للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضًا: فإن النهي يخرجه عن أن يكون شرعًا، والصحة والجواز من أحكام الشرع، فما أخرجه من أن يكون موافقًا للشرع وجب أن يخرجه من أن يكون موافقًا لحكمه.

ويعبر عن هذا بعبارة أخرى وهو: أن ما يفعل على وجه منهي عنه؛ لا يجوز أن يكون هو المفروض ولا المندوب والمباح؛ لأن المنهي عنه لا يكون مأمورًا به ولا مندوبًا؛ لاستحالة اجتماع الشيء وضده؛ فإذا لم يكن [٥٧/ب] هو المأمور به لم يؤثر فعله في إسقاط حكم الأمر الآخر، فكان حكمه باقيًا عليه؛ فليزمه الإتيان به، وهذا معنى قولنا: النهي يقتضي الفساد، ولهذا قال أصحابنا: النهي إذا كان لمعنى في غير المنهي عنه؛ وجب فساد المنهي عنه أيضًا للمعنى الذي ذكرنا.

وأيضًا فإن الأمر يدل على الصحة والجواز، فوجب أن يدل النهي على البطلان والفساد؛ لأن النهي ضد الأمر، فما أفاده الأمر في المأمور؛ يجب أن يفيد النهي ضده في المنهي، ولهذا لما أفاد الأمر وجوب الفعل، أفاد النهي وجوب الترك.

وأيضًا: فإن النهي متعلق بصفة، وعدمها شرط في الفعل؛ فإذا فعله بطل لعدم الشرط.

وبيان هذا: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا ينكح المحرم ولا ينكح" ١.


١ هذا الحديث رواه عثمان بن عفان رضي الله عنه مرفوعًا. أخرجه عنه مسلم كتاب النكاح باب تحريم نكاح المحرم وكراهية خطبته "٢/١٠٣٠-١٠٣١".
وأخرجه عنه الترمذي في كتاب الحج باب ما جاء في كراهية تزويج المحرم "٣/١٩٠-١٩١"، وقال: "حديث حسن صحيح".
وأخرجه عنه أبو داود في كتاب المناسك باب المحرم يتزوج "١/٤٢٧". =

<<  <  ج: ص:  >  >>