للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَزْنًا لَا عَدَدًا)

وَهَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُسْتَقْرَضُ بِهِمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يُسْتَقْرَضُ بِهِمَا وَقَدْ بَيَّنَّاهُ مِنْ قَبْلُ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَا رِبَا بَيْنَ الْمَوْلَى وَعَبْدِهِ)؛ لِأَنَّهُ وَمَا فِي يَدِهِ مِلْكُهُ فَلَا يَتَحَقَّقُ الرِّبَا هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرَقٌ بِرَقَبَتِهِ وَمَا فِي يَدِهِ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ مَا فِي يَدِهِ لَيْسَ بِمِلْكٍ لِلْمَوْلَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَصَارَ كَالْمُكَاتَبِ وَعِنْدَهُمَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ فَلَا يَعْرَى عَنْ الشُّبْهَةِ وَفِي الْمُحِيطِ فِي كِتَابِ الصَّرْفِ لَا رِبَا بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ كَسْبَ عَبْدِهِ الْمَدِينِ بِعِوَضٍ يَعْدِلَهُ اسْتِخْلَاصًا بِغَيْرِ شِرَاءٍ فَجُعِلَ أَخْذًا بِهَذَا الطَّرِيقِ إلَّا أَنَّهُ إذَا أَخَذَ مِنْهُ دِرْهَمَيْنِ بِدِرْهَمٍ يُرَدُّ الدِّرْهَمُ الزَّائِدُ عَلَى الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ لَا لِلرِّبَا حَتَّى لَوْ أَخَذَ مِنْهُ دِرْهَمَيْنِ بِدِرْهَمٍ لَا يَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ الرَّدُّ عَلَى الْمَوْلَى بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمَوْلَى لَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ كَسْبِ الْمُكَاتَبِ وَالْمُتَفَاوِضَانِ لَا رِبَا بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْكُلَّ مَا لَهُمَا وَكَذَا شَرِيكَا الْعِنَانِ إذَا تَبَايَعَا مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَبَيْنَ الْحَرْبِيِّ وَالْمُسْلِمِ ثَمَّةَ) أَيْ لَا رِبَا بَيْنَهُمَا فِي دَارِ الْحَرْبِ وَكَذَلِكَ إذَا تَبَايَعَا بَيْعًا فَاسِدًا فِي دَارِ الْحَرْبِ فَهُوَ جَائِزٌ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَالشَّافِعِيُّ: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ الْتَزَمَ بِالْأَمَانِ أَنْ لَا يَتَمَلَّكَ أَمْوَالَهُمْ إلَّا بِالْعَقْدِ وَهَذَا الْعَقْدُ وَقَعَ فَاسِدًا فَلَا يُفِيدُ الْمِلْكَ الْحَلَالَ فَصَارَ كَمَا إذَا وَقَعَ مَعَ الْمُسْتَأْمِنِ مِنْهُمْ فِي دَارِنَا وَلَهُمَا «قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا رِبَا بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْحَرْبِيِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ» وَلِأَنَّ مَا لَهُمْ مُبَاحٌ وَبِعَقْدِ الْأَمَانِ لَمْ يَصِرْ مَعْصُومًا إلَّا أَنَّهُ الْتَزَمَ أَنْ لَا يَغْدِرَهُمْ وَلَا يَتَعَرَّضَ لِمَا فِي أَيْدِيهِمْ بِدُونِ رِضَاهُمْ فَإِذَا أَخَذَهُ بِرِضَاهُمْ فَقَدْ أَخَذَ مَالًا مُبَاحًا بِلَا غَدْرٍ فَيَمْلِكُهُ بِحُكْمِ الْإِبَاحَةِ السَّابِقَةِ إذْ تَأْثِيرُ الْأَمَانِ فِي تَحْصِيلِ التَّرَاضِي دُونَ التَّمَلُّكِ فَكَانَ الْمِلْكُ فِي حَقِّ الْحَرْبِيِّ زَائِلًا بِالتِّجَارَةِ كَمَا رَضِيَ بِهِ وَفِي حَقِّ الْمُسْلِمِ ثَابِتًا لِاسْتِيلَائِهِ عَلَى مَالٍ مُبَاحٍ بِخِلَافِ الْمُسْتَأْمَنِ مِنْهُمْ فِي دَارِنَا؛ لِأَنَّ مَالَهُ صَارَ مَحْظُورًا بِعَقْدِ الْأَمَانِ وَلَوْ أَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَمْ يُهَاجِرْ إلَيْنَا فَكَذَلِكَ الْحُكْمُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ مَالَهُ غَيْرَ مَعْصُومٍ عِنْدَهُ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ.

بَابُ الْحُقُوقِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (الْعُلْوُ لَا يَدْخُلُ بِشِرَاءِ بَيْتٍ بِكُلِّ حَقٍّ وَبِشِرَاءِ مَنْزِلٍ إلَّا بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ أَوْ بِمَرَافِقِهِ أَوْ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ فِيهِ أَوْ مِنْهُ وَدَخَلَ بِشِرَاءِ دَارٍ كَالْكَنِيفِ) أَيْ لَا يَدْخُلُ الْعُلْوُ بِشِرَاءِ بَيْتٍ وَإِنْ قَالَ بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ مَا لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ وَبِشِرَاءِ مَنْزِلٍ لَا يَدْخُلُ إلَّا أَنْ يَقُولَ بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ أَوْ بِمَرَافِقِهِ أَوْ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ فِيهِ أَوْ مِنْهُ وَبِشِرَاءِ الدَّارِ يَدْخُلُ الْعُلْوُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ كَمَا يَدْخُلُ الْكَنِيفُ؛ لِأَنَّ الْبَيْتَ اسْمٌ لِمُسَقَّفٍ وَاحِدٍ يَصْلُحُ لِلْبَيْتُوتَةِ وَالْعُلْوُ مِثْلُهُ وَالشَّيْءُ لَا يَكُونُ تَبَعًا لِمِثْلِهِ وَلَا يَكُونُ مِنْ حُقُوقِهِ فَلَا يَدْخُلُ بِدُونِ التَّنْصِيصِ.

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

[ لَا رِبَا بَيْنَ الْمَوْلَى وَعَبْدِهِ]

قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَجُوزُ) أَيْ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ مُتَفَاضِلًا فِيمَا فِيهِ الرِّبَا إذَا كَانَ عَلَى الْعَبْدَيْنِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَعِنْدَهُمَا) وَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى يَمْلِكُ مَا فِي يَدِهِ وَلَكِنْ تَعَلَّقَ إلَخْ. اهـ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ إذَا أَخَذَ) أَيْ السَّيِّدُ اهـ.

[لَا ربا بَيْن الْحَرْبِيّ والمسلم فِي دَار الْحَرْب]

(قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ إذَا تَبَايَعَا بَيْعًا فَاسِدًا) الْمُسْلِمُ الَّذِي دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ إذَا بَاعَ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ أَوْ بَاعَ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا أَوْ مَيْتَةً أَوْ قَامَرَهُمْ وَأَخَذَ الْمَالَ يَحِلُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ مَالَهُمْ مُبَاحٌ) أَيْ أَهْلِ الْحَرْبِ. اهـ. .

[بَابُ الْحُقُوقِ]

(بَابُ الْحُقُوقِ) أَيْ حُقُوقِ الْمَبِيعِ اهـ قَالَ الْكَمَالُ: مَحَلُّ هَذَا الْبَابِ عَقِيبَ كِتَابِ الْبُيُوعِ قَبْلَ الْخِيَارِ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ: وَلَكِنَّ الْمُصَنِّفَ لَمَّا اتَّبَعَ وَضْعَ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ الْمُرَتَّبَ وَفِيهِ وَقَعَ الْوَضْعُ هَكَذَا بَعْدَ ذِكْرِ مَسَائِلِ الْبُيُوعِ وَضَعَ هَكَذَا أَيْضًا. اهـ. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ الْعُلْوُ لَا يَدْخُلُ بِشِرَاءِ بَيْتٍ بِكُلِّ حَقٍّ إلَخْ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَمَنْ اشْتَرَى مَنْزِلًا فَوْقَهُ مَنْزِلٌ فَلَيْسَ لَهُ الْأَعْلَى إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِكُلِّ حَقٍّ لَهُ أَوْ بِمَرَافِقِهِ أَوْ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ فِيهِ أَوْ مِنْهُ وَمَنْ اشْتَرَى بَيْتًا فَوْقَهُ بَيْتٌ بِكُلِّ حَقٍّ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْأَعْلَى وَمَنْ اشْتَرَى دَارًا بِحُدُودِهَا فَلَهُ الْعُلْوُ وَالْكَنِيفُ اهـ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: الْمَنْزِلُ فَوْقَ الْبَيْتِ وَدُونَ الدَّارِ وَالْبَيْتُ اسْمٌ لِمُسَقَّفٍ وَاحِدٍ لَهُ دِهْلِيزٌ وَالدَّارُ اسْمٌ لِمَا يَشْتَمِلُ عَلَى الصَّحْنِ وَالْبُيُوتِ وَالصُّفَّةِ وَالْمَطْبَخِ وَالْإِصْطَبْلِ وَالْمَنْزِلُ اسْمٌ لِمَا يَشْمَلُ عَلَى بُيُوتٍ وَمَطْبَخٍ وَمَوْضِعِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَلَكِنْ لَا يَكُونُ فِيهِ صَحْنٌ إلَى هُنَا لَفْظُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالْجَوَابُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْعُلْوَ لَا يَدْخُلُ فِي شِرَاءِ الْبَيْتِ وَإِنْ ذَكَرَ الْحُقُوقَ إلَّا إذَا ذَكَرَ اسْمَ الْعُلْوِ صَرِيحًا؛ لِأَنَّ الْبَيْتَ اسْمٌ لِخَاصٍّ لِمُسَقَّفٍ وَاحِدٍ يُبَاتُ فِيهِ وَالْعُلْوُ فِي ذَلِكَ مِثْلُ السُّفْلِ وَالشَّيْءُ يَسْتَتْبِعُ دُونَهُ لَا مِثْلَهُ أَوْ فَوْقَهُ وَالْعُلْوُ يَدْخُلُ فِي شِرَاءِ الْمَنْزِلِ إذَا ذَكَرَ الْحُقُوقَ أَوْ الْمَرَافِقَ أَوْ كُلَّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ أَوْ اسْمَهُ الْخَاصَّ وَإِلَّا فَلَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَنْزِلَ اسْمٌ لِبَيْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ يَنْزِلُ فِيهَا لَيْلًا وَنَهَارًا وَالْعُلْوُ فِي النُّزُولِ كَالسُّفْلِ إلَّا أَنَّهُ دُونَهُ فِي احْتِمَالِ السُّكْنَى فَكَانَ أَصْلًا مِنْ وَجْهٍ تَابِعًا مِنْ وَجْهٍ فَإِنْ ذَكَرَهُ أَوْ ذَكَرَ اسْمَ التَّبَعِ دَخَلَ وَإِلَّا فَلَا وَعُلْوُ الدَّارِ يَدْخُلُ مِنْ غَيْرِ نَصٍّ بِاسْمِهِ الْخَاصِّ وَمِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْحُقُوقِ؛ لِأَنَّ الْعُلْوَ مِنْ جُمْلَةِ مَا أُدِيرَ الْحَوَائِطُ. اهـ. (قَوْلُهُ إلَّا إلَخْ) أَيْ إلَّا بِإِحْدَى عِبَارَاتٍ ثَلَاثٍ. اهـ. (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ إلَخْ) هَذِهِ إحْدَى الْعِبَارَاتِ الثَّلَاثِ. اهـ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْبَيْتَ اسْمٌ لِمُسَقَّفٍ وَاحِدٍ يَصْلُحُ لِلْبَيْتُوتَةِ) فَمِنْهُمْ مَنْ يَقْتَصِرُ عَلَى هَذَا وَمِنْهُمْ مَنْ يَزِيدُ لَهُ دِهْلِيزًا. اهـ. كَمَالٌ (قَوْلُهُ وَالشَّيْءُ لَا يَكُونُ تَبَعًا لِمِثْلِهِ) قَالَ الْكَمَالُ: أَوْ مَا هُوَ دُونَهُ وَأُورِدَ الْمُسْتَعِيرُ لَهُ أَنْ يُعِيرَ مَا لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِ وَالْمُكَاتَبُ يُكَاتِبُ عَبْدَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>