الصيام، ألا ترى أنها لا تكون عبارة عنها بلفظ مقارن، فلو قال:"صلّ" ثم قال عقيبه: أردت بذلك الصيام لم يصح، ولو قال في العموم:"اقتلوا المشركين"، ثم قال متصلاً به:"إلا النساء"، صح.
واحتج: بأنه لا سبيل للمخاطب إلى معرفة مراد المخاطب به، فوجب أن يكون قبيحاً، كما يقبح أن يخاطب العرب بلغة الزنج ولغة العجم، وكما يقبح أن يقول:"صلوا"، ويريد به:"صوموا"، ويقول:"صوموا" ويريد به: "صلوا".
[١٠٢/ب] والجواب: أن ذلك الخطاب غير مفيد؛ وليس كذلك ها هنا؛ لأن هذا الخطاب مفيد؛ لأنه عرف لفظه، وعقل معناه، واعتقد فيه العموم إن بقي على حالته، والخصوص إن دل عليه الدليل.
واحتج: بأن من خوطب بالعموم، فقد ألزم اعتقاده والإخبار به لغيره، فلو كان المراد به الخصوص، وقد أخبر عنه بالعموم لكان قد ألزم الإخبار بالكذب، وهذا لا يجوز تكليفه.
والجواب: أن هذا يبطل بالنسخ، فإن هذا المعنى موجود فيه، ومع هذا فإنه يصح تأخيره. وعلى أنه يعتقده ويخبر عنه إن حكي معه، ولم ينقل عنه، كما قلنا في النسخ.
واحتج: بأن من أطلق كلاماً له ظاهر، ثم قال بعد استقراره من غير إشعار بخلاف ذلك استقبح منه، وإن كان متعلقاً بحق آدمي لم يقبل منه، وإذا كان ذلك مستقبحا منه، لم يجز أن يرد كلام الله تعالى وكلام رسوله على ذلك.
والجواب: أن هذا المعنى موجود في النسخ، وعلى أنه إنما يقبح ذلك في اللفظ الصريح، فأما المحتمل، فلا.
واحتج: بأن البيان في العام كالاستثناء، فإذا لم يجز تأخير أحدهما، كذلك الآخر.