للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ حَيْثُ تَدْخُلُ فِيهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تَابِعَةٌ مِنْ وَجْهٍ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تُقْصَدُ لِلِانْتِفَاعِ بِالْمَبِيعِ دُونَ عَيْنِهَا أَصْلٌ مِنْ وَجْهٍ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُتَصَوَّرُ وُجُودُهَا بِدُونِ الْمَبِيعِ فَكَانَتْ تَابِعَةً لِلْمَبِيعِ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ فَلَا تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ إلَّا بِذِكْرِ الْحُقُوقِ وَالْمَرَافِقِ وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَشْتَرِي لِلْبَيْعِ فَلَا يَلْزَمُ الشِّرَاءُ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ وَقَدْ يَشْتَرِي الطَّرِيقَ بَعْدَمَا اشْتَرَى الْمَبِيعَ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهَا تُعْقَدُ لِلِانْتِفَاعِ لَا غَيْرَ وَلِهَذَا لَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ فِيمَا لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَلَوْ بَطَلَ الِانْتِفَاعُ بَعْدَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ وَكَذَا لَوْ اسْتَثْنَى هَذِهِ الْأَشْيَاءَ عَنْ عَقْدِ الْإِجَارَةِ تَبْطُلُ إذْ لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِالْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ إلَّا بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَوَجَبَ دُخُولُهَا فِيهَا تَصْحِيحًا لَهَا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ الطَّرِيقَ مِنْ صَاحِبِ الْعَيْنِ لَا يَجُوزُ فَتَعَيَّنَ الدُّخُولُ فِيهَا وَلَا يَدْخُلُ مَسِيلُ مَاءِ الْمِيزَابِ إذَا كَانَ فِي مِلْكٍ خَاصٍّ وَلَا مَسْقِطِ الثَّلْجِ فِيهِ وَقَدْرُ الْحَمَّامِ يَدْخُلُ؛ لِأَنَّهُ مُرَكَّبٌ بِالْبِنَاءِ وَلَوْ اشْتَرَى رَحًى يَدْخُلُ الْحَجَرُ الْأَسْفَلُ؛ لِأَنَّهُ مُرَكَّبٌ بِالْبِنَاءِ وَكَذَا الْأَعْلَى اسْتِحْسَانًا وَالْآلَاتُ الْمُلْصَقَةُ بِالْبَيْتِ؛ لِأَنَّ الرَّحَا اسْمٌ لِبَيْتٍ فِيهِ حَجَرٌ دَوَّارٌ وَالْحَجَرُ الْأَعْلَى هُوَ الدَّوَّارُ.

بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (الْبَيِّنَةُ حُجَّةٌ مُتَعَدِّيَةٌ لَا الْإِقْرَارُ)؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تَصِيرُ حُجَّةً إلَّا بِقَضَاءِ الْقَاضِي وَلِلْقَاضِي وِلَايَةٌ عَامَّةٌ فَيَنْفُذُ قَضَاؤُهُ فِي حَقِّ الْكَافَّةِ وَالْإِقْرَارُ حُجَّةٌ بِنَفْسِهِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَضَاءِ وَلِلْمُقِرِّ وِلَايَةٌ عَلَى نَفْسِهِ دُونَ غَيْرِهِ فَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَالتَّنَاقُضُ يَمْنَعُ دَعْوَى الْمِلْكِ لَا الْحُرِّيَّةِ وَالنَّسَبِ وَالطَّلَاقِ)؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ.

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

بِغَيْرِ حُجَّةٍ وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّ بِالْعَيْبِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ جُذُوعُ دَارٍ أُخْرَى عَلَى الدَّارِ الْمَبِيعَةِ فَإِنْ كَانَتْ لِلْبَائِعِ يُؤْمَرُ بِرَفْعِهَا وَإِنْ كَانَتْ لِغَيْرِهِ كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ الْعَيْبِ وَكَذَلِكَ لَوْ ظَهَرَ فِي الدَّارِ الْمَبِيعَةِ طَرِيقٌ لِدَارٍ أُخْرَى أَوْ مَسِيلُ مَاءٍ فَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الدَّارُ لِلْبَائِعِ فَلَا طَرِيقَ لَهُ فِي الدَّارِ الْمَبِيعَةِ؛ لِأَنَّهُ بَاعَهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِثْنَاءٍ وَإِنْ كَانَتْ لِغَيْرِ الْبَائِعِ كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ الْعَيْبِ اهـ قَالَ الْكَمَالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَوْلُهُ وَمَنْ اشْتَرَى بَيْتًا فِي دَارِ أَوْ مَنْزِلًا فِيهَا أَوْ مَسْكَنًا فِيهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ الطَّرِيقُ فِي هَذِهِ الدَّارِ إلَى ذَلِكَ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِكُلِّ حَقٍّ أَوْ بِمَرَافِقِهِ أَوْ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ وَكَذَلِكَ الشِّرْبُ وَالْمَسِيلُ؛ لِأَنَّهُ خَارِجُ الْحُدُودِ لَا أَنَّهُ مِنْ التَّوَابِعِ فَيَدْخُلُ بِذِكْرِ التَّوَابِعِ وَفِي الْمُحِيطِ الْمُرَادُ الطَّرِيقُ الْخَاصُّ فِي مِلْكِ إنْسَانٍ فَأَمَّا طَرِيقُهَا إلَى سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ وَإِلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ فَيَدْخُلُ وَكَذَا مَا كَانَ لَهُ مِنْ حَقِّ تَسْيِيلِ الْمَاءِ أَوْ إلْقَاءِ الثَّلْجِ فِي مِلْكِ إنْسَانٍ خَاصَّةً وَقَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ: وَإِذَا كَانَ طَرِيقُ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ أَوْ مَسِيلُ مَائِهَا فِي دَارِ أُخْرَى لَا يَدْخُلُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْحُقُوقِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ فَلَا يَدْخُلُ إلَّا بِذِكْرِ الْحُقُوقِ إلَّا أَنَّ تَعْلِيلَهُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ يَقْتَضِي أَنَّ الطَّرِيقَ الَّذِي فِي هَذِهِ الدَّارِ يَدْخُلُ وَهُوَ غَيْرُ مَا فِي الْكِتَابِ فَالْحَقُّ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَدْخُلُ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ فِي هَذِهِ الدَّارِ فَلَمْ يَشْتَرِ جَمِيعَ هَذِهِ الدَّارِ إنَّمَا اشْتَرَى شَيْئًا مُعَيَّنًا مِنْهَا فَلَا يَدْخُلُ مِلْكَ الْبَائِعِ أَوْ مِلْكَ الْأَجْنَبِيِّ إلَّا بِذِكْرِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ حَيْثُ تَدْخُلُ فِيهَا) أَيْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ إذَا اسْتَأْجَرَ دَارًا أَوْ أَرْضًا. اهـ. عَيْنِيٌّ (قَوْلُهُ فِيمَا لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ) كَالْمَهْرِ وَالْأَرْضِ السَّبْخَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَوْ اشْتَرَى رَحًى) وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى بَيْتَ الرَّحَى بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ أَوْ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ فِيهِ اهـ قَاضِي خَانْ.

[بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ]

(بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ) هُوَ طَلَبُ الْحَقِّ اهـ ع قَالَ الْأَتْقَانِيُّ ذُكِرَ هَذَا الْبَابُ عَقِيبَ بَابِ الْحُقُوقِ لِظُهُورِ التَّنَاسُبِ بَيْنَهُمَا لَفْظًا وَمَعْنًى اهـ قَالَ الْكَمَالُ: حَقُّ هَذَا الْبَابِ أَنْ يُذْكَرَ بَعْدَ تَمَامِ أَبْوَابِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ ظُهُورُ عَدَمِ الصِّحَّةِ بَعْدَ التَّمَامِ ظَاهِرًا وَلَكِنْ لَمَّا نَاسَبَ الْحُقُوقَ لَفْظًا وَمَعْنًى ذُكِرَ عَقِيبَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ الْبَيِّنَةُ حُجَّةٌ مُتَعَدِّيَةٌ إلَخْ) قَالَ الْعَيْنِيُّ: وَهَذَا أَصْلٌ لِفُرُوعٍ كَثِيرَةٍ مِنْهَا مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ مَبِيعَةٌ إلَخْ وَمِنْهَا أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى عَبْدًا، ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ مُسْتَحِقٌّ بِالْبَيِّنَةِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ بِهَا الْمِلْكُ مِنْ الْأَصْلِ فَيَتَعَدَّى إلَى الْكُلِّ وَلَوْ أَقَرَّ بِهِ الْمُشْتَرِي لِرَجُلٍ أَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لَهُ لَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ قَاصِرٌ عَلَيْهِ فَيَثْبُتُ بِهِ الْمِلْكُ فِي الْمُقَرِّ بِهِ ضَرُورَةَ صِحَّةِ الْخَبَرِ وَقَدْ انْدَفَعَتْ الضَّرُورَةُ بِإِثْبَاتِهِ فَلَا يَظْهَرُ الِاسْتِحْقَاقُ فِي حَقِّهِ بِالرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ اهـ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَالتَّنَاقُضُ يَمْنَعُ دَعْوَى الْمِلْكِ) قَالَ الْعَيْنِيُّ: وَهَذَا أَيْضًا أَصْلٌ لِفُرُوعٍ كَثِيرَةٍ وَمَوْضِعُهَا فِي كِتَابِ الدَّعْوَى وَمِنْ صُوَرِ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ مِقْدَارًا مَعْلُومًا بِأَنَّهُ دَيْنٌ لَهُ عَلَيْهِ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ عِنْدَهُ مِنْ جِهَةِ الشَّرِكَةِ فَإِنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَنَاقِضٌ فِي كَلَامِهِ.

وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ تُسْمَعُ لِإِمْكَانِ التَّوْفِيقِ؛ لِأَنَّ مَالَ الشَّرِكَةِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا بِالْجُحُودِ وَالدَّيْنُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَصِيرَ مَالَ الشَّرِكَةِ وَمِنْهَا مَا ذَكَرَهُ فِيهَا أَيْضًا رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ أَخُوهُ وَادَّعَى عَلَيْهِ النَّفَقَةَ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: لَيْسَ هُوَ بِأَخِي، ثُمَّ مَاتَ الْمُدَّعِي وَخَلَّفَ أَمْوَالًا كَثِيرَةً فَجَاءَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَطَلَبَ مِيرَاثَهُ وَقَالَ: هُوَ أَخِي لَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ وَلَا يُقْضَى لَهُ بِالْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّهُ مُتَنَاقِضٌ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ دَعْوَى الْأُخُوَّةِ دَعْوَى الْبُنُوَّةِ أَوْ الْأُبُوَّةِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ وَيُقْضَى لَهُ بِالْمِيرَاثِ وَمِنْهَا مَا ذَكَرَهُ فِيهَا ادَّعَى عَيْنًا فِي يَدَيْ إنْسَانٍ أَنَّهَا لِفُلَانٍ وَكَّلَنِي بِالْخُصُومَةِ فِيهَا، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا لَهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ يَصِيرُ مُتَنَاقِضًا فَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهَا لَهُ، ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ لِفُلَانٍ وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ فِيهِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَلَا يَصِيرُ مُتَنَاقِضًا. اهـ. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَالتَّنَاقُضُ يَمْنَعُ إلَخْ) إنَّمَا يُعْفَى التَّنَاقُضُ فِي دَعْوَى الْإِعْتَاقِ وَالتَّدْبِيرِ مِنْ قِبَلِ الْعَتِيقِ أَمَّا لَوْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الْمَوْلَى بِأَنْ بَاعَ عَبْدَهُ، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ أَعْتَقَهُ أَوْ دَبَّرَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ فَلَا يُعْفَى؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ فِعْلُهُ وَيَأْتِي فِي بَابِ دَعْوَى النَّسَبِ. اهـ. يَحْيَى.

(قَوْلُهُ لَا الْحُرِّيَّةِ وَالنَّسَبُ) أَيْ لَا يَمْنَعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>