للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ يُجْعَلَ نِفَاسُهَا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا ثُمَّ طُهْرُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ فِيهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ وَطُهْرَانِ عَلَى التَّخْرِيجَيْنِ وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا تَرَى مِنْ الدَّمِ فِي الْأَرْبَعِينَ لَا يَكُونُ حَيْضًا وَإِنَّمَا هُوَ نِفَاسٌ؛ لِأَنَّهُ فِي مُدَّتِهِ

وَمَا تَرَاهُ بَعْدَ تَمَامِ الْأَرْبَعِينَ يَكُونُ حَيْضًا إنْ تَقَدَّمَهُ طُهْرٌ صَحِيحٌ وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَذَلِكَ بِمَا ذَكَرْنَا هَذَا فِي حَقِّ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَفِي حَقِّ الثَّانِي يَحْتَاجُ بَعْدَ هَذَا إلَى ثَلَاثِ حِيَضٍ وَثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ عَلَى التَّخْرِيجَيْنِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تُصَدَّقُ فِي خَمْسَةٍ وَسِتِّينَ يَوْمًا؛ لِأَنَّ نِفَاسَهَا يُقَدَّرُ بِأَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا؛ لِأَنَّ مُدَّةَ النِّفَاسِ أَكْثَرُ مِنْ مُدَّةِ الْحَيْضِ فَيُقَدَّرُ بِأَكْثَرَ مِنْ أَكْثَرِ الْحَيْضِ بِيَوْمٍ ثُمَّ بَعْدَ هَذَا ثَلَاثُ حِيَضٍ وَثَلَاثَةُ أَطْهَارٍ هَذَا فِي حَقِّ الْأَوَّلِ وَفِي حَقِّ الثَّانِي يَحْتَاجُ بَعْدَ هَذَا إلَى ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ وَثَلَاثِ حِيَضٍ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تُصَدَّقُ فِي أَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ يَوْمًا وَسَاعَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا غَايَةَ لِأَقَلِّ النِّفَاسِ فَإِذَا قَالَتْ كَانَ سَاعَةً وَجَبَ تَصْدِيقُهَا لِلِاحْتِمَالِ ثُمَّ الطُّهْرُ بَعْدَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ ثَلَاثُ حِيَضٍ وَطُهْرَانِ هَذَا لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي يَحْتَاجُ إلَى أَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ يَوْمًا ثَلَاثِ حِيَضٍ وَثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ هَذَا فِي حَقِّ الْحُرَّةِ

وَفِي حَقِّ الْأَمَةِ التَّخْرِيجُ ظَاهِرٌ عَلَى الْمَذَاهِبِ كُلِّهَا فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(بَابُ الْإِيلَاءِ) الْإِيلَاءُ الْيَمِينُ لُغَةً قَالَ قَائِلُهُمْ

قَلِيلُ الْأَلَايَا حَافِظٌ لِيَمِينِهِ ... وَإِنْ بَدَرَتْ مِنْهُ الْأَلِيَّةُ بَرَّتْ

وَفِي الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ الْيَمِينِ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ الْمَنْكُوحَةِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ وَلِذَلِكَ قَالُوا الْمُولِي مَنْ لَا يَخْلُو عَنْ أَحَدِ الْمَكْرُوهَيْنِ إمَّا الطَّلَاقُ أَوْ الْكَفَّارَةُ، وَقِيلَ الْمُولِي مَنْ لَا يُمْكِنُهُ الْقُرْبَانُ إلَّا بِشَيْءٍ يَلْزَمُهُ وَهُوَ أَشْبَهُ؛ لِأَنَّهُ يُدْخِلُ الْكَفَّارَةَ وَالنَّذْرَ وَغَيْرَهُ تَحْتَهُ غَيْرَ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ الْتِزَامُ مَا لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ كَالصَّلَاةِ وَالْغَزْوِ فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ قَرِبْتُك فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَغْزُوَ وَلَا يَكُونُ مُولِيًا وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ الْإِيلَاءُ فِي الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ مَنْعِ النَّفْسِ عَنْ قُرْبَانِ الْمَنْكُوحَةِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مَنْعًا مُؤَكَّدًا بِشَيْءٍ يَلْزَمُهُ وَهُوَ يَشُقُّ عَلَيْهِ وَرُكْنُهُ قَوْلُهُ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك وَنَحْوَهُ وَشَرْطُهُ الْمَحَلُّ وَالْأَهْلُ وَهُوَ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ مَنْكُوحَةً وَالْحَالِفُ أَهْلًا لِلطَّلَاقِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عِنْدَهُمَا وَأَنْ لَا تَكُونَ الْمُدَّةُ مَنْقُوصَةً عَنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَحُكْمُهُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ عِنْدَ الْبِرِّ وَوُجُوبُ الْكَفَّارَةِ أَوْ نَحْوُهُ عِنْدَ الْحِنْثِ. قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (هُوَ الْحَلِفُ عَلَى تَرْكِ قُرْبَانِهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ) أَيْ الْإِيلَاءُ هُوَ الْحَلِفُ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ الزَّوْجَةِ هَذِهِ الْمُدَّةَ

وَقَدْ أَشَرْنَا أَنَّ مُجَرَّدَ الْحَلِفِ عَلَى تَرْكِهِ لَا يَكُونُ إيلَاءً حَتَّى يَكُونَ الْمَنْعُ بِشَيْءٍ يَلْزَمُهُ وَهُوَ يَشُقُّ عَلَيْهِ، وَذَكَرْنَا الْأَوْجُهَ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: ٢٢٦] الْآيَةَ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إذَا حَلَفَ لَا يَقْرَبُهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ لَا يَكُونُ مُولِيًا حَتَّى تَزِيدَ مُدَّةُ الْمُطَالَبَةِ وَاشْتَرَطَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - زِيَادَةَ يَوْمٍ وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِمَا مَا تَلَوْنَا؛ لِأَنَّهُ نَصَّ عَلَى التَّرَبُّصِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا كَمَا لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى التَّرَبُّصِ الْمَذْكُورِ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَالطَّلَاقِ فِي قَوْله تَعَالَى {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨] وَفِي قَوْله تَعَالَى {أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: ٢٣٤] وَالْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ فِيهِ سَوَاءٌ عِنْدَ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ وَفِي حَقِّ الْأَمَةِ التَّخْرِيجُ ظَاهِرٌ إلَخْ) فَعَلَى رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ عَنْ الْإِمَامِ لَا تُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةٍ وَسِتِّينَ يَوْمًا وَعَلَى رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْهُ لَا تُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ يَوْمًا، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا تُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ سَبْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا وَسَاعَةٍ. اهـ. بَدَائِعُ.

[بَابُ الْإِيلَاءِ]

(بَابُ الْإِيلَاءِ) وَجْهُ مُنَاسَبَةِ الْإِيلَاءِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ التَّحَارِيمَ الَّتِي تَحْصُلُ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ أَرْبَعَةٌ الطَّلَاقُ وَالْإِيلَاءُ وَالظِّهَارُ وَاللِّعَانُ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ الطَّلَاقِ شَرَعَ فِي الْإِيلَاءِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الطَّلَاقِ فِي الْإِيلَاءِ لَا يَثْبُتُ عَلَى الْفَوْرِ بَلْ مُؤَجَّلًا إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يَذْكُرَ الْخُلْعَ قَبْلَ الْإِيلَاءِ؛ لِأَنَّ الْإِيلَاءَ نَوْعٌ مِنْ الطَّلَاقِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ بِعِوَضٍ تَبَاعَدَ عَنْ الطَّلَاقِ فَأُخِّرَ عَنْ الْإِيلَاءِ وَقُدِّمَ الْخُلْعُ عَلَى الظِّهَارِ؛ لِأَنَّ الظِّهَارَ مُنْكَرٌ مِنْ الْقَوْلِ وَزُورٌ وَلَيْسَ الْخُلْعُ كَذَلِكَ، ثُمَّ قُدِّمَ الظِّهَارُ عَلَى اللِّعَانِ؛ لِأَنَّ الظِّهَارَ أَقْرَبُ إلَى الْإِبَاحَةِ مِنْ اللِّعَانِ بِدَلِيلِ أَنَّ سَبَبَ اللِّعَانِ وَهُوَ الْقَذْفُ بِالزِّنَا لَوْ أُضِيفَ إلَى غَيْرِ الزَّوْجَةِ يُوجِبُ الْحَدَّ وَالْمُوجِبُ لِلْحَدِّ مَعْصِيَةٌ مَحْضَةٌ بِلَا شَائِبَةِ الْإِبَاحَةِ فَافْهَمْ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ. وَالْإِيلَاءُ فِعْلُهُ آلَى يُولِي إيلَاءً كَتَصَرُّفِ أَعْطَى. اهـ. فَتْحٌ. (قَوْلُهُ قَالَ قَائِلُهُمْ قَلِيلُ الْأَلَايَا إلَخْ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَالْأَلِيَّةُ الْحَلِفُ وَالْجَمْعُ أَلَايَا، مِثْلُ عَطِيَّةٍ وَعَطَايَا اهـ. (قَوْلُهُ وَإِنْ بَدَرَتْ) هُوَ بِالْبَاءِ مِنْ قَوْلِهِ بَدَرَ مِنْهُ كَلَامٌ سَبَقَ وَالْبَيَانُ الْبَدِيهَةُ. اهـ. مُغْرِبٌ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ وَإِنْ نَدَرَتْ مَا نَصُّهُ هُوَ بِالنُّونِ فِي خَطِّ الشَّارِحِ اهـ

(قَوْلُهُ لَوْ قَالَ إنْ قَرِبْتُك فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ إلَخْ) عِنْدَ مُحَمَّدٍ بِالْتِزَامِ الصَّلَاةِ يَصِيرُ مُولِيًا ذَكَرَهُ فِي الْمَنْظُومَةِ وَالْجَمْعِ اهـ. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ هُوَ الْحَلِفُ إلَخْ) قَالَ الْكَمَالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَفِي الشَّرْعِ هُوَ الْيَمِينُ عَلَى تَرْكِ قُرْبَانِ الزَّوْجَةِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا بِاَللَّهِ أَوْ بِتَعْلِيقِ مَا يَسْتَشِقُّهُ عَلَى الْقُرْبَانِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ الْحَلِفُ عَلَى تَرْكِ قُرْبَانِهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْحَلِفِ يَتَحَقَّقُ فِي إنْ وَطِئْتُك فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَغْزُوَ وَلَا يَكُونُ بِذَلِكَ مُولِيًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يَشُقُّ فِي نَفْسِهِ وَإِنْ تَعَلَّقَ اهـ. (قَوْلُهُ وَالْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ فِيهِ سَوَاءٌ) أَيْ نَظَرًا إلَى إطْلَاقِ الْآيَةِ إلَّا أَنَّ الذِّمِّيَّ إذَا قَرُبَ يَحْنَثُ إلَّا أَنَّهُ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ. اهـ. رَازِيٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>