وَهُوَ الظُّفُرُ كَمَا أُرِيدُ فِي ذِي نَابٍ مِنْ سِبَاعِ الْبَهَائِمِ لَا كُلُّ مَا لَهُ نَابٌ وَلِأَنَّ طَبِيعَةَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مَذْمُومَةٌ شَرْعًا فَيُخْشَى أَنْ يَتَوَلَّدَ مِنْ لَحْمِهَا شَيْءٌ مِنْ طِبَاعِهَا فَيَحْرُمُ إكْرَامًا لِبَنِي آدَمَ وَهُوَ نَظِيرُ مَا رُوِيَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ «لَا تُرْضِعُ لَكُمْ الْحَمْقَاءُ فَإِنَّ اللَّبَنَ يُعْدِي» وَيَدْخُلُ فِي الْحَدِيثِ الضَّبُعُ وَالثَّعْلَبُ لِأَنَّ لَهُمَا نَابًا وَمَا رُوِيَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَبَاحَ أَكْلَهُمَا مَحْمُولٌ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْفِيلُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ ذُو نَابٍ وَالْيَرْبُوعُ وَابْنُ عِرْسٍ مِنْ سِبَاعِ الْهَوَامِّ وَكَرِهُوا أَكْلَ الرَّخَمِ وَالْبُغَاثِ لِأَنَّهُمَا يَأْكُلَانِ الْجِيَفَ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَحَلَّ غُرَابُ الزَّرْعِ)؛ لِأَنَّهُ يَأْكُلُ الْحَبَّ وَلَيْسَ مِنْ سِبَاعِ الطَّيْرِ وَلَا مِنْ الْخَبَائِثِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (لَا الْأَبْقَعُ الَّذِي يَأْكُلُ الْجِيَفَ وَالضَّبُعُ وَالضَّبُّ وَالزُّنْبُورُ وَالسُّلَحْفَاةُ وَالْحَشَرَاتُ وَالْحُمُرُ الْأَهْلِيَّةُ وَالْبَغْلُ) أَيْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ لَا تُؤْكَلُ أَمَّا الْغُرَابُ الْأَبْقَعُ فَلِأَنَّهُ يَأْكُلُ الْجِيَفَ فَصَارَ كَسِبَاعِ الطَّيْرِ، وَالْغُرَابُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: نَوْعٌ يَأْكُلُ الْجِيَفَ فَحَسْبُ فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ وَنَوْعٌ يَأْكُلُ الْحَبَّ فَقَطْ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ وَنَوْعٌ يَخْلِطُ بَيْنَهُمَا وَهُوَ أَيْضًا يُؤْكَلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ الْعَقْعَقُ؛ لِأَنَّهُ كَالدَّجَاجِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ يُكْرَهُ؛ لِأَنَّ غَالِبَ مَأْكُولِهِ الْجِيَفُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ: ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ أَنَّ الْخُفَّاشَ يُؤْكَلُ وَذُكِرَ فِي بَعْضِهَا أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ وَلِأَنَّ لَهُ نَابًا وَأَمَّا الضَّبُعُ فَلِمَا رَوَيْنَا وَبَيَّنَّا وَلِأَنَّهُ يَأْكُلُ الْجِيَفَ فَيَكُونُ لَحْمُهُ نَابِتًا مِنْهُ فَيَكُونُ خَبِيثًا وَأَمَّا الضَّبُّ وَالزُّنْبُورُ وَالسُّلَحْفَاةُ وَالْحَشَرَاتُ فَلِأَنَّهَا مِنْ الْخَبَائِثِ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ تَسْتَخْبِثُهَا وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: ١٥٧] وَمَا رُوِيَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَبَاحَ أَكْلَهَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا قَبْلَ التَّحْرِيمِ ثُمَّ حَرَّمَ الْخَبَائِثَ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الِابْتِدَاءِ حَرَامٌ إلَّا ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ عَلَى مَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ} [الأنعام: ١٤٥] ثُمَّ حَرَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ أَشْيَاءَ لَا تُحْصَى وَالشَّافِعِيُّ يُجَوِّزُ أَكْلُ الضَّبُعِ وَالضَّبِّ وَمَالِكٌ جَمِيعَ السِّبَاعِ وَالْحَشَرَاتِ اسْتِدْلَالًا بِمَا تَلَوْنَا وَرَوَيْنَا، وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِمَا مَا بَيَّنَّا وَأَمَّا الْحُمُرُ الْأَهْلِيَّةُ فَلِمَا رُوِيَ عَنْ ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ «حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لُحُومَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ وَأَمَّا الْبَغْلُ فَلِأَنَّهُ مِنْ نَسْلِ الْحِمَارِ فَكَانَ كَأَصْلِهِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ أُمُّهُ فَرَسًا كَانَ عَلَى الْخِلَافِ الْمَعْرُوفِ فِي لَحْمِ الْخَيْلِ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ الْأُمُّ فِيمَا تَوَلَّدَ مِنْ مَأْكُولٍ وَغَيْرِ مَأْكُولٍ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَحَلَّ الْأَرْنَبُ)؛ لِأَنَّهُ «- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَأْكُلُوهُ حِينَ أُهْدِيَ إلَيْهِ مَشْوِيًّا» رَوَاهُ.
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ: وَهُوَ الظُّفُرُ) قَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى فَإِنَّ الْحَمَامَةَ لَهَا مِخْلَبٌ، وَالْبَعِيرَ لَهُ نَابٌ وَكَذَلِكَ الْبَقَرُ اهـ. (قَوْلُهُ: لَا كُلُّ مَا لَهُ نَابٌ) أَيْ فَإِنَّ الْبَعِيرَ لَهُ نَابٌ وَالْبَقَرُ كَذَلِكَ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ طَبِيعَةَ) بَيَانٌ لِحِكْمَةِ النَّهْيِ عَنْ تَحْرِيمِ أَكْلِ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ وَنَابٍ مِنْ السِّبَاعِ اهـ. (قَوْلُهُ: هَذِهِ الْأَشْيَاءُ) وَهِيَ الِاخْتِطَافُ وَالِانْتِهَابُ وَالْقَتْلُ اهـ. (قَوْلُهُ: إكْرَامًا لِبَنِي آدَمَ) أَيْ كَمَا كَانَتْ الْإِبَاحَةُ فِيمَا يُؤْكَلُ كَرَامَةً لَهُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَيَدْخُلُ فِي الْحَدِيثِ الضَّبُعُ وَالثَّعْلَبُ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا بَأْسَ بِأَكْلِهِمَا لِمَا رُوِيَ عَنْ «النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الضَّبُعِ فَقَالَ تِلْكَ نَعْجَةٌ سَمِينَةٌ» وَعَنْ «جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الضَّبُعِ أَصَيْدٌ هُوَ فَقَالَ نَعَمْ فَقِيلَ أَسَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ نَعَمْ» وَالْمَعْنَى مَا حُكِيَ عَنْ الْمُزَنِيّ أَنَّ السَّبُعَ مَا يَعْدُو عَلَى النَّاسِ وَعَلَى حُقُوقِهِمْ وَهُمَا لَا يَعْدُوَانِ فَلَا يَكُونَانِ مِنْ السِّبَاعِ وَلَنَا مَا رَوَيْنَا مِنْ «نَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ» وَهُمَا مِنْ السِّبَاعِ لِوُجُودِ مَعْنَى السَّبُعِ فِيهِمَا وَالْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ الْخَصْمِ أَنَّ مَا رَوَيْنَاهُ يَدُلُّ عَلَى الْحُرْمَةِ وَمَا رَوَاهُ يَدُلُّ عَلَى الْإِبَاحَةِ وَالتَّارِيخُ لَيْسَ بِمَعْلُومٍ فَيُجْعَلُ مَا فِيهِ تَحْرِيمٌ مُتَأَخِّرًا تَعْلِيلًا لِلنَّسْخِ وَقَوْلُهُ: لَا يَعْدُوَانِ لَيْسَ بِمُسَلَّمٍ بَلْ يَعْدُوَانِ لِأَنَّهُمَا مِنْ جُمْلَةِ السِّبَاعِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَيَدْخُلُ فِيهِ) أَيْ فِي التَّحْرِيمِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْيَرْبُوعُ وَابْنُ عِرْسٍ مِنْ سِبَاعِ الْهَوَامِّ) وَالْهَوَامُّ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ جَمْعُ الْهَامَّةِ وَهِيَ الدَّابَّةُ مِنْ دَوَابِّ الْأَرْضِ، وَجَمِيعُ الْهَوَامِّ نَحْوُ الْيَرْبُوعِ وَابْنِ عِرْسٍ وَالْقُنْفُذِ مِمَّا يَكُونُ سُكْنَاهُ الْأَرْضَ وَالْجُدُرَ مَكْرُوهٌ أَكْلُهُ لِأَنَّ الْهَوَامَّ مُسْتَخْبَثَةٌ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: ١٥٧] وَلِأَنَّهَا تَتَنَاوَلُ النَّجَاسَاتِ فِي الْغَالِبِ وَذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ الْكَرَاهَةِ وَكَذَا جَمِيعُ مَا لَا دَمَ لَهُ، فَأَكْلُهُ مَكْرُوهٌ لِأَنَّهُ كُلُّهُ مُسْتَخْبَثٌ فَيَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: ١٥٧] إلَّا الْجَرَادَ فَإِنَّهُ مَخْصُوصٌ بِالْحَدِيثِ. اهـ. .
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: لَا الْأَبْقَعُ الَّذِي يَأْكُلُ الْجِيَفَ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَكَذَا الْغُدَافُ أَيْ لَا يُؤْكَلُ وَهُوَ غُرَابُ الْغَيْطِ الْكَبِيرُ مِنْ الْغِرْبَانِ وَافِي الْجَنَاحَيْنِ قَالَ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِهِ وَالْأَصْلُ فِي تَحْرِيمِ الْغُرَابِ الْأَبْقَعِ وَالْغُدَافِ مَا رَوَى هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ «سُئِلَ عَنْ أَكْلِ الْغُرَابِ فَقَالَ مَنْ يَأْكُلُ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ سَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاسِقًا يَعْنِي قَوْلَهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَمْسٌ مِنْ الْفَوَاسِقِ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ» اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ كَالدَّجَاجِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَخْلِطُ أَيْضًا اهـ. (قَوْلُهُ: وَذُكِرَ فِي بَعْضِهَا أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ) قَالَ فَخْرُ الدِّينِ قَاضِيخَانْ فِي فَتَاوَاهُ وَلَا يُؤْكَلُ الْخُفَّاشُ لِأَنَّهُ ذُو نَابٍ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ كُلَّ ذِي نَابٍ لَيْسَ بِمَنْهِيٍّ عَنْهُ إذَا كَانَ لَا يَصْطَادُ بِنَابِهِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ ذُو نَابٍ وَنَصَّ فِي الذَّخِيرَةِ وَالْخُلَاصَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ لَهُ نَابًا) الْوَاوُ ثَابِتَةٌ فِي خَطِّ الشَّارِحِ وَيَنْبَغِي حَذْفُهَا اهـ. (قَوْلُهُ: كَانَ عَلَى الْخِلَافِ الْمَعْرُوفِ فِي لَحْمِ الْخَيْلِ) وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُ بَقَرَةً يُؤْكَلُ بِلَا خِلَافٍ اهـ ع.
[أَكُلّ الْأَرْنَب]
(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَحَلَّ الْأَرْنَبُ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ الْأَرْنَبُ أُنْثَى وَيَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَفِي لُغَةٍ يُؤَنَّثُ بِالْهَاءِ فَيُقَالُ أَرْنَبَةٌ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى أَيْضًا وَالْجَمْعُ أَرَانِبُ اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ أَصْحَابَهُ إلَخْ) قَالَ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَلَمْ يَرَوْا جَمِيعًا بَأْسًا بِأَكْلِ الْأَرْنَبِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ أَمَّا الْوَبْرُ فَلَا أَحْفَظُ فِيهِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ شَيْئًا وَهُوَ عِنْدِي مِثْلُ الْأَرْنَبِ وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute