(كِتَابُ الْبُيُوعِ) وَهُوَ مِنْ الْأَضْدَادِ يُقَالُ: بَاعَ كَذَا إذَا أَخْرَجَهُ عَنْ مِلْكِهِ أَوْ أَدْخَلَهُ فِيهِ، وَفِي الْخَبَرِ قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا يَخْطُبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ وَلَا يَبِيعُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ» أَيْ لَا يَشْتَرِ عَلَى شِرَاءِ أَخِيهِ؛ لِأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ هُوَ الشِّرَاءُ لَا الْبَيْعُ. وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ
إنَّ الشَّبَابَ لَرَابِحٌ مَنْ بَاعَهُ ... وَالشَّيْبُ لَيْسَ لِبَائِعِيهِ تِجَارُ
وَيَقَعُ فِي الْغَالِبِ عَلَى إخْرَاجِ الْمَبِيعِ عَنْ الْمِلْكِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (هُوَ مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ بِالتَّرَاضِي) وَهَذَا فِي الشَّرْعِ، وَفِي اللُّغَةِ هُوَ مُطْلَقُ الْمُبَادَلَةِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِالتَّرَاضِي، وَكَوْنُهُ مُقَيَّدًا بِهِ ثَبَتَ شَرْعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ} [النساء: ٢٩] وَهُوَ جَائِزٌ ثَبَتَ جَوَازُهُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ، أَمَّا الْكِتَابُ فَمَا تَلَوْنَا وقَوْله تَعَالَى
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
[ كِتَابُ الْبُيُوعِ]
كِتَابُ الْبَيْعِ) وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْمَتْنِ الْبُيُوعِ اهـ وَمُنَاسَبَةُ الْبَيْعِ بِالْوَقْفِ مِنْ حَيْثُ إنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا إزَالَةَ الْمِلْكِ فَفِي الْوَقْفِ يَزُولُ الْمِلْكُ عَنْ الْوَاقِفِ بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدْخُلَ فِي مِلْكِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَفِي الْبَيْعِ يَزُولُ الْمِلْكُ عَنْ الْبَائِعِ وَيَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَكَانَ الْوَقْفُ كَالْمُفْرَدِ وَالْبَيْعُ كَالْمُرَكَّبِ مِنْ أَنَّ الْوَقْفَ فِيهِ زَوَالٌ بِلَا دُخُولٍ وَالْبَيْعُ فِيهِ زَوَالٌ وَدُخُولٌ وَالْمُفْرَدُ سَابِقٌ عَلَى الْمُرَكَّبِ فَلِذَا أَخَّرَ ذِكْرَ الْبَيْعِ عَنْهُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ ثُمَّ الْبَيْعُ مَصْدَرٌ فَقَدْ يُرَادُ بِهِ الْمَفْعُولُ فَيَجْمَعُ بِاعْتِبَارِهِ كَمَا يُجْمَعُ الْمَبِيعُ وَقَدْ يُرَادُ بِهِ الْمَعْنَى وَهُوَ الْأَصْلُ فَجَمْعُهُ بِاعْتِبَارِ أَنْوَاعِهِ، فَإِنَّ الْبَيْعَ يَكُونُ سَلَمًا وَهُوَ بَيْعُ الدَّيْنِ بِالْعَيْنِ وَقَلْبُهُ وَهُوَ الْبَيْعُ الْمُطْلَقُ وَصَرْفًا وَهُوَ بَيْعُ الثَّمَنِ بِالثَّمَنِ وَمُقَايَضَةً بَيْعُ الْعَيْنِ بِالْعَيْنِ وَبِخِيَارٍ وَمُنَجَّزًا وَمُؤَجَّلَ الثَّمَنِ وَمُرَابَحَةً وَتَوْلِيَةً وَوَضِيعَةً وَغَيْرَ ذَلِكَ. اهـ. كَمَالٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ الْكَمَالُ: وَأَمَّا مَفْهُومُهُ لُغَةً وَشَرْعًا فَقَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ الْبَيْعُ لُغَةً مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ، وَكَذَا فِي الشَّرْعِ لَكِنْ زِيدَ فِيهِ قَيْدُ التَّرَاضِي اهـ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ التَّرَاضِيَ لَا بُدَّ مِنْهُ لُغَةً أَيْضًا فَإِنَّهُ لَا يُفْهَمُ مِنْ بَاعَهُ وَبَاعَ زَيْدٌ عَبْدَهُ إلَّا أَنَّهُ اُسْتُبْدِلَ بِهِ بِالتَّرَاضِي وَأَنَّ الْأَخْذَ غَصْبًا وَإِعْطَاءَ شَيْءٍ آخَرَ مِنْ غَيْرِ تَرَاضٍ لَا يَقُولُ فِيهِ أَهْلُ اللُّغَةِ بَاعَهُ اهـ.
(قَوْلُهُ يُقَالُ بَاعَ كَذَا) وَيَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ وَبِالْحَرْفِ بَاعَ زَيْدٌ الثَّوْبَ وَبَاعَهُ مِنْهُ قَالَ الْكَمَالُ وَقَدْ كَتَبْت عَلَى هَامِشِ الْمَجْمَعِ فِي بَابِ الْمُضَارَبَةِ حَاشِيَةً مِنْ الْمِصْبَاحِ نَافِعَةً هُنَا اهـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ وَرُكْنُهُ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ؛ لِأَنَّهُمَا يَدُلَّانِ عَلَى الرِّضَا الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ الْحُكْمُ، وَكَذَا مَا كَانَ فِي مَعْنَاهُمَا وَشَرْطُهُ أَهْلِيَّةُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ حَتَّى لَا يَنْعَقِدَ مِنْ غَيْرِ أَهْلٍ وَمَحَلُّهُ الْمَالُ وَلَا يُنْبِئُ عَنْهُ شَرْعًا وَحُكْمُهُ ثُبُوتُ الْمِلْكِ لِلْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ وَلِلْبَائِعِ فِي الثَّمَنِ إذَا كَانَ بَاتًّا وَعِنْدَ الْإِجَازَةِ إذَا كَانَ مَوْقُوفًا. اهـ. اخْتِيَارٌ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: بِالتَّرَاضِي) وَهَذَا التَّعْرِيفُ يَتَنَاوَلُ الْقَرْضَ أَيْضًا اهـ.
(قَوْلُهُ: وَفِي اللُّغَةِ هُوَ مُطْلَقُ الْمُبَادَلَةِ)، وَكَذَا الشِّرَاءُ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي مَالٍ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ} [التوبة: ١١١]، وَقَالَ {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ} [البقرة: ١٧٥] وَفِي الشَّرْعِ مُبَادَلَةُ الْمَالِ الْمُتَقَوِّمِ بِالْمَالِ الْمُتَقَوِّمِ تَمْلِيكًا وَتَمَلُّكًا فَإِنْ وُجِدَ تَمْلِيكُ الْمَالِ بِالْمَنَافِعِ فَهُوَ إجَارَةٌ أَوْ نِكَاحٌ، وَإِنْ وُجِدَ مَجَّانًا فَهُوَ هِبَةٌ. اهـ. اخْتِيَارٌ وَفِي مُشْكِلَاتِ خُوَاهَرْ زَادَهْ قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ الْبَيْعُ فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنْ تَمْلِيكِ الْمَالِ بِالْمَالِ وَفِي الشَّرْعِ هَكَذَا أَيْضًا، وَكَذَا الشِّرَاءُ وَالِاشْتِرَاءُ وَالِابْتِيَاعُ وَبِاعْتِبَارِ حَقِيقَةِ اللُّغَةِ تَقَعُ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ عَلَى فِعْلِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي عَلَى سَبِيلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute