للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) (كِتَابُ الْحَجِّ) الْحَجُّ فِي اللُّغَةِ الْقَصْدُ وَعَنْ الْخَلِيلِ هُوَ كَثْرَةُ الْقَصْدِ إلَى مَنْ يُعَظِّمُهُ قَالَ الْمُخَبَّلُ:

أَلَمْ تَعْلَمِي يَا أُمَّ أَسْعَدَ أَنَّمَا ... تَخَاطَأَنِي رِيَبُ الزَّمَانِ لِأَكْبَرَا

وَأَشْهَدُ مِنْ عَوْفٍ حُلُولًا كَثِيرَةً ... يَحُجُّونَ سَبَّ الزِّبْرِقَانِ الْمُزَعْفَرَا

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (هُوَ زِيَارَةُ مَكَان مَخْصُوصٍ فِي زَمَانٍ مَخْصُوصٍ بِفِعْلٍ مَخْصُوصٍ) وَهَذَا فِي الشَّرْعِ جُعِلَ لِقَصْدٍ خَاصٍّ مَعَ زِيَادَةِ وَصْفٍ كَالتَّيَمُّمِ اسْمٌ لِمُطْلَقِ الْقَصْدِ فِي اللُّغَةِ ثُمَّ جُعِلَ فِي الشَّرْعِ اسْمًا لِقَصْدٍ خَاصٍّ بِزِيَادَةِ وَصْفٍ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (فُرِضَ مَرَّةً عَلَى الْفَوْرِ بِشَرْطِ حُرِّيَّةٍ وَبُلُوغٍ وَعَقْلٍ وَصِحَّةٍ وَقُدْرَةٍ زَادٍ وَرَاحِلَةٍ فَضُلَتْ عَنْ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

[ كِتَابُ الْحَجِّ]

(كِتَابُ الْحَجِّ) الْعِبَادَاتُ أَنْوَاعٌ ثَلَاثَةٌ: بَدَنِيَّةٌ مَحْضَةٌ كَالصَّلَاةِ وَمَالِيَّةٌ مَحْضَةٌ كَالزَّكَاةِ وَمُرَكَّبَةٌ كَالْحَجِّ فَلَمَّا بَيَّنَ النَّوْعَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ شَرَعَ فِي بَيَانِ النَّوْعِ الْآخَرِ، وَهُوَ الْحَجُّ. الْحَجُّ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا لُغَتَانِ وَقُرِئَ بِهِمَا قَوْله تَعَالَى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: ٩٧] وَتَفْسِيرُهُ لُغَةً وَشَرْعًا وَسَبَبُهُ قَدْ ذُكِرَ فِي الشَّرْحِ وَشُرُوطُهُ الْوَقْتُ وَالِاسْتِطَاعَةُ وَرُكْنُهُ الْإِحْرَامُ وَالْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَطَوَافُ الزِّيَارَةِ وَوَاجِبَاتُهُ سَتَأْتِي نَقْلًا عَنْ الْكَافِي وَمَاهِيَّتُه أُمُورُ الْإِحْرَامِ وَالْوُقُوفُ وَالطَّوَافُ وَالسَّعْيُ وَالتَّحْلِيلُ وَوَقْتُهُ نَوْعَانِ: مَدِيدٌ وَقَصِيرٌ، فَالْمَدِيدُ مِنْ شَوَّالٍ إلَى عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ وَالْقَصِيرُ بَعْدَ الزَّوَالِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ وَحُكْمُهُ سُقُوطُ الْوَاجِبِ عَنْ ذِمَّتِهِ فِي الدُّنْيَا وَحُصُولُ الثَّوَابِ فِي الْعُقْبَى وَحِكْمَتُهُ إمَاتَةُ النَّفْسِ بِاخْتِيَارِ مُفَارَقَةِ الْأَوْطَانِ وَالْخِلَّانِ وَالْإِخْوَانِ وَالْأَهْلِ وَالْوِلْدَانِ وَالتَّشَبُّهُ بِالْمَوْتَى فِي اتِّخَاذِ الثَّوْبَيْنِ مِثْلَ الْكَفَنِ وَمَنْعُ إزَالَةِ التَّفَثِ وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مُوتُوا قَبْلَ أَنْ تَمُوتُوا» وَفِي هَذِهِ الْأَمَانَةِ الِاخْتِيَارِيَّةِ حُصُولُ الْحَيَاةِ الطَّيِّبَةِ الْأَبَدِيَّةِ السَّرْمَدِيَّةِ. اهـ. (قَوْلُهُ تَخَاطَأَنِي) أَيْ أَخْطَأَنِي (قَوْلُهُ رِيَبُ الزَّمَانِ) فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ رِيَبُ الْمَنُونِ، وَهُوَ الْمَوْتُ (قَوْلُهُ وَأَشْهَدُ مِنْ عَوْفٍ حُلُولًا إلَخْ) عَوْفٌ قَبِيلَةٌ وَالْحُلُولُ الْجَمَاعَاتُ يُقَالُ حُلَّةٌ وَحُلَلٌ وَحُلُولٌ وَقِيلَ، وَهُوَ جَمْعُ حَالٍّ كَمَا يُقَالُ نَازِلٌ وَنُزُولٌ. اهـ. (قَوْلُهُ يَحُجُّونَ سَبَّ الزِّبْرِقَانِ) أَيْ عِمَامَتَهُ، وَهُوَ حِصْنُ بْنُ بَدْرٍ الْفَزَارِيّ وَالزِّبْرِقَانُ الْقَمَرُ لُقِّبَ بِهِ حِصْنٌ لِجَمَالِهِ. اهـ. غَايَةٌ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ الزِّبْرِقَانِ مَا نَصُّهُ قَالَ نَشْوَانُ الْحِمْيَرِيُّ فِي شَمْسِ الْعُلُومِ فِعْلِلَانٌ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَاللَّامِ الزِّبْرِقَانُ الْقَمَرُ وَالزِّبْرِقَانُ لَقَبٌ لِحِصْنِ بْنِ بَدْرٍ التَّمِيمِيِّ وَيُقَالُ، إنَّمَا سُمِّيَ الزِّبْرِقَانُ لِصُفْرَةِ عِمَامَتِهِ، وَكَانَ تَصْفِيرُ الْعَمَائِمِ لِلسَّادَةِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَوْرَاقِ السَّبِّ الْكَثِيرِ السِّبَابُ وَالسَّبُّ الْخِمَارُ وَالسَّبُّ الْعِمَامَةُ فِي قَوْلِهِ وَأَشْهَدُ مِنْ عَوْفٍ. . الْبَيْتَ أَيْ الْمَصْبُوغِ بِالزَّعْفَرَانِ وَكَانَ سَادَتُهُمْ يُصَفِّرُونَ عَمَائِمَهُمْ اهـ يَقُولُ مَا أَخَّرَنِي الدَّهْرُ إلَى حَالِ الْكِبْرِ إلَّا لِأَحْضُرَ الزِّبْرِقَانَ وَقَدْ تَعَالَى وَسَادَ قَوْمَهُ فَالْوُفُودُ يَطُوفُونَ بِبَابِهِ وَكَانَ الرَّئِيسُ مِنْهُمْ يَعْتَمُّ بِعِمَامَةٍ صَفْرَاءَ لِيُعْلَمَ بِهَا يُقَالُ زَبْرَقْت الْعِمَامَةَ إذْ صَفَّرْتهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ:، إنَّ الزِّبْرِقَانَ كَانَتْ لَهُ عِمَامَةٌ وَكَانَ يَحُجُّ فِي كُلِّ عَامٍ وَيَمْسَحُهَا بِخُلُوقِ الْكَعْبَةِ فَتَصْفَرُّ وَكَانَ كُلُّ مَنْ كَسَلَ عَنْ الْحَجِّ مِنْ قَوْمِهِ أَتَاهَا وَتَمَسَّحَ بِهَا. اهـ. (قَوْلُهُ زِيَارَةُ مَكَان مَخْصُوصٍ) أَيْ، وَهُوَ الْبَيْتُ شَرَّفَهُ اللَّهُ تَعَالَى. اهـ. (قَوْلُهُ فِي زَمَانٍ مَخْصُوصٍ) أَيْ، وَهُوَ أَشْهُرُ الْحَجِّ (قَوْلُهُ بِفِعْلٍ مَخْصُوصٍ) أَيْ، وَهُوَ الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ وَالْوُقُوفُ مُحْرِمًا. اهـ. ع.

(قَوْلُهُ وَقُدْرَةٍ زَادٍ وَرَاحِلَةٍ) أَيْ حَتَّى لَوْ كَانَ عَادَتُهُ سُؤَالَ النَّاسِ وَالْمَشْيَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ زَادٌ وَلَا رَاحِلَةٌ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ حَنْبَلٍ. اهـ. غَايَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>