلُوا الْقَلْعَ وَغَرَامَةَ أَرْشِ النَّقْصِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَهُ أَنْ يُقْلِعَهُ إلَخْ) هُوَ قَسِيمُ يَتَمَلَّكُ كَمَا بَيَّنَهُ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَهُ ذَلِكَ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَكِنْ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ مَعَهُمْ بِخِلَافِ الصِّبْغِ. قَوْلُهُ: (أَوْ يَعُودُ) أَيْ فَالِامْتِنَاعُ أَوَّلًا يُسْقِطُ الْعَوْدَ لَوْ أَرَادَهُ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا رُجُوعَ فِي الْمَخْلُوطِ) أَيْ لَوْ كَانَ الْخَلِيطُ قَلِيلًا جِدًّا، فَإِنْ كَانَ الْكَثِيرُ لِلْبَائِعِ فَالْوَجْهُ الْقَطْعُ بِتَمَكُّنِهِ مِنْ الرُّجُوعِ، وَإِنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي فَالْوَجْهُ الْقَطْعُ بِعَدَمِهِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ نَقَصَتْ فَلَا شَيْءَ إلَخْ) بَحَثَ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَخْرِيجَهُ عَلَى أَنَّ تَعْيِيبَ الْمُشْتَرِي هَلْ يَلْحَقُ بِالْآفَةِ أَوْ بِالْفِعْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>