للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو بكر بن فورك: وهذا [هو] الصحيح.

ويحتمل: أن الدليل يسقط، ويبقى حكم اللفظ؛ لأن الدليل فرع النطق ونتيجته؛ فلا يصح ثبوت الفرع مع إسقاط الأصل، وهذا هو الأشبه، ويفارق هذا النطقين؛ لأن كل واجب منهما ليس بأصل للآخر.

واحتج: بأنه لو كان للخطاب دليل؛ لوجب أن يكون ضد النطق فقط، لا يكون ضدًا لغيره، مثل قوله: "في سائمة الغنم الزكاة"، كان يجب أن يكون دليله: أن غير سائمة الغنم لا زكاة فيها؛ وقد قلتم: إن دليله في غير السائمة من الإبل والبقر [و] اللفظ لم يتناول ذلك.

والجواب: أنه قد قيل: إنه يقتضي سقوط الزكاة عن معلوفة الغنم فحسب؛ لأن الدليل ما كان مضادًا للنطق، فيتعلق به ضد ما تعلق بالنطق، ونقطه أفاد ثبوت الزكاة في الغنم حسبُ؛ فيجب أن يكون دليله سقوط الزكاة عن معلوفة الغنم حسبُ.

وقيل: إنه يقتضي سقوط الزكاة عن معلوفة الحيوان كله، وهو ظاهر كلام أحمد رحمه الله في رواية إبراهيم بن الحارث١؛ لأنه ذكر له حديث بهز بن حكيم٢، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "في كل


١ هو: إبراهيم بن الحارث بن مصعب بن الوليد بن عبادة بن الصامت. من كبار أصحاب الإمام أحمد، وقد كان من المكرمين عنده، نقل عن أحمد كثيرًا من المسائل، بلغت أربعة أجزاء.
له ترجمة في "طبقات الحنابلة": "٩٤/١".
٢ هو: بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة، أبو عبد الملك القشيري البصري. روى عن أبيه وعن زرارة بن أوفى، وعنه سفيان ويحيى القطان وغيرهما. اختلف فيه: فوثقه ابن معين وابن المديني والنسائي، وقال أبو داود: "أحاديثه صحاح"، وقال أبو حاتم: "هو شيخ، يكتب حديثه، ولا يحتج به"، وقال فيه الذهبي: "صدوق، فيه لين". والحق أنه حسن الحديث كما ذهب إليه غير واحد من المحققين.
له ترجمة في: "الجرح والتعديل" "٢/٤٣٠-٤٣١"، و "المغني في الضعفاء" "١/١١٦"، و "ميزان الاعتدال" "١/٣٥٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>