أُخِذَ مِنْ أَرْضِ الْعُشْرِ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (مَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ الْبَيْعُ، وَالْقِسْمَةُ، وَالْإِجَارَةُ، وَالْإِجَازَةُ، وَالرَّجْعَةُ، وَالصُّلْحُ عَنْ مَالٍ، وَالْإِبْرَاءُ عَنْ الدَّيْنِ وَعَزْلُ الْوَكِيلِ، وَالِاعْتِكَافُ، وَالْمُزَارَعَةُ، وَالْمُعَامَلَةُ، وَالْإِقْرَارُ، وَالْوَقْفُ، وَالتَّحْكِيمُ)، وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مُبَادَلَةَ مَالٍ بِمَالٍ يَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «نَهَى عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ» وَمَا كَانَ مُبَادَلَةَ مَالٍ بِغَيْرِ مَالٍ، أَوْ كَانَ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ لَا يَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ؛ لِأَنَّ الشُّرُوطَ الْفَاسِدَةَ مِنْ بَابِ الرِّبَا، وَهُوَ يَخْتَصُّ بِالْمُعَاوَضَةِ الْمَالِيَّةِ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ الْمُعَاوَضَاتِ وَالتَّبَرُّعَاتِ؛ لِأَنَّ الرِّبَا هُوَ الْفَضْلُ الْخَالِي عَنْ الْعِوَضِ وَحَقِيقَةُ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ هِيَ زِيَادَةُ مَا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلَا يُلَائِمُهُ فَيَكُونُ فِيهِ فَضْلٌ خَالٍ عَنْ الْعِوَضِ، وَهُوَ الرِّبَا بِعَيْنِهِ وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الْمُعَاوَضَاتِ غَيْرِ الْمَالِيَّةِ كَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ عَلَى مَالٍ وَالْخُلْعِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلَا فِي التَّبَرُّعَاتِ فَيَبْطُلُ الشَّرْطُ وَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «أَجَازَ الْعُمْرَى وَأَبْطَلَ الشَّرْطَ» وَأَصْلٌ آخَرُ أَنَّ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ الْمَحْضِ لَا يَجُوزُ فِي التَّمْلِيكَاتِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْقِمَارِ وَأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَمَا هُوَ مِنْ بَابِ الْإِسْقَاطِ الْمَحْضِ الَّذِي يُحْلَفُ بِهِ يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ مُطْلَقًا وَذَلِكَ مِثْلُ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَمَا هُوَ مِنْ بَابِ الْإِطْلَاقَاتِ وَالْوِلَايَاتِ يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ الْمُلَائِمِ، وَكَذَا التَّحْرِيضَاتُ قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» «وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ فِي غَزْوَةٍ فَقَالَ إنْ قُتِلَ زَيْدٌ فَجَعْفَرٌ، وَإِنْ قُتِلَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فَإِذَا عَرَفْنَا هَذَا جِئْنَا إلَى مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ فَنَقُولُ الْبَيْعُ مُعَاوَضَةُ مَالٍ بِمَالٍ فَيَفْسُدُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ لِمَا رَوَيْنَا وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ مُطْلَقًا إنْ كَانَ الشَّرْطُ بِكَلِمَةٍ إنْ بَانَ قَالَ بِعْت مِنْك إنْ كَانَ كَذَا وَيَبْطُلُ الْبَيْعُ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ الشَّرْطُ نَافِعًا، أَوْ ضَارًّا إلَّا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ بِعْت مِنْك هَذَا إنْ رَضِيَ فُلَانٌ بِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إذَا وَقَّتَهُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّهُ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ لِلْأَجْنَبِيِّ، وَهُوَ جَائِزٌ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ مِنْ قَبْلُ.
وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ بِكَلِمَةٍ عَلَيَّ، فَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ مِمَّا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ، أَوْ يُلَائِمُهُ، أَوْ فِيهِ أَثَرٌ، أَوْ جَرَى التَّعَامُلُ بِهِ كَمَا إذَا شَرَطَ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ، أَوْ الثَّمَنِ، أَوْ التَّأْجِيلَ، أَوْ الْخِيَارَ لَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ وَيَجُوزُ الشَّرْطُ، وَكَذَا إذَا اشْتَرَى النَّعْلَ عَلَى أَنْ يَحْذُوَهَا الْبَائِعُ، وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلَا يُلَائِمُهُ وَلَا الْعَادَةُ جَرَتْ بِهِ فَإِنْ كَانَ فِي الشَّرْطِ مَنْفَعَةٌ لِأَهْلِ الِاسْتِحْقَاقِ فَسَدَ الْبَيْعُ، وَإِلَّا فَلَا وَقَدْ بَيَّنَّاهُ مِنْ قَبْلُ وَالْقِسْمَةُ وَالْإِجَارَةُ تَمْلِيكٌ أَمَّا الْإِجَارَةُ فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ فِيهَا
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
[ مَا يُبْطِل بالشرط الْفَاسِد وَلَا يَصِحّ تعليقه بالشرط]
قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ مَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ إلَخْ) قَالَ الْعَيْنِيُّ أَرْبَعَةَ عَشَرَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ اهـ.
(قَوْلُهُ وَالْإِجَارَةُ وَالْإِجَازَةُ) كَذَا فِي الْمَتْنِ وَشَرَحَ عَلَيْهِ الْعَيْنِيُّ اهـ.
وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ وَالْإِجَارَةُ مَا نَصُّهُ قَالَ الشَّيْخُ قَاسِمٌ فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ وَفِي تَعْلِيقِهَا أَيْ الْإِجَارَةِ بِالشَّرْطِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ أَيْضًا قَالَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ إذَا قَالَ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَقَدْ آجَرْتُك هَذِهِ الدَّارَ بِكَذَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَعْلِيقٌ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَهُوَ قَوْلُ أَبِي اللَّيْثِ وَأَبِي بَكْرٍ الْإِسْكَافِ وَقَالَ الصَّفَّارُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقُ التَّمْلِيكِ بِعِوَضٍ وَهُوَ اخْتِيَارُ ظَهِيرِ الدِّينِ اهـ قَالَ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْإِجَارَةِ رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ آجَرْتُك دَارِي هَذِهِ رَأْسَ الشَّهْرِ كُلُّ شَهْرٍ بِكَذَا جَازَ فِي قَوْلِهِمْ وَلَوْ قَالَ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَقَدْ آجَرْتُك هَذِهِ الدَّارَ كُلُّ شَهْرٍ بِكَذَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَأَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ يَجُوزُ ذَلِكَ وَقَالَ الْفَقِيهُ الصَّفَّارُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقُ التَّمْلِيكِ بِعِوَضٍ، فَلَا يَصِحُّ كَمَا لَوْ عَلَّقَهَا بِشَرْطٍ آخَرَ وَاَلَّذِي يُؤَيِّدُ قَوْلَهُ مَا ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَحْلِفَ ثُمَّ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إذَا جَاءَ غَدٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ كَانَ حَانِثًا فِي يَمِينِهِ وَهَذَا يُؤَيِّدُ قَوْلَهُ وَاَلَّذِي يُؤَيِّدُ قَوْلَ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ مَا ذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ لَهُ خِيَارُ الشَّرْطِ فِي الْبَيْعِ فَقَالَ أَبْطَلْت خِيَارِي غَدًا أَوْ قَالَ أَبْطَلْت إذَا جَاءَ غَدٌ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا قَالَ وَلَيْسَ هَذَا كَقَوْلِهِ إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا فَقَدْ أَبْطَلْت خِيَارِي فَإِنَّ هَذَا لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ هَذَا وَقْتٌ يَجِيءُ لَا مَحَالَةَ وَلَوْ آجَرَ دَارِهِ كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا ثُمَّ قَالَ إذَا جَاءَ هَذَا الشَّهْرُ فَقَدْ أَبْطَلْت الْإِجَارَةَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ كَمَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْإِجَارَةِ لِمَجِيءِ الشَّهْرِ يَصِحُّ تَعْلِيقُ فَسْخِهَا لِمَجِيءِ الشَّهْرِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَوْقَاتِ وَمَسْأَلَةُ الْمُنْتَقَى تَعْلِيقُ إبْطَالِ الْخِيَارِ يُؤَيِّدُ قَوْلَهُ وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - إضَافَةُ الْفَسْخِ إلَى الْغَدِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَوْقَاتِ صَحِيحٌ وَتَعْلِيقُ الْفَسْخِ لِمَجِيءِ الشَّهْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِ اهـ.
قُلْت وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى صِحَّةِ تَعْلِيقِ الْإِجَارَةِ كَمَا إذَا قَالَ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَقَدْ آجَرْتُك هَذِهِ الدَّارَ بِكَذَا وَاسْتُفِيدَ مِمَّا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّ إضَافَةَ الْفَسْخِ إلَى الْغَدِ وَغَيْرِهِ تَصِحُّ وَأَنَّ تَعْلِيقَ الْفَسْخِ بِمَجِيءِ الشَّهْرِ وَغَيْرِهِ لَا يَصِحُّ اهـ.
(قَوْلُهُ وَعَزْلُ الْوَكِيلِ إلَخْ) وَأَمَّا تَعْلِيقُ الْوَكَالَةِ بِالشَّرْطِ فَهَلْ يَجُوزُ يُنْظَرُ فِي الْكَنْزِ قُبَيْلَ كِتَابِ الْمُكَاتَبِ اهـ.
(قَوْلُهُ: فَيَفْسُدُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ) قَالَ الْعَيْنِيُّ فَإِذَا بَاعَ عَبْدًا وَشَرَطَ اسْتِخْدَامَهُ شَهْرًا أَوْ بَاعَ دَارًا عَلَى أَنْ يَسْكُنَهَا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ كَمَا مَرَّ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ إلَخْ) لِأَنَّ تَعْلِيقَ التَّمْلِيكِ لَا يَصِحُّ اهـ.
(قَوْلُهُ أَوْ يُلَائِمُهُ) أَيْ كَالرَّهْنِ وَالْكَفَالَةِ لِأَنَّهُمَا لِلْوَثِيقَةِ وَالتَّأْكِيدِ لِجَانِبِ الِاسْتِيفَاءِ وَالْمُطَالَبَةِ؛ لِأَنَّ اسْتِيفَاءَ الثَّمَنِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَمُؤَكِّدُهُ مُلَائِمٌ لَهُ إذَا كَانَ مَعْلُومًا بِأَنْ كَانَ الرَّهْنُ وَالْكَفَالَةُ مُعَيَّنَيْنِ اهـ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي بَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ اهـ.
(قَوْلُهُ: لِأَهْلِ الِاسْتِحْقَاقِ) وَأَهْلُ الِاسْتِحْقَاقِ هُوَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرَى وَالْمَبِيعُ الْآدَمِيُّ وَالْأَجْنَبِيُّ اهـ.
ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَالْقِسْمَةُ إلَخْ) قَالَ الْعَيْنِيُّ بِأَنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ دَيْنٌ عَلَى النَّاسِ فَاقْتَسَمُوا التَّرِكَةَ مِنْ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ وَشَرَطُوا أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ لِأَحَدِهِمْ وَالْعَيْنُ لِلْبَاقِينَ فَهَذَا فَاسِدٌ وَصُورَةُ تَعْلِيقِهَا بِالشَّرْطِ بِأَنْ اقْتَسَمُوا الدَّارَ وَشَرَطُوا فِيهَا رِضَا فُلَانٍ فَهَذَا فَاسِدٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ فِيهَا مَعْنَى الْمُبَادَلَةِ فَصَارَ كَالْبَيْعِ فَيَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَالْإِجَارَةُ) قَالَ الْعَيْنِيُّ بِأَنْ آجَرَ دَارًا