للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهُمَا خَصْمًا مَعْنًى

وَلَوْ شَهِدَا بَعْدَ مَوْتِهِ أَنَّهُ قَالَ فِي صِحَّتِهِ أَحَدُكُمَا حُرٌّ فَلَا نَصَّ فِيهِ فَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا لَا يُقْبَلُ لِأَنَّ الْعِتْقَ فِي الصِّحَّةِ لَيْسَ بِوَصِيَّةٍ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُقْبَلُ اعْتِبَارًا لِلشُّيُوعِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(بَابُ الْحَلِفِ بِالدُّخُولِ) قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَمَنْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ لِي يَوْمَئِذٍ حُرٌّ عَتَقَ مَا يَمْلِكُ بَعْدَهُ بِهِ) أَيْ إذَا قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ لِي يَوْمئِذٍ حُرٌّ عَتَقَ مَا يَمْلِكُهُ بَعْدَ الْيَمِينِ بِدُخُولِ الدَّارِ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ يَوْمئِذٍ إذْ دَخَلْت الدَّارَ فَحَذَفَ الْجُمْلَةَ وَعَوَّضَهُ التَّنْوِينَ فَاعْتُبِرَ قِيَامُ الْمِلْكِ وَقْتَ الدُّخُولِ وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي مِلْكِهِ يَوْمَ حَلَفَ عَبْدٌ فَبَقِيَ عَلَى مِلْكِهِ حَتَّى دَخَلَ عَتَقَ لِمَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ قِيَامُ الْمِلْكِ وَقْتَ الدُّخُولِ فَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُعْتَقَ بِهَذَا الْيَمِينِ مَنْ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ يَوْمَ حَلَفَ لِأَنَّهُ مَا أَضَافَ الْعِتْقَ إلَى الْمِلْكِ وَلَا إلَى سَبَبِهِ فَلَا يَتَنَاوَلُ مَا سَيَمْلِكُهُ قُلْنَا إنْ لَمْ تُوجَدْ الْإِضَافَةُ إلَى الْمِلْكِ صَرِيحًا فَقَدْ وُجِدَتْ دَلَالَةً لِأَنَّ الْمَمْلُوكَ لَا يَكُونُ بِدُونِ الْمِلْكِ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ إنْ مَلَكْت مَمْلُوكًا فَهُوَ حُرٌّ وَقْتَ دُخُولِ الدَّارِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لِعَبْدِ الْغَيْرِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَاشْتَرَاهُ ثُمَّ دَخَلَ الدَّارَ حَيْثُ لَمْ يُعْتَقْ لِأَنَّهُ لَمْ تُوجَدْ الْإِضَافَةُ إلَى الْمِلْكِ لَا صَرِيحًا وَلَا دَلَالَةً قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ لَمْ يَقُلْ يَوْمئِذٍ لَا) أَيْ لَوْ لَمْ يَقُلْ فِي يَمِينِهِ يَوْمئِذٍ بَلْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ لَا يُعْتَقُ مَنْ مَلَكَهُ بَعْدَ الْيَمِينِ لِأَنَّ قَوْلَهُ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي لِلْحَالِ وَالْجَزَاءُ حُرِّيَّةُ الْمَمْلُوكِ فِي الْحَالِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ الشَّرْطُ عَلَيْهِ تَأَخَّرَ إلَى وُجُودِ الشَّرْطِ فَيُعْتَقُ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

[ بَابُ الْحَلِفِ بِالدُّخُولِ]

(بَابُ الْحَلِفِ بِالدُّخُولِ) كَذَا بِخَطِّ الشَّارِحِ وَفِي نُسْخَةٍ بِالْعِتْقِ كَذَا بِخَطِّ الشَّارِحِ الرَّازِيّ وَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ اهـ قَالَ الْكَمَالُ الْحَلِفُ بِالْكَسْرِ مَصْدَرٌ لَحَلَفَ سَمَاعِيٌّ وَلَهُ مَصْدَرٌ آخَرُ أَعْنِي حِلْفًا بِالْإِسْكَانِ يُقَالُ حَلَفَ حَلِفًا وَحِلْفًا وَتَدْخُلُهُ التَّاءُ لِلْمَرَّةِ كَقَوْلِ الْفَرَزْدَقِ

عَلَى حِلْفَةٍ لَا أَشْتُمُ الدَّهْرَ مُسْلِمَا ... وَلَا خَارِجًا مِنْ فِي زُورُ كَلَامِ

وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ

حَلَفْت لَهَا بِاَللَّهِ حِلْفَةَ فَاجِرٍ ... لَنَامُوا فَمَا إنْ مِنْ حَدِيثٍ وَلَا صَالِي

وَالْمُرَادُ بِالْحَلِفِ بِالْعِتْقِ تَعْلِيقُهُ بِشَرْطٍ. اهـ. . قَالَ الْأَتْقَانِيُّ ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ التَّعْلِيقِ بَعْدَ ذِكْرِ مَسَائِلِ التَّنْجِيزِ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ قَاصِرٌ فِي كَوْنِهِ سَبَبًا لِأَنَّهُ لَيْسَ سَبَبًا فِي الْحَالِ عِنْدَنَا اهـ

(قَوْلُهُ فَاعْتُبِرَ قِيَامُ الْمِلْكِ وَقْتَ الدُّخُولِ) قَالَ الْكَمَالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعُدُولُ الْمُصَنِّفِ إلَى لَفْظِ وَقْتٍ عَنْ لَفْظِ يَوْمٍ فِي قَوْلِهِ فَكَانَ الْمُعْتَبَرُ قِيَامَ الْمِلْكِ وَقْتَ الدُّخُولِ يُفِيدُ أَنَّ لَفْظَ يَوْمٍ يُرَادُ بِهِ الْوَقْتُ لَوْ دَخَلَ لَيْلًا عَتَقَ لِأَنَّهُ أُضِيفَ إلَى فِعْلٍ لَا يَمْتَدُّ وَهُوَ الدُّخُولُ وَإِنْ كَانَ فِي اللَّفْظِ إنَّمَا أُضِيفَ إلَى لَفْظِ إذْ الْمُضَافَةِ لِلدُّخُولِ لَكِنَّ مَعْنَى إذْ غَيْرُ مُلَاحَظٍ وَإِلَّا كَانَ الْمُرَادُ بِهِ يَوْمَ وَقْتِ الدُّخُولِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ عَلَى مَعْنَى يَوْمِ الْوَقْتِ الَّذِي فِيهِ الدُّخُولُ تَقْيِيدًا لِلْيَوْمِ بِهِ لَكِنْ إذَا أُرِيدَ بِهِ مُطْلَقُ الْوَقْتِ يَصِيرُ الْمَعْنَى وَقْتَ وَقْتِ الدُّخُولِ وَنَحْنُ نَعْلَمُ مِثْلَهُ كَثِيرًا فِي الِاسْتِعْمَالِ إذْ الْفَصِيحُ كَنَحْوِ {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ} [الروم: ٤] فَإِنَّهُ لَا يُلَاحَظُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَقْتُ وَقْتٍ يُغْلَبُونَ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ وَلَا يَوْمَ وَقْتِ يَغْلِبُونَ يَفْرَحُونَ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَغَيْرِهِ فَعُرِفَ أَنَّ لَفْظَةَ إذْ لَمْ تُذْكَرْ إلَّا تَكْثِيرًا لِلْعِوَضِ عَنْ الْجُمْلَةِ الْمَحْذُوفَةِ أَوْ عِمَادًا لَهُ أَعْنِي التَّنْوِينَ لِكَوْنِهِ حَرْفًا وَاحِدًا سَاكِنًا تَحْسِينًا وَلَمْ يُلَاحَظْ مَعْنَاهَا وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ فِي أَقْوَالِ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ فِي بَعْضِ الْأَلْفَاظِ لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ نَظَرٌ فِيهَا اهـ

(قَوْلُهُ فَبَقِيَ إلَخْ) وَلَوْ لَمْ يَبْقَ بَلْ بَاعَهُ وَتَجَدَّدَ لَهُ فِيهِ مِلْكٌ يَعْتِقُ أَيْضًا. اهـ. (قَوْلُهُ لَا يَعْتِقُ مِنْ مِلْكِهِ بَعْدَ الْيَمِينِ) لِأَنَّهُ أَرْسَلَ الْمِلْكَ إرْسَالًا وَالْمِلْكُ الْمُرْسَلُ يُرَادُ بِهِ الْحَالُ لِأَنَّ الْمُسْتَقْبَلَ مَوْهُومٌ فَلَا يُعْتَبَرُ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي فِي الْحَالِ اهـ ع (قَوْلُهُ لِأَنَّ قَوْلَهُ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي لِلْحَالِ) قَالَ الرَّازِيّ لِأَنَّ قَوْلَهُ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي يَتَنَاوَلُ مَنْ كَانَ مَمْلُوكًا لَهُ وَقْتَ صُدُورِ الْكَلَامِ مِنْهُ لَا مَا يَمْلِكُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ اهـ ع

(قَوْلُهُ وَالْجَزَاءُ حُرِّيَّةُ الْمَمْلُوكِ فِي الْحَالِ) وَوَجْهُ كَوْنِ كُلِّ مَمْلُوكٍ لِي حَالًا أَنَّ الْمُخْتَارَ فِي الْوَصْفِ مِنْ اسْمِ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ أَنَّ مَعْنَاهُ قَائِمٌ حَالَ التَّكَلُّمِ بِمَنْ نُسِبَ إلَيْهِ عَلَى وَجْهِ قِيَامِهِ بِهِ أَوْ وُقُوعِهِ عَلَيْهِ وَاللَّامُ لِلِاخْتِصَاصِ أَيْ لِاخْتِصَاصِ مَنْ تَجُرُّ مَعْنَى مُتَعَلِّقِهَا إلَيْهِ بِهِ أَيْ بِمَعْنَى الْمُعْتَقِ وَهُوَ مَمْلُوكٌ فَلَزِمَ مِنْ التَّرْكِيبِ اخْتِصَاصُ يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ بِالْمُتَّصِفِ بِالْمَمْلُوكِيَّةِ لِلْحَالِ وَهِيَ أَثَرُ مِلْكِهِ فَلَزِمَ قِيَامُ مِلْكِهِ فِي الْحَالِ ضَرُورَةَ اتِّصَافِهِ بِأَثَرِهَا فِي الْحَالِ وَإِلَّا ثَبَتَ الْأَثَرُ بِلَا مُؤَثِّرٍ هَذَا وَيَعْتِقُ بِقَوْلِ الْقَائِلِ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ الْعَبِيدُ وَلَوْ مَرْهُونِينَ أَوْ مَأْذُونِينَ أَوْ مُؤَاجَرِينَ وَالْإِمَاءُ وَإِنْ كُنَّ حَوَامِلَ وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ وَالْمُدَبَّرُونَ وَأَوْلَادُهُمْ وَلَا يَدْخُلُ الْمُكَاتَبُ خِلَافًا لِزُفَرَ لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ مِنْ وَجْهٍ إذْ هُوَ حُرٌّ يَدًا

وَلَوْ نَوَى الذُّكُورَ فَقَطْ لَمْ يُصَدَّقْ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ فِي عُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ وَيُصَدَّقُ دِيَانَةً مَعَ أَنَّ طَائِفَةً مِنْ الْأُصُولِيِّينَ عَلَى أَنَّ جَمِيعَ الذُّكُورِ يَعُمُّ النِّسَاءَ حَقِيقَةً وَضْعًا وَلَا يَدْخُلُ الْمَمْلُوكُ الْمُشْتَرَكُ وَلَا الْجَنِينُ إلَّا أَنْ يُعَيِّنَهُمْ وَلَا عَبِيدُ عَبْدِهِ التَّاجِرِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُمْ وَسَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ أَوْ لَا وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ عَتَقُوا إذَا نَوَاهُمْ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَعْتِقُوا وَلَوْ نَوَاهُمْ وَلَوْ قَالَ عَنَيْت مَا يُسْتَقْبَلُ عَتَقَ مَا كَانَ فِي مِلْكِهِ وَمَا سَيَمْلِكُهُ إذَا مَلَكَهُ لِأَنَّهُ قَصَدَ تَغْيِيرَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ لَفْظِهِ فَلَمْ تُعْتَبَرْ نِيَّتُهُ فِي إبْطَالِ حُكْمِ الظَّاهِرِ وَاعْتَبَرْنَا اعْتِرَافَهُ لِإِثْبَاتِ الْعِتْقِ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ التَّعْلِيلَ يُرْشِدُ إلَى أَنَّ عِتْقَ مَا هُوَ فِي مِلْكِهِ مَعَ هَذِهِ النِّيَّةِ إنَّمَا هُوَ فِي الْقَضَاءِ وَفِي الذَّخِيرَةِ قَالَ مَمَالِيكِي كُلُّهُمْ أَحْرَارٌ وَنَوَى

<<  <  ج: ص:  >  >>