للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَحْوِهِ.

وَأَمَّا فِي الْأَنْسَابِ فَمُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ جَمْعُ نَسَبٍ وَفِيهِ لَا تَدْخُلُ قَرَابَتُهُ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ فَكَيْفَ دَخَلُوا فِيهِ هُنَا قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (فَإِنْ كَانَ لَهُ عَمَّانِ وَخَالَانِ فَهِيَ لِعَمَّيْهِ)؛ لِأَنَّهُمَا أَقْرَبُ كَمَا فِي الْإِرْثِ وَلَفْظُ الْجَمْعِ يُرَادُ بِهِ الْمُثَنَّى فِي الْوَصِيَّةِ عَلَى مَا بَيَّنَّا فَيُكْتَفَى بِهِمَا، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعِنْدَهُمَا رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَكُونُ بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَعْتَبِرَانِ الْأَقْرَبَ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ عَمٌّ وَخَالَانِ كَانَ لَهُ النِّصْفُ وَلَهُمَا النِّصْفُ) أَيْ لَوْ كَانَ لَهُ عَمٌّ وَخَالَانِ كَانَ لِلْعَمِّ نِصْفُ مَا أَوْصَى بِهِ وَلِلْخَالَيْنِ النِّصْفُ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ جَمْعٌ فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ مَعْنَى الْجَمْعِ فِيهِ وَهُوَ الِاثْنَانِ فِي الْوَصِيَّةِ عَلَى مَا عُرِفَ فَيُضَمُّ إلَى الْعَمِّ الْخَالَانِ لِيَصِيرَ جَمْعًا فَيَأْخُذَ هُوَ النِّصْفَ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ.

وَيَأْخُذَانِ النِّصْفَ لِعَدَمِ مَنْ يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِمَا فِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى لِذِي قَرَابَتِهِ حَيْثُ يَكُونُ جَمِيعُ الْوَصِيَّةِ لِلْعَمِّ؛ لِأَنَّهُ لَفْظٌ مُفْرَدٌ فَيَحْرُزُ الْوَاحِدُ جَمِيعَ الْوَصِيَّةِ إذْ هُوَ الْأَقْرَبُ، وَلَوْ كَانَ لَهُ عَمٌّ وَاحِدٌ لَا غَيْرُ كَانَ لَهُ نِصْفُ الْوَصِيَّةِ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ الْجَمْعِ فِيهِ وَيَرُدُّ النِّصْفَ إلَى الْوَرَثَةِ لِعَدَمِ مَنْ يَسْتَحِقُّهُ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ جَمْعٌ وَأَدْنَاهُ اثْنَانِ فِي الْوَصِيَّةِ فَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النِّصْفُ فَلِهَذَا يُعْطَى لَهُ النِّصْفُ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ يُرَدُّ إلَى الْوَرَثَةِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ عَمٌّ وَعَمَّةٌ اسْتَوَيَا)؛ لِأَنَّ قَرَابَتَهُمَا مُسْتَوِيَتَانِ وَمَعْنَى الْجَمْعِ قَدْ تَحَقَّقَ بِهِمَا فَاسْتَحَقُّوا حَتَّى لَوْ كَانَ لَهُ أَخْوَالٌ مَعَهُمَا لَا يَسْتَحِقُّونَ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُمَا أَقْرَبُ وَلَا حَاجَةَ إلَى الضَّمِّ إلَيْهِمَا لِكَمَالِ النِّصَابِ بِهِمَا، وَلَوْ انْعَدَمَ الْمَحْرَمُ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّهَا مُقَيَّدَةٌ بِهَذَا فَلَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاتِهِ، وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعِنْدَهُمَا لَا تَبْطُلُ وَلَا يَخْتَصُّ الْأَعْمَامُ بِالْوَصِيَّةِ دُونَ الْأَخْوَالِ لِمَا عُرِفَ مِنْ مَذْهَبِهِمَا.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلِوَلَدِ فُلَانٍ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى عَلَى السَّوَاءِ) أَيْ لَوْ أَوْصَى لِوَلَدِ فُلَانٍ فَالْوَصِيَّةُ بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى عَلَى السَّوَاءِ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْوَلَدِ يَشْمَلُ الْكُلَّ وَلَيْسَ فِي اللَّفْظِ شَيْءٌ يَقْتَضِي التَّفْضِيلَ فَتَكُونُ الْوَصِيَّةُ بَيْنَهُمْ عَلَى السَّوَاءِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلِوَرَثَةِ فُلَانٍ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) أَيْ إذَا أَوْصَى لِوَرَثَةِ فُلَانٍ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ مُشْتَقٌّ مِنْ الْوِرَاثَةِ وَهِيَ بَيْنَ أَوْلَادِهِ أَوْ إخْوَتِهِ كَذَلِكَ فَكَذَا الْوَصِيَّةُ، وَلِأَنَّ التَّنْصِيصَ عَلَى الِاسْمِ الْمُشْتَقِّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ يَتَرَتَّبُ عَلَى مَأْخَذِ الِاشْتِقَاقِ فَكَانَتْ هِيَ الْعِلَّةَ، أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا نَصَّ عَلَى الْوِرَاثَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: ٢٣٣] تَرَتَّبَ الْحُكْمُ عَلَيْهَا حَتَّى وَجَبَتْ النَّفَقَةُ بِقَدْرِهَا ثُمَّ شَرْطُ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ أَنْ يَمُوتَ الْمُوصِي لِوَرَثَتِهِ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصَى حَتَّى تَعْرِفَ وَرَثَتُهُ مَنْ هُوَ حَتَّى لَوْ مَاتَ الْمُوصَى قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي لِوَرَثَتِهِ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى لِوَلَدِهِ، وَلَوْ كَانَ مَعَ الْوَرَثَةِ مُوصًى لَهُ آخَرُ قُسِّمَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ ثُمَّ مَا أَصَابَ الْوَرَثَةُ جُمِعَ وَقُسِّمَ بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى وَالثَّمَرَةِ]

(بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى وَالثَّمَرَةِ) قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ وَسُكْنَى دَارِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَأَبَدًا)؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ يَصِحُّ تَمْلِيكُهَا فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ بِبَدَلٍ وَبِغَيْرِ بَدَلٍ فَكَذَا بَعْدَ الْمَمَاتِ لِحَاجَتِهِ كَمَا فِي الْأَعْيَانِ وَيَكُونُ مَحْبُوسًا عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ فِي حَقِّ الْمَنْفَعَةِ حَتَّى يَتَمَلَّكَهَا الْمُوصَى لَهُ عَلَى مِلْكِهِ كَمَا يَسْتَوْفِي الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مَنَافِعَ الْوَقْفِ عَلَى حُكْمِ مِلْكِ الْوَاقِفِ وَيَجُوزُ مُؤَقَّتًا وَمُؤَبَّدًا كَمَا فِي الْعَارِيَّةِ فَإِنَّهَا تَمْلِيكٌ عَلَى أَصْلِنَا بِخِلَافِ الْمِيرَاثِ فَإِنَّهُ خِلَافَةٌ فِيمَا يَتَمَلَّكُهُ الْمُوَرِّثُ وَتَفْسِيرُهَا أَنْ يَقُومَ الْوَارِثُ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ فِيمَا كَانَ لَهُ.

وَذَلِكَ فِي عَيْنٍ تَبْقَى وَالْمَنْفَعَةُ عَرَضٌ يَفْنَى، وَكَذَا الْوَصِيَّةُ بِغَلَّةِ الدَّارِ وَالْعَبْدِ جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّهَا بَدَلُ الْمَنْفَعَةِ وَالْمُجَوِّزُ لِلْوَصِيَّةِ بِهَا الْحَاجَةُ وَهِيَ تَشْمَلُ الْكُلَّ إذْ الْمُوصِي مُحْتَاجٌ إلَى التَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَكَذَا الْمُوصَى لَهُ مُحْتَاجٌ إلَى قَضَاءِ حَاجَتِهِ بِأَيِّ شَيْءٍ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ فَكَيْفَ دَخَلُوا فِيهِ هُنَا) وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِأَنْسَابِهِ حَقِيقَةً النِّسْبَةُ وَهِيَ ثَابِتَةٌ مِنْ الْأُمِّ كَالْأَبِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ نِسْبَةِ الْوَلَدِ إلَى أَبِيهِ بِالدَّعْوَةِ تَرْجِيحًا لِجَانِبِهِ انْقِطَاعُهَا عَنْ الْأُمِّ. اهـ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى لِذِي قَرَابَتِهِ) قَالَ فِي الْكَافِي وَلَوْ أَوْصَى لِذِي قَرَابَتِهِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْجَمْعُ لِاسْتِحْقَاقِ الْكُلِّ حَتَّى لَوْ كَانَ لَهُ عَمٌّ وَخَالَانِ فَكُلُّهُ لِلْعَمِّ عِنْدَهُ لِأَنَّ اللَّفْظَ لِلْفَرْدِ فَيُحْرِزُ الْعَمُّ كُلَّهَا لِأَنَّهُ أَقْرَبُ. اهـ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ قَرَابَتَهُمَا مُسْتَوِيَةٌ) الَّذِي بِخَطِّ الشَّارِحِ لِأَنَّ قَرَابَتَهُمَا مُسْتَوِيَتَانِ. اهـ.

(بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى وَالثَّمَرَةِ) لَمَّا فَرَغَ عَنْ بَيَانِ أَحْكَامِ الْوَصَايَا الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالْأَعْيَانِ شَرَعَ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْوَصَايَا الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالْمَنَافِعِ وَهِيَ الْأَعْرَاضُ وَأَخَّرَهَا عَنْ الْأَعْيَانِ لِأَنَّ الْأَعْيَانَ هِيَ الْأَصْلُ لِكَوْنِ الْعَيْنِ قَائِمَةً بِذَاتِهَا دُونَ الْعَرْضِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ إلَخْ) وَلَيْسَ لِلْمُوصَى لَهُ أَنْ يَخْرُجَ الْعَبْدُ مِنْ الْكُوفَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُوصَى لَهُ وَأَهْلُهُ فِي غَيْرِ الْكُوفَةِ فَيُخْرِجَهُ إلَى أَهْلِهِ لِلْخِدْمَةِ هُنَالِكَ إذَا كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ. اهـ. هِدَايَةٌ يَعْنِي إذَا أَوْصَى رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ لِزَيْدٍ مَثَلًا فَلَيْسَ لِزَيْدٍ أَنْ يُخْرِجَ الْعَبْدَ مِنْ الْكُوفَةِ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ لِيَسْتَخْدِمَهُ فِيهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُوصَى لَهُ وَأَهْلُهُ فِي غَيْرِ الْكُوفَةِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ أَنْ يُخْرِجَهُ لِأَنَّ تَنْفِيذَ الْوَصِيَّةِ عَلَى حَسَبِ مَا يُعْرَفُ مِنْ مَقْصُودِ الْمُوصِي فَإِذَا كَانَ الْمُوصَى لَهُ وَأَهْلُهُ فِي مِصْرِ الْمُوصِي فَمَقْصُودُ الْمُوصِي أَنْ يَخْدُمَهُ الْعَبْدُ فِي الْمِصْرِ بِدُونِ أَنْ تَلْزَمَهُ مَشَقَّةُ السَّفَرِ وَإِذَا كَانُوا فِي غَيْرِ مِصْرِ الْمُوصِي فَمَقْصُودُهُ أَنْ يَحْمِلَ الْعَبْدَ إلَى أَهْلِهِ لِيَخْدُمَهُ عِنْدَهُمْ وَهَذَا هُوَ الْمَعْلُومُ بِدَلَالَةِ الْحَالِ وَلَوْ أَنَّهُ شَرَطَ أَنْ يَخْدُمَهُ عِنْدَ أَهْلِهِ بِالْإِفْصَاحِ كَانَ لِلْمُوصَى لَهُ أَنْ يُخْرِجَهُ إلَى أَهْلِهِ فَكَذَا إذَا عُلِمَ عِنْدَ أَهْلِهِ بِالدَّلَالَةِ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>