مثاله: أن يسمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: إذا زنت الأمة جلدت خمسين لرقها، وإذا زنى العبد جلد مائة، فيكون نصه على العبد أولى من القياس.
وكذلك إذا كان كل واحد منهما مجتهداً فيه، وجب أن يكون الخاص أولى من القياس.
وأيضا: فإن القياس يفتقر إلى الاجتهاد في موضعين: أحدهما: في ثبوت العلة في الأصل. والثاني: في الحكم في الفرع؛ لأن من الناس من قال: إذا ثبتت العلة في الأصل لا يجب الحكم بها في الفرع، إلا أن يحصل الأمر بالقياس، والاجتهاد في خبر الواحد في ثبوت صدق الراوي، فإذا ثبت صدقه من طريق يوجب الظن، وجب المصير إليه، ولم يبق موضع آخر يحتاج إلى اجتهاد فيه؛ ولأن طريق ثبوت صدقه في الظاهر أجل من طريق ثبوت العلة؛ لأنه يدل عليه عادته في الزمان الطويل في اتباع الطاعات وتحرز الصدق وتجنب الإثم، فدل هذه العادة على أنه مختار للصدق فيما حدث به، فيكون أولى من طريق العلة.
وأيضاً: فإن الخبر أصل بنفسه، وليس بمقيس على غيره، كما أن الأصول المنصوص عليها والمتفق على حكمها، أصول بأنفسها، غير مقيسة على أغيارها، فإذا كان كذلك، كان (١) موجب الأصل المجمع عليه أقوى من موجب القياس، كذلك موجب خبر الواحد، يكون أقوى من موجب القياس. وليس لهم أن يقولوا: إن العلم وقع لنا بموجب تلك الأصول؛ لأنه لا معتبر بوقوع العلم فيما ذكر؛ لأن موجب العقل في باب الإبا حة ونحوها يدفعه القياس وخبر الواحد، وإن كان موجب