للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْعُهُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ وَلَيْسَ لِرَبِّ الْمَالِ عَزْلُهُ بَعْدَمَا صَارَ عُرُوضًا ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ لَا يَعْشُرُهُ وَهُوَ قَوْلُهُمَا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ وَلَا نَائِبٍ عَنْهُ فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ فَصَارَ كَالْأَجِيرِ وَلَوْ كَانَ الْمُضَارِبُ قَدْ رَبِحَ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ عَشَرَ نَصِيبَهُ إذَا بَلَغَ نِصَابًا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَعْشُرُهُ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرِيكٍ وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ بِطَرِيقِ الْأُجْرَةِ فَلَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِالْقَبْضِ كَالْعِمَالَةِ وَعِنْدَنَا يَمْلِكُ نَصِيبَهُ مِنْ الرِّبْحِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَكَسْبَ الْمَأْذُونِ) أَيْ لَا يُعْشَرُ كَسْبُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إذَا مَرَّ بِهِ عَلَى الْعَاشِرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ لَهُ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ الْمَالَ وَلَا نَائِبٍ عَنْ الْمَوْلَى فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ وَهَذَا عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَعْشُرُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا أَدْرِي أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رَجَعَ عَنْ هَذِهِ أَمْ لَا وَقِيَاسُ قَوْلِهِ الثَّانِي فِي الْمُضَارَبَةِ أَنَّهُ لَا يَعْشُرُهُ لِمَا ذَكَرْنَا وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ تَكَلَّفَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فَقَالَ إنَّ الْعَبْدَ يَتَصَرَّفُ لِنَفْسِهِ حَتَّى لَا يَرْجِعَ بِالْعُهْدَةِ عَلَى الْمَوْلَى وَلَا يَتَقَيَّدَ بِنَوْعٍ مِنْ التِّجَارَةِ إذَا قَيَّدَ الْمَوْلَى بِهِ بِخِلَافِ الْمُضَارِبِ فَإِنَّهُ يَكُونُ رُجُوعُهُ فِي الْمُضَارَبَةِ رُجُوعًا فِيهِ وَقَدْ ذُكِرَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ مِنْ الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْ هَؤُلَاءِ جَمِيعًا بَعْدَ ذِكْرِ الْمُضَارِبِ وَالْمُسْتَبْضِعِ وَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فَكَانَ هَذَا حَاصِلُ الْجَوَابِ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ عَدَمِ الْمِلْكِ وَلَوْ كَانَ مَوْلَاهُ مَعَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ لِأَنَّ الْمَالَ لَهُ إلَّا إذَا كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ وَرَقَبَتِهِ لِانْعِدَامِ الْمِلْكِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلِلشُّغْلِ عِنْدَهُمَا

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَثَنَّى إنْ عَشَرَ الْخَوَارِجُ) أَيْ إذَا مَرَّ عَلَى عَاشِرِ الْخَوَارِجِ وَهُمْ الْبُغَاةُ فَعَشَرُوهُ ثُمَّ مَرَّ عَلَى عَاشِرِ الْعَدْلِ يُؤْخَذُ مِنْهُ ثَانِيًا لِأَنَّ التَّقْصِيرَ مِنْ جِهَتِهِ حَيْثُ مَرَّ بِهِمْ بِخِلَافِ مَا إذَا غَلَبُوا عَلَى بِلَادٍ فَأَخَذُوا الزَّكَاةَ وَغَيْرَهَا حَيْثُ لَا تُؤْخَذُ مِنْهُمْ ثَانِيًا إذَا ظَهَرَ عَلَيْهِمْ الْإِمَامُ لِأَنَّ التَّقْصِيرَ مِنْ الْإِمَامِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ مِنْ قَبْلُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[بَابُ الرِّكَازِ]

(بَابُ الرِّكَازِ) وَهُوَ اسْمٌ لِمَا يَكُونُ تَحْتَ الْأَرْضِ خِلْقَةً أَوْ بِدَفْنِ الْعِبَادِ وَالْمَعْدِنُ اسْمٌ لِمَا يَكُونُ فِيهَا خِلْقَةً وَالْكَنْزُ اسْمٌ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ بَعْدَمَا صَارَ) أَيْ رَأْسُ الْمَالِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَا نَائِبَ عَنْهُ) أَيْ وَالزَّكَاةُ تَسْتَدْعِي نِيَّةَ مَنْ عَلَيْهِ وَهُوَ كَالْمَالِكِ فِي التَّصَرُّفِ الاسترباحي لَا فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ إذَا بَلَغَ نِصَابًا) وَيَكُونُ عِنْدَهُ مِنْ الْمَالِ مَا يُكَمِّلُ بِهِ النِّصَابَ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ لِأَنَّ مِلْكَهُ فِيهِ كَامِلٌ حَتَّى يَسْتَحِقَّ بِهِ الشُّفْعَةَ. اهـ. غَايَةٌ

(قَوْلُهُ وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ تَكَلَّفَ فِي الْفَرْقِ إلَى قَوْلِهِ حَتَّى لَا يَرْجِعَ بِالْعُهْدَةِ عَلَى الْمَوْلَى) أَيْ بَلْ يُبَاعُ الْعَبْدُ فِيهَا وَمَا زَادَ فَيُطَالَبُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ لِأَنَّ الْإِذْنَ فَكُّ الْحِجْرِ فَيَكُونُ مُتَصَرِّفًا لِنَفْسِهِ. اهـ. كَاكِيٌّ قَالَ الْكَمَالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَخْفَى عَدَمُ تَأْثِيرِ هَذَا الْفَرْقِ فَإِنَّ مَنَاطَ عَدَمِ الْأَخْذِ مِنْ الْمُضَارِبِ وَهُوَ الْقَوْلُ الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ كَوْنُهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ وَلَا نَائِبٍ عَنْهُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلِأَنَّهُ لَا نِيَّةَ حِينَئِذٍ وَمُجَرَّدُ دُخُولِهِ فِي الْحِمَايَةِ لَا يُوجِبُ الْأَخْذَ إلَّا مَعَ وُجُودِ شُرُوطِ الزَّكَاةِ عَلَى مَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ فَلَا أَثَرَ لِمَا ذُكِرَ فِي الْفَرْقِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ مِنْ الْمَأْذُونِ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْكَافِي اهـ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُضَارِبِ) أَيْ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ بِحُكْمِ النِّيَابَةِ حَتَّى يَرْجِعَ بِالْعُهْدَةِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِأَنْ اشْتَرَى شَيْئًا لِلْمُضَارَبَةِ أَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مَتَاعَ الْمُضَارَبَةِ فَضَاعَ الْمَالُ قَبْلَ أَنْ يَنْعَقِدَ ذَلِكَ مِنْهُ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْ هَؤُلَاءِ جَمِيعًا) أَيْ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ وَرَقَبَتِهِ إلَى آخِرِهِ) وَكَذَا الْحُكْمُ عَلَى قَوْلِهِمْ فِيمَا لَوْ كَانَ يُحِيطُ بِمَالِهِ فَقَطْ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي قَالَ فِيهِمَا إلَّا إذَا كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ لِانْعِدَامِ الْمِلْكِ أَوْ لِلشَّغْلِ اهـ وَهُوَ أَوْلَى مِمَّا فِي هَذَا الشَّرْحِ إذْ الْحُكْمُ فِيمَا لَوْ كَانَ يُحِيطُ بِمَالِهِ وَرَقَبَتِهِ يُفْهَمُ مِنْهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَفِي الدِّرَايَةِ مَا نَصُّهُ وَذَكَرَ الْمَحْبُوبِيُّ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِكَسْبِهِ لَا إشْكَالَ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ مَوْلَاهُ أَوْ لَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّهُ لَا مَالِكَ لِهَذَا الْمَالِ وَقْتَ الْمُرُورِ وَعِنْدَهُمَا شُغْلُ الدَّيْنِ مَانِعٌ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ دَيْنٌ لَمْ يَحُطَّ بِكَسْبِهِ عُشْرَ الْفَاضِلِ مِنْ الدَّيْنِ إذَا بَلَغَ النِّصَابَ وَيُعْتَبَرُ فِيهِ حَالُ الْمَوْلَى فَإِنْ كَانَ مَوْلَاهُ الْمُسْلِمُ وَالْعَبْدُ النَّصْرَانِيُّ أَخَذَ رُبُعَ الْعُشْرِ وَبِالْعَكْسِ أَخَذَ نِصْفَ الْعُشْرِ اهـ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

(بَابُ الرِّكَازِ) أَخَّرَ هَذَا الْبَابَ عَنْ الْعَاشِرِ لِمَا أَنَّ الْعُشْرَ أَكْثَرُ وُجُودًا مِنْ الْخُمُسِ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ الْمَعَادِنِ وَكَانَ بَيَانُهُ أَحْوَجَ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ أَوْ لِأَنَّ الْعُشْرَ أَقَلَّ مِنْ الْخُمُسِ وَالْقَلِيلُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْكَثِيرِ ذَاتًا فَقُدِّمَ بَيَانًا. اهـ. (قَوْلُهُ وَالْمَعْدِنُ إلَى آخِرِهِ) الْمَعْدِنُ مِنْ الْعَدْنِ وَهُوَ الْإِقَامَةُ وَمِنْهُ يُقَالُ عَدَنَ بِالْمَكَانِ إذَا أَقَامَ بِهِ وَمِنْهُ جَنَّاتٌ عَدْنٍ وَمَرْكَزُ كُلُّ شَيْءٍ مَعْدِنُهُ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ فَأَصْلُ الْمَعْدِنِ الْمَكَانُ بِقَيْدِ الِاسْتِقْرَارِ فِيهِ ثُمَّ اُشْتُهِرَ فِي نَفْسِ الْأَجْزَاءِ الْمُسْتَقِرَّةِ الَّتِي رَكَّبَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي الْأَرْضِ يَوْمَ خَلْقَ الْأَرْضَ حَتَّى صَارَ الِانْتِقَالُ مِنْ اللَّفْظِ إلَيْهِ انْتِقَالًا بِلَا قَرِينَةٍ وَالْكَنْزُ لِلْمُثْبَتِ فِيهَا مِنْ الْأَمْوَالِ بِفِعْلِ الْإِنْسَانِ وَالرِّكَازُ يَعُمُّهُمَا لِأَنَّهُ مِنْ الرِّكْزِ مُرَادًا بِهِ الْمَرْكُوزَ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِ رَاكِزِهِ الْخَالِقَ أَوْ الْمَخْلُوقَ فَكَانَ حَقِيقَةً فِيهِمَا مُشْتَرَكًا مَعْنَوِيًّا وَلَيْسَ خَاصًّا بِالدَّفِينِ وَلَوْ دَارَ الْأَمْرُ فِيهِ بَيْنَ كَوْنِهِ مَجَازًا فِيهِ أَوْ مُتَوَاطِئًا إذْ لَا شَكَّ فِي صِحَّةِ إطْلَاقِهِ عَلَى الْمَعْدِنِ كَانَ الْمُتَوَاطِئُ مُتَعَيَّنًا. اهـ. كَمَالٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>