للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَ) لَهُ (أَرْشُ النَّقْصِ) إنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ بِالزِّيَادَةِ، عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَهَا، فِيمَا لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ أَوْ نَقَصَ عَمَّا كَانَ فِيمَا يُمْكِنُ رَدُّهُ وَرَدَّهُ (وَإِنْ كَانَتْ عَيْنًا كَبِنَاءٍ، وَغِرَاسٍ كُلِّفَ الْقَلْعَ) لَهَا مِنْ الْأَرْضِ وَإِعَادَتَهَا كَمَا كَانَتْ، وَأَرْشَ نَقْصِهَا إنْ كَانَ مَعَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ.

(وَإِنْ صَبَغَ) الْغَاصِبُ (الثَّوْبَ بِصَبْغِهِ) الْحَاصِلِ بِهِ فِيهِ عَيْنُ مَالٍ (وَأَمْكَنَ فَصْلُهُ) مِنْهُ (أُجْبِرَ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا فِي قَلْعِ الْغِرَاسِ، وَالثَّانِي قَالَ يَصْبُغُ بِفَصْلِهِ بِخِلَافِ الْغِرَاسِ (وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ) فَصْلُهُ (فَإِنْ لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ) أَيْ الثَّوْبِ بِالصِّبْغِ (فَلَا شَيْءَ لِلْغَاصِبِ فِيهِ، وَإِنْ نَقَصَتْ لَزِمَهُ الْأَرْشُ) لِحُصُولِ النَّقْصِ بِفِعْلِهِ (وَإِنْ زَادَتْ) بِالصِّبْغِ (اشْتَرَكَا فِيهِ) أَيْ الثَّوْبِ بِالنِّسْبَةِ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ قَبْلَ الصِّبْغِ عَشَرَةً، وَبَعْدَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ، فَلِصَاحِبِهِ الثُّلُثَانِ، وَلِلْغَاصِبِ الثُّلُثُ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ صَبْغِهِ قَبْلَ اسْتِعْمَالِهِ عَشَرَةً، وَإِنْ صَبَغَهُ تَمْوِيهًا فَلَا شَيْءَ لَهُ.

(وَلَوْ خُلِطَ الْمَغْصُوبُ بِغَيْرِهِ وَأَمْكَنَ التَّمْيِيزُ) كَحِنْطَةٍ بَيْضَاءَ بِحَمْرَاءَ أَوْ بِشَعِيرٍ. (لَزِمَهُ) التَّمْيِيزُ. (وَإِنْ شَقَّ) عَلَيْهِ. (فَإِنْ تَعَذَّرَ) كَأَنْ خَلَطَ الزَّيْتَ بِالزَّيْتِ. (فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَالتَّالِفِ)

ــ

[حاشية قليوبي]

كُتُبِ الْأَوْقَافِ دِرْهَمٌ نُقْرَةٌ وَقَدْ ضُبِطَ أَنَّهُ يُسَاوِي ثَلَاثَةَ عَثَامِنَةَ مِنْ الْفُلُوسِ النُّحَاسِ، وَسَيَأْتِي فِي الْوَاقِفِ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ) أَيْ الْمَالِكِ عَلَى الْغَاصِبِ أَرْشُ النَّقْصِ مَعَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (بِالزِّيَادَةِ) أَمَّا النَّقْصُ بِالرَّدِّ فَلَا يَضْمَنُهُ إنْ وُجِدَ طَلَبٌ مِنْ الْمَالِكِ أَوْ غَرَضٌ مِنْ الْغَاصِبِ، وَإِلَّا ضَمِنَهُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (كَبِنَاءٍ وَغِرَاسٍ) أَيْ مِنْ مَالِ الْغَاصِبِ وَكَذَا الْبَذْرُ. قَوْلُهُ: (كُلِّفَ الْقَلْعَ) لِحَدِيثِ لَيْسَ لِعَرَقِ ظَالِمٍ حَقٌّ وَفِي النِّهَايَةِ جَوَازُ تَنْوِينِ عَرَقٍ، وَإِضَافَتِهِ، وَلِلْغَاصِبِ قَلْعُهُمَا قَهْرًا عَلَى الْمَالِكِ وَلَا يَلْزَمُهُ إجَابَةُ الْمَالِكِ لَوْ طَلَبَ الْإِبْقَاءَ بِالْأُجْرَةِ أَوْ التَّمَلُّكَ بِالْقِيمَةِ، وَلِلْمَالِكِ قَلْعُهُمَا قَهْرًا عَلَى الْغَاصِبِ بِلَا أَرْشٍ لِعَدَمِ احْتِرَامِهِمَا عَلَيْهِ، فَلَوْ قَلَعَهُمَا أَجْنَبِيٌّ لَزِمَهُ الْأَرْشُ وَلَوْ كَانَ مِنْ مَالِ الْمَالِكِ امْتَنَعَ قَلْعُهُمَا إلَّا بِطَلَبِ الْمَالِكِ، فَيَجِبُ مَعَ أَرْشِ نَقْصِ الْأَرْضِ، وَلَوْ كَانَا لِأَجْنَبِيٍّ فَلَهُ حُكْمُ مَالِكِ الْأَرْضِ فِيمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَإِعَادَتَهَا) مِنْهُ عُلِمَ وُجُوبُ التَّوْبَةِ.

قَوْلُهُ: (أُجْبِرَ عَلَيْهِ) وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ الْخَسَارَةُ وَالضَّيَاعُ وَلِلْغَاصِبِ قَلْعُهُ قَهْرًا كَمَا مَرَّ فَلَوْ تَرَاضَيَا بِبَقَائِهِ فَهُمَا شَرِيكَانِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (بِالصِّبْغِ) بِكَسْرِ الضَّادِ عَيْنُ مَا صُبِغَ بِهِ وَبِفَتْحِهَا الصَّنْعَةُ وَكَلَامُ الشَّارِحِ فِي الْأَوَّلِ وَإِنْ انْضَمَّ إلَيْهِ الثَّانِي لَا فِي الثَّانِي وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ فِعْلُ الْغَاصِبِ وَهُوَ هَدَرٌ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (اشْتَرَكَا فِيهِ) أَيْ مُجَاوَرَةً هَذَا بِصَبْغِهِ وَهَذَا بِثَوْبِهِ وَعَلَيْهِ لَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ بِارْتِفَاعِ سِعْرِ أَحَدِهِمَا، فَهِيَ لِصَاحِبِهِ أَوْ بِسَبَبِ الصَّنْعَةِ وُزِّعَتْ عَلَيْهَا، كَمَا مَرَّ أَوْ نَقَصَ سِعْرُ أَحَدِهِمَا لَا بِفِعْلِ الْغَاصِبِ، فَلَا شَيْءَ فِيهِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَبِيعَ أَحَدُهُمَا مَالَهُ لِثَالِثٍ، وَلَوْ بَاعَاهُ لَهُ مَعًا صَحَّ وَيَلْزَمُ الْغَاصِبَ إجَابَةُ الْآخَرِ إنْ طَلَبَ الْبَيْعَ دُونَ عَكْسِهِ، كَمَا يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِ الثَّوْبِ لِصَاحِبِهِ، لَوْ تَنَازَعَا وَلَوْ كَانَ الصَّبْغُ مِنْ مَالِكِ الثَّوْبِ، فَالْكُلُّ لَهُ وَلَهُ تَكْلِيفُ الْغَاصِبِ فَصْلَهُ، وَلَهُ مَنْعُهُ مِنْهُ وَعَلَيْهِ الْأَرْشُ وَلَوْ نَقَصَ أَوْ مِنْ مَالِكٍ آخَرَ اشْتَرَكَا كَمَا مَرَّ، وَلَهُمَا مَنْعُهُ مِنْ الْفَصْلِ وَعَلَيْهِ الْأَرْشُ لَوْ نَقَصَ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا فَصْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ.

تَنْبِيهٌ: أَفْهَمَ تَعْبِيرُهُ بِصَبْغِهِ اعْتِبَارَ فِعْلِهِ فَلَوْ طَيَّرَتْ الرِّيحُ ثَوْبًا فَانْصَبَغَ بِصَبَّاغٍ آخَرَ اشْتَرَكَا فِيهِ وَلَا يُكَلَّفُ أَحَدُهُمَا بَيْعًا وَلَا فَصْلًا وَلَا أَرْشَ نَقْصٍ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِصَبْغِ ثَوْبٍ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ فَوَقَعَ بِالدَّنِّ بِغَيْرِ عِلْمِهِ فَانْصَبَغَ زِيَادَةً عَلَيْهِ اشْتَرَكَا فِيهِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (فَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ فِي التَّمْوِيهِ وَإِنْ زَادَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ بِهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ خُلِطَ الْمَغْصُوبُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَوْ اخْتَلَطَ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يَسْرِي إلَيْهِ التَّلَفُ كَذَا ذَكَرُوهُ عَنْهُ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا يَأْتِي قَرِيبًا، أَنَّ اخْتِلَاطَهُ بِغَيْرِ فِعْلِهِ يَجْعَلُهُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ مُلَّاكِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِغَيْرِهِ) سَوَاءٌ بِمَالِ الْغَاصِبِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ مَغْصُوبٍ آخَرَ أَوْ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ التَّمْيِيزُ) وَإِنْ شُقَّ لِكُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ.

قَوْلُهُ: (بِالزَّيْتِ) أَوْ بِالشَّيْرَجِ وَكَالزَّيْتِ كُلُّ مِثْلِيٍّ كَالْحُبُوبِ وَالدَّرَاهِمِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِخِلَافِ الْمُتَقَوِّمِ فَلَا يَأْتِي فِيهِ ذَلِكَ بِدَلِيلِ وُجُوبِ الِاجْتِهَادِ فِي اشْتِبَاهِ شَاتِه بِشَاةِ غَيْرِهِ، وَفِي اخْتِلَاطِ حَمَامِ الْبُرْجَيْنِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (كَالتَّالِفِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقِ بَدَلِهِ بِذِمَّتِهِ، وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِيهِ إلَى رَدِّ بَدَلِهِ، كَمَا مَرَّ نَعَمْ لَوْ مُيِّزَ مِنْ الْمَخْلُوطِ بِمِثْلِهِ قَدْرُ الْمَغْصُوبِ جَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي بَاقِيهِ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَلَوْ تَعَذَّرَ مِلْكُهُ لِلْمَغْصُوبِ كَتُرَابِ وَقْفٍ خَلَطَهُ بِسِرْجِينٍ وَجَعَلَهُ آجِرًا وَجَبَ رَدُّهُ لِلنَّاظِرِ وَغُرْمُ مِثْلِ التُّرَابِ؛ لِأَنَّ السِّرْجِينَ يُسْتَهْلَكُ بِالنَّارِ وَلَوْ خَلَطَ مَغْصُوبَيْنِ بِإِذْنِ مَالِكِهِمَا أَوْ اخْتَلَطَ لَا بِفِعْلِهِ فَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْمَالِكَيْنِ، وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ بِلَا رِضَا الْآخَرِ وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ تَقْدِيمُ أَحَدِهِمَا بَلْ مَا يَأْخُذُهُ أَحَدُهُمَا بَاقٍ عَلَى الشَّرِكَةِ، وَلَهُمَا قِيمَتُهُ بِنِسْبَةِ الْأَجْزَاءِ لَا الْقِيمَةِ وَيُجْبَرُ صَاحِبُ الْأَرْدَأِ عَلَيْهَا دُونَ عَكْسِهِ، وَإِذَا بَاعَاهُ قُسِمَ ثَمَنُهُ بِنِسْبَةِ الْقِيمَةِ لَا الْأَجْزَاءِ.

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَرْشُ النَّقْصِ) جَعَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ مَنْصُوبًا عَطْفًا عَلَى الرَّدِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كُلِّفَ الْقَلْعَ) لِحَدِيثِ: «لَيْسَ لِعِرْقِ ظَالِمٍ حَقٌّ» .

قَوْلُ الْمَتْنِ: (أُجْبِرَ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ) وَإِنْ لَزِمَ عَلَى ذَلِكَ الْخَسَارَةُ وَالضَّيَاعُ.

فَرْعٌ: لِلْغَاصِبِ قَلْعُهُ قَهْرًا، وَإِنْ نَقَصَ الثَّوْبُ وَلَوْ تَرَاضَيَا عَلَى الْإِبْقَاءِ فَهُمَا شَرِيكَانِ. قَوْلُهُ: (قَالَ يُصْبَغُ) وَقَالَ أَيْضًا: الْغِرَاسُ يَضُرُّ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِمُقْتَضَى انْتِشَارِ عُرُوقِهِ وَأَغْصَانِهِ بِخِلَافِ هَذَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا شَيْءَ) قَالَ السُّبْكِيُّ: بِهِ تَعْلَمُ أَنْ حُكْمَ الْأَصْحَابِ بِأَنَّ الصَّبْغَ عَيْبٌ، إنَّمَا هُوَ عِنْدَ زِيَادَةِ الْقِيمَةِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَمْكَنَ التَّمْيِيزُ) لَوْ أَمْكَنَ التَّمْيِيزُ لِلْبَعْضِ كُلِّفَ بِهِ أَيْضًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَالتَّالِفِ) لَوْ خَلَطَ الزَّيْتَ بِالشَّيْرَجِ مَثَلًا فَهُوَ تَالِفٌ، لِبُطْلَانِ خَاصَّتِهِ. وَقِيلَ: يَأْتِي فِيهِ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَكُونُ شَرِيكًا كَمَا لَوْ خُلِطَ بِالْجِنْسِ، وَاعْلَمْ أَنَّ السُّبْكِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اعْتَرَضَ

<<  <  ج: ص:  >  >>