للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنُ أَبِي لَيْلَى الْمَتَاعُ كُلُّهُ لِلزَّوْجِ كَيْفَمَا كَانَ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ فِي يَدِ الزَّوْجِ فَمَا فِي الْبَيْتِ أَيْضًا يَكُونُ فِي يَدِهِ وَإِنْ كَانَ الْبَيْتُ لَهَا أَلَا تَرَى أَنَّهُ صَاحِبُ الْبَيْتِ وَأَنَّ الْبَيْتَ يُضَافُ إلَيْهِ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْمُؤَجِّرِ مَعَ الْمُسْتَأْجِرِ إذَا اخْتَلَفَا فِي مَتَاعِ الْمَنْزِلِ فَإِنَّ الْقَوْلَ لِلْمُسْتَأْجِرِ لِكَوْنِهِ مُضَافًا إلَيْهِ بِالسُّكْنَى وَلَيْسَ لِلْمُؤَجِّرِ سِوَى مَا عَلَيْهِ مِنْ ثِيَابِ بَدَنِهِ فَكَذَا هَذَا وَهَذِهِ هِيَ الْمُسْبِعَةُ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَقَاوِيلَ السَّبْعَةَ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى

قَالَ (وَلَوْ أَحَدُهُمَا مَمْلُوكًا فَلِلْحُرِّ فِي الْحَيَاةِ وَلِلْحَيِّ فِي الْمَوْتِ) أَيْ لَوْ كَانَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مَمْلُوكًا وَاخْتَلَفَا فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ كَانَ الْمَتَاعُ لِلْحُرِّ فِي حَالِ حَيَاتِهِمَا وَلِلْحَيِّ مِنْهُمَا بَعْدَ مَوْتِ أَحَدِهِمَا أَيُّهُمَا كَانَ لِأَنَّ يَدَ الْحُرِّ أَقْوَى لِأَنَّهَا يَدُ مِلْكٍ وَلَا كَذَلِكَ يَدُ الْمَمْلُوكِ وَأَمَّا إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا فَلَا يَدٌ لِلْمَيِّتِ فَخَلَتْ يَدُ الْحَيِّ عَنْ الْمُعَارِضِ فَكَانَ لِلْحَيِّ مِنْهُمَا هَكَذَا ذُكِرَ الْحُكْمُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ وَصَدْرِ الْإِسْلَامِ وَشَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ وَفَخْرِ الْإِسْلَامِ وَقَاضِي خَانْ وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَكَذَلِكَ إنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا كَانَ الْمَتَاعُ لِلْحُرِّ مِنْهُمَا ثُمَّ قَالَ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لِلْحَيِّ مِنْهُمَا وَهُوَ سَهْوٌ وَهَذَا عَلَى إطْلَاقِهِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَالَا الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَالْمُكَاتَبُ كَالْحُرِّ لِأَنَّ لَهُمَا يَدًا مُعْتَبَرَةً فِي الْخُصُومَاتِ وَلِهَذَا لَوْ اخْتَصَمَ الْحُرُّ وَالْمُكَاتَبُ فِي شَيْءٍ وَهُوَ فِي أَيْدِيهمَا يُقْضَى بِهِ بَيْنَهُمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْيَدِ وَلَوْ كَانَ فِي يَدِ ثَالِثٍ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ اسْتَوَيَا فِيهِ حَتَّى يُقْضَى بِهِ بَيْنَهُمَا فَكَذَا فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ إنَّ يَدَ الْمَمْلُوكِ لَا تَكُونُ مُسَاوِيَةً لِيَدِ الْحُرِّ فَإِنَّ يَدَهُ يَدُ نَفْسِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَيَدَ الْمَمْلُوكِ يَدُ الْغَيْرِ وَهُوَ الْمَوْلَى مِنْ وَجْهٍ وَلِأَنَّ يَدَ الْحُرِّ يَدُ مِلْكٍ حَقِيقَةً وَيَدَ الْمَمْلُوكِ لَيْسَتْ بِيَدِ مِلْكٍ فَكَانَتْ يَدُ الْحُرِّ أَقْوَى فَتَرَجَّحَتْ بِهِ فِي حَقِّ مَتَاعِ الْبَيْتِ أَلَا تَرَى أَنَّهَا تَتَرَجَّحُ بِالصَّلَاحِيَّةِ فَهَذَا أَوْلَى أَنْ يَتَرَجَّحَ بِهِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْخُصُومَاتِ فَإِنَّهَا لَا تَتَرَجَّحُ بِالصَّلَاحِيَّةِ فَكَذَا لَا تَتَرَجَّحُ بِالْحُرِّيَّةِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ هُنَا يَشْهَدُ بِالِاسْتِعْمَالِ فَكَانَتْ الصَّلَاحِيَّةُ وَالْمُلْكُ فِيهِ أَقْوَى دَلَالَةً عَلَيْهِ فَتَرَجَّحَتْ وَبِهَذَا يُجَابُ عَنْ قَوْلِ زُفَرَ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ فِي اسْتِدْلَالِهِمْ عَلَى التَّنْصِيفِ بِاخْتِلَافِ الْعَطَّارِ وَالْإِسْكَافِ فِي آلَةِ أَحَدِهِمَا فِيمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ) قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا الشَّيْءُ أَوْدَعَنِيهِ أَوْ آجَرَنِيهِ أَوْ أَعَارَنِيهِ فُلَانٌ الْغَائِبُ أَوْ رَهَنَهُ أَوْ غَصَبَهُ مِنْهُ وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ دُفِعَتْ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي) لِأَنَّهُ أَثْبَتَ بِبَيِّنَتِهِ أَنَّ الْعَيْنَ وَصَلَتْ إلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الْغَائِبِ وَأَنَّ يَدَهُ لَيْسَتْ بِيَدِ خُصُومَةٍ فَصَارَ كَمَا إذَا أَقَرَّ الْمُدَّعِي بِذَلِكَ أَوْ أَثْبَتَ ذُو الْيَدِ إقْرَارَهُ بِهِ وَالشَّرْطُ إثْبَاتُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ دُونَ الْمِلْكِ حَتَّى لَوْ شَهِدُوا بِالْمِلْكِ لِلْغَائِبِ دُونَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَمْ تَنْدَفِعْ الْخُصُومَةُ وَبِالْعَكْسِ تَنْدَفِعُ وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ لَا تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ لِأَنَّهُ بِظَاهِرِ يَدِهِ صَارَ خَصْمًا وَلَا يَخْرُجُ عَنْهُ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَا يَثْبُتُ بِهَا لِلْغَائِبِ لِعَدَمِ الْخَصْمِ عَنْهُ وَلَا وِلَايَةَ لِأَحَدٍ فِي إدْخَالِ الشَّيْءِ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَخُرُوجِهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ خَصْمًا فِي ضِمْنِ ثُبُوتِ الْمِلْكِ لِغَيْرِهِ فَلَا يَثْبُتُ الْمُتَضَمَّنُ بِغَيْرِ أَصْلِهِ كَالْوَصِيَّةِ الثَّابِتَةِ فِي ضِمْنِ الْبَيْعِ بِالْمُحَابَاةِ تَبْطُلُ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ فَصَارَ نَظِيرُ مَا لَوْ ادَّعَاهَا بَعْدَ هَلَاكِهَا أَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ الْفِعْلَ كَالْغَصْبِ وَنَحْوِهِ

وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ بِإِقْرَارِهِ لِلْغَائِبِ مِنْ غَيْرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّ كَلَامَهُ إقْرَارٌ مِنْهُ بِالْمِلْكِ لِلْغَائِبِ وَالْإِقْرَارُ مُوجِبٌ لِلْحَقِّ بِنَفْسِهِ لِخُلُوِّهِ عَنْ التُّهْمَةِ فَالْتُحِقَ بِالْبَيِّنَةِ فَيَثْبُتُ مَا أَقَرَّ بِهِ بِمُجَرَّدِ الْإِقْرَارِ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ لِغَائِبٍ ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا لِحَاضِرٍ فَرَجَعَ الْغَائِبُ وَصَدَّقَهُ يُؤْمَرُ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ وَكَذَا الصَّحِيحُ لَوْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِ بِشَيْءٍ فَمَرِضَ فَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي مَرَضِهِ كَانَ إقْرَارُهُ إقْرَارَ الصَّحِيحِ وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ لِشَخْصٍ ثُمَّ غَابَ يُقْضَى عَلَيْهِ بِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إقْرَارُهُ مُوجِبًا بِنَفْسِهِ لَمَا كَانَ كَذَلِكَ وَلِأَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ صَادِقًا أَوْ كَاذِبًا فَإِنْ كَانَ صَادِقًا فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَإِقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ صَحِيحٌ فَيَثْبُتُ بِهِ أَنَّ يَدَهُ يَدُ حِفْظٍ لَا يَدُ خُصُومَةٍ قُلْنَا إنَّ بَيِّنَتَهُ أَثْبَتَتْ أَمْرَيْنِ الْمِلْكَ لِلْغَائِبِ وَهُوَ لَيْسَ بِخَصْمٍ فِيهِ فَلَا يَثْبُتُ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ وَفَخْرُ الْإِسْلَامِ) لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الَّذِي ذَكَرَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ لِلْحُرِّ هَكَذَا نَقَلَهُ لَمْ يَكْتُبْ الْمُحَشِّي

[فَصْلٌ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا الشَّيْءُ أَوْدَعَنِيهِ أَوْ آجَرَنِيهِ أَوْ أَعَارَنِيهِ]

(فَصْلٌ أَيْ فِيمَنْ لَا يَكُونُ خَصْمًا) لَمَّا ذَكَرَ أَحْكَامَ مَنْ يَكُونُ خَصْمًا شَرَعَ فِيمَنْ لَا يَكُونُ خَصْمًا وَقَدَّمَ الْأَوَّلَ لِأَنَّ الْكِتَابَ كِتَابُ الدَّعْوَى وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ الْخُصُومَةِ فَجَرَّ الْكَلَامَ إلَى ذِكْرِ مَنْ لَا يَكُونُ خَصْمًا فَذَكَرَ بَعْدَهُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى ذَلِكَ لَمْ تَنْدَفِعْ عَنْهُ الْخُصُومَةُ إلَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي ذَلِكَ لِدَفْعِ الْخُصُومَةِ عَنْ نَفْسِهِ فَلَا يَسْمَعُ مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ دُفِعَتْ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ هَذِهِ مَسْأَلَةُ الْقُدُورِيِّ ثُمَّ قَالَ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ إذَا كَانَ الْعَيْنُ قَائِمًا أَمَّا إذَا هَلَكَ فَلَا تَنْدَفِعْ الْخُصُومَةُ بِدَعْوَى هَذِهِ الْأَشْيَاءَ أَلَا تَرَى إلَى مَا ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ فِي بَابِ الرَّجُلِ يَكُونُ خَصْمًا فِيمَا لَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ عَبْدٌ فَادَّعَى إنْسَانٌ عَلَيْهِ ضَمَانَ الْعَبْدِ وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ وَدِيعَةَ فُلَانٍ وَنَحْوَهُ لَا تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ عَنْهُ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الدَّيْنَ فِي ذِمَّتِهِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هُوَ مُودِعُ الْغَاصِبَ فَيَكُونُ ضَامِنًا اهـ

وَقَدْ نَصَّ الشَّارِحُ عَلَى حُكْمِ هَلَاكِ الْعَيْنِ قَرِيبًا مِنْ هَذِهِ الْقَوْلَةِ فِي الشَّرْحِ بِقَوْلِهِ فَصَارَ نَظِيرَ مَا لَوْ ادَّعَاهَا بَعْدَ هَلَاكِهَا يَعْنِي فَإِنَّهُ لَا تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ فِيهِ بِالِاتِّفَاقِ فَقَدْ قَاسَ ابْنُ شُبْرُمَةَ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ عَلَى الْمُتَّفَقِ. اهـ. (قَوْلُهُ دُونَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ) أَيْ الْإِيدَاعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ لِشَخْصٍ) أَيْ عِنْدَ الْقَاضِي كَمَا سَيَأْتِي فِي صَفْحَةِ هَذِهِ الْقَوْلَةِ فِي الشَّرْحِ. اهـ. (قَوْلُهُ قُلْنَا) هَذَا جَوَابٌ عَنْ قَوْلِ ابْنِ شُبْرُمَةَ اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>