أَيْ لَا يَجُوزُ إبْدَالُهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْقُودٌ عَلَيْهِ (وَمَا يَسْتَوْفِي بِهِ كَثَوْبٍ وَصَبِيٍّ عُيِّنَ) أَيْ الْمَذْكُورُ (لِلْخِيَاطَةِ وَالْإِرْضَاعِ يَجُوزُ إبْدَالُهُ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ لِلِاسْتِيفَاءِ كَالرَّاكِبِ لَا مَعْقُودٌ عَلَيْهِ وَالثَّانِي الْمَنْعُ كَالْمُسْتَوْفَى مِنْهُ.
(وَيَدُ الْمُكْتَرِي عَلَى الدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ) مَثَلًا (يَدُ أَمَانَةٍ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ وَكَذَا بَعْدَهَا فِي الْأَصَحِّ) تَبَعًا لَهَا فَيَكُونُ كَالْمُودِعِ وَالثَّانِي يَدُ ضَمَانٍ كَالْمُسْتَعِيرِ فَيَضْمَنُ مَا يَتْلَفُ عَلَى هَذَا دُونَ الْأَوَّلِ وَفِي ضَمَانِ مَا يَتْلَفُ مِنْ الْمَنَافِعِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْمَنْعُ، أَخْذًا مِنْ الْأَصَحِّ السَّابِقِ.
(وَلَوْ رَبَطَ دَابَّةً أَوْ اكْتَرَاهَا لِحَمْلٍ أَوْ رُكُوبِ وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا) فَتَلِفَتْ (لَمْ يَضْمَنْ إلَّا إذَا انْهَدَمَ عَلَيْهَا إصْطَبْلٌ فِي وَقْتٍ) لِلِانْتِفَاعِ (لَوْ انْتَفَعَ) بِهَا فِيهِ. (لَمْ يُصِبْهَا الْهَدْمُ) فَإِنَّهُ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ جَاءَ مِنْ رَبْطِهَا وَقْتٍ لِانْتِفَاعٍ بِهَا، كَبَعْضِ النَّهَارِ دُونَ جُنْحِ اللَّيْلِ فِي الشِّتَاءِ.
(وَلَوْ تَلِفَ الْمَالُ فِي يَدِ أَجِيرٍ بِلَا تَعَدٍّ، كَثَوْبٍ اُسْتُؤْجِرَ لِخِيَاطَتِهِ أَوْ صَبْغِهِ لَمْ يَضْمَنْ إنْ لَمْ يَتَفَرَّدْ بِالْيَدِ، بِأَنْ قَعَدَ الْمُسْتَأْجِرُ مَعَهُ) حَيٌّ يَعْمَلُ (أَوْ أَحْضَرَهُ مَنْزِلَهُ) لِيَعْمَلَ؛ لِأَنَّ الْمَالَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ إلَيْهِ فِي الْحَقِيقَةِ، وَإِنَّمَا اسْتَعَانَ الْمَالِكُ بِهِ فِي شُغْلِهِ كَمَا يَسْتَعِينُ بِالْوَكِيلِ. (وَكَذَا إنْ انْفَرَدَ) بِالْيَدِ لَا يَضْمَنُ. (فِي أَظْهَرْ الْأَقْوَالِ) وَالثَّانِي يَضْمَنُ كَالْمُسْتَامِ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ وَدُفِعَ بِأَنَّهُ أَخَذَ لِمَنْفَعَةِ الْمُسْتَأْجِرِ أَيْضًا، فَلَا يَضْمَنُ كَعَامِلٍ لِلْقِرَاضِ.
(وَالثَّالِثُ يَضْمَنُ) الْأَجِيرُ (الْمُشْتَرَكُ وَهُوَ مَنْ الْتَزَمَ عَمَلًا فِي ذِمَّتِهِ لَا الْمُنْفَرِدُ وَهُوَ مِنْ آجَرَ نَفْسَهُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً لِعَمَلٍ) ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ مُخْتَصَّةٌ، بِالْمُسْتَأْجِرِ فِي الْمُدَّةِ فَيَدُهُ كَيَدِ الْوَكِيلِ مَعَ الْمُوَكِّلِ، بِخِلَافِ الْمُشْتَرَكِ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ بِلَا تَعَدٍّ عَمَّا إذَا تَعَدَّى، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مُطْلَقًا قَطْعًا.
(وَلَوْ دَفَعَ ثَوْبًا إلَى قَصَّارٍ لِيَقْصِرَهُ، أَوْ خَيَّاطٍ لِيَخِيطَهُ فَفَعَلَ) أَيْ قَصَرَهُ أَوْ خَاطَهُ (وَلَمْ يَذْكُرْ أُجْرَةً فَلَا أُجْرَةَ لَهُ) لِعَدَمِ الْتِزَامِهَا (وَقِيلَ لَهُ) الْأُجْرَةُ لِاسْتِهْلَاكِ الدَّافِعِ عَمَلَهُ (وَقِيلَ إنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ الْعَمَلِ) بِالْأُجْرَةِ (فَلَهُ) الْأُجْرَةُ (وَإِلَّا فَلَا) أُجْرَةَ لَهُ (وَقَدْ يُسْتَحْسَنُ)
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (لَا يَجُوزُ إبْدَالُهُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِالرِّضَا وَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِتَلَفِهِ أَوْ تَعَيُّبِهِ. قَوْلُهُ: (وَمَا يَسْتَوْفِي بِهِ) وَمِثْلُهُ مَا يَسْتَوْفِي فِيهِ كَالطَّرِيقِ. قَوْلُهُ: (عُيِّنَ لِلْخِيَاطَةِ وَالِارْتِضَاعِ) أَيْ بِأَنْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى عَيْنِهِ كَهَذَا الثَّوْبِ أَوْ الصَّبِيِّ، وَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا مِنْ تَصْوِيرِهِ بِتَعَيُّنِهِ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (يَجُوزُ إبْدَالُهُ) وَلَوْ بِغَيْرِ رِضَا الْمُؤَجِّرِ سَوَاءٌ تَلِفَ مَا ذُكِرَ أَوَّلًا.
قَوْلُهُ: (وَالثَّوْبُ مَثَلًا) وَيَجِبُ فِي الِاسْتِيفَاءِ مُرَاعَاةُ الْعَادَةِ فِي اللُّبْسِ لَيْلًا وَنَهَارًا، فَلَا يَنَامُ فِي ثَوْبِ التَّجَمُّلِ وَلَوْ نَهَارًا وَلَا فِي غَيْرِهِ لَيْلًا وَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَلَا يَتَّزِرُ بِالْقَمِيصِ وَلَا بِالرِّدَاءِ وَلَهُ عَكْسُهُ وَالتَّعْمِيمُ بِهِمَا. قَوْلُهُ: (مُدَّةَ الْإِجَارَةِ) وَلَهُ السَّفَرُ بِهِمَا وَلَوْ بِلَا حَاجَةٍ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا بَعْدَهَا) وَلَا يُسَافِرُ بِهَا إلَّا لِحَاجَةٍ كَالْمُودِعِ. قَوْلُهُ: (وَفِي ضَمَانِ مَا يَتْلَفُ مِنْ الْمَنَافِعِ) أَيْ بَعْدَ الْمُدَّةِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْمَنْعُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ إلَّا إنْ اسْتَعْمَلَ أَوْ حَبَسَ الْعَيْنَ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمَالِكُ بِهَا فَيَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، فَلَوْ اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا شَهْرًا وَأَغْلَقَهَا فِي الشَّهْرِ الثَّانِي وَلَمْ يُسَلِّمْ الْمِفْتَاحَ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمَالِكُ لَزِمَهُ أُجْرَتُهُ، وَكَذَا لَوْ غَابَ الْمُسْتَأْجِرُ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ فَيَضْمَنُ مَا بَعْدَهَا وَخَرَجَ بِ " أَغْلِقْهَا " مَا لَوْ تَرَكَهَا مَفْتُوحَةً فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ خَشِيَ عَلَيْهَا وَلَا يَلْزَمُهُ مُرَاجَعَةُ الْحَاكِمِ.
فَرْعٌ: لَوْ أَكْرَى قِدْرًا لِيَطْبُخَ فِيهِ، ثُمَّ حَمَلَهُ عَلَى دَابَّةٍ لِيَرُدَّهُ، فَسَقَطَتْ الدَّابَّةُ فَانْكَسَرَ الْقِدْرُ فَإِنْ سَهُلَ حَمْلُهُ عَلَيْهِ وَلَاقَ بِهِ ضَمِنَهُ لِتَقْصِيرِهِ إلَّا فَلَا.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ رَبَطَ) أَيْ بِلَا عُذْرٍ مَانِعٍ لَهُ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ ذَلِكَ الْوَقْتَ مِنْ بِنَحْوِ مَرَضٍ أَوْ خَوْفٍ. قَوْلُهُ: (إلَّا إذَا انْهَدَمَ إلَخْ) صَرِيحُ كَلَامِهِ عَدَمُ الضَّمَانِ بِغَيْرِ انْهِدَامِ السَّقْفِ، وَبِهِ قَالَ شَيْخُنَا كَالْخَطِيبِ وَشَرْحُ شَيْخِنَا يُوَافِقُهُمَا اعْتِمَادًا وَيُخَالِفُهُمَا تَعْلِيلًا، وَنُظِرَ فِي اعْتِمَادِهِ بِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لَهُ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ هُنَا إمَّا ضَمَانُ جِنَايَةٍ، كَمَا عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فَيَتَقَيَّدُ بِالتَّقْصِيرِ وَلَوْ بِغَيْرِ الِانْهِدَامِ كَنَهْشِ حَيَّةٍ أَوْ عَقْرَبٍ أَوْ سَرِقَةٍ، وَإِمَّا ضَمَانُ يَدٍ فَيَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ كَالْعَارِيَّةِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ صَبْغِهِ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ بِلَفْظِ الْمَصْدَرِ. قَوْلُهُ: (الْمُشْتَرِكُ) سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَلْتَزِمُ فِي ذِمَّتِهِ أَعْمَالًا لِمُتَعَدِّدِينَ ابْتِدَاءً أَوْ دَوَامًا فَقَدْ اشْتَرَكُوا فِي مَنْفَعَتِهِ. قَوْلُهُ: (إذَا تَعَدَّى) وَمِنْهُ إسْرَافُ وَقُودِ خَبَّازٍ وَمَوْتُ مُتَعَلِّمٍ بِضَرْبِ مُعَلِّمٍ، وَدَفْعُ مَا اُسْتُؤْجِرَ لِرَعْيِهِ لِغَيْرِهِ يَرْعَاهُ وَالْقَرَارُ عَلَى الثَّانِي إنْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ تَحْتَ يَدِهِ وَعُلِمَ الْحَالُ وَإِلَّا فَعَلَى الْأَوَّلِ وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ التَّعَدِّي مَا لَمْ يَشْهَدْ بِهِ خَيِّرَانِ. قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ يَضْمَنُ) أَيْ بِأَقْصَى الْقِيَمِ مِنْ وَقْتِ التَّعَدِّي إلَى وَقْتِ التَّلَفِ وَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ مَخِيطًا أَوْ مَصْبُوغًا إنْ وَقَعَ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا وَإِلَّا فَخَالٍ عَنْهُمَا، نَعَمْ لَوْ أَتْلَفَهُ فِي هَذِهِ الثَّانِيَةِ أَجْنَبِيٌّ فَلِلْمَالِكِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ وَإِجَازَتُهَا إنْ أَجَازَ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ وَغُرِّمَ الْأَجْنَبِيُّ قِيمَةَ الثَّوْبِ مَخِيطًا أَوْ مَصْبُوغًا، وَإِنْ فَسَخَ طَالَبَ الْأَجِيرُ الْأَجْنَبِيَّ بِأُجْرَتِهِ وَطَالَبَهُ صَاحِبُ الثَّوْبِ بِقِيمَةِ ثَوْبِهِ خَالِيًا عَنْ ذَلِكَ، وَصَاحِبُ الصِّبْغِ بِقِيمَةِ صِبْغِهِ وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الْأَجِيرَ لِحِفْظِ حَانُوتٍ لَا يَضْمَنُ مَتَاعَهَا إذَا سُرِقَ وَمِثْلَهُ الْخُفَرَاءُ.
تَنْبِيهٌ: مُؤْنَةُ الْمُؤَجِّرِ مِنْ دَابَّةٍ وَغَيْرِهَا عَلَى مَالِكِهِ وَمِنْهُ نَحْوُ صَابُونٍ وَمَاءٍ لِغَسْلِ ثَوْبٍ اتَّسَخَ، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ غَسْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (دَفَعَ ثَوْبًا إلَخْ) هَذَا مِثَالٌ فَكُلُّ عَمَلٍ كَذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فِعْلُهُ مِنْ صَاحِبِهِ كَحَلْقِ رَأْسٍ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَذْكُرْ أُجْرَةً) وَلَا مَا يَقْتَضِيه كَأُرْضِيك أَوْ تَرَى مَا يَسُرُّك أَوْ مَا يَطِيبُ بِهِ خَاطِرُك أَوْ أُطْعِمُك أَوْ لَا أُخَيِّبُ عَمَلَك، وَيَلْزَمُ فِي ذَلِكَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَيُرْجَعُ عَلَى الْأَجِيرِ بِمَا أَكَلَهُ أَوْ شَرِبَهُ. قَوْلُهُ: (فَلَا أُجْرَةَ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَحَلُّهُ فِي عَامِلِ أَهْلِ تَبَرُّعٍ، وَإِلَّا كَقِنٍّ وَصَبِيٍّ وَسَفِيهٍ وَنَحْوِهِمْ فَيَجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (وَقَدْ يُسْتَحْسَنُ)
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَصَحِّ) قَالَ الشَّيْخَانِ: هَذَا الْخِلَافُ جَارٍ فِي الِانْفِسَاخِ بِالتَّلَفِ، لَكِنْ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلْعِ الِانْفِسَاخُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُعَيَّنَةً) هِيَ مُسْتَدْرَكَةٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُصَوَّرُ أَيْضًا بِمَا لَوْ قُدِّرَ بِالْعَمَلِ.