للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنَّمَا شُرِطَ أَنْ يَكُونَ الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ؛ لِأَنَّهُ يَنْزُو فَيُلَقِّحُ، وَمِنْ الْمَعْزِ لَا يُلَقِّحُ. وَجْهُ الظَّاهِرِ قَوْلُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَوْقُوفًا، وَمَرْفُوعًا: «لَا يُؤْخَذُ فِي الزَّكَاةِ إلَّا الثَّنِيُّ فَصَاعِدًا» وَجَوَازُ التَّضْحِيَةِ بِهِ عُرِفَ نَصًّا فَلَا يُلْحَقُ بِهِ غَيْرُهُ، وَتَأْوِيلُ مَا رُوِيَ أَنَّهُ يَجُوزُ بِطَرِيقِ الْقِيمَةِ، وَقَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ الْمُرَادُ بِمَا رُوِيَ الْجَذَعُ مِنْ الْإِبِلِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْجَذَعَ لَا يَجُوزُ فِي زَكَاةِ الْإِبِلِ، وَهُوَ الْمَرْوِيُّ فِي الْحَدِيثِ، وَإِنَّمَا تَجُوزُ الْجَذَعَةُ، وَهِيَ الْأُنْثَى وَيُؤْخَذُ فِي زَكَاةِ الْغَنَمِ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَجُوزُ الذُّكُورُ إلَّا إذَا كَانَ النِّصَابُ كُلُّهُ ذُكُورًا؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ النَّسْلِ لَا تَحْصُلُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ كُلُّهُ ذُكُورًا يَجِبُ عَلَيْهِ جُزْءٌ مِنْ النِّصَابِ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ، وَلَنَا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ» وَاسْمُ الشَّاةِ يَتَنَاوَلُهُمَا؛ وَلِأَنَّ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى مِنْ الْغَنَمِ لَا يَتَفَاوَتَانِ فَجَازَ أَحَدُهُمَا كَمَا فِي الْبَقَرِ دُونَ الْإِبِلِ؛ لِأَنَّ الْأُنْثَى فِيهَا مَنْصُوصٌ عَلَيْهَا، وَهِيَ بِنْتُ لَبُونٍ وَبِنْتُ الْمَخَاضِ وَالْحِقَّةُ وَالْجَذَعَةُ؛ وَلِأَنَّهُمَا مِنْ الْإِبِلِ يَتَفَاوَتَانِ تَفَاوُتًا فَاحِشًا فَلَا يَقُومُ الذَّكَرُ مَقَامَ الْأُنْثَى، وَقَوْلُهُ إنَّ مَنْفَعَةَ النَّسْلِ لَا تَحْصُلُ مِنْهُ قُلْت إنَّ رِعَايَةَ مَنْفَعَتِهِ فِي النِّصَابِ تَخْفِيفًا فِي حَقِّ الْمُلَّاكِ حَتَّى لَا يُؤْخَذَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِمْ جَبْرٌ إلَّا فِيمَا يَأْخُذُهُ الْفَقِيرُ؛ لِأَنَّهُ يَطْلُبُ سَدَّ الْخَلَّةِ لَا النَّسْلَ مِنْهُ.

قَالَ: - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَا شَيْءَ فِي الْخَيْلِ)

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

الْغَنَمِ وَخِيَارُهُ قَالَ النَّوَوِيُّ سَنَدُهُ صَحِيحٌ وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ لَا يُؤْخَذُ فِي الزَّكَاةِ إلَّا الثَّنِيُّ فَغَرِيبٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

فَالدَّلِيلُ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَالْحَدِيثُ الْأَوَّلُ صَرِيحٌ فِي رَدِّ التَّأْوِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ إنْ كَانَ قَوْلُ الصَّحَابِيَّيْنِ نَأْخُذُ عَنَاقًا جَذَعَةً أَوْ ثَنِيَّةً لَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَكَذَا قَوْلُ عُمَرَ فِي ذَلِكَ فَيَجِبُ تَرْجِيحُ غَيْرِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَعْنِي مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ جَوَازِ أَخْذِ الْجَذَعَةِ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْهُ فِي تَعْيِينِ الثَّنِيِّ. اهـ. فَتْحُ الْقَدِيرِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ الْمَعْزِ لَا يُلَقِّحُ) حَتَّى يَصِيرَ ثَنِيًّا. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَجَوَازُ التَّضْحِيَةِ بِهِ عُرِفَ نَصًّا) أَيْ، وَهُوَ قَوْلُهُ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «نِعْمَتْ الْأُضْحِيَّةُ الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ». اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ: وَقَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ الْمُرَادُ بِمَا رُوِيَ إلَخْ) قَالَ السُّرُوجِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَحَمْلُ صَاحِبِ الْكِتَابِ مَا رُوِيَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّمَا حَقُّنَا الْجَذَعُ وَالثَّنِيُّ» عَلَى الْإِبِلِ بَعِيدٌ فَإِنَّ الْجَذَعَ مِنْ الْإِبِلِ لَا يُؤْخَذُ فِي الزَّكَاةِ إذْ الذَّكَرُ لَا يُجْزِئُ فِيهَا وَالثَّنِيُّ مِنْ الْإِبِلِ لَا يُؤْخَذُ لِأَنَّهُ لَا يُجَاوِزُ الْجَذَعَةَ مِنْ الْإِبِلِ. اهـ. (قَوْلُهُ:؛ وَلِأَنَّ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى لَا يَتَفَاوَتَانِ) أَيْ مِنْ الْغَنَمِ. اهـ.

(فُرُوعٌ) شَاةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَبَيْنَ أَحَدِهِمَا وَبَيْنَ آخِرِ تِسْعٌ وَسَبْعُونَ شَاةً فَعَلَى الَّذِي تَمَّ نِصَابُهُ شَاةٌ، وَقَالَ زُفَرُ: لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ التِّسْعَةَ وَالثَّلَاثِينَ وَنِصْفَيْنِ مِنْ شَاتَيْنِ فَلَمْ يُكْمِلْ الْأَرْبَعِينَ، وَلَنَا أَنَّهُ مَلَكَ نِصْفَ الثَّمَانِينَ شَائِعًا بِدَلِيلِ أَنَّ شَرِيكَهُ لَوْ كَانَ وَاحِدًا تَجِبُ فَبِتَعَدُّدِ الشُّرَكَاءِ لَا يَنْقُصُ مِلْكُهُ، وَلَا يَعْدَمُ صِفَةُ الْغِنَى فِي حَقِّهِ وَكَذَا لَوْ كَانَ ثَمَانُونَ شَاةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ ثَمَانِينَ رَجُلًا كُلُّ شَاةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَوْ ثَمَانُونَ بَقَرَةً بَيْنَ ثَمَانِينَ نَفَرًا لِكُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ بَقَرَةٍ وَلِأَحَدِهِمْ ثَمَانُونَ نِصْفًا أَوْ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ بَيْنَ وَاحِدٍ وَبَيْنَ عَشَرَةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ بَعِيرٍ فَعَلَيْهِ زَكَاةُ نَصِيبِهِ خِلَافًا لِزُفَرَ هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ وَالْمَبْسُوطِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِزُفَرَ، وَفِي الْمُفِيدِ وَالْمَزِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَلَى الَّذِي تَمَّ نِصَابُهُ الزَّكَاةُ عِنْدَنَا قَوْلٌ عَلَى أَنَّهُ قَوْلُ الثَّلَاثَةِ، وَفِي النَّوَادِرِ ثَمَانُونَ شَاةً لِرَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا لَهُ ثُلُثَاهَا وَالْآخَرُ لَهُ ثُلُثُهَا فَأَخَذَ الْمُصَدِّقُ شَاةً لِزَكَاةِ صَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ رَجَعَ صَاحِبُ الثُّلُثِ بِقِيمَةِ ثُلُثِ شَاةٍ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الثُّلُثَيْنِ دَفَعَ ثُلُثَ شَاةٍ مِنْ مِلْكِ شَرِيكِهِ، وَلَوْ كَانَتْ الْغَنَمُ مِائَةً وَعِشْرِينَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ لِأَحَدِهِمَا ثُلُثَاهَا وَلِلْآخِرِ ثُلُثُهَا تَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ شَاةٌ، وَأَخَذَ الْمُصَدِّقُ شَاتَيْنِ فَصَاحِبُ الثُّلُثَيْنِ يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِ الثُّلُثِ بِقِيمَةِ ثُلُثِ شَاةٍ؛ لِأَنَّ نَصِيبَ صَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ فِي شَاتَيْنِ شَاةٌ وَاحِدَةٌ وَثُلُثٌ فَإِذَا أَخَذَ الْمُصَدِّقُ شَاةً كَامِلًا لِأَجَلِ صَاحِبِ الثُّلُثِ فَقَدْ أَخَذَ ثُلُثًا مِنْ نَصِيبِ صَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ لِأَجْلِ زَكَاةِ صَاحِبِ الثُّلُثِ فَيَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَيْهِ فَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بِالسَّوِيَّةِ»، وَفِي الْمَبْسُوطِ يَرْجِعُ صَاحِبُ الْكَثِيرِ عَلَى صَاحِبِ الْقَلِيلِ بِثُلُثِ شَاةٍ ثُمَّ إذَا حَالَ حَوْلٌ آخَرُ يَجِبُ شَاةٌ فِي مَالِ صَاحِبِ الْكَثِيرِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى صَاحِبِ الْقَلِيلِ لِنَقْصِ مَالِهِ عَنْ النِّصَابِ فَإِذَا أَخَذَ الْمُصَدِّقُ شَاةً مِنْ عَرَضِ الْمَالِكَيْنِ رَجَعَ صَاحِبُ الْقَلِيلِ عَلَى صَاحِبِ الْكَثِيرِ بِثُلُثِ شَاةٍ فَهُوَ مَعْنَى التَّرَاجُعِ بِالسَّوِيَّةِ.

وَفِي النِّهَايَةِ وَقَوْلُهُ «بِالسَّوِيَّةِ» دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ السَّاعِيَ إذَا ظَلَمَ أَحَدَهُمَا بِالزِّيَادَةِ لَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى شَرِيكِهِ بَلْ يَغْرَمُ لَهُ قِيمَةَ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الْوَاجِبِ دُونَ الزِّيَادَةِ، وَلَوْ كَانَتْ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ شَاةً بَيْنَ اثْنَيْنِ لِأَحَدِهِمَا مِائَةٌ وَلِلْآخِرِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ فَأَخَذَ الْمُصَدِّقُ مِنْهَا ثَلَاثَ شِيَاهٍ رَجَعَ صَاحِبُ الْمِائَةِ عَلَى الْآخَرِ بِخُمُسِ شَاةٍ، وَفِي الْمَرْغِينَانِيِّ رَجُلٌ لَهُ عِشْرُونَ مِنْ الْغَنَمِ فِي جَبَلٍ، وَعِشْرُونَ فِي السَّوَادِ يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُصَدِّقِينَ زَكَاةَ مَا فِي عَمَلِهِ، وَهُوَ نِصْفُ شَاةٍ عِنْدَ الْإِمَامِ وَأَبِي يُوسُفَ. اهـ. غَايَةٌ.

[زَكَاة الخيل]

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَلَا شَيْءَ فِي الْخَيْلِ) وَالْخَيْلُ اسْمُ جَمْعٍ لِلْعِرَابِ وَالْبَرَاذِينِ ذُكُورِهَا، وَإِنَاثِهَا كَالرَّكْبِ، وَلَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا وَوَاحِدُهَا فَرَسٌ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ يَذْكُرُ وَيُؤَنَّثُ وَيُصَغَّرُ بِغَيْرِ تَاءٍ، وَهُوَ شَاذٌّ وَمَعَهَا ثَمَانِي كَلِمَاتٍ فِي بَيْتٍ مَوْزُونٍ وَهُوَ

ذَوْدٌ وَقَوْسٌ وَحَرْبٌ دِرْعُهَا فَرَسٌ ... نَابٌ كَذَا نَصَفٌ عِرْسٌ ضُحًا غَرَبُ

وَفِي الْقِدْرِ وَجْهَانِ وَالْأَجْوَدُ قَدِيرٌ، وَفِي الصِّحَاحِ الْخَيْلُ الْفُرْسَانُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ} [الإسراء: ٦٤] وَالْخَيْلُ أَيْضًا الْخُيُولُ فَيَكُونُ الثَّانِي جَمْعَ اسْمِ الْجَمْعِ كَالْقَوْمِ وَالْأَقْوَامِ وَالْخَيَّالَةُ أَصْحَابُ الْخَيْلِ، وَفِي النِّهَايَةِ لِابْنِ الْأَثِيرِ «يَا خَيْلَ اللَّهِ ارْكَبِي» أَيْ يَا فُرْسَانَ خَيْلِ اللَّهِ ارْكَبِي بِحَذْفِ الْمُضَافِ قُلْت لَا حَاجَةَ بِنَا إلَى حَذْفِ الْمُضَافِ؛ لِأَنَّ الْخَيْلَ بَيْنَ الْفُرْسَانِ وَالْخُيُولِ كَمَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: ارْكَبِي. اهـ. غَايَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>