للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا الْعَمَلُ فِيهِ بِالْعَادَةِ، وَالْمُرَادُ فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ؛ كَمَا أَفْصَحَ بِهَا فِي الرَّوْضَةِ فِي الثَّانِي.

(وَلَوْ تَعَدَّى الْمُسْتَأْجِرُ بِأَنْ ضَرَبَ الدَّابَّةَ أَوْ كَبَحَهَا) بِالْمُوَحَّدَةِ وَالْمُهْمَلَةِ أَيْ نَخْعًا بِاللِّجَامِ (فَوْقَ الْعَادَةِ) هُوَ رَاجِعٌ إلَى الِاثْنَيْنِ. (أَوْ أَرْكَبَهَا أَثْقَلَ مِنْهُ أَوْ أَسْكَنَ حَدَّادًا أَوْ قَصَّارًا) دَقَّ. (ضَمِنَ الْعَيْنَ) أَيْ صَارَ ضَامِنًا لَهَا أَمَّا الضَّرْبُ الْمُعْتَادُ وَنَحْوُهُ إذَا قَضَى إلَى تَلَفٍ فَلَا يُوجِبُ ضَمَانًا. (وَكَذَا لَوْ اكْتَرَى) دَابَّةً (لِحَمْلِ مِائَةِ رِطْلٍ مِنْ حِنْطَةٍ فَحَمَلَ مِائَةً شَعِيرًا أَوْ عَكَسَ) أَيْ يَصِيرُ ضَامِنًا لَهَا؛ لِأَنَّ الشَّعِيرَ أَخَفُّ فَمَا أَخَذَهُ مِنْ ظَهْرِهَا أَكْثَرُ، وَالْحِنْطَةُ أَثْقَلُ فَيَجْتَمِعُ ثِقَلُهَا فِي الْمَوْضِعِ الْوَاحِدِ. (أَوْ لِعَشَرَةِ أَقْفِزَةٍ شَعِيرٍ فَحَمَلَ) عَشَرَةً (حِنْطَةً) أَيْ يَصِيرُ ضَامِنًا لِلدَّابَّةِ لِزِيَادَةِ ثِقَلِ الْحِنْطَةِ. (دُونَ عَكْسِهِ) لِخِفَّةِ الشَّعِيرِ مَعَ اسْتِوَائِهِمَا فِي الْجَحِيمِ. (وَلَوْ اكْتَرَى) دَابَّةً (لِمِائَةٍ فَحَمَلَ مِائَةً، وَعَشَرَةً لَزِمَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلزِّيَادَةِ وَإِنْ تَلِفَتْ بِذَلِكَ ضَمِنَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهَا مَعَهَا) ؛ لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا لَهَا بِحَمْلِ الزِّيَادَةِ. (فَإِنْ كَانَ) صَاحِبُهَا مَعَهَا. (ضَمِنَ قِسْطَ الزِّيَادَةِ وَفِي قَوْلٍ نِصْفَ الْقِيمَةِ) ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ بِمَضْمُونٍ وَغَيْرِهِ، فَتُوَزَّعُ الْقِيمَةُ بِالْقِسْطِ أَوْ بِالسَّوِيَّةِ، الْأَوَّلُ أَقْرَبُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ وَأَظْهَرُ فِي الرَّوْضَةِ. (وَلَوْ سَلَّمَ الْمِائَةَ وَالْعَشَرَةَ إلَى الْمُؤَجِّرِ، فَحَمَلَهَا جَاهِلًا) بِالزِّيَادَةِ بِأَنْ قَالَ لَهُ هِيَ مِائَةٌ كَاذِبًا فَتَلِفَتْ الدَّابَّةُ بِهَا. (ضَمِنَ الْمُكْتَرِي عَلَى الْمَذْهَبِ) كَمَا لَوْ حَمَلَهَا بِنَفْسِهِ، وَفِيمَا يَضْمَنُهُ الْقَوْلَانِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِي ضَمَانِهِ قَوْلًا لِعَارِضِ الْغُرُورِ، وَالْمُبَاشَرَةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَسَوَاءٌ ثَبَتَ الْخِلَافُ أَمْ لَا فَالظَّاهِرُ وُجُوبُ الضَّمَانِ وَإِنْ حَمَلَهَا عَالَمًا بِالزِّيَادَةِ، وَلَمْ يَقُلْ لَهُ الْمُسْتَأْجِرُ شَيْئًا فَحُكْمُهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ

: (وَلَوْ وَزَنَ الْمُؤَجِّرُ وَحَمَّلَ) بِالتَّشْدِيدِ (فَلَا أُجْرَةَ لِلزِّيَادَةِ) لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِي نَقْلِهَا. (وَلَا ضَمَانَ إنْ تَلِفَتْ) بِذَلِكَ الدَّابَّةُ سَوَاءٍ غَلِطَ الْمُؤَجِّرُ أَمْ لَا، وَسَوَاءً جَهِلَ الْمُسْتَأْجِرُ الزِّيَادَةَ أَمْ عَلِمَهَا وَسَكَتَ.

(وَلَوْ أَعْطَاهُ ثَوْبًا لِيَخِيطَهُ) بَعْدَ قَطْعِهِ. (فَخَاطَهُ قَبَاءَ وَقَالَ: أَمَرْتنِي بِقَطْعِهِ قَبَاءَ فَقَالَ) الْمَالِكُ (بَلْ قَمِيصًا

ــ

[حاشية قليوبي]

وَمَعَ اسْتِحْسَانِهِ مَرْجُوحٌ إلَّا فِي دَاخِلِ الْحَمَّامِ، وَرَاكِبِ السَّفِينَةِ بِلَا إذْنٍ فَعَلَيْهِمَا الْأُجْرَةُ، وَلَا أُجْرَةَ مَعَ الْإِذْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ سَوَاءٌ سَيَّرَ السَّفِينَةَ بِعِلْمِ مَالِكِهِ أَمْ لَا.

قَوْلُهُ: (بِالْمُوَحَّدَةِ إلَخْ) وَقَدْ تُبْدَلُ بِالْفَوْقِيَّةِ أَوْ بِالْمِيمِ وَيُقَالُ أَكْبَحَ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (فَوْقَ الْعَادَةِ) لِمِثْلِ تِلْكَ الدَّابَّةِ وَهُوَ رَاجِحٌ لِلْمُسْتَثْنَى قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (صَارَ ضَامِنًا) وَعَلَى هَذَا فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ دَقَّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ الضَّمَانُ فِي الْحَدَّادِ وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ الْعَادَةَ، وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ كَانَ مُتَعَدِّيًا السُّكْنَى وَإِلَّا فَيَضْمَنُ مَا خَالَفَ عَادَةَ مِثْلِهِ، وَالضَّمَانُ الْمَذْكُورُ فِي الدَّابَّةِ وَمَا مَعَهَا ضَمَانُ يَدٍ كَمَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ الْعَبَّادِيُّ وَلَوْ أَرْكَب مِثْلَهُ أَوْ دُونَهُ فَتَعَدَّى الرَّاكِبُ، فَالْقَرَارُ وَالضَّمَانُ عَلَيْهِ لِعَدَمِ تَعَدِّي الْأَوَّلِ، وَلَوْ أَرْدَفَ غَيْرَهُ مَعَهُ فَكَمَا لَوْ حَمَّلَهَا زِيَادَةً عَلَى مَا اسْتَأْجَرَ لَهُ وَلَوْ أَرْدَفَ غَيْرَهُ عَلَى دَابَّةِ نَفْسِهِ فَعَارِيَّةً، وَالضَّمَانُ بِعَدَدِ الرُّءُوسِ أَوْ حَمَلَ مَتَاعَ غَيْرِهِ، مَعَهُ وَهُوَ رَاكِبٌ وَالْفَرْقُ أَنَّ لِلرَّاكِبِ، يَدًا بِخِلَافِ الْمَحْمُولِ.

فَرْعٌ: اشْتَرَى حَطَبًا عَلَى دَابَّةٍ بِشَرْطِ حَمْلِهِ إلَى مَحَلِّهِ فَهِيَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ فَتُضْمَنُ الدَّابَّةُ فِي الثَّانِيَةِ إلَّا إنْ سَيَّرَهَا مَالِكُهَا بِغَيْرِ أَمْرِ الْمُشْتَرِي. قَوْلُهُ: (أَيْ يَصِيرُ ضَامِنًا) أَيْ ضَمَانَ جِنَايَةٍ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا لَوْ اكْتَرَى إلَخْ) وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَضْمَنُ فِي الْوَزْنِ مُطْلَقًا وَفِي الْكَيْلِ إنْ عَدَلَ إلَى الْأَثْقَلِ. قَوْلُهُ: (أَقْفِزَةٌ) جَمْعُ قَفِيزٍ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَسَعُ اثْنَيْ عَشَرَ صَاعًا. قَوْلُهُ: (بِذَلِكَ) وَكَذَا بِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ يَدٍ فَهُوَ ضَامِنٌ لِجَمِيعِهَا، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِقَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهَا مَعَهَا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ ضَمَانُ جِنَايَةٍ. قَوْلُهُ: (غَاصِبًا فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ) إنْ عَلِمَ صَاحِبَهَا. قَوْلُهُ: (الْأَوَّلُ أَقْرَبُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (فَحَمَلَهَا) أَوْ سَيَّرَهَا بَعْدَ الْوَضْعِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ. قَوْلُهُ: (الْقَوْلَانِ) أَصَحُّهُمَا ضَمَانُ الْقِسْطِ. قَالَ شَيْخُنَا: هَذَا إنْ كَانَ صَاحِبُهَا مَعَهَا، وَإِلَّا ضَمِنَ الْكُلَّ كَمَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ حَمَلَهَا) أَوْ سَيَّرَهَا كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ وَزَنَ الْمُؤَجِّرُ وَحَمَلَ) أَوْ حَمَلَ بِلَا وَزْنٍ أَوْ سَبْرٍ بَعْدَ الْوَضْعِ كَمَا تَقَدَّمَ سَوَاءٌ وَزَنَ الْمُسْتَأْجِرُ أَوْ لَا، فَلَا أُجْرَةَ لِلزِّيَادَةِ وَلَا ضَمَانَ لِلدَّابَّةِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ. قَوْلُهُ: (لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِي نَقْلِهَا) فَيَجِبُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ رَدُّ الزِّيَادَةِ لِمَحَلِّهَا وَعَلَيْهِ ضَمَانُهَا لَوْ تَلِفَتْ. قَوْلُهُ: (وَسَكَتَ) فَإِنْ قَالَ لَهُ الْمُسْتَأْجِرُ احْمِلْ هَذِهِ الزِّيَادَةَ فَمُسْتَعِيرٌ، وَيَضْمَنُ الْقِسْطَ إنْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ الْحَمْلِ، وَلَا أُجْرَةَ لِلزَّائِدِ وَلَوْ نَقَصَ الْمَحْمُولُ بِمَا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ مَثَلًا، لَمْ يُؤَثِّرْ أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْهُ حَطَّ قِسْطَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ، وَفِي إجَارَةِ الْعَيْنِ أَيْضًا إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ، وَلَوْ سَخَّرَ دَابَّةً وَصَاحِبَهَا فَقَبْلَ اسْتِعْمَالِهَا لَا

ــ

[حاشية عميرة]

فَرْعٌ: الْأَجِيرُ لِحِفْظِ الْحَانُوتِ إذَا سُرِقَ مَتَاعُهَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَمِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّ الْخُفَرَاءَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ.

قَوْلُهُ: (بِالْمُوَحَّدَةِ إلَخْ) يُقَالُ أَيْضًا: بِالْمِيمِ بَدَلَ الْبَاءِ، وَكَذَا بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ. وَأَكْبَحَ أَيْضًا فَفِيهَا أَرْبَعُ لُغَاتٍ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (ضَمِنَ الْعَيْنَ) أَيْ ثُمَّ إنْ كَانَتْ يَدُ الثَّانِي يَدَ أَمَانَةٍ فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ إنْ عَلِمَ دُونَ مَا إذَا جَهِلَ، وَإِنْ كَانَتْ يَدَ ضَمَانٍ كَالْمُسْتَعِيرِ فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا.

قَوْلُهُ: (أَيْ يَصِيرُ ضَامِنًا) وَلَوْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ هَذَا السَّبَبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ (أَقْفِزَةِ) جَمْعُ قَفِيزٍ، وَالْقَفِيزُ مِكْيَالٌ مَعْرُوفٌ يَسَعُ اثْنَيْ عَشَرَ صَاعًا.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَحَمَلَ مِائَةً وَعَشَرَةَ إلَخْ) أَشَارَ بِالْعَشَرَةِ إلَى اشْتِرَاطِ أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ أَكْثَرَ مِمَّا لَا يَقَعُ التَّفَاوُتُ بِهِ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ.

فَرْعٌ: لَوْ أَكْرَى بَيْتًا يَضَعُ فِيهِ مِائَةَ إرْدَبٍّ فَوَضَعَ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْهَا، فَإِنْ كَانَ أَرْضًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الضَّرَرِ، وَإِنْ كَانَ غُرْفَةً فَطَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا: تَخْيِيرُ الْمُؤَجِّرِ بَيْنَ الْمُسَمَّى وَأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِلزِّيَادَةِ وَبَيْنَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَالثَّانِيَةُ: قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا الْمُسَمَّى وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَالثَّانِي: أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِكُلٍّ اهـ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ بَلَغَتْهُ) بِذَلِكَ أَوْ بِغَيْرِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ضَمِنَ قِسْطَ الزِّيَادَةِ) أَيْ فَهُوَ ضَمَانُ جِنَايَةٍ لَا ضَمَانُ يَدٍ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ التَّلَفُ بِذَلِكَ، فَتَقْيِيدُ الْمِنْهَاجِ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ بِذَلِكَ نَافِعٌ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَقُلْ لَهُ الْمُسْتَأْجِرُ إلَخْ) بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَهُ: احْمِلْ هَذِهِ الزِّيَادَةَ فَهُوَ مُسْتَعِيرٌ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَحَمَلَ) خَرَجَ مَا لَوْ حَمَلَ الْمُسْتَأْجِرُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ عَلِمَ أَوْ جَهِلَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>