للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي يَدِهِ (فَإِنْ دَفَعَهَا إلَى الْقَاضِي لَزِمَهُ الْقَبُولُ) وَكَذَا مَنْ أَخَذَهَا لِلتَّمَلُّكِ ثُمَّ دَفَعَهَا إلَى الْقَاضِي يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ.

(وَلَمْ يُوجِبْ الْأَكْثَرُونَ التَّعْرِيفَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ) أَيْ الْأَخْذُ لِلْحِفْظِ أَبَدًا قَالُوا لِأَنَّ التَّعْرِيفَ إنَّمَا يَجِبُ لِتَحْقِيقِ شَرْطِ التَّمَلُّكِ وَأَوْجَبَهُ غَيْرُهُمْ، وَصَحَّحَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ لِئَلَّا يَكُونَ كِتْمَانًا مُفَوِّتًا لِلْحَقِّ عَلَى صَاحِبِهِ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ هَذَا أَقْوَى وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَقَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إنَّهُ الْأَصَحُّ وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ التَّعْرِيفَ فِي الْأَخْذِ لِلتَّمَلُّكِ وَاجِبٌ قَطْعًا. (فَلَوْ قَصَدَ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ الْأَخْذِ لِلْحِفْظِ أَبَدًا. (خِيَانَةَ لَمْ يَصِرْ ضَامِنًا فِي الْأَصَحِّ) بِمُجَرَّدِ الْقَصْدِ وَالثَّانِي يَصِيرُ. (وَإِنْ أَخَذَ بِقَصْدِ خِيَانَةٍ فَضَامِنٌ وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَهُ أَنْ يُعَرِّفَ وَيَتَمَلَّكَ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَفِي وَجْهٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي لَهُ ذَلِكَ لِوُجُودِ صُورَةِ الِالْتِقَاطِ (وَإِنْ أَخَذَ لِيُعَرِّفَ وَيَتَمَلَّكَ) بَعْدَ التَّعْرِيفِ. (فَأَمَانَةٌ مُدَّةَ التَّعْرِيفِ وَكَذَا بَعْدَهَا مَا لَمْ يَخْتَرْ التَّمَلُّكَ فِي الْأَصَحِّ) وَمُقَابِلُهُ تَصِيرُ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ إذَا كَانَ غُرْمُ التَّمَلُّكِ مُطَّرِدًا، قَالَهُ الْغَزَالِيُّ كَالْإِمَامِ وَالْأَوَّلُ قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْبَغَوِيُّ.

(وَيَعْرِف) بِفَتْحِ الْيَاءِ الْمُلْتَقِطُ (جِنْسَهَا) أَذَهَبٌ هِيَ أَمْ فِضَّةٌ أَمْ ثِيَابٌ. (وَصِفَتَهَا) أَهَرَوِيَّةٌ أَمْ مَرْوِيَّةٌ. (وَقَدْرَهَا) بِوَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ (وَعِفَاصَهَا) أَيْ وِعَاءَهَا مِنْ جِلْدٍ أَوْ خِرْقَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (وَوِكَاءَهَا) أَيْ خَيْطَهَا الْمَشْدُودَةَ بِهِ رَوَى الشَّيْخَانِ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِسَائِلِهِ عَنْ لُقَطَةِ الذَّهَبِ، أَوْ الْوَرِقِ «اعْرِفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً» وَقِيسَ عَلَى مَعْرِفَتِهِ خَارِجَهَا فِيهِ مَعْرِفَةُ دَاخِلِهَا، وَذَلِكَ لِيَعْرِفَ صِدْقَ وَاصِفِهَا (ثُمَّ يُعَرِّفُهَا) بِالتَّشْدِيدِ. (فِي الْأَسْوَاقِ وَأَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ) عِنْدَ خُرُوجِ النَّاسِ مِنْ الْجَمَاعَاتِ (وَنَحْوِهَا) مِنْ مَجَامِعِ النَّاسِ فِي بَلَدِ الِالْتِقَاطِ أَوْ قَرْيَتِهِ أَوْ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَى مَوْضِعِهِ مِنْ الصَّحْرَاءِ، وَإِنْ جَازَتْ بِهِ قَافِلَةٌ تَبِعَهُمْ وَعَرَّفَ، وَلَا يُعَرِّفُ فِي الْمَسَاجِدِ قَالَ الشَّاشِيُّ

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (فَهِيَ أَمَانَةٌ) وَكَذَا زَوَائِدُهَا مِنْ نَحْوِ دَرٍّ وَنَسْلٍ وَيَجْرِي فِيهِ مَا فِي أَصْلِهَا مِنْ تَجْفِيفِ مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (إلَى الْقَاضِي لَزِمَهُ الْقَبُولُ) وَهَذَا فِي قَاضٍ أَمِينٍ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ دَفْعُهُ لَهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ وَيَضْمَنُهَا دَافِعُهَا لَهُ. قَوْلُهُ: (لِلتَّمَلُّكِ) أَوْ لِلِاخْتِصَاصِ أَوَّلًا بِقَصْدِ شَيْءٍ وَنَسِيَهُ أَوْ بِقَصْدِ وَاحِدٍ لَا بِعَيْنِهِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ دَفَعَهَا إلَخْ) فِيهِ مَا مَرَّ وَيَبْرَأُ بِدَفْعِهَا إلَى الْقَاضِي. قَوْلُهُ: (قَالُوا) صِيغَةُ تَبَرٍّ، لِأَنَّهُ قَدْ يُقَالُ الْوُجُوبُ لِيَظْهَرَ الْمَالِكُ. قَوْلُهُ: (وَصَحَّحَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَوْ أَرَادَ الْعَوْدَ لِلتَّمَلُّكِ وَجَبَ التَّعْرِيفُ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (لِلْحِفْظِ) وَكَذَا لِلتَّمَلُّكِ. قَوْلُهُ: (بِمُجَرَّدِ الْقَصْدِ) فَإِنْ فَعَلَ صَارَ ضَامِنًا بِلَا خِلَافٍ. قَوْلُهُ: (بِقَصْدِ خِيَانَةٍ) وَعُلِمَ ذَلِكَ الْقَصْدُ يَقِينًا وَلَمْ يَنْسَهُ وَإِلَّا فَأَمِينٌ. قَوْلُهُ: (بَعْدَهُ) أَيْ مَا دَامَ مُصِرًّا عَلَيْهِ وَيَأْخُذُهَا الْحَاكِمُ مِنْهُ قَهْرًا عَلَيْهِ، فَلَوْ عَادَ إلَى الْأَمَانَةِ وَلَوْ بَعْدَ أَخْذِ الْحَاكِمِ أَوْ الْخِيَانَةِ فِيهَا بِالْفِعْلِ لِيَصْرِفَ وَيَتَمَلَّكَ جَازَ، وَيَخْرُجُ عَنْ الضَّمَانِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، كَمَا لَوْ سَلَّمَهَا لِلْحَاكِمِ وَالتَّعْرِيفُ الْمَمْنُوعُ مَا كَانَ لِأَجْلِ أَنْ يَتَمَلَّكَ، فَإِنْ كَانَ لِأَجْلِ أَنْ يَعْرِفَ صَاحِبَهَا لِيَدْفَعَهَا لَهُ فَلَا مَانِعَ. قَوْلُهُ: (لِيُعَرِّفَ وَيَتَمَلَّكَ) لَيْسَ قَيْدًا كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (مُطَّرِدًا) أَيْ مُسْتَمِرًّا لَمْ يَتَخَلَّلْهُ قَصْدُ حِفْظٍ.

تَنْبِيهٌ التَّعْرِيفُ مَمْنُوعٌ عَلَى مَنْ خَافَ بِهِ أَخْذَ ظَالِمٍ لَهَا، وَتَكُونُ عِنْدَهُ أَبَدًا أَمَانَةً فَإِنْ خَالَفَ ضَمِنَ.

قَوْلُهُ: (وَيُعَرِّفُ) سَيَأْتِي أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ وَيُنْدَبُ كِتَابَةُ أَوْصَافِهَا وَوَقْتُ لَقْطِهَا وَمَوْضِعُهُ. قَوْلُهُ: (مَرْوِيَّةٌ) بِسُكُونِ الرَّاءِ نِسْبَةً إلَى مَرْوَ قَرْيَةٍ بِأَرْضِ الْعَجَمِ كَهَرَاةَ. قَوْلُهُ: (وِعَاءَهَا) هُوَ أَحَدُ مَاصَدَقَاتِ الْعِفَاصِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْعِفَاصُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْوِعَاءِ الَّذِي فِيهِ النَّفَقَةُ مِنْ جِلْدٍ أَوْ خِرْقَةٍ وَعِلَاقِ الْقَارُورَةِ وَالْجِلْدِ الَّذِي يُغَطِّي بِهِ رَأْسَهَا. قَوْلُهُ: (ثُمَّ يُعَرِّفُهَا) أَيْ الْمُلْتَقِطُ سَنَةً وُجُوبًا، وَلَوْ اخْتِصَاصًا سَوَاءٌ انْفَرَدَ أَوْ تَعَدَّدَ وَفِي التَّعَدُّدِ تُوَزَّعُ السَّنَةُ عَلَيْهِمْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَيَكْفِي أَحَدُهُمْ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْبَاقِينَ، وَيَكْفِي إذْنُهُمْ لِأَجْنَبِيٍّ وَلَوْ أَسْقَطَ بَعْضُهُمْ حَقَّهُ مِنْ الِالْتِقَاطِ لَمْ يَسْقُطْ وَيَبْنِي الْوَارِثُ عَلَى تَعْرِيفِ مُورَثِهِ وَيُعْتَبَرُ فِيمَنْ يُعَرِّفُ كَوْنُهُ، مُكَلَّفًا مَوْثُوقًا بِهِ، وَلَوْ سَفِيهًا أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ، وَلَيْسَ مَعْرُوفًا بِالْخَلَاعَةِ وَالْمُجُونِ وَيُغْنِي عَنْ تَعْرِيفِهَا دَفْعُهَا لِلْحَاكِمِ كَمَا فِي لُقَطَةِ الْحَرَمِ. قَوْلُهُ: (أَوْ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَى مَوْضِعِهِ مِنْ الصَّحْرَاءِ) أَيْ إنْ كَانَ فِي جِهَةِ مَقْصِدِهِ، وَإِلَّا فَالْمُعْتَبَرُ مَقْصِدُهُ وَإِنْ بَعُدَ أَوْ عَرَضَ لَهُ قَصْدُهُ بَعْدَ غَيْرِهِ.

قَوْلُهُ: (تَبِعَهُمْ) أَيْ إنْ كَانَ سَيْرُهُمْ إلَى جِهَةِ مَقْصِدِهِ، وَإِلَّا تَعَرَّضَ لَهُمْ بِالْمُنَادَاةِ فَقَطْ. فَرْعٌ لَوْ وَجَدَ لُقَطَةً فِي بَيْتِهِ فَعَلَيْهِ التَّعْرِيفُ لِمَنْ يَدْخُلُهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُعَرِّفُ فِي الْمَسَاجِدِ) أَيْ يُكْرَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا يُكْرَهُ أَنْ يَسْأَلَ بَعْضُ مَنْ فِيهَا مِنْ غَيْرِ صُورَةِ تَعْرِيفٍ، وَشَمِلَتْ الْمَسَاجِدُ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ وَالْأَقْصَى.

ــ

[حاشية عميرة]

الْمَتْنِ: (فَهِيَ أَمَانَةٌ) كَذَلِكَ دَرُّهَا وَنَسْلُهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لُزُومُهُ الْقَبُولَ) أَيْ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ فَإِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الرَّدِّ إلَى الْمَالِكِ. قَوْلُهُ: (قَالُوا) صِيغَةُ تَبَرٍّ وَجْهُهُ أَنَّهُ قَدْ يُمْنَعُ ذَلِكَ، وَيُقَالُ: بَلْ وَجَبَ لِيَظْهَرَ الْمَالِكُ وَلَا يَكُونُ الْمُلْتَقِطُ كَاتِمًا فَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ الْكَتْمِ. قَوْلُهُ: (وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ إلَخْ) أَنَّهُ لَوْ أَخَذَهُ لِلْحِفْظِ ثُمَّ بَدَا لَهُ التَّمَلُّكُ؟ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِئْنَافِ التَّعْرِيفِ كَذَا فِي الزَّرْكَشِيّ، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الصَّفْحَةِ بَعْدَهَا مَا يُفِيدُك أَنَّ مَحِلَّ ذَلِكَ إذَا قُلْنَا: إنَّ التَّعْرِيفَ فِي حَقِّهِ غَيْرُ وَاجِبٍ. قَوْلُهُ: (بِمُجَرَّدِ الْقَصْدِ) كَالْوَدِيعَةِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَصِيرُ) إذْ سَبَبُ أَمَانَتِهِ مُجَرَّدُ نِيَّتِهِ.

قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُهُ تَصِيرُ إلَخْ) كَالْمُسْتَامِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُسْتَامَ قَدْ قَبَضَ لِغَرَضِ نَفْسِهِ، وَهَذَا حِينَ الْأَخْذِ مُعْظَمُ غَرَضِهِ الْحِفْظُ عَلَى صَاحِبِهَا وَصَوْنُ مَالِهِ عَنْ الضَّيَاعِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُعَرَّفُ إلَخْ) سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ عِنْدَ آخِرِ الصَّفْحَةِ أَنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>