للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طهور، ولم يخص حال الضرورة دون حال الاختيار؛ فيجب عندنا أن يحمل الجواب على عمومه، ويكون الاعتبار بعموم اللفظ، دون خصوص السبب.

وقد قال أحمد رحمه الله في رواية علي بن سعيد وقد سئل عن الوضوء من ماء البحر؛ فقال: لا بأس به، وذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "هو الطهور ماؤه، الحلال ميتته"؛ فقد احتج بالحديث على العموم، ولم يعتبر السبب الذي ور عليه.

وهو قول أصحاب أبي حنيفة١، وأكثر أصحاب الشافعي٢، وأصحاب الأشعري.


١ راجع في هذا: "تيسير التحرير": "١/٢٦٤"، و"فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت": "٢/٢٨٩".
٢ راجع في هذا: "المستصفى": "٢/٦٠"، و"شرح جمع الجوامع": "٢/٣٨"، و"الإحكام" للآمدي": "٢/٢١٨"، وقد ذكر الآمدي: أن المنقول عن الشافعي: أنه لا يذهب إلى القول بالعموم.
وتعقبه الإسنوي في "نهاية السول": "٢/٤٧٩"، بأنهم اعتمدوا في ذلك على قول إمام الحرمين في "البرهان": إنه الذي صح عندي من مذهب الشافعي، ونقله عنه في المحصول. ثم قال الإسنوي عقب ذلك: " ... وما ذكره الإمام مردود؛ فإن الشافعي رحمه الله قد نص على أن السبب لا أثر له؛ فقال في "الأم"، في باب ما يقع به الطلاق: ولا يصنع السبب شيئًا؛ إنما يصنعه الألفاظ؛ لأن السبب قد يكون، ويحدث الكلام على غير السبب، ولا يكون مبتدأ الكلام الذي حكم؛ فإذا لم يصنع السبب بنفسه شيئًا؛ لم يصنعه ما بعده، ولم يمنع ما بعده أن يصنع له حكم إذا قيل".

<<  <  ج: ص:  >  >>