للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه من له بصيرة ومن لا بصيرة له؛ ولأنه حذَّر المخالفة وتوعد عليها بقوله:

(ذَلِكَ بَانهُمْ شَاقُّوا اللهَ) (١) ، فثبت أن المراد ما ذكرنا من الامتناع من الاقدام على مثل أفعالهم (٢) .

وأيضاً: ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لمعاذ بن جبل: (كيف تقضي إن عرض لك قضاء؟ قال: أقضي بكتاب الله، قال: فإن لم يكن في كتاب الله، أو قال: فإن لم تجد في [١٩٧/أ] ، كتاب الله؟ قال: فسنة رسول الله، قال: فإن لم يكن في سنة رسول الله، أو قال: فإن لم تجد في سنة رسول الله؟ قال: اجتهد رأيي ولا آلو، قال: فضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صدره وقال: الحمد لله الذى وفَّق رسولَ رسولِ الله لما يرضاه رسولُ الله) (٣) .

فإن قيل: هذا الخبر لا يصح إسناده؛ لأنه يرويه الحارث بن عمرو (٤) ، ابن أخي المغيرة بن شعبة عن أناس من أهل حِمْص من أصحاب معاذ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك، وأناس من أهل حِمْص مجاهيل، فلا يصح التعلق به.

قيل: هو خبر صحيح رواه أبو داود في سننه (٥) ، وأبو عُبيد (٦) في أدب


(١) آية (٤) من سورة الحشر.
(٢) حتى لا يلحقنا ما لحق بهم، وهذا هو القياس.
(٣) هذا الحديث قد مضى تخريجه.
(٤) روى عن أناس من أهل حمص من أصحاب معاذ عن معاذ في الاجتهاد، وروى عنه أبو عون محمد بن عبيد الله الثقفي، ذكره العقيلي وابن الجارودي وأبو العرب في الضعفاء. وذكره ابن حبان في الثقات. قال الذهبي وابن حجر: مجهول. مات بعد المائة.
له ترجمة في: تقريب التهذيب (١/١٤٣) وتهذيب التهذيب (٢/١٥١) وميزان الاعتدال (١/٤٣٩) .
(٥) في كتاب الأقضية باب اجتهاد الرأي في القضاء (٢/٢٧٢) .
(٦) هو القاسم بن سلاّم، وقد سبقت ترجمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>