للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطَّارِئِ فَلِأَنَّ الْمَوْلَى يَسْتَبِدُّ بِهِ وَيُخْفِي عَلَى الْعَبْدِ فَيُعْذَرُ فِي التَّنَاقُضِ كَالْمُخْتَلِعَةِ تُقِيمُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ: الْخُلْعِ وَكَالْمُكَاتَبِ إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ مَوْلَاهُ أَعْتَقَهُ قَبْلَ الْكِتَابَةِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَمَنْ ادَّعَى حَقًّا فِي دَارٍ) أَيْ مَجْهُولًا (فَصُولِحَ عَلَى مَالِهِ فَاسْتُحِقَّ بَعْضُهَا لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ) لِأَنَّ دَعْوَاهُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِيمَا بَقِيَ وَإِنْ قَلَّ فَمَا دَامَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا اُسْتُحِقَّ كُلَّهَا؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا أَنَّهُ أَخَذَ عِوَضَ مَا لَا يَمْلِكُ فَيَرُدُّ وَدَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى مَعْلُومٍ عَنْ مَجْهُولٍ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ وَالْمَنْعُ بِاعْتِبَارِهِ فَإِذَا خَلَا عَنْهُ جَازَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الْإِبْرَاءِ عَنْ كُلِّ عَيْبٍ وَذَكَرْنَا الْخِلَافَ فِيهِ وَدَلَّتْ أَيْضًا عَلَى أَنَّ صِحَّةَ الدَّعْوَى لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الصُّلْحِ؛ لِأَنَّ دَعْوَى الْحَقِّ فِي الدَّارِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ لِجَهَالَةِ الْمُدَّعَى حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ إلَّا إذَا ادَّعَى إقْرَارَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ فَحِينَئِذٍ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْمَجْهُولِ صَحِيحٌ بِخِلَافِ الْبَيِّنَةِ وَقَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ: لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ إلَّا فِي دَعْوَى الْإِقْرَارِ أَوْ دَعْوَى الْمُقَدَّرِ مِنْ الدَّارِ؛ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ أَوْ لِافْتِدَاءِ الْيَمِينِ وَالْمُعَاوَضَةُ لَا تَجُوزُ فِي الْمَجْهُولِ وَكَذَا الْيَمِينُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَوَجَّهُ إلَّا بَعْدَ صِحَّةِ الدَّعْوَى قُلْنَا: قَدْ تَكُونُ لِدَفْعِ الشَّغَبِ وَالْخُصُومَةِ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِهِ وَهَذَا إذَا لَمْ يُقَدِّرْ الْحَقَّ بِشَيْءٍ وَإِنْ قَدَّرَهُ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ بِرُبْعٍ مَثَلًا أَوْ نِصْفٍ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ مَا دَامَ فِي يَدِهِ ذَلِكَ الْقَدْرُ وَإِنْ بَقِيَ أَقَلُّ مِنْهُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِحِسَابِ مَا اُسْتُحِقَّ مِنْهُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (: وَلَوْ ادَّعَى كُلَّهَا رَجَعَ عَلَيْهِ بِقِسْطِهِ)؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ عَلَى مِائَةٍ وَقَعَ عَنْ كُلِّ الدَّارِ فَإِذَا اُسْتُحِقَّ مِنْهَا شَيْءٌ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُدَّعِي لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ الْقَدْرَ فَيَرُدُّ بِحِسَابِهِ مِنْ الْعِوَضِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَمَنْ بَاعَ مِلْكَ غَيْرِهِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ كَالْمُخْتَلِعَةِ تُقِيمُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ الْخُلْعِ) يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ يَنْفَرِدُ بِالطَّلَاقِ فَرُبَّمَا لَا تَعْلَمُ الْمَرْأَةُ بِذَلِكَ، ثُمَّ تَعْلَمْ. اهـ. غَايَةٌ وَقَوْلُهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا إنَّمَا قَيَّدَ بِالثَّلَاثِ لِأَنَّ فِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ يُمْكِنُ أَنْ يُقِيمَ الزَّوْجُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ قَدْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ الَّذِي أَثْبَتَتْهُ الْمَرْأَةُ بِبَيِّنَتِهَا قَبْلَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ وَأَمَّا فِي الثَّلَاثِ فَلَا يُمْكِنُ اهـ (قَوْلُهُ وَكَالْمُكَاتَبِ إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ مَوْلَاهُ أَعْتَقَهُ قَبْلَ الْكِتَابَةِ) أَيْ تُقْبَلُ مَعَ أَنَّ اتِّفَاقَهُمَا عَلَى سُؤَالِ الْخُلْعِ وَالْكِتَابَةِ إقْرَارٌ بِقِيَامِ الْعِصْمَةِ وَالرِّقِّ وَلَمْ يَضُرَّهُمَا التَّنَاقُضُ لِلْخَفَاءِ فَتَرْجِعُ الْمَرْأَةُ وَالْمُكَاتَبُ بِبَدَلِ الْخُلْعِ وَمَالِ الْكِتَابَةِ وَذَكَرَ هُنَا مَسْأَلَةَ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَهِيَ أَصْلٌ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَهِيَ رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ ثَوْبًا فَقَطَعَهُ قَمِيصًا وَخَاطَهُ وَجَاءَ مُسْتَحِقٌّ قَالَ: هَذَا الْقَمِيصُ لِي وَأَثْبَتَهُ بِالْبَيِّنَةِ فَالْمُشْتَرِي لَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ مَا وَرَدَ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مِلْكَهُ فِي الْأَصْلِ انْقَطَعَ بِالْقَطْعِ وَالْخِيَاطَةِ كَمَنْ غَصَبَ ثَوْبًا فَقَطَعَهُ وَخَاطَهُ يَنْتَقِلُ مِلْكُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ الثَّوْبُ إلَى الضَّمَانِ فَالْأَصْلُ أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ إذَا وَرَدَ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ الْكَائِنِ مِنْ الْأَصْلِ يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَإِنْ وَرَدَ عَلَى الْمُشْتَرَى بَعْدَمَا صَارَ إلَى حَالٍ لَوْ كَانَ غَصْبًا مَلَكَهُ بِهِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ مُتَيَقَّنُ الْكَذِبِ وَلِهَذَا لَوْ اشْتَرَاهَا مُنْذُ شَهْرَيْنِ فَأَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّهَا لَهُ مُنْذُ شَهْرَيْنِ يَقْضِي لَهُ بِهَا وَلَا يَرْجِعُ هُوَ عَلَى بَائِعِهِ وَعُرِفَ أَنَّ الْمَعْنَى أَنْ يَسْتَحِقَّهُ بِاسْمِ الْقَمِيصِ.

وَلَوْ كَانَ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لَهُ قَبْلَ هَذِهِ الصِّفَةَ رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ وَعَلَى هَذَا الْجَوَابِ إذَا اشْتَرَى حِنْطَةً فَطَحَنَهَا، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الدَّقِيقُ وَلَوْ قَالَ: كَانَتْ قَبْلَ الطَّحْنِ لِي يَرْجِعُ وَكَذَا إذَا اشْتَرَى لَحْمًا فَشَوَاهُ وَلَوْ اشْتَرَى شَاةً فَذَبَحَهَا وَسَلَخَهَا فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ آخَرُ أَنَّ الرَّأْسَ وَالْأَطْرَافَ وَاللَّحْمَ وَالْجِلْدَ لَهُ فَقَضَى بِهَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا اسْتِحْقَاقُ عَيْنِ الشَّاةِ. اهـ. كَمَالٌ قَالَ النَّاطِفِيُّ فِي كِتَابِ الْأَجْنَاسِ رَجُلٌ بَاعَ غُلَامًا وَهُوَ سَاكِتٌ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ الْبَيْعِ مَعَ عِلْمِهِ بِالْبَيْعِ أَنَا حُرٌّ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَهُوَ عَبْدٌ ذَكَرَهُ فِي إقْرَارِ الْأَصْلِ وَقَدْ زَادَ فِي مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ وَقِيلَ لَهُ بَعْدَ الْبَيْعِ: قُمْ مَعَ مَوْلَاك فَقَامَ فَذَاكَ إقْرَارٌ مِنْهُ بِالرِّقِّ إلَى هُنَا لَفْظُ الْأَجْنَاسِ فِي الْبُيُوعِ اهـ أَتْقَانِيٌّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً وَبَاعَهَا مِنْ غَيْرِهِ فَتَدَاوَلَتْهَا الْأَيْدِي فَادَّعَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي الرَّابِعِ أَنَّهَا حُرَّةٌ فَرَدَّهَا الرَّابِعُ عَلَى الثَّالِثِ بِقَوْلِهَا وَالثَّالِثُ عَلَى الثَّانِي وَأَبَى الْبَائِعُ الْأَوَّلُ أَنْ يَقْبَلَهَا.

قَالُوا: إنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ ادَّعَتْ الْعِتْقَ فَلَهُ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْ الْجَارِيَةِ قَوْلَهَا وَإِنْ ادَّعَتْ أَنَّهَا حُرَّةُ الْأَصْلِ وَقَدْ انْقَادَتْ لِلْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ بِأَنْ بِيعَتْ وَسُلِّمَتْ لِلْمُشْتَرِي وَهِيَ سَاكِتَةٌ فَلِلْبَائِعِ أَيْضًا أَنْ لَا يَقْبَلَهَا؛ لِأَنَّ انْقِيَادَهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ بِالرِّقِّ وَلَوْ أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ، ثُمَّ ادَّعَتْ الْعِتْقَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَإِنْ أَنْكَرَتْ الْبَيْعَ وَالتَّسْلِيمَ لَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ لَا يَقْبَلَ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ تُقِرَّ بِالرِّقِّ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا فِي الْحُرِّيَّةِ وَكَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ كَمَا ثَبَتَتْ الْحُرِّيَّةُ بِالْبَيِّنَةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إذَا ادَّعَتْ الْحُرِّيَّةَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ بِقَوْلِهَا لَكِنْ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا احْتِيَاطًا حَتَّى يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا إمَّا بِمِلْكِ الْيَمِينِ إنْ كَانَتْ أَمَةً أَوْ بِمِلْكِ النِّكَاحِ إنْ كَانَتْ حُرَّةً وَكَذَا كُلُّ مَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا احْتِيَاطًا. اهـ. قَاضِي خَانْ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

[ادَّعَى حقا مَجْهُولًا فِي دَار فصولح عَلَى مَاله]

(قَوْلُهُ وَاسْتُحِقَّ بَعْضُهَا) أَيْ بَعْضُ الدَّارِ اهـ ع (قَوْلُهُ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ) أَيْ لَا يَرْجِعُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْمُدَّعِي. اهـ. (قَوْلُهُ فَمَا دَامَ فِي يَدِهِ) أَيْ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. اهـ. (قَوْلُهُ عَلَى مَعْلُومٍ عَنْ مَجْهُولٍ) هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَاَلَّذِي بِخَطِّ الشَّارِحِ عَنْ مَعْلُومٍ عَلَى مَجْهُولٍ اِ هـ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ) أَيْ فِيمَا إذَا ادَّعَى حَقًّا مَجْهُولًا فِي دَارٍ. اهـ. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَوْ ادَّعَى كُلَّهَا رَجَعَ عَلَيْهِ) عَلَيْهِ ثَابِتٌ فِي خَطِّ الشَّارِحِ وَلَيْسَ بِثَابِتٍ فِي الْمُتُونِ. اهـ. .

[بَاعَ مُلْك غَيْره]

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَمَنْ بَاعَ مِلْكَ إلَخْ) فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمَتْنِ هُنَا فَصْلٌ وَوَقَعَ ذَلِكَ لِلْعَيْنِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَتَرْجَمَ لَهُ بِبَيْعِ الْفُضُولِيِّ اهـ قَالَ الْكَمَالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: مُنَاسَبَةُ هَذَا الْفَصْلِ مَعَ الِاسْتِحْقَاقِ ظَاهِرَةٌ؛ لِأَنَّ دَعْوَى الِاسْتِحْقَاقِ تَتَضَمَّنُ دَعْوَى الْفُضُولِيِّ عَلَى أَحْسَنِ الْوُجُوهِ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ إمَّا دَعْوَاهُ أَنَّ بَائِعَك بَاعَ مِلْكِي بِغَيْرِ إذْنِي لِغَصْبِهِ أَوْ فُضُولِهِ وَأَحْسَنُ الْمَخَارِجِ الْمُلْتَمَسَةِ فِيهِ فُضُولُهُ وَالْفُضُولُ جَمْعُ فَضْلٍ غَلَبَ فِي الِاشْتِغَالِ بِمَا لَا يَعْنِيهِ وَمَا لَا وِلَايَةَ لَهُ فِيهِ فَقَوْلُ بَعْضِ الْجَهَلَةِ لِمَنْ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>