للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِسَبَبِ اسْتِحْقَاقِهِ فَلَا يَجُوزُ إبْطَالُهُ، وَلَا تَنْقِيصُهُ بِالشَّكِّ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (فَلَوْ مَاتَ أَبُوهُ، وَتَرَكَ ابْنًا لَهُ سَهْمَانِ، وَلِلْخُنْثَى سَهْمٌ) لِأَنَّهُ الْأَقَلُّ، وَهُوَ مُتَيَقِّنٌ بِهِ فَيَسْتَحِقُّهُ، وَعَلَى قَوْلِ الشَّعْبِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - نِصْفُ مِيرَاثِ ذَكَرٍ، وَنِصْفُ مِيرَاثِ أُنْثَى، وَاخْتَلَفَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ فِي تَخْرِيجِ قَوْلِ الشَّعْبِيِّ فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْمَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى سَبْعَةِ أَسْهُم لِلِابْنِ أَرْبَعَةٌ، وَلِلْخُنْثَى ثَلَاثَةٌ اُعْتُبِرَ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَالَةَ انْفِرَادِهِ.

فَإِنَّ الذَّكَرَ لَوْ كَانَ وَحْدَهُ كَانَ لَهُ كُلُّ الْمَالِ، وَالْخُنْثَى لَوْ كَانَ وَحْدَهُ إنْ كَانَ ذَكَرًا كَانَ لَهُ كُلُّ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى كَانَ لَهُ نِصْفُ الْمَالِ فَيَأْخُذُ نِصْفُ النَّصِيبَيْنِ نِصْفَ الْكُلِّ وَنِصْفَ النِّصْفِ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَالِ، وَلِلِابْنِ كُلُّ الْمَالِ فَيُجْعَلُ كُلُّ رُبُعٍ سَهْمًا فَبَلَغَ سَبْعَةَ أَسْهُمٍ لِلِابْنِ أَرْبَعَةٌ، وَلِلْخُنْثَى ثَلَاثَةٌ، وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الِابْنَ يَسْتَحِقُّ الْكُلَّ عِنْدَ الِانْفِرَادِ وَالْخُنْثَى ثَلَاثَةَ الْأَرْبَاعِ، وَلَيْسَ لِلْمَالِ كُلٌّ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ فَيُضْرَبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِجَمِيعِ حَقِّهِ اعْتِبَارًا لِطَرِيقِ الْعَوْلِ وَالْمُضَارَبَةِ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْمَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا سَبْعَةٌ لِلِابْنِ، وَخَمْسَةٌ لِلْخُنْثَى يَعْتَبِرُ هُوَ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي حَالَةِ الِاجْتِمَاعِ فَيَقُولُ لَوْ كَانَ الْخُنْثَى ذَكَرًا كَانَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَلَوْ كَانَ أُنْثَى كَانَ أَثْلَاثًا فَالْقِسْمَةُ عَلَى تَقْدِيرِ ذُكُورَتِهِ مِنْ اثْنَيْنِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ أُنُوثَتِهِ مِنْ ثَلَاثَةٍ، وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ فَيُضْرَبُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ يَبْلُغُ سِتَّةً لِلْخُنْثَى عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ أُنْثَى سَهْمَانِ.

وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ ذَكَرٌ ثَلَاثَةٌ فَلَهُ نِصْفُ النَّصِيبَيْنِ، وَلَيْسَ لِلثَّلَاثَةِ نِصْفٌ صَحِيحٌ فَتُضْرَبُ السِّتَّةُ فِي اثْنَيْنِ تَبْلُغُ اثْنَيْ عَشَرَ فَيَكُونُ لِلْخُنْثَى سِتَّةٌ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ ذَكَرٌ، وَأَرْبَعَةٌ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ أُنْثَى فَيَأْخُذُ نِصْفَ النَّصِيبَيْنِ خَمْسَةً لِأَنَّ نِصْفَ السِّتَّةِ ثَلَاثَةٌ وَنِصْفَ الْأَرْبَعَةِ اثْنَانِ وَهُوَ اعْتَبَرَ الْأَحْوَالَ فِي كُلِّ حَادِثَةٍ فِي حَقِّ الْخُنْثَى، وَفِي حَقِّ غَيْرِهِ أَيْضًا مِنْ الْوَرَثَةِ حَتَّى يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ نِصْفَ مَا يُصِيبُهُ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ.

أَلَا تَرَى أَنَّ الِابْنَ يَأْخُذُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ سَبْعَةً لِأَنَّ نَصِيبَ الِابْنِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ الْخُنْثَى ذَكَرٌ سِتَّةٌ، وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ أُنْثَى ثَمَانِيَةٌ فَنِصْفُ النَّصِيبَيْنِ سَبْعَةٌ، وَلَوْ كَانَتْ مَعَهُمَا بِنْتٌ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَكُونُ الْمَسْأَلَةُ مِنْ تِسْعَةٍ لِأَنَّ نَصِيبَ الْبِنْتِ النِّصْفُ حَالَةَ انْفِرَادِهَا، وَلِلِابْنِ الْكُلُّ، وَلِلْخُنْثَى ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ حَالَةَ انْفِرَادِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَيُجْعَلُ كُلُّ رُبُعٍ سَهْمًا يَبْلُغُ تِسْعَةً، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَهُ خُمُسٌ وَثُمُنٌ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ ذَكَرٌ كَانَ لَهُ خُمُسَانِ فَلَهُ نِصْفُهُ، وَهُوَ الْخُمُسُ.

وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ أُنْثَى كَانَ لَهُ رُبُعٌ فَلَهُ نِصْفُهُ، وَهُوَ الثُّمُنُ فَمَخْرَجُ الْخُمُسِ مِنْ خَمْسَةٍ، وَمَخْرَجُ الثُّمُنِ مِنْ ثَمَانِيَةٍ، وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ فَتُضْرَبُ إحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى تَبْلُغُ أَرْبَعِينَ، وَمِنْهَا تَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ فَلِلْخُنْثَى خُمُسُهَا ثَمَانِيَةٌ وَثُمُنُهَا خَمْسَةٌ فَاجْتَمَعَ لَهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ سَهْمًا، وَلِلْبِنْتِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ الْخُنْثَى أُنْثَى الرُّبُعُ عَشَرَةٌ، وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ ذَكَرٌ الْخُمُسُ ثَمَانِيَةٌ فَيَكُونُ لَهَا نِصْفُ النَّصِيبَيْنِ تِسْعَةٌ.

وَلِلْخُنْثَى عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ ذَكَرٌ خُمُسَانِ، وَهُوَ سِتَّةَ عَشَرَ، وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ أُنْثَى رُبُعٌ، وَهُوَ عَشَرَةٌ فَيَكُونُ لَهُ نِصْفُ النَّصِيبَيْنِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ، وَلِلِابْنِ خُمُسَانِ عَلَى تَقْدِيرِ ذُكُورَتِهِ، وَنِصْفٌ عَلَى تَقْدِيرِ أُنُوثَتِهِ فَلَهُ نِصْفُ النَّصِيبَيْنِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَعَلَى هَذَا يُخَرَّجُ لَوْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْمَذْهَبَيْنِ فَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَجْعَلُ لِكُلِّ بِنْتٍ سَهْمَيْنِ.

وَلِكُلِّ ابْنٍ أَرْبَعَةً، وَلِكُلِّ خُنْثَى ثَلَاثَةً، وَلَوْ كَانَ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ مِائَةُ نَفْسٍ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقْسِمُ الْمَالَ بَيْنَهُمْ بِاعْتِبَارِ تِلْكَ الْحَادِثَةِ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ، وَيُعْطِي لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نِصْفَ نَصِيبِهِ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ، وَلَوْ كَانَ مَعَهُمْ ذُو سَهْمٍ أَخَذَ سَهْمَهُ، وَقَسَمَ الْبَاقِيَ بَيْنَهُمْ عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَلَى الْمَذْهَبَيْنِ، وَيُرْوَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِثْلُ قَوْلِ الشَّعْبِيِّ قَالُوا رَجَعَ إلَيْهِ آخِرًا، وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ خَرَّجَا قَوْلَ الشَّعْبِيِّ، وَلَمْ يَأْخُذَا بِهِ.

وَلَوْ أَوْصَى رَجُلٌ لِمَا فِي بَطْنِ فُلَانَةَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إنْ كَانَ ذَكَرًا، وَبِخَمْسِمِائَةٍ إنْ كَانَ أُنْثَى فَوَلَدَتْ خُنْثَى أُعْطِيَ الْأَقَلَّ، وَيُوقَفُ الْبَاقِي حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَمْرُهُ، وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ الشَّعْبِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَجِبُ لَهُ سَبْعُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ نِصْفُ الْوَصِيَّتَيْنِ، وَعِنْدَنَا يُعْطَى الْأَقَلَّ، وَهُوَ خَمْسُمِائَةٍ.

[قَبَلَ رَجُل الْخُنْثَى الْمُشْكِل بشهوة]

وَمِنْ أَحْكَامِ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ أَنَّهُ لَوْ قَبَّلَهُ رَجُلٌ بِشَهْوَةٍ لَمْ يَتَزَوَّجْ أُمَّهُ إلَّا إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ ذَكَرٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أُنْثَى فَيَثْبُتُ بِهِ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ.

وَكَذَا إذَا قَبَّلَتْهُ امْرَأَةٌ لَا تَتَزَوَّجُ بِأَبِيهِ لِمَا ذَكَرْنَا، وَإِنْ زَوَّجَهُ أَبُوهُ أَوْ مَوْلَاهُ امْرَأَةً أَوْ رَجُلًا لَا يُحْكَمُ بِصِحَّتِهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَالُهُ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>