للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَطَلَ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ مُبَاشَرَةِ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ فَكَيْفَ يَسْتَنِيبُ فِيهِ غَيْرَهُ، وَالثَّانِي: يَصِحُّ وَيَكْفِي بِحُصُولِ الْمِلْكِ عِنْدَ التَّصَرُّفِ فَإِنَّهُ الْمَقْصُودُ مِنْ التَّوْكِيلِ، (وَأَنْ يَكُونَ قَابِلًا لِلنِّيَابَةِ، فَلَا يَصِحُّ فِي عِبَادَةٍ إلَّا الْحَجَّ) وَمِثْلُهُ الْعُمْرَةُ (وَتَفْرِقَةُ زَكَاةٍ وَذَبْحُ أُضْحِيَّةٍ) لِأَدِلَّتِهَا، (وَلَا فِي شَهَادَةٍ وَإِيلَاءٍ وَلِعَانٍ وَسَائِرِ الْأَيْمَانِ) أَيْ بَاقِيهَا فَالْإِيلَاءُ وَاللِّعَانُ يَمِينَانِ، (وَلَا فِي الظِّهَارِ فِي الْأَصَحِّ) إلْحَاقًا لَهُ بِالْيَمِينِ، وَالثَّانِي يُلْحِقُهُ بِالطَّلَاقِ وَعَلَيْهِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: لَعَلَّ لَفْظَهُ: أَنْتِ عَلَى مُوَكِّلِي كَظَهْرِ أُمِّهِ وَيُلْحَقُ بِالزَّكَاةِ الْكَفَّارَةُ وَصَدَقَةُ التَّطَوُّعِ وَبِالْأُضْحِيَّةِ الْهَدْيُ، وَبِالْيَمِينِ النَّذْرُ وَتَعْلِيقُ الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ.

(وَيَصِحُّ) التَّوْكِيلُ (فِي طَرَفَيْ بَيْعٍ وَهِبَةٍ وَسَلَمٍ، وَرَهْنٍ وَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ، وَسَائِرِ الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ) كَالصُّلْحِ وَالْحَوَالَةِ، وَالضَّمَانِ وَالشِّرْكَةِ، وَالْإِجَارَةِ وَالْفَسْخِ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ، وَالشَّرْطِ وَالْإِقَالَةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ (وَقَبْضِ الدُّيُونِ، وَإِقْبَاضِهَا وَالدَّعْوَى وَالْجَوَابِ) رَضِيَ الْخَصْمُ أَمْ لَمْ يَرْضَ، فِي مَالٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَفِي الْإِعْتَاقِ وَالْكِتَابَةِ، (وَكَذَا فِي تَمَلُّكِ الْمُبَاحَاتِ كَالْإِحْيَاءِ وَالِاصْطِيَادِ وَالِاحْتِطَابِ فِي

ــ

[حاشية قليوبي]

تَنْبِيهٌ شَرْطُ الْوَكِيلِ أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا فَلَا يَصِحُّ، وَكَّلْت كُلَّ مُسْلِمٍ أَوْ أَحَدَكُمَا فِي بَيْعِ كَذَا، وَإِلَّا تَبِعَا كَوَكَّلْتُكَ فِي بَيْعِ كَذَا وَكُلُّ مُسْلِمٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

قَوْلُهُ: (بَطَلَ فِي الْأَصَحِّ) وَمِنْهُ تَوْكِيلُ الْوَلِيِّ بِتَزْوِيجِ مُولِيَتِهِ، إذَا طَلُقَتْ أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَيَصِحُّ تَوْكِيلُهَا لِوَلِيِّهَا بِمِثْلِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذْنٌ وَهُوَ أَوْسَعُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الدَّمِيرِيِّ وَغَيْرِهِ، أَنَّ صُورَةَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بَاطِلَةٌ قَطْعًا. إذْ قَالُوا: مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي نَحْوِ الْعَبْدِ وَالزَّوْجَةِ إذَا عَيَّنَ ذَلِكَ بِوَصْفٍ، أَوْ عَمَّمَ نَحْوُ كُلِّ عَبْدٍ، فَإِنْ أَتَى بِنَكِرَةٍ مَحْضَةٍ بَطَلَ قَطْعًا فَرَاجِعْهُ وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ فِي ذَلِكَ اسْتِقْلَالًا إمَّا تَبَعًا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْجِنْسِ كَبَيْعِ عَبْدِهِ هَذَا، وَطَلَاقِ مَنْ سَيَنْكِحُهَا فَصَحِيحٌ وَمِنْهُ تَوْكِيلُهُ فِي بَيْعِ هَذَا، وَأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِثَمَنِهِ كَذَا، وَمِنْهُ تَوْكِيلُهُ فِي بَيْعِ شَجَرَةٍ، وَمَا سَيَحْدُثُ مِنْ ثَمَرَتِهَا، بِخِلَافِ تَوْكِيلِهِ فِي بَيْعِ الثَّمَرَةِ وَحْدَهَا قَبْلَ وُجُودِهَا، فَلَا يَصِحُّ وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ يُحْمَلُ مَا فِي الْمَنْهَجِ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ وَإِلَّا فَهُوَ ضَعِيفٌ. وَلَوْ قَالَ: فِي كُلِّ حُقُوقِي دَخَلَ الْمَوْجُودُ وَالْحَادِثُ، أَوْ فِي كُلِّ حَقٍّ لِي لَمْ يَدْخُلْ الْحَادِثُ لِقُوَّةِ هَذَا بِاللَّامِ، فَاخْتَصَّ الْمَوْجُودُ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا الْحَجُّ) وَيَدْخُلُ فِيهِ رَكْعَتَا الطَّوَافِ تَبَعًا. قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَمِثْلُهُمَا الْغُسْلُ الْمَنْدُوبُ لَهُ وَتَرَدَّدَ فِي نَحْوِ صَوْمٍ لَزِمَ بِتَرْكِ وَاجِبٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (إلْحَاقًا لَهُ بِالْيَمِينِ) وَلِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ وَلَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِي الْمَعَاصِي. قَوْلُهُ: (وَلَعَلَّ لَفْظَهُ إلَخْ) وَمِثْلُهُ جَعَلْت مُوَكِّلِي مُظَاهِرًا مِنْكَ وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: الْأَشْبَهُ أَنْ يَقُولَ مُوَكِّلِي يَقُولُ: أَنْتَ عَلَيْهِ كَظَهْرِ أُمِّهِ، مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إخْبَارٌ لَا ظِهَارَ عَنْهُ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي الْإِيلَاءِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَصَدَقَةُ التَّطَوُّعِ) وَمِثْلُهَا فِي الصِّحَّةِ الْوَقْفُ وَالْعِتْقُ وَكَالْأُضْحِيَّةِ فِي الصِّحَّةِ أَيْضًا، الْعَقِيقَةُ وَشَاةٌ نَحْوُ الْوَلِيمَةِ وَكَتَعْلِيقِ الْعِتْقِ فِي عَدَمِ صِحَّةِ التَّدْبِيرِ، وَكَتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ أَيْضًا، الْوِصَايَةُ وَكَذَا لَا يَصِحُّ فِي عِبَادَةٍ كَصَلَاةٍ وَلَوْ عَلَى مَيِّتٍ وَطَهَارَةِ حَدَثٍ بِخِلَافِ النَّجَسِ، وَلَا فِي غُسْلِ نَحْوِ جُمُعَةٍ أَوْ عِيدٍ أَوْ حَجٍّ وَلَوْ لِلْأَجِيرِ فِيهِ، وَمَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا فِيهِ نَظَرٌ وَلَا فِي غُسْلِ مَيِّتٍ وَلَا بَقِيَّةِ تَجْهِيزِهِ وَنَعَمْ يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لِتَجْهِيزِ الْمَيِّتِ غَيْرَ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْأَجِيرِ وَاقِعٌ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ، وَكَذَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِي ذَلِكَ مِمَّنْ لَمْ يُخَاطَبْ بِهِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. وَمَحَلُّ الْمَنْعِ فِي الشَّهَادَةِ فِي غَيْرِ الِاسْتِرْعَاءِ الْآتِي فِي بَابِهِ.

قَوْلُهُ: (وَبِالْيَمِينِ النَّذْرُ) فَلَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِيهِ مِنْ حَيْثُ إيجَابُهُ، وَأَمَّا تَفْرِقَةُ الْمَنْذُورِ فَيَصِحُّ كَالْكَفَّارَةِ.

قَوْلُهُ: (فِي طَرَفَيْ بَيْعٍ إلَخْ) أَيْ يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِيمَا لَهُ طَرَفَانِ فِيهِمَا مَعًا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا، وَفِيمَا لَهُ طَرَفٌ وَاحِدٌ فِي ذَلِكَ الطَّرَفِ. قَوْلُهُ (وَطَلَاقٍ) أَيْ فَيَصِحُّ تَعْيِينُهُ وَلَا يَصِحُّ فِي طَلَاقِ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَالْحَوَالَةِ وَالضَّمَانِ) فَيَصِحُّ فِيهِمَا وَصِيغَتُهُمَا مَا أَحَلْتُك بِمَالِكَ عَلَى مُوَكِّلِي مِنْ كَذَا بِنَظِيرٍ مِنْ مَالِهِ عَلَى فُلَانٍ، وَجَعَلْت مُوَكِّلِي ضَامِنًا لَكَ بِكَذَا أَوْ مِثْلُهُ الْوَصِيَّةُ. قَوْلُهُ: (وَإِقْبَاضُهَا) أَيْ الدُّيُونِ وَالْإِبْرَاءِ مِنْهَا وَسَيَأْتِي وَأَمَّا الْأَعْيَانُ وَلَوْ غَيْرَ مَضْمُونَةٍ فَيَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِي قَبْضِهَا لَا فِي إقْبَاضِهَا وَلِأَهْلِهِ خِلَافًا لِلْجُورِيِّ. قَوْلُهُ: (أَوْ لَمْ يَرْضَ) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْإِعْتَاقِ وَالْكِتَابَةِ) ذَكَرَهُمَا لِدَفْعِ تَوَهُّمِ عَدَمِ الصِّحَّةِ فِيهِمَا لِمَا فِيهِمَا مِنْ شَائِبَةِ الْعِبَادَةِ

ــ

[حاشية عميرة]

أَسْبَابِ الْمِلْكِ وَوَجْهُ الثَّانِي الْقِيَاسُ عَلَى الِاغْتِنَامِ، وَلِأَنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ وَهُوَ وَضْعُ الْيَدِ قَدْ وُجِدَ فَلَا يَنْصَرِفُ بِالنِّيَّةِ.

قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَصِحُّ) أَيْ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ بِهِ الْحَقُّ فَأَشْبَهَ الشِّرَاءَ، وَسَائِرَ التَّصَرُّفَاتِ، ثُمَّ الصِّيغَةُ عَلَى هَذَا جَعَلْت مُوَكِّلِي مُقِرًّا بِكَذَا، وَأَقْرَرْتُ عَنْهُ بِكَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>