مِنْ أَقْصَى الْقِيَمِ) ، وَهُوَ نِصْفُ الثَّوْبِ. (قُلْت:) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ
(وَلَوْ غَصَبَ خُفَّيْنِ) أَيْ فَرْدَيْ خُفٍّ (قِيمَتُهُمَا عَشَرَةٌ، فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا وَرُدَّ الْآخَرُ وَقِيمَتُهُ دِرْهَمَانِ، أَوْ أَتْلَفَ أَحَدَهُمَا) فِي يَدِهِ (غَصْبًا) لَهُ، فَأَتْلَفَ عَطْفٌ عَلَى غَصَبَ، (أَوْ) أَتْلَفَهُ (فِي يَدِ مَالِكِهِ) وَالْقِيمَةُ لَهُمَا وَلِلْبَاقِي مَا ذُكِرَ، (لَزِمَهُ ثَمَانِيَةٌ فِي الْأَصَحِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) .
وَهِيَ قِيمَةُ مَا تَلِفَ أَوْ أَتْلَفَهُ، وَأَرْشُ التَّفْرِيقِ الْحَاصِلُ بِذَلِكَ. وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ قِيمَةُ مَا تَلِفَ أَوْ أَتْلَفَهُ، وَفِي الثَّانِيَةِ وَجْهٌ ثَالِثٌ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ خَمْسَةٌ قِيمَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا مُنْضَمًّا إلَى الْآخَرِ، وَاقْتَصَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الْأُولَى عَلَى الْأَوَّلِ، وَزَادَ فِي الرَّوْضَةِ فِيهَا الثَّانِيَ، وَزِيدَ عَلَيْهِمَا فِيهَا الثَّالِثُ عَنْ التَّتِمَّةِ، وَعَبَّرَا فِي الثَّانِيَةِ فِي شِقِّ الْغَصْبِ بِالتَّلَفِ وَيُقَاسُ بِهِ الْإِتْلَافُ فِي الْأُولَى
(وَلَوْ حَدَثَ) فِي الْمَغْصُوبِ
ــ
[حاشية قليوبي]
الْعَيْبُ خُلُقِيًّا أَوْ حَادِثًا قَوْلُهُ: (زَادَ فِي الرَّوْضَةِ) أَيْ عَلَى أَصْلِهَا الَّذِي هُوَ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ.
قَوْلُهُ: (لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) أَيْ مِنْ الْقِيمَةِ، وَتَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ إنْ كَانَتْ.
قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ خَمْسَةٌ) أَيْ مَعَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ أَيْضًا وَلَوْ صَارَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ بَعْدَ ذَلِكَ عِشْرِينَ دِرْهَمًا لَمْ يَلْزَمْهُ مَا زَادَ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ بَعْدَ التَّلَفِ كَالْعَدَمِ، وَيُصَدَّقُ الْغَاصِبُ بِيَمِينِهِ فِي أَنَّ الْغَلَاءَ بَعْدَ التَّلَفِ، وَلَوْ غَصَبَ ثَوْبًا فَتَنَجَّسَ لَزِمَهُ مَا نَقَصَ بِسَبَبِ النَّجَاسَةِ، وَلَا يَجُوزُ تَطْهِيرُهُ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ، فَإِنْ ظَهَرَهُ بِلَا إذْنٍ غَرِمَ نَقْصَهُ بِالطَّهَارَةِ أَيْضًا أَوْ بِإِذْنِهِ فَلَا، فَإِنْ رَدَّهُ بِلَا تَطْهِيرٍ لَزِمَهُ مُؤْنَةُ تَطْهِيرِهِ، وَلَوْ غَصَبَ عَبْدًا فَحُمَّ فَرَدَّهُ فَمَاتَ بِالْحُمَّى لَزِمَهُ جَمِيعُ قِيمَتِهِ، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ يَغْرَمُ أَرْشَ نَقْصِهِ فَقَطْ، وَهُوَ الْوَجْهُ عَلَى نَظِيرِ مَا لَوْ اسْتَعَارَهُ فَحُمَّ فَرَدَّهُ فَمَاتَ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَرْشُ نَقْصِهِ فَقَطْ. وَلَوْ جَاءَ الْغَاصِبُ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ خَمْسَةٌ وَقَالَ لِلْمَالِكِ، هَذَا الَّذِي غَصَبْته مِنْك، فَقَالَ الْمَالِكُ غَصَبْت مِنِّي ثَوْبًا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ غَيْرَ هَذَا صُدِّقَ الْغَاصِبُ بِيَمِينِهِ وَحُمِلَ الثَّوْبُ كَالتَّالِفِ، وَلَزِمَ الْغَاصِبُ خَمْسَةٌ. وَلَوْ جَاءَ بِعَبْدٍ وَقَالَ: هَذَا الَّذِي غَصَبْته مِنْك، فَقَالَ: بَلْ غَصَبْت مِنِّي ثَوْبًا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ غَيْرَ هَذَا صُدِّقَ الْغَاصِبُ بِيَمِينِهِ فِي نَفْيِهَا، وَسَقَطَ حَقُّ الْمَالِكِ مِنْهَا بِيَمِينِ الْغَاصِبِ وَمِنْ الْعَبْدِ بِرَدِّ الْإِقْرَارِ بِهِ، وَهَذَا يُخَالِفُ مَسْأَلَةَ الثَّوْبِ الْمَذْكُورَةِ. وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الثَّوْبِ لَمْ تَتَحَقَّقْ مُخَالَفَةُ عَيْنِ الْمُدَّعَى بِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الثَّوْبَ وَاحِدٌ، وَدَعْوَى الْمَالِكِ أَنَّهُ غَيْرُهُ مِنْ حَيْثُ زِيَادَةُ الْقِيمَةِ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (خُفَّيْنِ إلَخْ) وَمِثْلُهُمَا كُلُّ مَا يَنْقُصُ إذَا انْفَرَدَ عَنْ قَرِينِهِ كَطَيْرٍ وَزَوْجَتِهِ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ أَيْ فَرْدَيْ خُفٍّ إلَى دَفْعِ مَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِمَّا لَيْسَ مُرَادًا.
قَوْلُهُ: (فِي يَدِهِ) أَيْ الْغَاصِبِ أَفَادَ بِهِ أَنَّ الْإِتْلَافَ بَعْدَ الْغَصْبِ، وَحِينَئِذٍ فَانْتَلَفَ كَذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (لَهُ) أَيْ لِأَحَدِهِمَا فَصَحَّ التَّفْرِيعُ بِقَوْلِهِ: فَأَتْلَفَ عَطْفٌ عَلَى غَصَبَ وَانْدَفَعَ بِذَلِكَ مَا قِيلَ: إنَّ غَصَبَ مُسْتَدْرَكٌ؛ لِأَنَّ أَتْلَفَ عَطْفٌ عَلَى تَلِفَ فِي حَيِّزِ الْغَصْبِ، بَلْ لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ سَخَافَةَ هَذَا الِاعْتِرَاضِ، فَإِنَّ الْفَرْدَةَ الْمُتْلَفَةَ إمَّا مَغْصُوبَةٌ مَعَ أَخِيهَا، أَوْ مَغْصُوبَةٌ وَحْدَهَا، أَوْ لَيْسَتْ مَغْصُوبَةً كَأُخْتِهَا وَالْأَحْوَالُ ثَلَاثَةٌ، وَيَلْزَمُ عَلَى هَذَا الِاعْتِرَاضِ سُكُوتُ الْمُصَنِّفِ عَنْ الثَّانِيَةِ مِنْهَا وَتَعْبِيرُهُ بِالتَّلَفِ فِي الْأُولَى وَالْإِتْلَافِ فِي الثَّانِيَةِ لِلْإِشَارَةِ إلَى اسْتِوَاءِ الْحُكْمِ فِيهِمَا، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ فَهُوَ مِنْ جِنَاسِ الِاحْتِبَاكِ فَتَأَمَّلْ. وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: فِي يَدِهِ أَيْ الْغَاصِبِ إلَى بَيَانِ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ الظَّرْفُ بَعْدَهُ، وَبِقَوْلِهِ: أَتْلَفَهُ إلَى أَنَّ أَتْلَفَ الْمَذْكُورَ قَبْلَهُ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ خِلَافَهُ فَافْهَمْ.
قَوْلُهُ: (أَوْ أَتْلَفَهُ) أَيْ أَحَدَهُمَا فِي يَدِ مَالِكِهِ خَرَجَ بِيَدِ مَالِكِهِ مَا لَوْ أَتْلَفَهُ فِي يَدِ غَاصِبٍ، فَيَلْزَمَ الْمُتْلِفَ دِرْهَمَانِ كَذَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ الْفَرْدَةُ الْأُخْرَى بَاقِيَةً فَالْمُتْلِفُ كَغَاصِبٍ مِنْ غَاصِبٍ، فَيَلْزَمُهُ مَا يَلْزَمُ الْأَوَّلَ وَالْقَرَارُ عَلَيْهِ، وَالْأَوَّلُ طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ وَإِنْ كَانَتْ تَلِفَتْ قَبْلَ غَصْبِ الثَّانِيَةِ، فَلَا يَلْزَمُ الْمُتْلِفَ غَيْرُ الدِّرْهَمَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْغَاصِبَ أَوْ الَّذِي أَتْلَفَهَا فِي يَدِهِ فَرَاجِعْهُ وَحَرِّرْهُ.
قَوْلُهُ: (وَالْقِيمَةُ لَهُمَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْقَيْدَ الْمَذْكُورَ فِي الْأُولَى مُعْتَبَرٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بَعْدَهَا أَيْضًا دَفْعًا لِمَا يُوهِمُهُ اعْتِبَارُ الْعَطْفِ الْمَذْكُورِ فِي الثَّانِيَةِ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (وَاقْتَصَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الْأُولَى) وَهِيَ غَصْبُ الْفَرْدَتَيْنِ مَعًا، وَمِنْ كَلَامِهِ يُعْلَمُ أَنَّ ذِكْرَ الْخِلَافِ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ لَيْسَ فِي الرَّافِعِيِّ وَلَا فِي الرَّوْضَةِ فَتَأَمَّلْهُ مَعَ قَبْلَهُ.
قَوْلُهُ: (وَعَبَّرَا) أَيْ الرَّافِعِيُّ وَالرَّوْضَةُ.
قَوْلُهُ: (فِي الْأَوْلَى) هُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ بِمَعْنَى أَنَّ جَرَيَانَ الْخِلَافِ فِي الْإِتْلَافِ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ أَوْلَى مِنْهُ فِي التَّلَفِ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ فِي الْعُدُولِ عَنْهُمَا. وَقِيلَ: بِضَمِّ الْهَمْزَةِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُقَاسَ الْإِتْلَافُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى التَّلَفِ فِي الصُّورَةِ
ــ
[حاشية عميرة]
الثَّوْبِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ التَّالِفِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (غَصْبًا) الْأَحْسَنُ غَاصِبًا لَهُ. قَوْلُهُ: (وَفِي الثَّانِيَةِ) أَيْ بِشِقَّيْهَا وَجْهٌ، قَالَ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ هُوَ الْأَقْوَى بَعْدَ أَنْ قَالَ: إنَّ الْأَكْثَرِينَ عَلَى الْأَوَّلِ، وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ. وَهَذَا الْوَجْهُ الثَّانِي قَاسَهُ الرَّافِعِيُّ عَلَى مَا لَوْ أَتْلَفَ أَحَدَهُمَا فَرِدَّةٌ، وَأَتْلَفَ الْآخَرُ الْأُخْرَى يَعْنِي مَعًا.
فَائِدَةٌ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ إذَا لَمْ تَبْلُغْ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا نِصَابًا، وَإِنْ ضَمِنَاهُ مَا ذُكِرَ.
تَنْبِيهٌ: مَا ذَكَرْته لَك عَنْ الرَّوْضَةِ وَالرَّافِعِيِّ قَالَاهُ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ، وَلَا يُنَافِيهِ كَلَامُ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ بِالثَّانِيَةِ الْإِتْلَافَ لِأَحَدِهِمَا إمَّا فِي يَدِ الْغَاصِبِ، أَوْ فِي يَدِ الْمَالِكِ، فَهِيَ وَاحِدَةٌ وَلَهَا شِقَّانِ.