للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَلَطَهُ بِمِثْلِهِ أَوْ أَجْوَدَ أَوْ أَرْدَأَ. (فَلَهُ) أَيْ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ. (تَغْرِيمُهُ) أَيْ الْغَاصِبِ (وَلِلْغَاصِبِ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ غَيْرِ الْمَخْلُوطِ) وَمِنْ الْمَخْلُوطِ بِالْمِثْلِ أَوْ الْأَجْوَدِ دُونَ الْأَرْدَأِ، إلَّا أَنْ يَرْضَى بِهِ، فَلَا أَرْشَ لَهُ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا هَذَا، وَالثَّانِي يَشْتَرِكَانِ فِي الْمَخْلُوطِ وَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ قَدْرُ حَقِّهِ مِنْ الْمَخْلُوطِ، وَقِيلَ إنْ خَلَطَهُ بِمِثْلِهِ اشْتَرَكَا، وَإِلَّا فَكَالتَّالِفِ هَذَا مَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَفِي الشَّرْحِ تَرْجِيحُ طُرُقِ الْقَوْلَيْنِ

(وَلَوْ غَصَبَ خَشَبَةً وَبَنَى عَلَيْهَا أُخْرِجَتْ) وَرُدَّتْ إلَى مَالِكِهَا أَيْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَأَرْشُ نَقْصِهَا إنْ نَقَصَتْ مَعَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، فَإِنْ عَفِنَتْ بِحَيْثُ لَوْ أُخْرِجَتْ لَمْ يَكُنْ لَهَا قِيمَةٌ، فَهِيَ كَالتَّالِفَةِ (وَلَوْ أَدْرَجَهَا فِي سَفِينَةٍ فَكَذَلِكَ) أَيْ يَلْزَمُهُ إخْرَاجُهَا وَرَدُّهَا إلَى مَالِكِهَا، وَأَرْشُ نَقْصِهَا مَعَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ (إلَّا أَنْ يُخَافَ) مِنْ إخْرَاجِهَا (تَلَفُ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ مَعْصُومَيْنِ) بِأَنْ كَانَتْ أَسْفَلَ السَّفِينَةِ، وَهِيَ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ فَيَصْبِرُ الْمَالِكُ إلَى أَنْ تَصِلَ الشَّطَّ، وَيَأْخُذَ الْقِيمَةَ لِلْحَيْلُولَةِ، وَمِنْ غَيْرِ الْمُسْتَثْنَى أَنْ تَكُونَ السَّفِينَةُ عَلَى الْأَرْضِ، أَوْ مُرْسَاةً عَلَى الشَّطِّ، أَوْ تَكُونَ الْخَشَبَةُ فِي أَعْلَاهَا أَوْ لَا يُخَافُ تَلَفُ مَا ذُكِرَ، وَخَرَجَ بِالْمَعْصُومَيْنِ نَفْسُ الْحَرْبِيِّ، وَمَالُهُ.

(وَلَوْ وَطِئَ) الْغَاصِبُ الْأَمَةَ (الْمَغْصُوبَةَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ) لِوَطْئِهَا (حُدَّ) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ زِنًا (وَإِنْ جَهِلَ) تَحْرِيمَهُ كَأَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ (فَلَا حَدَّ) عَلَيْهِ.

ــ

[حاشية قليوبي]

تَنْبِيهٌ: قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: لَوْ جُهِلَ أَرْبَابُ الْأَمْوَالِ بِأَنْ لَمْ يُعْلَمْ لَهَا مَالِكٌ فَمَالٌ ضَائِعٌ أَمْرُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَأَمَّا نَحْوُ الْأَكَارِعِ الْمَأْخُوذَةِ فِي الْمُكُوسِ الْآنَ، فَالْوَجْهُ تَحْرِيمُهَا وَلَوْ مَطْبُوخَةً، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ عَيْنُ مَالِكِهَا؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَنْ يُعْطِيَهُ إلَخْ) وَيُجْبَرُ الْمَالِكُ عَلَى الْقَبُولِ فِي غَيْرِ الْمَخْلُوطِ وَفِي الْمَخْلُوطِ بِالْمِثْلِ، أَوْ الْأَجْوَدِ لَا بِالْأَرْدَأِ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى رِضَاهُ كَمَا ذَكَرَهُ، وَهَلْ يُجْبَرُ الْغَاصِبُ عَلَى مَا يَطْلُبُهُ الْمَالِكُ وَلَوْ مِنْ الْأَرْدَأِ يَنْبَغِي نَعَمْ لِخُرُوجِ الْغَاصِبِ مِنْ الْإِثْمِ مَعَ رِضَاهُ بِدُونِ حَقِّهِ فِي الْأَرْدَأِ رَاجِعْهُ. قَوْله: (قَوْلَيْنِ) وَفِي نُسْخَةٍ قَوْلَانِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ أَوْ الْوَاجِبُ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ إنْ خَلَطَهُ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ هُوَ قَوْلٌ قِيلَ إنَّهُ مَنْصُوصٌ وَقَالَ شَيْخُنَا: هُوَ طَرِيقٌ قَاطِعٌ أَوْ مُفَصَّلٌ فَقَوْلُهُ هَذَا مَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ دَفْعٌ لِلِاعْتِرَاضِ عَلَى تَعْبِيرِهِ فِيهِ بِقِيلَ وَعَلَى حِلِّهِ الْمَذْهَبُ عَلَى طَرِيقِ الْقَطْعِ تَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (أُخْرِجَتْ) مِنْ الْبِنَاءِ لِبَقَاءِ مِلْكِهَا، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَمْلِكُهَا الْغَاصِبُ وَيَغْرَمُ بَدَلَهَا وَشَمِلَ وُجُوبُ إخْرَاجِهَا مَا لَوْ غَرِمَ عَلَيْهِ أَضْعَافَ قِيمَتِهَا، أَوْ انْهَدَمَ مِنْهُ الْجِدَارُ نَعَمْ إنْ خِيفَ تَلَفُ الْجِدَارِ، وَلَوْ بِالْهَدْمِ أَوْ تَلَفُ مَعْصُومٍ، وَلَوْ لِلْغَاصِبِ لَمْ يَجِبْ إخْرَاجُهَا وَسَيَأْتِي.

فَرْعٌ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ أَدْرَجَ حَجَرًا مَغْصُوبًا فِي مَنَارَةِ مَسْجِدٍ نُقِضَتْ، وَعَلَيْهِ غُرْمُ نَقْضِهَا لِلْمَسْجِدِ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُتَطَوِّعَ بِالْبِنَاءِ؛ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ بِبِنَائِهَا لِلْمَسْجِدِ اهـ فَانْظُرْهُ مَعَ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى هَدْمِ مَا جَاوَرَ الْحَجَرَ مِنْهَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَكُنْ لَهَا قِيمَةٌ) أَيْ وَلَوْ تَافِهَةً، كَمَا مَرَّ فِي الْمَاءِ وَيَلْزَمُهُ مِثْلُهَا. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَخَافَ إلَخْ) يُمْكِنُ رُجُوعُهُ لِمَسْأَلَةِ الْجِدَارِ، فَجَعْلُهُ فِي الْمَنْهَجِ مِنْ زِيَادَتِهِ فِيهَا فِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (تَلَفُ نَفْسٍ) الْمُرَادُ بِهِ مَا يَخْشَى مِنْهُ، وَلَوْ بِالتَّوَهُّمِ مَجْدُورٌ تَيَمَّمَ. قَوْلُهُ: (أَوْ مَالٍ) أَيْ وَلَوْ لِلْغَاصِبِ وَمِنْهُ السَّفِينَةُ بِالْغَرَقِ، كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَوْ بِتَكَسُّرِ أَلْوَاحِهَا بِخِلَافِ مَا يُتْلَفُ بِنَفْسِ إخْرَاجِهَا مِنْ أُجْرَةِ مَنْ يُخْرِجُهَا، أَوْ تَفْصِيلِ أَلْوَاحِ السَّفِينَةِ أَوْ كَسْرِ مُجَاوِرِهَا مِنْهَا، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ وَلَوْ تَلِفَ مِنْ مَالِ الْغَاصِبِ عَلَى إخْرَاجِهَا أَضْعَافُ قِيمَتِهَا، كَمَا مَرَّ فَلَا يُنَافِي مَا قَبْلَهُ وَهُوَ وَاضِحٌ فَتَأَمَّلْهُ وَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (إلَى أَنْ تَصِلَ الشَّطَّ) أَيْ شَطَّ أَقْرَبَ مِمَّا تَأْمَنُ فِيهِ وَلَوْ غَيْرَ مَقْصِدِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَأْخُذَ الْقِيمَةَ لِلْحَيْلُولَةِ) فِي هَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا فِي الْبِنَاءِ عَلَيْهَا وَمَحَلُّهُ إنْ أُخْرِجَتْ وَلَهَا قِيمَةٌ كَمَا مَرَّ وَإِلَّا فَهِيَ لِلْفَيْصُولَةِ كَمَا مَرَّ فِي الْمَالِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (نَفْسُ الْحَرْبِيِّ وَمَالُهُ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَمِثْلُهُ الْمُرْتَدُّ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ وَالزَّانِي الْمُحْصَنِ، وَلَوْ رَقِيقًا كَأَنْ الْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ بَعْدَ زِنَاهُ وَاسْتُرِقَّ وَلَمْ يُرَاعَ تَلَفُ الْحَرْبِيِّ بِنَحْوِ غَرَقٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ تَعْذِيبًا.

فُرُوعٌ: غَصَبَ خَيْطًا وَخَاطَ بِهِ شَيْئًا فَإِنْ بَلِيَ وَجَبَتْ قِيمَتُهُ وَإِلَّا وَجَبَ نَزْعُهُ، وَرَدُّهُ إلَّا مِنْ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ يُخْشَى مِنْ نَزْعِهِ مِنْهُ، وَلَوْ مَحْذُورَ تَيَمُّمٍ، فَإِنْ كَانَ الْمُخَاطُ آدَمِيًّا بِإِذْنِهِ فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ وَلَوْ وَقَعَ دِينَارٌ فِي مَحْبَرَةٍ أَوْ فَصِيلٌ فِي بَيْتٍ وَتَعَذَّرَ الْإِخْرَاجُ، إلَّا بِالْكَسْرِ أَوْ الْهَدْمِ فُعِلَ وَلَا غُرْمَ لِصَاحِبِهِ إنْ فَرَّطَ فَإِنْ فَرَّطَ آخَرُ، فَعَلَيْهِ الْغُرْمُ فَإِنْ فَرَّطَا فَعَلَيْهِمَا مَعًا سَوَاءٌ وَلَوْ أَدْخَلَتْ بَهِيمَةٌ رَأْسَهَا فِي قِدْرٍ لَمْ تُذْبَحْ وَلَوْ مَأْكُولَةً بَلْ تُكْسَرُ الْقِدْرُ وَفِي التَّفْرِيطِ مَا مَرَّ وَلَوْ ابْتَلَعَتْ بَهِيمَةٌ شَيْئًا لَمْ تُذْبَحْ، كَمَا مَرَّ ثُمَّ إنْ فَسَدَ بِالِابْتِلَاعِ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ لِلْفَيْصُولَةِ، وَإِلَّا فَلِلْحَيْلُولَةِ وَفِي التَّفْرِيطِ مَا مَرَّ وَلَوْ غَصَبَ لُؤْلُؤَةً وَدَجَاجَةً فَابْتَلَعَتْهَا، يُقَالُ لَهُ إنْ ذَبَحْت الدَّجَاجَةَ غَرَّمْنَاك أَرْشَهَا وَإِلَّا غَرَّمْنَاك قِيمَةَ اللُّؤْلُؤَةِ، وَتَقَدَّمَ بَعْضُ ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ.

ــ

[حاشية عميرة]

الْقَوْلَ بِجَعْلِهِ هَالِكًا، وَاسْتَشْكَلَهُ وَقَالَ: كَيْفَ يَكُونُ التَّعَدِّي سَبَبًا لِلْمِلْكِ؟ وَسَاقَ أَحَادِيثَ جَمَّةً، وَاخْتَارَ أَنَّ ذَلِكَ شَرِكَةٌ بَيْنَهُمَا كَالثَّوْبِ الْمَغْصُوبِ، قَالَ: وَفَتْحُ هَذَا الْبَابِ فِيهِ تَسْلِيطُ الظَّلَمَةِ عَلَى مِلْكِ الْأَمْوَالِ بِخَلْطِهَا.

قَوْلُهُ: (يَشْتَرِكَانِ) أَيْ كَمَا لَوْ اخْتَلَطَ بِنَفْسِهِ، أَوْ خَلَطَاهُ بِرِضَاهُمَا. قَوْلُهُ: (وَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ قَدْرُ حَقِّهِ) . أَيْ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ، لَكِنْ لَا يَجُوزُ قِسْمَةُ عَيْنِ الرِّبَوِيِّ عَلَى نِسْبَةِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ رِبًا، وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ الْغَاصِبُ قَدْرَ حَقِّهِ عِنْدَ خَلْطِهِ بِالْأَجْوَدِ، وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَبُولُ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (أُخْرِجَتْ) أَيْ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ حَيْثُ قَالُوا: يَمْلِكُهَا وَيَغْرَمُ قِيمَتَهَا. لَنَا حَدِيثُ: «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ» . وَحَدِيثُ: «لَيْسَ لِعِرْقِ ظَالِمٍ حَقٌّ» . قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا أَنْ يَخَافَ إلَخْ) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ وَلَوْ تَرَجَّحَتْ السَّلَامَةُ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَعْصُومَيْنِ) وَلَوْ لِلْغَاصِبِ.

قَوْلُهُ: (كَأَنْ قَرُبَ) أَيْ إذَا كَانَ يَظُنُّ أَنَّ الْغَصْبَ يُبِيحُ الْوَطْءَ، أَمَّا لَوْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ، فَلَا يَحْتَاجُ إلَى شَرْطٍ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا أَنْ تُطَاوِعَهُ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إذَا كَانَتْ جَاهِلَةً بِالتَّحْرِيمِ وَجَبَ الْمَهْرُ اهـ.

وَعِبَارَةُ الْكِتَابِ تُشْعِرُ بِخِلَافِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>