للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبل ورود الشرع كالعلة العقلية.

والجواب: أن علة القياس هي أمارة للحكم، وإنما تصير أمارة إذا ورد الشرع بذلك، وتجرى العلة الشرعية في هذا الباب مجرى الأسماء على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى، فلهذا لم تكن أمارة للحكم قبل ورود الشرع.

فصل

والدلالة على جواز التعبد به من جهة الشرع:

قوله تعالى: (فَاعْتَبِرُوا يَا أولِى اْلأبصَارِ) (١) .

وحقيقة الاعتبار في اللغة (٢) : حمل الشىء على غيره واعتبار حكمه به، إما في حكمه، أو قدره، أو صفته.

ومنه يقال: اعتبر هذه الدراهم بهذه الصًّنْجَة.

ويقال: أخذ السلطانُ الخراجَ العام على العام الماضي (٣) .

وإذا كان حقيقة الاعتبار ما ذكرنا، وهو محض القياس اقتضت الآية وجوب ذلك، والأمر به، والمصير إليه.

فإن قيل: المراد بذلك النظر إلى ما فعلنا بهم.

قيل: لو كان كذلك لم يخص أهل الأبصار بذلك، والاعتبار والنظر الذى ذكروه لا يختص أهل البصيرة، فإنه يُدرك بالحس والمشاهدة، فيشترك


(١) آية (٢) من سورة الحشر.
(٢) قال ابن منظور في كتابه لسان العرب (٦/٢٠٥) مادة (عَبَر) : (وفي التنزيل "فَاعْتَبِرُوا يَأولِى الأْبصَارِ" أي: تدبروا، وانظروا فيما نزل بقريظة والنضير، فقايسوا فعالهم، واتعظوا بالعذاب الذي نزل بهم) .
وانظر: معجم مقاييس اللغة (٤/٢١٠) مادة (عَبَر) .
(٣) يعني: اعتبر السلطانُ الخراجَ في هذا العام بالعام الماضي، بمعنى قاسه عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>