للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَظْهَرِ) ، فَيَحْصُلُ الْمِلْكُ فِيهَا لِلْمُوَكِّلِ إذَا قَصَدَهُ الْوَكِيلُ لَهُ، وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِيهَا، وَالْمِلْكُ فِيهَا لِلْوَكِيلِ بِحِيَازَتِهِ، وَالرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ حَكَى الْخِلَافَ وَجْهَيْنِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: تَقْلِيدًا لِبَعْضِ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَهُمَا قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُمَا مُخَرَّجَانِ (لَا فِي الْإِقْرَارِ) أَيْ لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِيهِ (فِي الْأَصَحِّ) ، وَالثَّانِي يَصِحُّ وَيُبَيِّنُ جِنْسَ الْمُقَرِّ بِهِ وَقَدْرَهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ قَبْلَ إقْرَارِ الْوَكِيلِ وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ بِنَفْسِ التَّوْكِيلِ وَعَلَى عَدَمِ الصِّحَّةِ يُجْعَلُ مُقِرًّا بِنَفْسِ التَّوْكِيلِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ.

(وَيَصِحُّ) التَّوْكِيلُ (فِي اسْتِيفَاءِ عُقُوبَةِ آدَمِيٍّ كَقِصَاصٍ وَحَدِّ قَذْفٍ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ) اسْتِيفَاؤُهَا (إلَّا بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ) لِاحْتِمَالِ الْعَفْوِ فِي الْغَيْبَةِ، وَهَذَا الْمَحْكِيُّ بِقِيلِ قَوْلٌ مِنْ طَرِيقَهُ وَالثَّانِيَةِ الْقَطْعُ بِهِ وَالثَّالِثَةُ الْقَطْعُ بِمُقَابِلِهِ، وَيَجُوزُ لِلْإِمَامِ التَّوْكِيلُ فِي اسْتِيفَاءِ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلِلسَّيِّدِ التَّوْكِيلُ فِي حَدِّ مَمْلُوكِهِ.

(وَلْيَكُنْ الْمُوَكِّلُ فِيهِ مَعْلُومًا مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ وَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ) مُسَامَحَةً فِيهِ (فَلَوْ قَالَ: وَكَّلْتُكَ فِي كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ، أَوْ فِي كُلِّ أُمُورِي، أَوْ فَوَّضْت إلَيْكَ كُلَّ شَيْءٍ) وَالْمَعْنَى لِي فِي هَذَا وَالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إنَّمَا يُوَكِّلُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (لَمْ يَصِحَّ) التَّوْكِيلُ؛ لِأَنَّ فِيهِ غَرَرًا عَظِيمًا لَا ضَرُورَةَ إلَى احْتِمَالِهِ، (وَإِنْ قَالَ: فِي بَيْعِ أَمْوَالِي، وَعِتْقِ أَرِقَّائِي صَحَّ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَمْوَالُهُ مَعْلُومَةً؛ لِأَنَّ الْغَرَرَ فِيهِ قَلِيلٌ، (وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ عَبْدٍ وَجَبَ بَيَانُ نَوْعِهِ) كَتُرْكِيٍّ وَهِنْدِيٍّ (أَوْ دَارٍ وَجَبَ بَيَانُ الْمَحَلَّةِ وَالسِّكَّةِ) بِكَسْرِ السِّينِ أَيْ

ــ

[حاشية قليوبي]

وَأَخَّرَهُمَا إلَى هُنَا لِمُنَاسَبَتِهِمَا لِمَا ذُكِرَ مَعَهُ. قَوْلُهُ: (إذَا قَصَدَهُ الْوَكِيلُ) أَيْ الْمُعْتَبَرُ قَصْدُهُ فَيَخْرُجُ بِذَلِكَ نَحْوُ الصَّبِيِّ وَتَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ قَاسِمٍ خِلَافُهُ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَفِيهِ نَظَرٌ وَسَيَأْتِي وَعَلَيْهِ فَيَتَعَيَّنُ كَوْنُ الْقَصْدِ مُقَارِنًا لِأَوَّلِ الْفِعْلِ، فَإِنْ طَرَأَ بَعْدَهُ لَمْ يُعْتَبَرْ كَمَا يَأْتِي فِي الصَّيْدِ. قَوْلُهُ: (مُخْرَجَانِ) أَيْ مِنْ الدِّرَايَةِ وَالرِّوَايَةِ فَيَصِحُّ التَّعْبِيرُ عَنْهَا بِالْقَوْلَيْنِ وَبِالْوَجْهَيْنِ، وَلَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِي الِالْتِقَاطِ الْعَامِّ إلَّا تَبَعًا فَيَصِحُّ فِي هَذِهِ اللُّقَطَةِ أَوْ فِيهَا، وَفِي كُلِّ لُقَطَةٍ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَلْزَمُهُ بِنَفْسِ التَّوْكِيلِ) وَعَلَى هَذَا يَتَسَاوَى الْقَوْلَانِ بِالصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (يُجْعَلُ إلَخْ) مَحَلُّ الْخِلَافِ إنْ قَالَ: وَكَّلْتُكَ لِتُقِرَّ عَنِّي لِفُلَانٍ بِأَلْفٍ فَإِنْ زَادَ لَهُ عَلَيَّ فَهُوَ إقْرَارٌ قَطْعًا، وَإِنْ قَالَ أَقِرَّ عَلَيَّ لِفُلَانٍ بِأَلْفٍ لَمْ يَكُنْ الْإِقْرَارُ قَطْعًا.

قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ فِي اسْتِيفَاءِ عُقُوبَةِ آدَمِيٍّ) وَفِي إثْبَاتِهَا بَلْ يَتَعَيَّنُ التَّوْكِيلُ فِي اسْتِيفَاءِ حَدِّ الْقَذْفِ وَفِي قَوَدِ الطَّرَفِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَهَذَا الْمَحْكِيُّ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ لِلْإِمَامِ التَّوْكِيلُ فِي اسْتِيفَاءِ حُدُودِ اللَّهِ) أَيْ لَا فِي إثْبَاتِهَا فَلَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ إلَّا تَبَعًا كَمَا لَوْ ثَبَتَ عَلَيْهِ الْقَذْفُ بِبَيِّنَةٍ فَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ فِي إثْبَاتِ زِنَا الْمَقْذُوفِ، لِدَرْءِ الْحَدِّ عَنْهُ فَتُسْمَعُ فِيهِ الدَّعْوَى، وَالْبَيِّنَةُ تَأَمَّلْ. وَلَوْ قَالَ عُقُوبَاتٌ لَشَمَلَ التَّعْزِيرُ لِلَّهِ. قَوْلُهُ: (وَلِلسَّيِّدِ إلَخْ) هُوَ مِنْ إفْرَادِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَلَعَلَّ إفْرَادَهُ لِعَدَمِ الْخِلَافِ فِيهِ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (فِي كُلِّ أُمُورِي) وَكَذَا فِي بَعْضِ أُمُورِي، وَلَا يَصِحُّ فِيهِمَا وَهَذَا فِيهِ الْإِضَافَةُ لِلْمُوَكِّلِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ، وَمَا بَعْدَهُ وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى اعْتِبَارِهَا فِيهِمَا أَيْضًا. قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ تَبَعًا) عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْوَكِيلِ بِبَقَاءِ الْغَرَرِ هُنَا لِشِدَّةِ الْإِبْهَامِ. قَوْلُهُ: (بَيْعِ أَمْوَالِي) خَرَجَ مَا لَوْ قَالَ فِي بَيْعِ بَعْضِ أَمْوَالِي أَوْ شَيْءٍ مِنْهَا فَلَا يَصِحُّ. نَعَمْ لَوْ قَالَ: أُبْرِئُ فُلَانًا عَنْ شَيْءٍ مِنْ مَالِي صَحَّ، وَحُمِلَ عَلَى أَقَلِّ شَيْءٍ مِنْهُ فَإِنْ أَبْرَأَ مِنْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الْأَقَلِّ لَمْ يَصِحَّ، فَإِنْ قَالَ: أُبْرِئُهُ مِنْ دَيْنِي تَعَيَّنَ بَقَاءُ شَيْءٍ مِنْهُ، أَوْ عَنْ دَيْنٍ جَازَ فِي الْجَمِيعِ وَكَذَا عَمَّا شِئْت وَفِي ذَلِكَ بَحْثٌ وَمَرَّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أُبْرِئُ نَفْسَكَ عَنْ دَيْنٍ عَلَيْكَ تَعَيَّنَ الْقَبُولُ فَوْرًا؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ. وَلَوْ قَالَ أُبْرِئُ غُرَمَائِي لَمْ يَدْخُلْ الْوَكِيلُ إذَا كَانَ مِنْهُمْ وَلَوْ قَالَ بِعْ أَوْ هَبْ مِنْ أَمْوَالِي مَا شِئْت أَوْ أَعْتِقْ مِنْ عَبِيدِي أَوْ طَلِّقْ مِنْ نِسَائِي مَنْ شِئْت لَمْ يَسْتَوْفِ الْجَمِيعَ، أَوْ أَعْتِقْ مَنْ شَاءَ أَوْ طَلِّقْ مَنْ شَاءَتْ جَازَ فِي الْجَمِيعِ، وَلَوْ قَالَ بِعْ أَحَدَ هَذَيْنِ أَوْ طَلِّقْ إحْدَى هَاتَيْنِ صَحَّ، نُقِلَ هَذَا عَنْ شَيْخِنَا وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا خِلَافُهُ فَرَاجِعْهُ، وَلَوْ قَالَ وَكَّلْت أَحَدَ هَذَيْنِ لَمْ يَصِحَّ لِإِمْكَانِ التَّنَازُعِ هُنَا وَلَوْ وَكَّلَهُ فِي طَلَاقِ زَوْجَتِهِ فَطَلَّقَهَا الْمُوَكِّلُ، فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يُطَلِّقَهَا

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَلْزَمُ) أَوْرَدَ شَيْخُ السُّبْكِيّ أَبُو الْحَسَنِ الْبَاجِيَّ عَلَى ذَلِكَ، أَنَّهُ يَلْزَمُ عَزْلُ الْوَكِيلِ كَمَنْ وُكِّلَ فِي بَيْعِ عَيْنٍ ثُمَّ بَاعَهَا، وَفَرَّقَ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ ذَاكَ مُسَلَّمٌ فِي الْإِنْشَاءِ، بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ وَالشُّهُودَ قَدْ لَا يَسْمَعُونَ إلَّا إخْبَارَ الْمُوَكِّلِ، وَكُلٌّ مِنْ إقْرَارِ الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ إخْبَارٌ وَارِدٌ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ فَلَا يَضُرُّ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي اسْتِيفَاءِ عُقُوبَةٍ إلَخْ) كَسَائِرِ الْحُقُوقِ. قَوْلُهُ: (لِاحْتِمَالِ الْعَفْوِ إلَخْ) وَإِذَا وَقَعَ لَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ بِخِلَافِ غَيْرِ الْعَفْوِ، وَلِأَنَّهُ قَدْ يَرِقُّ إذَا حَضَرَ فَيَعْفُو ثُمَّ الِاسْتِيفَاءُ يَقَعُ الْمَوْقِعَ وَلَوْ أَبْطَلْنَا التَّوْكِيلَ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ لِلْإِمَامِ التَّوْكِيلُ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُ الْأَصْلِ خِلَافَهُ نَعَمْ يُمْتَنَعُ التَّوْكِيلُ فِي إثْبَاتِهَا.

قَوْلُهُ: (كَتُرْكِيٍّ) نَقَلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>