للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَقْلِيدُ الشَّاةِ غَيْرُ مُتَعَارَفٍ، وَلَيْسَ بِسُنَّةٍ أَيْضًا قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَالْبُدْنُ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ الْإِبِلِ خَاصَّةً لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً» الْحَدِيثَ وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ «نَحَرْنَا الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِي الْمُغْرِبِ الْبَدَنَةُ فِي اللُّغَةِ مِنْ الْإِبِلِ خَاصَّةً وَلَنَا قَوْلُ الْخَلِيلِ، إنَّ الْبَدَنَةَ نَاقَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ تُهْدَى إلَى مَكَّةَ قَالَ النَّوَوِيُّ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ اللُّغَةِ؛ وَلِأَنَّ الْبَدَنَةَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْبَدَانَةِ، وَهِيَ الضَّخَامَةُ وَقَدْ اشْتَرَكَا فِيهَا وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْبَدَنَةُ نَاقَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ الْبَدَنَةُ تَقَعُ عَلَى الْجَمَلِ وَالنَّاقَةُ وَالْبَقَرَةُ، وَهِيَ بِالْإِبِلِ أَشْبَهَ لِعِظَمِهَا، وَهِيَ مِنْ بَدَنَ بَدَانَةً مِثْلَ كَرُمَ كَرَامَةً وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ «كُنَّا نَنْحَرُ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ» فَقِيلَ لَهُ وَالْبَقَرَةُ فَقَالَ وَهَلْ هِيَ إلَّا مِنْ الْبُدْنِ ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ.

(بَابُ الْقِرَانِ) الْقِرَانُ مَصْدَرٌ مِنْ قَرَنْت إذَا جَمَعْت بَيْنَ شَيْئَيْنِ يُقَالُ قَرَنْت الْبَعِيرَيْنِ إذَا جَمَعْت بَيْنَهُمَا بِحَبْلٍ وَالْقَارِنُ الْجَامِعُ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (هُوَ أَفْضَلُ ثُمَّ التَّمَتُّعُ ثُمَّ الْإِفْرَادُ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْإِفْرَادُ أَفْضَلُ ثُمَّ التَّمَتُّعُ ثُمَّ الْقِرَانُ حَكَاهُ الْفُورَانِيُّ عَنْهُ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعَةِ عَلَى مَا اخْتَارَهُ أَشْهَبُ وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ التَّمَتُّعُ أَفْضَلُ ثُمَّ الْإِفْرَادُ ثُمَّ الْقِرَانُ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «تَمَتَّعَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ وَأَهْدَى فَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَهُ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ قَالَ لِلنَّاسِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ أَهْدَى لَا يَحِلُّ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَجَّهُ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْدَى فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَلْيُقَصِّرْ وَلْيُحْلِلْ ثُمَّ يُهِلْ بِالْحَجِّ وَلْيُهْدِ وَلَمْ يُحْلِلْ هُوَ مِنْ شَيْءٍ حُرِّمَ مِنْهُ حَتَّى قَضَى حَجَّهُ وَنَحَرَ هَدْيَهُ يَوْمَ النَّحْرِ» الْحَدِيثَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحَيْهِمَا وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ» بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ «تَمَتَّعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَمَتَّعْنَا مَعَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ بِهَذَا اللَّفْظِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ بِمَعْنَاهُ وَلِلشَّافِعِيِّ حَدِيثُ جَابِرٍ قَالَ «أَهْلَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْحَجِّ خَالِصًا لَا يُخَالِطُهُ شَيْءٌ فَقَدِمْنَا مَكَّةَ لِأَرْبَعِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَطُفْنَا وَسَعَيْنَا ثُمَّ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نُحِلَّ وَقَالَ لَوْلَا هَدْيِي لَحَلَلْت ثُمَّ قَامَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت مُتْعَتَنَا هَذِهِ لِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِلْأَبَدِ فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بَلْ لِلْأَبَدِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَحَكَى جَابِرٌ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ لَبَّيْكَ» الْحَدِيثَ وَقَالَ فِيهِ لَسْنَا نَنْوِي

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَالْبُدْنُ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ) فِي جَامِعِ الْعَتَّابِيِّ إذَا أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ الْبَدَنَةَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ عِنْدَنَا إنْ شَاءَ أَهْدَى الْإِبِلَ، وَإِنْ شَاءَ أَهْدَى الْبَقَرَةَ، وَلَوْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ الْهَدْيَ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمُ وَلَوْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ الْجَزُورَ فَهُوَ مِنْ الْإِبِلِ خَاصَّةً لِكُلٍّ عِنْدَنَا. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: مِنْ الْإِبِلِ خَاصَّةً) وَالْجَوَابُ عَمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَا ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ كَمَالُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْفَتْحِ، وَهُوَ أَنَّ التَّخْصِيصَ بِاسْمٍ خَاصٍّ لَا يَنْفِي الدُّخُولَ فِي اسْمٍ عَامٍّ وَغَايَةُ مَا يَلْزَمُ مِنْ الْحَدِيثِ أَنَّهُ أَرَادَ بِالِاسْمِ الْأَعَمِّ فِي الْأَوَّلِ، وَهُوَ الْبَدَنَةُ خُصُوصَ بَعْضِ مَا يَصْلُحُ لَهُ، وَهُوَ الْجَزُورُ لَا كُلَّ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ بِقَرِينَةِ إعْطَاءِ الْبَقَرَةِ لِمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فِي مَقَامِ إظْهَارِ التَّفَاوُتِ فِي الْأَجْرِ لِلتَّفَاوُتِ فِي الْمُسَارَعَةِ وَهَذَا لَا يَسْتَلْزِمُ أَنَّهُ فِي الشَّرْعِ خُصُوصُ الْجَزُورِ إلَّا ظَاهِرًا بِنَاءً عَلَى عَدَمِ الْإِرَادَةِ الْأَخَصِّ بِخُصُوصِهِ بِالْأَعَمِّ لَكِنْ يَلْزَمُهُ النَّقْلُ وَالْحُكْمُ بِاسْتِعْمَالِ لَفْظٍ فِي خُصُوصِ بَعْضِ مَاصَدَقَاتِهِ مَعَ الْحُكْمِ بِبَقَاءِ مَا اسْتَقَرَّ لَهُ عَلَى حَالِهِ أَسْهَلُ مِنْ الْحُكْمِ بِنَقْلِهِ عَنْهُ بِسَبَبِ اسْتِعْمَالٍ مِنْ الِاسْتِعْمَالَاتِ مِنْ غَيْرِ كَثْرَةٍ فِيهِ وَعِنْدَ تَعَارُضِ الْحُكْمَيْنِ وَلُزُومِ أَحَدِهِمَا مَعَ أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ بِالنَّقْلِ فِي لِسَانِ أَهْلِ الْعُرْفِ الَّذِي يَدَّعِي نَقْلَهُ إلَيْهِ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ كُنَّا نَنْحَرُ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ فَقِيلَ وَالْبَقَرَةُ فَقَالَ وَهَلْ هِيَ إلَّا مِنْ الْبُدْنِ ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ اهـ.

[بَابُ الْقِرَانِ]

(بَابُ الْقِرَانِ) قَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ الْإِفْرَادِ بِالْحَجِّ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْقِرَانِ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ؛ لِأَنَّ وُجُودَ الْمُفْرَدِ سَابِقٌ عَلَى وُجُودِ الْمُرَكَّبِ، وَإِنْ قَدَّمَ الْقِرَانَ عَلَى التَّمَتُّعِ؛ لِأَنَّ الْقِرَانَ أَفْضَلُ مِنْهُ عِنْدَنَا اهـ (قَوْلُهُ الْقِرَانُ مَصْدَرٌ) وَمَصْدَرُ الثَّلَاثِي يَجِيءُ عَلَى وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ مِنْهَا فِعَالٌ بِكَسْرِ الْفَاءِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ قَرَنَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مِنْ بَابِ قَتَلَ وَفِي لُغَةٍ مِنْ بَابِ ضَرَبَ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي الْإِحْرَامِ وَالِاسْمُ الْقِرَانُ مِثْلُ كِتَابٍ كَأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَرَنَ الشَّخْصُ لِلسَّائِلِ إذَا جَمَعَ لَهُ بَعِيرَيْنِ فِي قِرَانٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ الْحَبْلُ وَالْقَرَنُ بِفَتْحَتَيْنِ لُغَةً فِيهِ قَالَ الثَّعَالِبِيُّ لَا يُقَالُ لِلْحَبْلِ قَرَنٌ حَتَّى يُقْرَنَ فِيهِ بَعِيرَانِ اهـ

(قَوْلُهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْإِفْرَادُ أَفْضَلُ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَقَالَ مَالِكٌ التَّمَتُّعُ أَفْضَلُ هَكَذَا نَقَلَ أَصْحَابُنَا قَوْلَ مَالِكٍ وَلَكِنْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْإِفْرَادُ بِالْحَجِّ أَحَبُّ إلَى مَالِكٍ مِنْ الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ اهـ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ مَالِكٌ: وَالتَّمَتُّعُ أَفْضَلُ مِنْ الْقِرَانِ؛ لِأَنَّ لَهُ ذِكْرًا فِي الْقُرْآنِ وَلَا ذِكْرَ لِلْقِرَانِ فِيهِ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَالْجَوَابُ عَنْ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا ذِكْرَ لِلْقِرَانِ فِي كَلَامِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَنَقُولُ لَا نُسَلِّمُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦] وَقَدْ جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَنَّ إتْمَامَهُمَا أَنْ يُحْرِمَ بِهِمَا مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَقَالَ لَوْلَا هَدْيِي) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَسُكُونِ الدَّالِ هَكَذَا ضَبَطَهُ الشَّارِحُ بِالْقَلَمِ اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>